أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - غواية نهد















المزيد.....


غواية نهد


سهيلة بورزق

الحوار المتمدن-العدد: 2742 - 2009 / 8 / 18 - 08:25
المحور: الادب والفن
    



منذ زمن وأنا أفكر في الكتابة إليك من هنا حيث تتلوى في داخلي الذكريات وتتكور عنيفاً بقلق، منذ أكثر من ثلاثين سنة وأنا أتخيّل الحياة صافية بالقرب منك، كحقل وافر الخضرة وكحلم غائر الدفء، منذ زمن وأنت تعيش في ذاكرة من وطن، من مدينة معلّقة، من شوارع مكتظة بضجيجك، هل أقتنع أخيراً أنك الخيار الصعب في حياتي؟ كونك لم تتأخر عن قلب موازين الحب فقد جعلت منه سؤالا بحجم انتكاسة قلبي، وبحجم جنوني بالأمكنة، ألا زلت تكثرت عميقاً بتفاصيل الآتي؟ كيف تقرأ الحب وأنت مبرمج على الرفض الدائم، حكايتك عصية لم تفتح شهية قتالي لصمتك أبداً.
عندما وصلت روما كنت متوحّدة في عنوانك، أعني كنت مشبّعة برجولتك الباردة الطبع، فأنا لا أصدّق أنك لم تحاول تقبيلي يوماً أو حتى ضمي إلى الوطن في صدرك، هل كنت جدياً أكثر من اللزوم؟ أم أنك تؤمن بنكتة الحب تحت غطاء المتعة؟ إذن أنت لا تختلف عن هؤلاء الرّجال الذين يمارسون ديكتاتورية ذكورتهم باسم التقاليد البليدة والشعائرالمريضة، ستقول عنّي ناقصة عقل ودين وأنني لا أختلف عن أية بقرة حلوب، أقبل أن أكون حلوباً؛ لكنني حتماً لست إطاراً لعقدك المستوطنة فيك حد العنف.
روما… المدينة النائمة على صدر من غناء وشعر وحب، روما… القصة غير المكتملة الخطوط … أجمل المدن، تلك التي تسكنك وأنت في قمة مغادرتك لها.
هل هيأتني الحياة كي أكون الاستفهام الغامض في حياتك؟
أنت بشرقيتك الملتاعة وأنا بأنوثتي الهاربة من التقاليد؟
ماذا سيحدث لو اتفقنا قبل كذا عمر؟ لو تمردنا على مرايانا الصدئة؟ لو انفلتنا من قبضة القبح؟ بكثير من الاحتفال بجسدينا خارج نقطة التفتيش والضرائب وأحياناً الاختلاس، تختلس أجسادنا في الوطن لإذلال الإنسان فيها كشرط من شروط التواصل القهري مع الجهل والكفر والحماقة، نحن لا نكف عن تزويج ذواتنا بعهر الأنظمة، تلك التي استغلت فينا منذ عهود أحلامنا الصغيرة التي هي بحجم الدمعة وغالباً بحجم الموت، لا تيأس من حبي وعناقي لرجولتك يا جاك!
للوطن جسد من هوية ولجسدينا وطن من غربة!
أخبرتني يوماً أنّك لم تعد تحبني وأنّ جسدي لم يعد يستهويك، أعترف أنّني لا أتقن التوافق مع ذكورة بحجم اختلالك، لكنني أمارس الحب كما أسمع الموسيقى بجمال وشهوة ومتعة، الفرق بيننا أنك مسالم لدمك وتجاربك المسروقة من الأفلام الرخيصة وأنّني مسالمة لما علّمني إياه المنطق والحقيقة والفن، أنا مفتوحة على الحياة بطيش ألواني التي لا تحدها أرصفة ولا وطن مكبّل العقل. تركتك وحيداً تُعانق وجه أنثى إيطالية تجيد الفرار أكثر مني ورحلت.
أنا في أمريكا الآن أجوب أرض الله بعطش وجنون، يحدث أن نتصادم مع الذات ونحن نغادر المدن أو نصل إليها بقلق، غواية أخرى بانتظاري وشطر آخر من حياتي يحاول النهوض بهيكله من قبر تجربة سابقة، لم أفلح في ترتيب أبجدية وصالها، فالرجل العربي كجملة اعتراضية لا يدهشني حتى وإن تعرى من جلبابه، هو كالإعصار المفاجىء لا يعترف إلا بقيم المغالاة وهو كالهوّة المنحدرة إلى قرار سحيق.
