أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - طواويسُنا الجميلةُ














المزيد.....

طواويسُنا الجميلةُ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2600 - 2009 / 3 / 29 - 09:19
المحور: سيرة ذاتية
    


اِقرأوا معي هذه الكلمات: "محمد عبد الوهاب فنانٌ عبقريّ، لو أنَّ اللهَ خلقَه في أيِّ عصر، أو أيّ مكانٍ، لكان مخلوقًا فذًّا. يؤمنُ تمامًا بأن مكانَه الطبيعيّ بين صفوف الزعماء. استطاعَ بفضل فنّه أنْ يكتبَ اسمَه بحروفٍ كبيرة في التاريخ."
هذا الرأيُ، الصحيح، في الموسيقار عبد الوهاب، ليس من كلماتي، ولا هي كلماتُ ناقدٍ موسيقيّ واعٍ، وليس تعريفًا نقلتُه من إحدى الموسوعات لأُصدِّرَ به مقالي عن قامةٍ مصريةٍ رفيعة، بمناسبة عيد ميلاده في 13 مارس. إنما المدهشُ، أنَّ من كتبَ تلك الكلماتِ هو آخرُ شخصٍ في الكون يمكن أن نتوقّعه يكتبُها. إنه عبد الوهاب نفسه!
والمناسبة: حدث أن طلبتْ إليه مجلة "الكواكب" عام 1950، أن يكتب شهادةً عن نفسه فكتبَ ما سبق، ثم صدّرتْ به د. رتيبة الحفني كتابَها: "عبد الوهاب، حياتُه وفنُّه".
والحقُّ أنني اندهشتُ! لا من تلك النرجسية؛ فكلُّ مبدعٍ يحملُ قدرًا من النرجسية، هي في الواقع التي تجعلُه يُبدع، إنما اندهشتُ من إعلانها. ذاك أن المبدعَ يتعمّدُ اعتمارَ شيء من تواضع، وإن مُفْتَعَلٌ، كأنما بذلك يضعُ كلماتِ التقدير على لسان الآخر. فيكون الحقُّ ما شهدَ به الآخرون.
وقد ميّزتِ العربيةُ بين ألوان من الإعجاب بالنفس. فلدينا: النرجسيةُ، الغرورُ، التعالي، الاعتدادُ بالنفس، حبُّ الذات، الثقةُ بالنفس، الأنا المتضخمةُ، الأثرة، التكبّر، نفي الآخر، وغيرها من ألوان رؤية الذات وإقصاء الآخر. على أن ما أعنيه هنا لا ينتمي بحالٍ إلى تلك القائمة الشائكة. إنها شيءٌ طفوليٌّ نبيل. هي طاووسيةُ الفنّان؛ التي تجعله يرى نفسَه مختلفًا وجميلا. وهي ضرورةٌ لكي يصنعَ الجمالَ. فلو أنه قَبِلَ أن يرى نفسَه عاديًّا، لقَبِل، بالتالي، أن يُنتجَ شيئًا عاديًّا. وهذا، بظني، أحدُ أسبابِ انهيار الجمال في مصر الآن. لأن معظم فنانينا الحاليين يرون أنفسَهم عاديين، لأنهم عاديون، فأنتجوا لنا العاديَّ، فهبط الفنُّ، وانحطّتِ الذائقةُ، إذْ بِتنا نقبلُ العاديَّ باعتباره فنًّا! لكنْ مَن يرى نفسَه جميلا، يعيشُ في رعبٍ دائم على هذا الجمال؛ ويخشى زوالَه خشيتَه الموتَ، فيأبى إلا أن يُقدّمَ المدهشَ المائزَ الجميل. ونحن نقبلُ ذلك الاعتدادَ بالنفس من المبدع، رهانًا منّا أنها أداةُ إبداعِه، ومن ثم سببُ مُتعتنا. لذلك أحببنا نرجسيةَ المُغادِر الجميل محمود درويش حينما كان يختالُ ويتدلّلُ ويفرّ من الصحافة والمعجبين، وفتنتنا طاووسيةُ أحمد عبد المعطي حجازي وهو يلقي قصائدَه مثل مايسترو؛ عصاهُ يدُه؛ تُطوّعُ الحرفَ نَبْرًا وقَطْعًا وحركةً وسُكونًا وإدغامًا وإشباعًا، فيخرجُ الحرفُ مشحونًا بالغناء. تماما مثلما ابتسمنا بمحبة لقول المتنبي، عن نفسه، لسيف الدولة: "سيعلمُ الجمعُ مِمَن ضمَّ مجلِسُنا/ بأنني خيرُ مَنْ تسعى به قدمُ/ أنا الذي نظرَ الأعمى إلى أدبيْ/ وأسمعتْ كلماتيْ من به صَمَمُ/.../ كَمْ تطلبونَ لنا عيبًا فيُعجِزُكم/ ويكرهُ اللهُ ما تأتون والكرمُ/ ما أبعدَ العيبَ والنقصانَ عن شرفي/ أنا الثريا وذان الشيبُ والهِرَمُ."
لذلك نقبلُ ونثمّنُ ما قاله عبد الوهاب عن نفسه، مادام ملأ حياتَنا جمالا ورقيًّا، وطالما يظلُّ لنا أبدًا مُلهمًا لا يخبو. حتى أن صديقي الكاتبَ المسرحيّ المعروف بهيج إسماعيل، وهو كذلك أحدُ طواويسِنا الجميلة، قال لي إنه لا يقدرُ أن يكتبَ حرفًا، قبل الاستماع إلى عبد الوهاب!جريدة "المصري اليوم" 16/3/09






#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أقولُها علنًا!
- وأين صاحبي حسن؟
- حينما للظلام وَبَرٌ
- الله كبير!
- -وهي مصر بتحبني؟-
- الحقلُ هو سجادةُ صلاتي
- مصرُ الكثيرةُ، وأمُّ كلثوم
- أيها العُنُقُ النبيل، شكرا لك!
- مصرُ التى لا يحبُّها أحد!
- قديسٌ طيبٌ، وطفلٌ عابرٌ الزمن
- رُدّ لى ابتسامتى!
- ومَنْ الذى قتلَ الجميلة؟
- كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!
- بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!
- الجميلةُ التي تبكي جمالَها
- صخرةُ العالِم
- يُعلّمُ سجّانَه الأبجدية في المساء، ويستسلم لسوطه بالنهار
- حين ترقصُ الأغنيةُ مثل صلاة
- من أين يأتيهم النومُ بليلٍ!
- هنا فَلسطين!


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - طواويسُنا الجميلةُ