أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!














المزيد.....

كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 07:59
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ألفُ سببٍ يجعلُنى أضعُ «الشَّيماء» دُرّةً بين بدائع الزمان، كواحد من أعظم أفلام السينما. ولو أنصفوا لأعطوه أوسكارات عدّةً، لا واحدة. مستحيلٌ، أنا الراغبةَ عن الشاشة، الضنينةَ عليها، الحريصةَ على الوقت حِرصَ يهودىٍّ على المال، أن أصادفَه ولا أشاهدَه كاملا. شاهدتُه مراتٍ عدّة حتى أكادُ أحفظُ السيناريو والأغنيات كاملةً. وافتتانى به ليس مَرَدَّه، وحسب، الاكتمالُ البديع لكلِّ عناصر الجمال الفنىّ. ولا بسبب تلك البَحّة العبقرية فى صوت سعاد محمد، والتناغم السماوىّ بين نبرتِها النُحاسيّة العميقة، وملامح سميرة أحمد الحادّة الحاسمة العذبة. بوجهِها الذى يليقُ بامرأة تامةِ الأنوثة، تامةِ الذكاء، تامةِ الوعى، تامةِ البأس، فى آن. ذاك أن قوةَ الشخصية، لدى المرأة، لا تتناقضُ مع الأنوثة، بل هى أحدُ أهمِّ أركانها، عطفًا على الثقافة والوعى وامتلاك زمام النفس والمرجعية. أما تركيبُ الصوت على الوجه المناسب فلا يأتى إلا من داهية إخراجية مثل حسام الدين مصطفى، حتى أنّى ظللتُ سنواتٍ طوالا موقنةً أن الصوتَ لسميرة أحمد! والسيناريو الرفيعُ كتبه، حسب معلوماتى، صبرى موسى. وأما القصائدُ الفتْنةُ: «حسْبُهُ اللهُ مَعَه، كَمْ ناشدَ المختارُ ربَّه، واجريحاه، رويدكم تمهلوا!» فمن روائع الشاعر الكبير عبد الفتاح مصطفى، الذى بعدُ لم يأخذ حقَّه.

والحقُّ أننى لا أدرى مدى صحّة ما ورد بالفيلم من أنباءٍ حول طبيعة حياة المرأة فى تلك الحقبة الزمنية، قبل دخول الإسلام وإبّان فجره الوليد فى الجزيرة العربية. هل هى حقائقُ تاريخيةٌ راسخة، أم أن خيالَ المؤلف المستنير، على أحمد باكثير، قد رسم للمرأة مكانةً رفيعة آنذاك. لكن يحقُّ لى أن أتعاملَ مع الفيلم كنصٍّ مستقل بصرف النظر عن حقيقيته من خياليته، مثلما ذهب البنيويون بموت المؤلف، واستقلال النص.

لو كانتِ المرأةُ قبل ألف وأربعمائة عام كما الشيماءُ حرّةً قوية مالكةً زمامَ أمرها، فلا رجلَ يقمعها ولا تصدعُ إلا لما يُقنعُ عقلَها، فما قاسم أمين بمحدثٍ جديدا حين نادى بتحريرها! إنما قصد أن تعودَ المرأةُ سيرتَها الأولى. ذاك أن الأصلَ هو الحريةُ والفردانيةُ، أما القمعُ والتبعيةُ فبعضُ بدع السيادة البطريركية المستحدثة. جاء بيتَها حشدٌ من الضيوف لتطربهم شاديةُ بنى سعد، الشيماءُ، بصوتها الجَلىّ، فهتفت فيهم: ويحكم! أجاريةٌ تؤمَر؟ بل حرةٌ أغنّى ما أشاء وقتما أشاء. وحينما أهانها عِكرمةُ بن عمرو بن هشام، أحدُ أشرافِ قريش، لم تنصع لجبروته، ولم تصدع لأمره، ولا رهِبَتْ بطشَه، بل رمته بـ«الجَهول بن أبى جهل»، ثم رفعت عليه السيفَ ووخزت به عنقَه على مرأى الناس فأضحكتْ عليه القبيلة. وهذا زوجُها بسلوكه الراقى تجاهها، لم يعنّفْها مرّةً أو يقمع لها رأيًا، فبادلته احتراما باحترام. ثم تُعطى الشيماءُ درسا رفيعا فى الحبِّ وسَوْس النفس والتمنّع عن الحبيب، حينما يتعارض خطَّا القلب والعقل.