حاصرني وجهك مراراً وأنا أفتش في شوارع قلبي عن مساحة لغيرك، كانت الأسئلة تملأ القلب وكانت الفوضى لا تزال تقتات مني، تبعثر حياتي الرتيبة تحت وطأة الانعتاق من كل شيء.
جسدي.. هذا الذي يتجاوز قناعاته ويبحث فيه عن أنا المشرّدة في عتمته، هذا الذي افترستني فيه الأسئلة وملأتني استفهامات قاصرة، منذ الخليقة، منذ أمي، وأنا أبحث فيه عن شكلي الذي أحب، عن لذة تأخذني إلى عالم السّحر، هذا الجسد المنخرط في صمته وجموده وحيرته وبرده وخجله، هذا الذي تتحرك فيه قناعاتي الضاربة في الاختلاف، هذا الذي يجوع دهراً ولا يسأل المتعة أن تمنحه لحظة انتشاء.
هي أمّي من قررت تمزيق متعتي عندما استباحت فرجي لامرأة عجوز مزقت أشهى ما فيه ثم زغردت وغنت ورقصت، وأنا كان بيني وبين الموت قطعة لحم سرقت مني عنوة باسم الشرف.
هل تسمعني يا جاك؟ أنا لست باردة كما تظن، لكنني بحاجة إلى رجل يفهم جسدي المسلوب .
أتخيلك اللحظة تركب مريانا كما كنت تفعل معي وتنتفض فوقها ككلب لاهث، ستعنفك حتماً وستعطيك درساً في الركوب.
وإذا لم تتعلمه جيداً سترحل عنك، ولأنّك ابن كلب لاهث أيضاً ستتعلم على يديها كيف تلعق فرجها وأنت منتش ٍ بعرق عروبتك المتخلفة عن اللهاث المرياني.
كان جسدي تابعاً لك كقطعة أثاث احترق فيها البهاء أو كغطاء اهترأ فيه الدفء، منحك الشبع بتفاصيله المملة ومنحته أنت أقصى ابتعاد، لقد حدث أن تصادمت فيه المشاعر، لكنّه مترع بالجمال والحب الذي لا تعرفه أنت.
يُمارس الرّجل العربي الحب مع امرأته بنفس الطريقة التي يأكل بها وهو تحت تأثير جوع غاضب وعندما ينتهي يتركها لعويل الشهوة تأكل جسدها كلّه.
كانت حجتي في الحياة أن أكبر، وأعانق جسدي فقد ربتني أمي على حالات افتراضية كثيرة، كانت تقول لي: عليك بالحفاظ على أسفلك للرجل المناسب، ولم أكن أفقه حينها وظيفة هذا الأسفل الغريب الشكل، كنت أسمع الجارة تنصح أمي بزيارة الشيخ الفلاني كي يعمل لي عملا يحيل بيني وبين الرجال، أخذتني أمي ذات صباح ربيعي وفي يدها قفة مملوءة بيضا وسكرا وقهوة وخبزا وعندما وصلنا وجدنا عشرات النساء مع بنات في سني، يجلسن تحت شجرة الصفصاف، في انتظار الشيخ المسخرة أو كما تسميه أمي الولي الصالح.
عندما دخلنا غرفته حيث يستقبل المعتوهات أمثال أمي، نظر إلى أسفلي طويلا، ثم طلب من أمي الخروج، تقدم مني وأنا أرتعد خوفاً وطلب مني النوم على ظهري، فتح رجليّ على آخرهما ثم أخرج شيئاً ضخماً من فتحة سرواله، قفزت من مكاني وأنا أصرخ، وإذا بأمي تفتح الباب وهو عار ٍ.
نمت في حضن أمي ليلتها وأنا أنتفض حرارة وعرقا، ولم تبرحني صورة ذاك الشيء الغريب أبداً.
من يومها توقفت أمي عن زج جسدي في مشاريعها اليومية مع الجارات وتوقفت أنا عن لوم الله الذي خلقني بهكذا جسد مفتوح على الغوايات والخطايا.
ومن حينها وأنا حرّة في جسدي وكياني إلى أن التقيتك يا جاك.
