أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - مصرُ التي خاطرهم














المزيد.....

مصرُ التي خاطرهم


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2658 - 2009 / 5 / 26 - 09:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الكراهيةُ ليست نقيضَ الحبِّ. نقيضُ الحبِّ التجاهلُ، النسيانُ، اللا مبالاة. حينما لا تحبُّ شيئًا فإنكَ تضربُ عنه صفحًا كأنه غيرُ موجود. لكن الكراهيةَ لونٌ من الحبِّ، سَّلبيٌّ. لأن الكراهيةَ والحبَّ كليهما عاطفةٌ. اعتمالٌ وجوديّ وعِراك مشاعريّ. لكن انعدامَ الحبِّ عَدَمٌ ونسيانٌ وإسقاطٌ من الحسابات.
مقالان في "اليوم السابع"، عن حبِّ مصر، ومقالٌ في "المصري اليوم"، عنوانه "أنا أقولُها علنًّا"؛ أكدَّ لي ثلاثتُهما أن مصرَ محبوبةٌ من أبنائها، وإن زعموا غير ذلك. أما الذي وددتُ أن أقولَه "علنًا"، فالعبارةُ التي هتف بها مصطفى كامل: "لو لم أكن مِصريًّا، لوددتُ أن أكونَ مصريًّا."
تعليقاتُ القرّاء، التي أكدت لي حبَّ المصريين مِصرَهم، لم تأتِ مترنمةً بالعاطفة، متأججةً بالشَّجو، غارقةً في النجوى والثناء والتغنّي بفتنةِ مصرَ وجمالِها وحُنوِّها ونظامها وديمقراطيتها،...، بل، على العكس من ذلك، سوادُها الأعظمُ تعليقاتٌ غاضبةٌ رافضةٌ هجّاءةٌ لاعنةٌ، لسانُ حالِها يكاد يقول: لا أحبُّ مصرَ، أعطني تأشيرةً للخارج لأفرَّ فورًا، وهل تحبُّني مصرُ لأحبَّها إلخ". لكنني رغم كلِّ ذلك، بل بسبب كلِّ ذلك، تيقّنتُ أنَّ مصرَ محلُّها قلبُ الثمانين مليون مصريّ، مثلما هي قلبُ قِبلةِ العالم ومَحَطُّ حُلم أسفاره. الغضبُ رديفُ الحبِّ، الرفضُ صُنْوُ الاقتران والانتماء والتوحّد والعشق. أنا لا أغضب إلا ممَن أحبُّ، ولا أساجلُ وأشاكسُ وأناوئ إلا مَن عليه أراهن. مصرُ بخيرٍ بأولادها.
مشكلةُ المصريين تظلُّ دائمًا مع الحكومة التي لا تراعي مشاعرَهم ولا تفي بأوليّات حقوقهم. من حقِّ المواطنِ المصريّ أن يقارنَ نفسَه بالمواطن السويسريّ الذي تستفتيه حكومتُه في كلِّ صغيرة وكبيرة. صناديقُ بريد المواطنين هناك ملأى باستبياناتٍ واستفتاءات تُرسلها الحكومة لاستبيان رأيه في أمور تبدأ بقرار قطع شجرة أو شقِّ طريق أو عمل مطبٍّ، ولا تنتهي حتى عند انتخاب الرئيس أو رفض السويسريين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبيّ عام 1992، واستمساكهم بالفرانك ورفضهم اليورو. كل هذا يتمُّ نزولاً على رغبة "المواطِن" السويسريّ، وليس "الحاكم". ذاك أنهم يُسموّن الأشياءَ بأسمائِها الحقّة. فما الحاكمُ وما الحكومةُ إلا موظّفون لدى الشعب. والشعبُ هو سيدُ قراره الأوحد. يتأمل المصريُّ كلَّ هذا فيحزنُ عميقًا. ليس من مصرَ، بل من حكومة مصر. الأوطانُ دائمًا نبيلةٌ وحانية، لكنَّ حكوماتِها هي التي تسيء لها وتظلمُ بنيها.
حينما ظلمَ قُضاةُ أثينا وحكومتُها سقراطَ، واتهموه بإفساد الشباب؛ لأنه آمن أن الحاكمَ لابد أن يكون عالِمًا بأصول الحكم، وهو ليس بالضرورة مَنْ يتمُّ انتخابُه، واتهموه بازدراء المقدّس لأنه نادى بإعمال العقل والبحث عن الحقيقة، حكموا عليه بالموت. ودبّر له تلامذتُه وخُلصاؤه خطّةً آمنةً للهروب، لكنه رفض! أبى إلا أن يموتَ على تراب أثنيا: الوطن. ذاك أنه أدرك أن مشكلتَه ليست مع الوطن، بل مع حكّام ذلك الوطن، وليست مع القانون العادل، بل مع مطبّقي ذلك القانون الظالمين. فتناولَ كأسَ سمَّ الشوكران راضيًا، واختار الموتَ على تراب بلاده. لأن الوطنَ لا يظلم، بل من يمسكون قوادَ ذلك الوطن هم الظالمون.
تعليقاتُ القراء قالتْ تلك المعاني، بشكل أو بآخر. اتفقوا جميعًا على أن مشكلتهم دائمًا ليست مع مصر، بل مع من يحكمون مصر. قال محمد إسلام عباس: "مصرُ التي في خاطري هي التي عندما أحتاجها أجدها، وتحترمني شرطتُها فتعاملني معاملةً آدمية، يحترمني موظفوها بدون تهكُّم ولا بيروقراطية، وأن تفي حكومتُها بوعودها."
وجاء تعليق متشائم، لكنْ مُحبٌّ، كتبه X، يقول: "مصر (الجماد) بتحبني وأنا بحبها. لكن مصر هي المصريون. الحكومة اللي عملت والشعب اللي سكت علي اللي اتعمل فيه يبقي أكيد الاثنين مش بيحبوني!"
ثم يأتي الردُّ الأملُ في النهاية ليعيدنا إلى ثقتنا في مصر التي في خاطري/ خاطرنا جميعًا.
كتبه "”aymen يقول: "هذا الوطنُ المتألمُ كما عبر أيامَ الضعف في الأسرات المتأخرة، وعاني أيام غزو الهكسوس وبقي شامخًا, هذا الوطنُ الذي أقصي الفُرسَ وكسر هجماتِ المغول وآزر صلاح الدين وتخطي العثمانيين وتحمل الشركس والمماليك وكسر إسرائيل في 73، لقادرٌ علي أن يتخطى هذه الأيامَ الصعبة. مصرُ الجغرافيا والتاريخ, المجتهدون والموهوبون، سيداتُ البيوتِ والذكاءُ الفطريُّ، تنتظر منّا الكثير. نحن لا نقلُّ عن شعوبٍ كثيرة حولنا تتقدم. ولن أقول أوروبا وأميركا، بل سأقول الهند وكوريا والمكسيك والبرازيل وجنوب أفريقيا. كلمةُ السر بسيطةٌ لكنها تحتاج إلى مَن يحبون هذا الوطن. إنها الديموقراطيةُ الحقيقيةُ والعِلم والعدالةُ للجميع".
في مرةٍ قادمة سأكلمكم عن أحد المفتونين بمصرَ من بنيها. اختار لنفسه كُنية: "المِصَحِياتي"، على نَسَق "المسحراتي"، ذاك أنه يدعوا مواطنيه للصحو والاستيقاظ، واطرّاح النوم والغفلة.- جريدة "اليوم السابع 12/5/09







