أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - حتى الضفدع!














المزيد.....

حتى الضفدع!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2725 - 2009 / 8 / 1 - 09:31
المحور: حقوق الانسان
    


يقول عمانوءيل كانط، في معرض كلامه عن علم الجمال، أو الإستاطيقا Aesthetics، إن الشخصَ الذي يقول إن لونَ عصفور الكناريا مقبولٌ، يجب ألا يمانع إذا صحّحَ له شخصٌ ما بأن الأصحَّ أن يقول: "مقبولٌ بالنسبةِ لي." ذاك أن لكلِّ شخص ذائقتَه الخاصةَ وأسلوبَ استقباله للجمال. فقضيةُ "الجمال" تختلفُ عن مجرد "المقبولية". لأن الشخصَ الذي يُقرُّ بأن شيئًا ما جميلٌ، فكأنما يطالبُ الآخرين بأن يروا بعيونهم ما يرى بعينيه، ثم يقرّوا بما أقرَّ هو. وهو هنا ليس فقط يتحكم في ذائقته الخاصة، بل في ذائقات الجميع! والخطأ الحادثُ هو أنه يتكلمُ عن الجمال كأنه خصيصة من خصائص الأشياء. وهذا ليس صحيحًا. فالجمال ليس "صفةً" تخصُّ شيء ما. الصفةُ تعريفُ الشيء، مثل: الشكل، اللون، الحجم، الملمس، الخ. لكن الجمالَ حُكْمٌ قيْميّ يختلفُ باختلاف الشخص "المُقيِّم" هذا الشيء. ثم يميز كانط بين مفهومين مخلوطين لدينا. يقول: "المتعةُ" تنتج حين تطفرُ البهجةُ من حواسنا، في حين أن الحكمَ على شيء بأنه "جميل" تتحكم فيه مُدخلاتٌ ثلاث: الحواسُ، العاطفةُ، والمستوى الفكريّ أو العقليّ للإنسان. ثمة قيمتان تتحكمان في الإحساس بالجمال لدى الشخص المُشاهِد شيئًا ما. هما: إستاطيقا الشيء(القيمة الجمالية للشيء)، ثم الذائقة. والإستاطيقا هي الفكرةُ الفلسفية عن الجمال، في حين أن الذائقةَ هي نتاجُ البيئة المحيطة والطبقة والتعليم والوعي الثقافيّ؛ ومن ثَم، فالذائقةُ يمكن تطويرُها وتغييرُها وتهذيبُها.
بعد الحرب العالمية الأولى، كفر الفنانون والمثقفون بكلِّ الأعراف البرجوازية التي أدّت إلى كلِّ ذلك الدمار الذي اجتاحَ العالم. وأدّى ذلك إلى ظهور حركاتٍ عدمية ثائرة على فكرة الجمال السائدة المستقرة في الذهن الجَمعيّ للبشرية. حركاتٌ مثل الوحشية والدادئية والسريالية، عملت على تحطيم كلّ التقاليد الجمالية والفنية السابقة. عام 1917 أحضر الفنانُ الفرنسيّ مارسيل دوشامب "مبولة" ومنحها اسم "النافورة"، ثم عرضها في معرض فنيّ بوصفها قطعةً فنية! وقال في ذلك: "أودُّ زحزحةَ بؤرة الفنِّ عن كونه عملاً جماليًّا بصريًّا، إلى أن يغدو تأويلاً عقليًّا." صحيحٌ أن أحدًا لم يرها بوصفها قطعةً فنيّةً أبدًا، وصحيحٌ أنها اعتُبرت دعابةً فجّةً أو ما يمكن أن نطلق عليه ضدّ-فنيّ anti-art، وصحيحٌ أن تلك النافورة قد أُلقيت مع القمامة بعد المعرض وفُقدَت إلى الأبد، لكن دوشامب نجح، مع مَن سبقه من أبناء المدرسة الوحشية والتكعيبية، في خلخلة المفهوم القديم السائد لفكرة الجمال لدى الناس. وهو ما سيرهص لفناني ما-بعد-الحداثة في الستينيات الماضية الذين احتفوا بإستاطيقا القبح، أو المفهوم الصادم للجمال. فحلَّتِ الملابسُ المكرمشة محلَّ المكوية، والشَّعرُ الأجعدُ المتموّج محلَّ الناعم المنسدل.
حينما استضافني الإعلامي حمدي رزق في برنامج "القاهرة اليوم"، قلتُ له إنني أحبُّ الغُرابَ وصوتَه، فاندهش! دائمًا ما نظرتُ إلى الغراب بوصفه جنتلمان أنيقًا يرتدي بدلة اسموكنج أسود في رمادي في أبيض، يقف بكبرياء لا مثيل لها. نحن نكرهه ونتشاءم منه بسبب مُحَملّنا الإرثيّ والثقافيّ والدينيّ عنه. هو الذي أرشدَ قابيل، أوَّلَ قاتلٍ في التاريخ، عن كيفية دفن قتيله هابيل، وبالتالي غدا الغرابُ رمزًا للموت والشؤم، وربما الغدر أيضًا. كذلك حين أرسله نوح، عليه السلام، من السفينة ليختبر وجودَ أرض يابسة، ذهب ولم يعد، فدعا عليه نوح بألا يألفه الناس. طيب، لكن لو حرَّرنا عيوننا من تلك المُحمّلات الثقافية الفكرية الإرثية، سيكون بوسعنا أن نراه على حقيقته التي خلقه اللهُ عليها؛ كائنًا جميلاً، بصريًّا على الأقل. وسنقدر، من ثَمَّ، أن نرى كلَّ الكائناتِ جميلةً. حتى الضفدع! - جريدة "المصري اليوم" 20/7/09



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما، وغرفةُ الجلوس
- أجملُ قارئ في العالم
- فلتقصّ الشريطَ تلك السيدة!
- مقابر جماعية للمصريين
- ردُّ الأشياءِ إلى أسمائها الأولى
- المواطَنة ودرس الفلسفة
- هذا شابٌ من جيلي
- مصر
- سألتُ الأستاذَ: لمَن نكتب؟
- وأكره اللي يقول: آمين!
- الغُوْلَة
- -شباب يفرح القلب-
- بل قولوا إنّا شبابٌ صغار!
- إنهم يذبحون الأخضرَ
- مصرُ التي خاطرهم
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير
- عزازيل ومرآة ميدوزا


المزيد.....




- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - حتى الضفدع!