كنت تبدو هش الذكورة مثلي في أنوثتي، وبارداً حد الغرابة مثلي في خوفي، لكنّني أحببتك وتمنيت لو أنام في حضنك عمراً ولا أسقط منك سهواً في مدارات الحياة، كنت جدياً فوق اللزوم وكنت أنا مثل حواء، أحاول اغراءك بتفاح قلبي وعطشي إلى رمان رجولتك.
لم تكن حكايتنا عصية الحب يا جاك، كانت ودودة ومفتوحة على أسئلة بحجم البريق في عينيك.
في ليلة دخلتنا التقليدية، في الشارع نفسه الذي دقت فيه الطبول وفي البيت ذاته الذي ارتفعت في أرجائه الزغاريد والأغاني الشعبية وفي الغرفة الضيقة تلك تعرينا من الأخلاق والتقاليد والوصايا، تعرينا من قبح اللا رغبة، واللا متعة، واللا انتشاء، كان علينا أن نسقط قناع الحشمة ونندمج في العهر مرة واحدة، ونفك عقدنا مرّة واحدة، لم أعرف في حياتي أنّ الجنس على طريقتك البوهيمية يولّد في النفس قهراً وإحساساً بالغبن والوحشة والغربة أيضاً، عندما فضضت بكارتي شعرت أنّني انسلخت من طفولة، كانت تحمي بداخلي أجمل حالات صدقي، عندما سال دمي انتبهت إلى عمري المسفوك أياماً في وجهك، وخلتك لحظتها وحشاً يُحاول كتم أحلامي بذكورة لا تتقن البوح، بكيت طويلا حينها، بكيت لأجل كلّ النساء، بكيت لأجل تلك الأنا الطفلة المغيّبة في مشهد الماضي... زغاريد الانتظار ترتفع، قرية بأكملها تنتظر قطرات دم مسفوكة مني هتكتها ذكورتك الجائعة، العطشى والغائرة الوحشية، قطرات دم وردي بحجم طفولتي المسلوبة في قطعة لحم.
عندما كانت أمي ترفض مشاركة أبي فراشه، كان يقبّل رجليها ويعدها بالذهب والفسح، تستكين بعدها كأية أنثى مدللة، وعندما يصلني زئير السرير وهو يتقطع بين الحين والآخر أفهم أنّ أمي فتحت نوافذ جسدها كلها للغناء.
يحدث أن تلتقي أمي بجارات في السوق فيتوقفن ليبحن لبعضهن البعض عن أسرار العسل في فراشهن، ويفضحن أجسادهن وأجساد أزواجهن، ويتهكمن على عدد المرات التي لا يصلن فيها إلى النشوة. كانت جارتنا هند لا تتوانى في سؤال أمي عن الوضعية المناسبة التي توصلها إلى اللذة، كنت أسترق السمع وأنا منغمسة في درس الحساب أو في الأكل أو في مطالعة أحبّ الكتب إلى قلبي، كنت في العاشرة حينها وقد بدأ جسمي يتشكل نحو أنوثة مزدهرة بالأسرار والفتن.
قالت هند لأمي: لم أشعر بأية لذة البارحة وبت الليلة كلّها أتقلب، وهو نام كالبغل بعد القدف.
ردت عليها أمي: ماذا تقصدين؟ ألم تكن لديك رغبة؟
هند: ليس تماماً، لكنني كنت بحاجة إلى عطفه قبل الولوج، لكنّه كالوحش.
أمي: لماذا لا تناقشيه في الموضوع!
هند: أخجل!
أمي: إذن كلي من خجلك!
هند: بماذا تنصحينني؟
أمي: هاتي أذنك!
تمتمت في أذنها طويلا وكأنها تقرأ عليها تجربة عمر كاملة، عالم من فضفضة جنسية لا يتوقف عن زج حالاته في أمور الحياة كلّها، عالم ينحدر بنا إلى تمام الإنسانية بكثير من الجهل لقواعد الممارسة، عالم تتكاثر فيه وحشة الرغبة بحمق وجنون.
كنت أسأل دائماً ماذا سيحدث لو صام الرجال عن ركوب النساء قليلا، أعني قليلا جداً، أعني هنيهة؟ حتماً لا شيء سيبقى عاقلا ولا شيء سيستمر على حاله حتى وإن بدى مقززاً وخارجاً عن منطق الحمى.
أو ليس الجنس العربي حمى قلاعية مدثرة بالخيبات؟ والمرأة عندنا تُركب كالحمير في أي وقت حتى وهي متماثلة للموت.