#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القططُ المذعورة
- لا تأتِ الآن، فلسْنا أهلاً لك!
- أيها الطائرُ الخفيف، سلامٌ عليك
- فريدة النقّاش، صباحُ الخير
- عزازيل ومرآة ميدوزا
- لشدّ ما نحتاجُ إليكَ أيها الشارح
- قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان
- وإننا لا نبيعُ للكفار!
- أبريلُ أقسى الشهور
- احذروا هذا الرمز!
- الكونُ يتآمرُ من أجل تحقيق أحلامِنا
- ما تشدي حِيلك يا بلد!
- من أين نأتي بسوزان، لكلِّ طه حسين؟
- طواويسُنا الجميلةُ
- أنا أقولُها علنًا!
- وأين صاحبي حسن؟
- حينما للظلام وَبَرٌ
- الله كبير!
- -وهي مصر بتحبني؟-
- الحقلُ هو سجادةُ صلاتي


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة طعنه وما دار بذهنه وسط ...
- مصر.. سجال علاء مبارك ومصطفى بكري حول الاستيلاء على 75 طن ذه ...
- ابنة صدام حسين تنشر فيديو من زيارة لوالدها بذكرى -انتصار- ال ...
- -وول ستريت جورنال-: الأمريكيون يرمون نحو 68 مليون دولار في ا ...
- الثلوج تتساقط على مرتفعات صربيا والبوسنة
- محكمة تونسية تصدر حكمها على صحفي بارز (صورة)
- -بوليتيكو-: كبار ضباط الجيش الأوكراني يعتقدون أن الجبهة قد ت ...
- متطور وخفيف الوزن.. هواوي تكشف عن أحد أفضل الحواسب (فيديو)
- رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية -لا يعرف- من يقصف محطة زا ...
- أردوغان يحاول استعادة صورة المدافع عن الفلسطينيين


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - مصرُ التي خاطرهم