أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صالح سليمان عبدالعظيم - فوبيا عبدالناصر في الإعلام العربي














المزيد.....

فوبيا عبدالناصر في الإعلام العربي


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2700 - 2009 / 7 / 7 - 08:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



من الملاحظ أن الإعلام العربي لا يقوم بمواجهة المشكلات العربية الراهنة بشكل موضوعي وجاد؛ فمأساة هذا الإعلام أنه يجافي الحقائق ويضاد الوقائع وينسجم مع التصورات المسبقة ويتوحد مع الأيديولوجيات الملفقة. كما أن الإعلام العربي يبدو بعيدا عن المتابعة التاريخية الحقيقية للواقع العربي؛ فإما أن يرتد إلى الماضي ويُلصق به كافة مشكلات الواقع الحالي وجوانبه السلبية، وإما أن يقفز على الواقع ويتوهم مستقبلا غير آت أو ممكن الحدوث، وهو ما يجعل تحليلاته تتسم بالفجائية والانفعالية وعدم الانطلاق من رؤى رصينة وهادئة.
من الظواهر الملحوظة في الإعلام العربي الراهن ارتداده إلى الماضي على وجه الخصوص وتشبثه بالحديث عن زعامات بعينها وبشكل خاص الراحل جمال عبدالناصر. فبعد مرور أربعة عقود على رحيله مازال الإعلام العربي يتناوله بمناسبة وبغير مناسبة، ويحشره في كافة مشكلات الواقع العربي الراهن، حيث يصل الأمر بالبعض إلى تحميله كافة مآسي الأمة العربية وأوزارها.
ويلاحظ أن الذين يتناولونه لا يحاولون أن يقتربوا من المرحلة التاريخية التي وُجد فيها الرجل ويضعونه ضمن سياقها في ضوء الصراعات الهائلة التي سادت خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وهو ما يجعل من تعامل الإعلام العربي مع شخص الرجل أقرب للتناول التاريخي التقليدي الذي يعيد تفسير الأمور في ضوء ردها لشخص الحاكم سواء بالسلب أو بالإيجاب، وهي مسألة انتقائية ومزاجية تتعلق بالمكاسب والتحالفات والمصالح الشخصية الضيقة جدا.
هناك عدة ملاحظات بخصوص تناول الإعلام العربي لشخصية عبدالناصر، وبشكل خاص تلك الكتابات التي تُنذر نفسها للنيل منه والتقليل من شأنه وإرجاع أسباب الضعف العربي الراهن إلي حقبته وسياساته وقراراته المختلفة.
الملاحظة الأولى أن شخصية عبدالناصر مازالت تثير القلق لدي الكثيرين الأمر الذي يؤكد أن العالم العربي لم يستطع أن يحقق أي شيء حقيقي منذ وفاة الرجل وحتى الآن. فالواقع العربي المتسم بأعلى درجات التردي والتدهور مقارنة بغيره من المناطق والأقاليم الأخرى لا يجد ما يقدمه من تحليل رصين وحقيقي للجماهير العربية بقدر ما يجند إعلامه من أجل تخويف الجماهير وتزييف حقائق الأمور له. من هنا فإن فزاعة عبدالناصر التي ترتبط بخطاب قومي عربي وحدوي وبسوق عربية مشتركة، وهي أحلام لم تتحقق حتى الآن، تصبح أهم آليات الإعلام العربي المعاصر القائمة على الإثارة وصناعة الوهم والتخويف الجماهيري . من الجائز جدا أن نصف سياسات عبدالناصر وقراراته بالخاطئة، أما نسف أفكاره ومشاريعه المختلفة فمسألة تتعارض مع حجم وتأثير شخصية الرجل عربيا وعالميا.
الملاحظة الثانية ترتبط بالأولى وتؤكد أن الخوف من عبدالناصر هو خوف مما تحمله أفكاره من إمكانية تجييش الجماهير وحشدها ضد الأطروحات الراهنة المضادة لكافة المشاريع الوطنية والتنموية في المنطقة، والمستندة بالأساس للمشروع الأميركي والقبول به قلبا وقالبا. فالجماهير العربية لا يمكن خداعها لفترات طويلة، فالواقع العربي الراهن يؤرق الكثيرين ويدفعهم للتساؤل حول ماهية ما يحدث، ويدفعهم للتساؤل أيضا حول جدوى محاكمة الأموات والنيل منهم، وعدم محاسبة الأحياء، ومساءلة مشروعاتهم المختلفة.