صدرك الغابة يا جاك حُمّاي وصبابتي وجوعي وجنوني، لم أعرف قبله صدراً مثل صدرك.
أصبح جسدي غارة للفتك بعد اجتياحك له وحينها فقط بدأت أفكر ككلّ النساء.
كيف أستطيع ارضاءك به كي تستمر حياتي إلى جانبك؟.
في ليلة العمر تلك، كان علينا أن نطفىء الأضواء كي نتعرى تماماً، اقتربت مني وجوع السنوات التليدة يقفز من عينيك كسهم مسموم، ومن دون كلمة حب، ومن غير لمسة حنان، أدخلت عضوك الضخم في فرجي، وأنت تحاول تمزيق تعنته وتمزيقي معه، بكيت ألماً وخوفاً وحنيناً لصدر أمي.
لم تمر دقائق إلا وانفجر سرّي دماً، بهاءً، عمراً، وأنوثة، لكنّك لم تتوقف عن اللهاث فوقي حتى قدفت نتانتك، ثم نمت وصحت بداخلي أنا العذابات كلّها.
دقت أمي وأمك الباب انتبهت إلى دمي، إلى حقيقتي، إلى فلسفة الشرف لدينا نحن المتسكعين في الأسفل، فتحت الباب وأنا عارية من احتمالات الفرح كلّها وسلمتهم الشرف.
ارتفعت الزغاريد والطبول وصوت البارود يخترق أذني كحرب مسالمة بدأت للتو، كل شيء كانت ترتفع فيه حالة النشوة إلا أنا كنت مسفوكة الإنسانية وحيدة في عز ليلة دخلتي.
نمت يا جاك كما لم تنم من قبل أو هكذا خيّل إليّ، كأنك انتصرت أخيراً على عقدك في جسدي المقهور وعلى فرجي المسلوب مرتين، مرّة على يد الختانة العجوز ومرة على يدك.
لا تزال أمي تزغرد وترفع صوتها بالغناء ولا زال العطب بداخلي يأخد شكل الموت البطيء المنحدر إلى قاع سحيق، نم يا جاك!
احتفل وحدك بالنصر على فرج أنثى مسكونة بالفجائع.
ثمة قوة ما تهتك عرض الأخلاق في المرأة وهي على أهبة السقوط في ملامح الكفر بكل سوابقها الطفولية، فبعد عمر ستحوّلها آلهة السفك إلى عاهرة تقدم المتعة على طبق من ضعف.
لحظات ما بعد الغارة الجنسية على جسدي، لحظات ما بعد الهتك الدامي باسم الزواج، عرفت بعدها كم يلزمني من عمر كي أغفر لك جرمك وحقارة الجنس على طريقتك.
مات والدي بعد سفرنا إلى روما بسنة واحدة وترك أمي لبردها الطويل، لم تنجب هذه المرأة غيري بسبب عطل ما في أبي، هكذا كنت أسمعها تهمس لهند كلّما جاءت سيرة الأولاد
لم أتخيل أمي يوماً من دون رجل، فهي فاتنة وناضجة الجسد في العقد الرابع من عمرها.
تهالكت وأنا أعرف عشق أمي لرجلها الوحيد وكيف باعت شبابها كلّه لأجل ارضاء شهواته الآسرة.
كاتبتني هند يوماً تسألني عن حياتي في روما، وتنصحني أن أعيش حياتي طولا وعرضاً في بلد البيتزا:
غاليتي ريم
هل أنت بخير؟
وهل حياتك مع جاك بخير؟
هذه أوّل رسائلي إليك ولن تكون الأخيرة، بالأمس زرت والدتك وضحكنا كثيراً وبكينا كثيراً أيضاً، كانت لا تزال متأثرة بوفاة والدك رحمه الله، ولا تزال لا تصدق سفرك بعيداً عنها، ذهبت معها هذا الصباح إلى جارنا الدكتور نضال الفلسطيني المتخصص في الطب الداخلي ذاك الذي رفضت خطبته لك يوماً، أخبرها بأنها تعاني من حالة نفسية قد تؤثر على صحتها فيما بعد، أعطاها فيتامينات وأوصاني أن أخبره بأي طارىء صحي يطرأ عليها.
أمك مكتئبة يا ريم، لم تعد تلك المرأة التي أعرف، المفتوحة على الفرح والنكت والحكايا.