حرّمتْ نفسَها على زوجها، هى العاشقةُ له، حتى يؤمن. وفى هذا شَدَتْ بأعذبَ ما يمكن أن يُنظم من شعر، وأنقى ما يمكن أن تجودَ به حنجرةُ بشر، حتى ليكاد الصوتُ يقطرُ دمعا حينما دخلوا عليها الخيمةَ بزوجها جريحا فاقد الوعى: واجريحاه/ وما يدرى جراحَه/ كمْ قتيلٍ فى الهوى دون سلاحِ/ كنتَ لى زادًا ورِيًّا وغرامًا يحتوينى فى مسائى وصباحى/ قد غدا وصلُك لى غيرَ مُباحِ/ ليتَ قلبى يُطلِقُ اليومَ سراحى./ فى صِبانا كمْ غفونا حالميْن/ وصحونا فغدونا عاشقيْن/ ومضينا بالهوى نلهو ونشدو/ وانتبهنا/ والليالى قد مَضَيْن/ آفترقنا؟/ أمْ على وَشْكِ افتراق؟/ وانتهينا أم لنا فى الحبِّ راقْ؟/ يا جريحا دمُهُ الغَنىُّ مُراقْ/ إنَّ جُرحىَ فيكَ نارٌ واحتراقْ./ ربَّنا اغفرْ لى إذا قلتُ أحبُّه/ إنما أطمعُ أنْ يُبصِرَ قلبُه/ إنْ يكن حبى له ذنبًا/ فحسبى من رجا الغفرانِ/ إذْ يَهديه ربُّه/ يا إلهى قد نأى دربى ودربُه/ فإذا لم تهدِه/ لا كان حُبُّه.

هكذا كانت الشيماءُ بنت الحارث، أختُ الرسول، وأضرابُها من العربيات قبل خمسة عشر قرنٍا: ذكيّاتٍ رشيقاتٍ ذوات إرادة، لا يشبهن أولئك المُصدّعات شكلا وروحًا من اللواتى نصادفهن اليومَ: كائناتٍ مملوكةً، كأنهن، كما قال ابن رشد، نباتاتٍ، يعشن ويمُتن لصالح آخرين! كانت العربيةُ سيدةَ نفسها، سيفٌ فى يدها، وعقلٌ فى رأسها، قبل أن يرسمَ لها النِفطُ ملامحَ شائهةً لتغدو شيئا مُستَهلَكًا مُستهلِكًا. يستهلكُها الرجلُ كبعض مِتاع، وهى بدورها تستهلكُ حياتَها فى الاستهلاك والتسوّق!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالرقص... يقشّرون أوجاعَهم!
- الجميلةُ التي تبكي جمالَها
- صخرةُ العالِم
- يُعلّمُ سجّانَه الأبجدية في المساء، ويستسلم لسوطه بالنهار
- حين ترقصُ الأغنيةُ مثل صلاة
- من أين يأتيهم النومُ بليلٍ!
- هنا فَلسطين!
- لا يتكلمُ عن الأدبِ مَنْ عَدِمَه!
- سارة
- المرأةُ، كبشُ الفداءِ اليسِرُ
- لِمِثْلِ هذا يذوبُ القلبُ من كَمَدٍ
- أغنيةٌ إلى فينسينت
- هذه ليستْ تفاحة!
- هذه هي الكواليس، سيدي الرئيس
- أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!
- ليلةُ غفران
- ليلةٌ تضيئُها النجوم
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس


المزيد.....




- واشنطن تقيد تأشيرات النساء المتحولات جنسيا المشاركات في الري ...
- أشرف حكيمي.. المدعي العام يطالب بإحالته للمحكمة الجنائية الف ...
- حملة اعتقالات موسعة ضد مشاهير تيك توك في مصر بسبب محتوى -مسي ...
- أرحام جائعة وأجنة مهددة بالموت.. كارثة إنسانية تضرب النساء و ...
- شاهد/حضور امرأة في استقبال بزشكيان في باكستان يثير تفاعلًا و ...
- أرحام جائعة وأجنة مهددة بالموت.. كارثة إنسانية تضرب النساء و ...
- عدد النساء من أصول أجنبية في المناصب القيادية قليل
- حياكة السجاد المزيّن بالنقوش طريقة النساء الايلاميات لحفظ ال ...
- القبض على امرأة نيوزيلندية بعد العثور على طفلة في حقيبة سفر ...
- محامية المغربي حكيمي واثقة من براءته من تهمة الاغتصاب


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!