الملاحظة الثالثة أن الذين يحاولون النيل من عبدالناصر ينسون أو يتجاهلون أن ملايين المصريين مازالوا يُكنون للرجل كل التقدير والاحترام، وأن أية محاولة للنيل منه هي بالتبعية محاولة للنيل من كرامتهم والحط من شأنهم. لا يقف الأمر فقط عند الجماهير المصرية، فالملايين في كافة أنحاء العالم العربي ما زالوا يؤمنون بأفكار الرجل وتوجهاته رغم نقدهم له؛ فالمسألة أكبر من عبدالناصر إذا ما تم تحليلها وفهمها بشكل هادئ ورصين بعيدا عن غوغائية الإعلام وتصفية الحسابات.
الملاحظة الرابعة أن هؤلاء الإعلاميين لا يملكون مشروعا حقيقيا يمكنهم أن يدافعوا عنه، بقدر ما يعبرون عن هواجس بعض الأنظمة وحساباتها التي لا تنتهي، بحيث يصبح الحديث عن عبدالناصر رغبة في النيل من الرجل لحساب غيره، وانتقاصا منه رفعة لآخرين، بدون أن يستند ذلك لتحليل واقعي تاريخي حقيقي. وإذا كان الأمر يبدو أنه يتعلق بشخص عبدالناصر وزعامته فإنه بمعنى أو بآخر يتعلق أيضا بوضعية مصر وقدرتها الحقيقية في المنطقة وحجم تأثيرها الراهن، فما يصيب الرجل يصيب مصر، وهي مسألة يجيد هؤلاء الإعلاميون التعامل معها بقدر كبير من الدهاء والخبث المفضوحين.
لا يمكن للمرء أن يتجاهل حالة الضعف والتردي التي يواجهها واقعنا العربي الراهن، وهي حالة تساعد على انتشار مثل هذا النوع من الكتابات التي تحاول أن تنال من زعامات بعينها في عالمنا العربي، وأن تزيد من حدة التخويف الجماهيري، مستفيدة من تلك الإمكانيات الإعلامية الهائلة المتوفرة لها، ومن ذلك الدعم الغربي الهائل بشقيه الأميركي والأوروبي، ومن سيادة العقلية العربية الرجعية في أشد تأثيراتها وأوضح تجلياتها.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الفهلوية المثقفة
- الإعلام العربي بين التنوير والتغريب
- الحرية على الإنترنت
- عناصر القوة الأميركية
- عناصر الضعف الأميركي
- مسألة التعويضات وتسعير الضحايا
- المتحدث الرسمي باسم الحكومة
- واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل
- البلطجي والضحية والمتآمرون!
- استهجان المقاومة في غزة!!
- لماذا لن يحدث سلام مع إسرائيل؟
- تجسير الفجوة بين المثقفين!!
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ
- صورة الذات
- المعنى العميق للثقافة


المزيد.....




- ما أوجه التشابه بين احتجاجات الجامعات الأمريكية والمسيرات ال ...
- تغطية مستمرة| إسرائيل تواصل قصف القطاع ونسف المباني ونتنياهو ...
- عقب توقف المفاوضات ومغادرة الوفود.. مصر توجه رسالة إلى -حماس ...
- أنطونوف: بوتين بعث إشارة واضحة للغرب حول استعداد روسيا للحوا ...
- مصادر تكشف لـ-سي إن إن- عن مطلب لحركة حماس قبل توقف المفاوضا ...
- بوتين يرشح ميشوستين لرئاسة الوزراء
- مرة أخرى.. تأجيل إطلاق مركبة ستارلاينر الفضائية المأهولة
- نصائح مهمة للحفاظ على صحة قلبك
- كيف يتأثر صوتك بالشيخوخة؟
- جاستن بيبر وزوجته عارضة الأزياء هيلي في انتظار مولودهما الأو ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - صالح سليمان عبدالعظيم - فوبيا عبدالناصر في الإعلام العربي