إنّها تعيش غربة داخلية دفينة ليس لها منفد.
سوف توجعك صراحتي لكنّني لا أريد أن أكذب عليك وأنت في بعدك وغيابك وشوقك إلى حضننا.
اللحظة أشعر أنّني أكتب إلى نفسي رسالة من صدق فلطالما كنت يا ريم قريبة مني كأولادي، لكنك مختلفة عنهم، أنت لم تكوني قط طفلة، أقصد لم تكوني بليدة أبداً.
عندما ولدتك أمّك كان عمري ستة عشر سنة، وحينها كانت والدتك تكبرني بأربع سنوات، كبرنا يا ريم وها أنت في عيدك العشرين تملئين روما أنوثة وأحلاما، كيفك يا ريم؟ وكيف جاك؟ ألم تفكرا في الإنجاب بعد؟
روما جميلة وأنت أنثى من طموح، فاحرصي على سعادتك وتحقيق أحلامك الصغيرة، ألا زالت أحلامك صغيرة فعلا يا ريم؟ أخالها كبرت وتربعت عرش الحياة مثلك أيتها الذاهبة في الأسئلة.
راسليني ياريم وابعثي لي بصورك أنت وجاك وروما، أريد أن أزورها من خلالك، ولا تهتمي من جهة أمك، فأنت تعرفين علاقتنا المجنونة وأنا بدأت أفكر جدياً بتزويجها، اضحكي أريد أن أسمعك تضحكين، كوني بخير يا ريم.
هند
صمتت هند، وصمت قلبي معها وصمتت أحلامي كلّها، عرفت بعد مدّة زمنية قصيرة أن زوجها أصيب بالشلل الكامل بعد حادث سير تعرض له وهو في حالة سكر، كنت أعرف أنّها لن تتخلى عنه رغم دماثته وقبح وجهه ورائحة عرقه النتنة، عرفت من خلال أمي في مكالماتنا الهاتفية الكثيرة أنها وجدت عملا كمنظفة في مدرسة ابتدائية ولأنها جميلة وساحرة الجسد تعلق قلب مدير المدرسة بها وصار يزعجها بطلباته الجنسية رغم زواجه من ثلاث نسوة، أعرف هذا الرجل جيداً، كنت أسمع من ثرثارات الحي أنّه يجمع زوجاته الثلاث على سرير واحد ويطلب منهن التعري التام والسجود كي يتسنى له ركوب مِِِؤخرتهن.
كم مرّة ركبت مؤخرتي ياجاك؟، كم مرّة حاولت إذلال جسدي؟ كم مرّة قتلتني وأنت تحرق بداخلي شهوتي لك، كنت عنيفاً في ذكورتك حد الفتك، بل كنت تشعرني أنك أضعف الرجال في قسوتك عليّ.
إيطاليا هي ميكيافيللي ودانته وتاسو وليوناردو دافنشي وأريستو وبرونيليشي ومايكل أنجيلو وعالم من عصر نهضوي مترع بالأدب والفن وأنا وأنت وصديقنا الإيطالي الرسام فاوستو.
فاوستو الأسمر المسكون بالألوان، كان أول رجل إيطالي تعرفت عليه وغرقت في تفاصيله حد الرغبة فيه، كان يعاملني كطفلة، ويخص زياراتي له في مرسمه بحفاوة مبالغ فيها، كان يمسك يدي ويحدثني عن عالمه، كنت أشعر براحة غريبة وهو يحكي عن كل شيء ببوح فائض.
يرسم النساء وهن عاريات من همهن الأنثوي، تقف بمحاذاته امرأة ما لا يسترها شيء وهو يخدش تفاصيلها بفرشاته وألوانه، كان انتباهه إلى جسدها بلا شهوة، وتلك المرأة المرعبة بفتنتها كانت متوحدة في وقفتها وشرود نظرها في اللاشيء وفي غمرة توحدي وانبهاري استدار إلي ّ بعينين يغمرهما الصفاء والحب وقال: هل تحبين الرسم؟
تخيلته يقول بدل ذلك: أريد أن أرى جسدك عارياً
أجبت إجابة افتراضية: جسدي بحاجة إلى ألوان مختلفة
قال: أعترف أنك مدهشة
قلت: أحياناً أنا غبية بجلاء
قال: أنت بحاجة إلى معالجة بالألوان
قلت: بل أنا بحاجة إلى قلب يفهم ألواني وحدها
قال: لماذا أشعر أنّك حزينة هذا المساء؟
ٌقلت: بل قل متى كنت سعيدة في حياتي؟
للسعادة نزقها المرعب الذي لا أتقن ولا أعرف!
