أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - للجريدةِ مآربُ أخرى














المزيد.....

للجريدةِ مآربُ أخرى


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2721 - 2009 / 7 / 28 - 08:09
المحور: حقوق الانسان
    


عنوانُ المقال، استعرتُه من قارئ جميل آخر. جاءتني العبارةُ عنوانًا لإيميل أرسلَه تعليقًا على مقالي السابق "أجملُ قارئ في العالم". والحقُّ أن عشراتِ الرسائل والتعليقات قد وصلتني بعد هذا المقال. العديدُ منها يطلبُ كاتبوها البريدَ الإلكترونيّ للعمِّ "محمد كامل"، أجمل قارئ في العالم. ولمّا أخبرتهم أنه "من الأحرار"، ممن رفضوا عالمَ الإلكترون الافتراضيّ، مُفضّلين عليه دنيا الواقع الأرضيّ؛ وممن يجدون متعتَهم في القراءة من الورق، متنسّمين رائحتَه، مُخطّطين بالقلم على هوامشه، بدلاً من قراءةِ شاشةٍ ضوئية، بضغطةِ زرٍّ تختفي صفحتُها خلف غيمةٍ باردة من الإلكترونات الزرقاء المُشِعّة، طلبوا رقم تليفونه، أو أية وسيلة للتواصل معه. هكذا أصبحَ القارئُ عملةً نادرةً نتلَّمس طريقَنا إليه بكلِّ عُسْر، مثلما نفتِّشُ بيأس عن لؤلؤةٍ بيضاءَ نقيةٍ في قاع محيطٍ زاخرٍ بالشِّعاب المرجانية القاسية والأسماك السامّة وكِسَر المحار والأصداف والرمال. وهنا يفرضُ نفسَه سؤالٌ مُلِحٌّ وسخيف: لمَن نكتبُ إذًا، إن لم يكن ثمة قارئٌ لما نكتب؟!
على أيامنا، ونحن بعدُ على مقاعد المدرسة، كنّا ندّخرُ قروشَنا الصغيرةَ طوال الأسبوع، لكي نذهب إلى سور الأزبكية الشهير نشتري الكتبَ لنقرأها خفيةً من أهلنا الذين كانوا ينهوننا عن القراءة في غير الكتاب المدرسيّ؛ لكي نحصدَ الدرجاتِ العُلا وندخلَ الكليّاتِ العُلا. قرأتُ "الإلياذةَ" و"الأوديسا"، و"الجمهورية" وغيرها من الكتب الضخمة، على مصباح رأسٍ صغير تحت السرير، بعدما أُطفئ نورَ غرفتي، كي أهرب من تعنيف أُمّي بسبب انشغالي بالقراءة على حساب كتب وزارة التربية والتعليم العظيمة. والآن، كنتُ أظنُّ أن مجردَ وجود مكتبةٍ ضخمة في بيتي، مع حثّي ابني على القراءة، كافيان ليقرأ. لكنه لم يقرأ سوى عمل واحدٍ لتوفيق الحكيم. يذكِّرني به كلما حثثته على القراءة، قائلاً: "مش قريت لك مصير صرصار؟" على اعتبار أنه يقرأ لفائدتي الخاصة، لا لفائدته هو! وحين مسَّه حزني، فاجئني في اليوم التالي يحكي لي روايةَ "الخيميائي" للبرازيليّ "باولو كويللو"! بل ويناقشُ معي الدلالةَ الفلسفية والرمزية حول رحلة سانتياجو وحُلمه! اندهشتُ جدًّا وطِرتُ فرحًا! ابني صار قارئًا! فأخبرني أنه اكتفى بقراءة مقدمة بهاء طاهر التي تصدّرت الروايةَ بعدما ترجمها للعربية ووهبها عنوان: "ساحرُ الصحراء". وكان الأستاذ طاهر قد طرحَ، في مقدمته، مُلخّصًا للرواية ورؤيةً تحليلية لرمزها الفلسفيّ. اكتفى صغيري بالمقدمة لأن نظريته العبقرية تقول: "ليه تقرا أكتر، لمّا ممكن تقرا أقل؟"!
هذا جيلٌ مُتآمَرٌ عليه. كيف ولماذا يقرأ شابٌّ يشاهدُ في القنوات الفضائية كلَّ ربع ساعة مسابقةً قيمتها ألف دولار حول: "ما اسم الفيلم أو الأغنية أو الماتش؟" لابد، إذًا، سيُجنِّدُ كلَّ طاقاته الذهنية في الفُرْجة على الأفلام والماتشات ثم حفظها وأرشفتها في ذهنه. لكن فيمَ سيفيده الكتابُ والثقافةُ ووجعُ الدماغ؟! هكذا يفكرون!
أما الذي ألهمني عنوانَ المقال فهو شابٌّ من هذا الجيل. إسلام محمد صالح، ليسانس آداب قسم الحضارات الأوروبية القديمة. أعلنَ في رسالته لي أنه لا يقرأ أبدًا، ولم أصدِّقه. لأن عنوانَ رسالته، (الذي استعرتُه عنوانًا لمقالي)، يشي بتواصلٍ جيدٍ مع اللغة ومع القرآن، وهو منبع البيان. قرأني عبر مصادفةٍ عارضة من أغرب المصادفات وأكثرها طرافةً، إلا أنني فرحتُ باكتسابه كقارئ، ربما أكثرَ مما يفرحُ كاتبٌ بقارئ سعي إليه سعيًا واشترى كتبَه وتابعه في الصحف. أما كيف عرفني؛ فقد كان مع أسرته يتناولون العشاء، وقد افترشوا جريدةً تحت الطعام. ولأنه لا يهوى الطعامَ كثيرًا، تشاغل عنه بقراءة مقال، كان بالمصادفة أسفلَ صحنه. ولحسن حظي، كان المقالُ، مقالي! فطوبى للصحن حين يتوسَّدُ جريدةً!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغةٌ -قايلة- للسقوط
- حتى الضفدع!
- أوباما، وغرفةُ الجلوس
- أجملُ قارئ في العالم
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!
- مقابر جماعية للمصريين
- ردُّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى
- المواطَنة ودرس الفلسفة
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!
- الغُوْلَة
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك


المزيد.....




- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - للجريدةِ مآربُ أخرى