أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - عناصر القوة الأميركية














المزيد.....

عناصر القوة الأميركية


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2685 - 2009 / 6 / 22 - 05:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لم يكن القرن الواحد والعشرين فاتحة خير على الولايات المتحدة الأميركية. ففيه واجهت أميركا أحداث الحادي عشر من سبتمبر. كما قامت بغزو أفغانستان والعراق. وهما حربان كلفتا أميركا الكثير على المستوى البشري والمادي، كما شوهتا بدرجة كبيرة صورة أميركا في الخارج من خلال الفضائح المرتبطة بحقوق الإنسان والتعذيب، وعلى رأسها فضيحة أبوغريب وجوانتنامو.
لم تكد أميركا تفيق من خسائر هذين الحربين إلا وفاجأتها الأزمة المالية الطاحنة التي عصفت بالاقتصاد العالمي، وكنست أمامها مؤسسات مالية واقتصادية وصناعية لم يكن لأحد أن يتخيل انهيارها بمثل هذا الشكل السريع. تدافعت الأحداث بشكل سلبي ضد أميركا خلال السنوات القليلة الماضية الأمر الذي جعل العديد من المفكرين يكتبون بشكل واضح وصريح عن بدء الانهيار الأميركي، أو الأفول الأميركي، أو نهاية الحقبة الأميركية، أو تحول ميزان القوى الكوني إلى أطراف أخرى جديدة.
فهل فعلا تواجه أميركا نوعا من الضعف والانهيار الآن؟ وهل يتحول ميزان القوى نحو أطراف أخرى؟ وما هي هذه الأطراف؟ وهل تملك من القوة ما يجعلها قادرة على منافسة أميركا والقيام بأدوارها الكونية المهيمنة؟
الواقع أنه من الصعب تصور الانهيار السريع لأميركا بمثل هذه الطريقة التي يكتب بها البعض، وبشكل خاص الذين يتخذون موقفا مسبقا وعدائيا منها. فأميركا مازالت تشتمل على العديد من عناصر القوة التي قل أن نجد لها نظيرا في أي مكان آخر. فالولايات المتحدة تمثل 5% من سكان العالم بينما تنتج ما يزيد على ربع الإنتاج العالمي، كما أنها تهيمن على العالم ثقافيا وعلميا وعسكريا، إضافة إلى هيمنة الدولار الأميركي على كافة أسواق العالم.
فعلى المستوى الاقتصادي لا يجب أن يغيب عن أذهانا أننا نتعامل مع دولة قارية، فمساحة أميركا تعادل 9,826,630 كيلومتر مربع، وهو ما يمنحها تنوعا مناخيا وجغرافيا غير عادي ساعدها على إنتاج مختلف المحاصيل الزراعية واستخراج كافة أنواع المعادن، بما فيها النفط. كما ساعدها ذلك على تطوير مستوى فريد من الصناعات المدنية والعسكرية على السواء. فالسيارات الأميركية لها تاريخ محترم حول العالم، كما أن صناعة الطيران ليس لها نظير في أي مكان آخر. إضافة إلى ذلك تنطوي أميركا على رأس مال بشري هائل ومتنوع من كافة جنسيات العالم يساعد بدرجة أو بأخرى على التنوع المعرفي والمهاري والإبداعي. كما أن الكثير من دول العالم تعتمد تجاريا على أميركا؛ فالنموذج التنموي الصيني اعتمد بشكل مفرط على التصدير لأميركا في فترة ما قبل الأزمة المالية، قبل أن يعيد حساباته ويحاول الآن تشجيع الاستهلاك المحلي. كما أن معظم دول العالم مازالت تستند إلى الدولار كمعيار تقيس به عملاتها المحلية والتبادل التجاري فيما بينها.
على المستوى الثقافي لا توجد بقعة في الأرض لا تصلها المنتجات الثقافية الأميركية وعلى رأسها الموسيقى والأفلام. فلم توجد دولة عبر التاريخ استطاعت أن تؤثر ثقافيا على الكون كله مثلما فعلت أميركا ليس فقط من خلال الموسيقي والأفلام، لكن من خلال الكثير من الرموز الأميركية مثل الملابس وعلى رأسها الجينز، إضافة إلى المأكولات السريعة التي غزت كل البطون والعقول والحواس. وبغض النظر عن مستوى هذه النوعية من الموسيقى أو الأفلام المنتجة أو الوجبات السريعة غير الصحية فإنها فرضت نفسها حول العالم بين كافة الشرائح الاجتماعية وكل الأعمار.
وعلى المستوى التعليمي تمثل أميركا، من خلال جامعاتها التي تحتل قائمة أفضل الجامعات في العالم، واحة التعليم لكافة الجنسيات. حيث استطاعت أن تمتلك العقول وتصيغ الأفكار وتصنع الأيديولوجيات، وتضمن من خلال طلابها الدوليين ترسانة مستقبلية من هؤلاء الخريجين. إذا نظرنا حولنا في العالم العربي على سبيل المثال سنجد أن معظم التكنوقراط والمسئولين الكبار من خريجي الجامعات الأميركية. كما أن الكثير من الجامعات العربية ذاتها تحرص الآن على استقطاب الحاصلين على الدكتوراه من أميركا الذين يعيدون نقل القيم الأميركية ضمن تخصصاتهم المختلفة. ورغم أن التعليم في أميركا ليس هو الأفضل الآن؛ فهناك طفرات تعليمية في أستراليا وكندا والكثير من الدول الأوروبية، ناهيك عما تحققه بعض الدول الآسيوية من نجاحات باهرة، إلا أن أميركا استطاعت بقوة الدولة والهيمنة الكونية أن تُسحر العالم وتفرض أنماطها التعليمية في كل مكان.
والأهم من كل ما سبق أن أميركا تنطوي على نظام سياسي يتسم بدرجة عالية من الديناميكية يتيح لها قدرا كبيرا من المراجعة والشفافية والتجديد السياسي. وهذا النظام هو الذي جعل أميركا قادرة على أن تعيد حساباتها في كل مرة تشتد فيها المحن وتتعاظم الخطوب. إذا كانت أميركا تنطوي على عناصر قوة تشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية والتعليمية والسياسية فما الذي يجعل البعض يتصور إمكانية انهيارها هذه الأيام؟ وبشكل أكثر دقة ما هي عناصر الضعف الأميركي الآن؟ وهو ما سوف نتناوله في المرة القادمة.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناصر الضعف الأميركي
- مسألة التعويضات وتسعير الضحايا
- المتحدث الرسمي باسم الحكومة
- واقع التنظير في العلوم الاجتماعية والإنسانية
- صورة أميركا في العالم العربي
- محمود أمين العالم: مناضل من الزمن الجميل
- البلطجي والضحية والمتآمرون!
- استهجان المقاومة في غزة!!
- لماذا لن يحدث سلام مع إسرائيل؟
- تجسير الفجوة بين المثقفين!!
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ
- صورة الذات
- المعنى العميق للثقافة
- المعارك الصحفية في عالمنا العربي
- حالة القوات العسكرية الأمريكية اليوم
- آليات العزل وحكايات الكلب الأجرب!!
- سيناريو انهيار الأقصى


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صالح سليمان عبدالعظيم - عناصر القوة الأميركية