توقف عن الرسم فجأة وطلب من تلك المرأة الحافلة بالعري أن تأتيه غداً في الموعد نفسه، ثم أمسك بيديّ وقبلهما وقال:
ألست سعيدة مع جاك؟
كان من المفروض أن يسأل: هل يستمتع جاك بتعذيب جسدك؟
وجدت نفسي أقول: هو لا يفرق بين الحب والامتلاك ولذلك يعتقد أن جسدي ملكية خاصة، له الحق في تمزيقه ألف مرّة قبل و بعد ولوج خفاياه!
قال: لماذا تجيبين على سؤال لم أطرحه بعد؟!
قلت: علمتني الاحتمالات أن أميل معها حيث قد تميل يوماً!
قال: وقد لا تميل أبداً!
قلت: عندها لن أخسر أكثر مما خسرت!
قال: وكأنك في السبعين من عمرك!
قلت: بل قل وكأنني أعرف ذاتي منذ سبعين عاماً!
تركت فاوستو في مرسمه وغادرت.
دق تلفوني المحمول، كان جاك على الخط.
كيفك ريم؟ أنا في طريقي إليك سنتعشى في مطعم صديقنا رافاليو.
قطعت الخط من دون أن أرد عليه وتوجهت إلى البيت، وجدت باب البيت مغلقاً بإحكام وقهقهات عاهرة لامرأة يصلني من الداخل، سمعت صوت جاك يقول لها وهو يقترب من الباب بخطوات مسرعة: أرجوك ماريانا البسي ملابسك بسرعة فقد تصل زوجتي في أي وقت، أنتظرك في السيارة.
اختبأت بسرعة خلف الشجرة الضخمة المحاذية للبيت وقلبي يحترق، فتحت الباب، خطى خطوات سريعة نحو سيارته وصوت مريانا يرتفع: أيها العربي اللذيذ لن أتركك حتى تتقن الجنس معي كما أرغب أنا.
سمعته يرد عليها من داخل السيارة:
فرجك يا مريانا إلهي الجديد!
ثم ضاع صوت محرك السيارة في غياهبي، لم أعرف ما أصابني في وقفتي تلك، في خيبتي تلك، شعرت بدوار ورغبة في الاستفراغ، شعرت أنني لست أنا، لست تلك الريم المتمرّدة، أنا أخرى مغلوبة ومستكينة إلى درجة باهتة، شعرت أن العالم من حولي بيت دعارة كبير وأنني الوحيدة التي أتقن دور النظيفة هنا، شعرت لحظتها أنني بحاجة إلى طفولتي وهي تغرق في حضن أمي.
دفنت رأسي في المخدة المملوءة بعرق ماريانا ونمت ككلبة على صوت قهقهاتها، وتأوهاتها ونبراتها الإيطالية.
حلمت بالوطن يخطفني إليه ويبعثر أحلامه في عناويني الكثيرة، تخيلته رجلا لم تقهره الحياة يوماً، الرجل السكينة، والرجل الحضن الكبير الذي يغفر الخطايا ولو كانت جبلا.
دق التلفون، كانت دقاته قلقة ومرتبكة
ألو
أنا هند يا ريم
ماذا حصل لأمي؟
……………….
ماتت أغلى الحبايب.
لم تتحمل الحياة وحيدة، شعرت بالذنب وبالقهر الدفين وتمنيت لو كنت مكانها.
بدت لي الدنيا كلّها أضيق مما كنت أتصور بتجاربي البريئة فيها وبملامحي الجزائرية القريبة من الإيطاليين، تلك الملامح المفتوحة على أسئلة الحس الأنثوي العميق والمرتبك أحياناً.
ماتت أغلى الحبايب.
عندما وصلت مطار قسنطينة كانت القرية كلّها تقريباً بانتظاري وكانت هند تتقدمهم، انهرت بين يديها وبكيت حد الاغماء، شعرت وأنا أدخل البيت بغصة وألم وحرقة، وأنّ جسدي يكاد يصاب بالشلل، كل شيء هنا فيه روح من أمي، فيه ألقها، دّقتها، جمال صوتها، حفيف مشيتها، رقة أصابعها، رائحة عطرها، كانت أمي لا تزال موجودة بعنفوانها الباذخ، إني أسمع صوتها وكأنها هنا، تقول لي:
أنت جميلة الخلق يا ريم فكوني جميلة في كلّ شيء!
كانت تراني أجمل البنات بقلب الأم.
وكنت أراها أطيب وأحن الأمهات.
لم تغادرني هند لحظة، كانت حريصة على راحتي والتخفيف عني رغم مسؤولياتها الكثيرة، وجدت البيت كما تركته قبل سنة وقليل بجدرانه العالية البيضاء المشقوقة، وأثاثه القديم منذ عشرين سنة وصورة والدي المعلقة أبداً على الحائط المقابل لباب البيت، وكأنّه يعلن رجولته في المكان بملامحه البدوية.
غرفة نوم أمي وأبي كانت دائماً تبدو لي عالما من الأسرار، عالما من الدفء والحب والغواية.
هل كانت أمي تحتفل برعشة الجسد في الفراش؟
كنت أشعر أنّ أبي رجل من نار، لا تعرف غواياته هدوءا، كان يستحم يومياً قبل النوم ويرتدي قندورته البيضاء الوحيدة، ويتعطر ثم ينتظر.
وككل النساء كانت أمي تتأخر وتتدلل وترفع صوتها بالغناء، كنت أراها تضع الكحل في عينيها والأحمر على شفتيها وترفع نهديها، وترش جسمها بعطر ما، ثم ترتدي الشفاف، كان جسدها الزاخر بالشهوة يفضح رغبتها وجوعها إلى كلّ شيء.
تصلني تأوهاتهما المختلطة بشبق اللّذة، يصلني صوت أبي وهو منتحر في ملكوت الرغبة يقول لأمي: داعبيه بلسانك!
فأتخيل أمي تفعل ما يطلب منها بعهر، ثم أسمعه يطلب منها النوم على بطنها، يصلني زئير السرير وهو على وتيرته البطيئة تارة والمنفعلة تارة أخرى.
في حين أكون أنا قد تماديت في جرم البحث عن لذة مستكينة، مختبئة، مقهورة في جسدي العذري الباذخ، أفتح رجلي وألامس الممنوع من الصرف والبوح والجرم، أقبض عليه كما لو كنت أريد عصر جنونه وجوعه، أحتفل بلذتي البليدة، ثم أنام على أصوات من شبق.
كان جسدي يتيماً في برده بعد بتر أعقد ما فيه، أحاوله ويحاولني بقلق، بريبة من أمرنا، لقد حرمتني أمي من أشهى حالاتي الأنثوية ورحلت.
نمت ليلتي الأولى في غرفتهما، كنت أريد الاحتماء بروحهما فيها، بعناق عطرهما، لا تزال غرفتهما مرتبة وجميلة ومغرية، كانت أصواتهما تنبعث من مكان ما في رأسي، تملأ الفضاء غناءً وتغريني بالبكاء، بكيت، وبكت بداخلي السنوات، وبكى جرحي، كنت أشعر بثقل الحزن يكاد يحيلني على الكفر، لماذا لماذا لم يكن الله جميلا معي؟
لماذا يسرق مني أفراحي كلها؟
لماذا يبلل أيامي بالفراق؟
لماذا لم يمنح أمي البعض من الوقت كي تتناسى وحدتها؟
لماذا أخذها الآن بالذات؟
يا أيّها الرّب احم ِ خطواتي إليك من لهب الأسئلة، امنحني صبراً بحجم رحمتك.
نمت، كطفلة حالمة بالأفراح، كنت أسمع أمي تهمس في أذني أغنية ساحرة بصوت ملائكي.
نمت على ترنيمتها حتى الصباح.

دعتني هند للذهاب معها إلى الحمام الشعبي الوحيد، حيث تتكدس الأجساد الملتهبة والجائعة على الدوام.
تلتقي نساء القرية المتسخات بالغبن كل جمعة في غرفة بخارية كبيرة، يتحررن فيها من حجابهن الذي يفضح أحياناً أكثر مما يستر، عاريات بجمالهن وقبحهن يتلذذن بالنظر إلى بعضهن البعض رغبة وشهوة وجنونا، وبعد أن تلين أجسادهن وتصبح جاهزة للدلك.
تدخل كل مفجوعة في أسفلها إلى غرفة مستقلة مع صاحبة لها، تغلق الباب ولا صوت بعد ذلك غير التأوهات المنتحرة.
كانت هند تنظر إليّ بشهوة قالت لي: جسمك جميل يا ريم!
قلت: وجسمك أيضاً!
هند: أتريدين أن أدلّك لك جسمك؟
مسكت يدي ودخلت بي إلى غرفة منزوية في آخر القاعة، أغلقت الباب، وبصمت مشترك بدأت تدلك ظهري، ولا تكاد تفعل ذلك، كانت تداعبني، تستنطق رغبتي.
نظرت في عيني وفي حالة رضا مشتركة، في دهشة جوع أبدي، راحت تقبلني بطريقة مدروسة، حالمة.
لم أمانع، ولم أتفاجأ، اقتربت من شفاهي بأنفاسها الملتهبة، ثم نزلت بشفتيها إلى عنقي من دون أن تقبله، همست أنني أجمل النساء، داعبت حلمتي، اقتربت من جرحي بين فخدي فتشت عن سرّه، غائر هو ومسلوب اللذة.
كنت وأنا بين أحضانها أتخيل جاك هو من يفعل بي ذلك، فأنا مريضة بجسده الأسمر القوي حد الهذيان وكلما وضعت رأسي على صدره الغابة شعرت بالأمان المطلق المنحل.
تهالكت، لم أعد أقاوم هند وهي تداعب سري.
ماذا تحاول هند بي؟
استسلمت لها كما لو كنت مخدرة، وهي تبالغ في مداعبتي، كانت تمرر لسانها خلف أذني، وتنزل به إلى شفتي، وبيديها كانت تداعب كل جزء في جسدي، كانت تتأوه وتطلب مني أن أفعل معها الأمر نفسه، لكنها لم تكن جاك، جسدها بالنسبة لي حالة شاذة، خارجة عن فضاء شهوتي، أغمضت عيني وتخيلتها جاك وتماديت معها حد الرعشة.
كاد البخار يخنقني، فأسرعت بالخروج إلى قاعة الاستقبال، لمحت امرأة تركب أخرى في زاوية مظلمة وتقول لها:
افتحي رجليك أكثر، والثانية تحدث صوتاً عاهراً.
تمددت على أول فرشة، كادت أنفاسي تنقطع لولا الهواء النقي الذي كان يدخل من النافذة المقابلة.
تقدمت مني امرأة في الخمسين من عمرها، قدمت لي نفسها، عرفت منها أنها صاحبة الحمام، ثم سألتني إذا كنت متزوجة، وعندما أجبت بنعم قالت: هل تريدين رجلا أو امرأة؟
هل هذا حمام أو بيت دعارة؟ قلت لها!
تركتني من دون أن تجيب على سؤالي وعلى ملامحها غصة.
تداعت أمومة هند تجاهي، وتحولت علاقتنا إلى متعة نسائية مجنونة، نمنح لبعضنا البعض المتعة التي حرمنا منها أبداً.
كنا نلتقي كلّ ليلة في غرفة نوم أمي ونتداعى في الرغبة إلى ساعة متأخرة، كانت بالنسبة لي تعويضا عن أمي في حنانها، وعن جاك في جسدها.
فتحت لها جسدي لتروي عطشها، ولم تحرمني هي من لذتها القاسية.
قالت لي وهي تنظر إليّ بشهوة: هل تشعرين بالمتعة معي؟
أجبت: أشعر أنني امتلأت حياة من جديد!
قالت وهي تضمني إليها:
أريدك أن تنتشي ولا تفكري بشيء أبداً!
ملأتني اللذة حد الصراخ ودخلت في عالم آخر.



#سهيلة_بورزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألو يا جزائر
- ما تقتله التكنولوجيا في رمضان
- شهرة الكاتبة العربية
- شرف الرّجال
- تقاطع
- أمريكا وسياسة عرب الداخل
- ضجيج في رأسي
- الوهم
- الكاتب
- تجاعيد
- شالوم
- الرّعب الأمريكي
- فقاعة عيد
- رسالة قلب الى محمود درويش
- ثقوب في الذاكرة
- رأسي ورنة خلخالي
- السكسو عربي
- بالونات طفولة
- عفوا لتاء التأنيث
- مرة أخرى


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهيلة بورزق - غواية نهد