أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - تجسير الفجوة بين المثقفين!!














المزيد.....

تجسير الفجوة بين المثقفين!!


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2477 - 2008 / 11 / 26 - 03:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الثمانينات من القرن الماضي أطلق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة سعد الدين إبراهيم مقولته الشهيرة الخاصة بتجسير الفجوة بين المثقف والأمير. وهدف إبراهيم من وراء تلك المقولة إلى وضع إطار توضيحي للكيفية التي يتم بها العمل بين المثقف والأمير، أو بمعنى أكثر دقة بين المثقف والسلطة في عالمنا العربي. لقد كان الأمل يداعب الكثيرين في الثمانينات بنهاية عصر الدولة الشمولية في عالمنا العربي معززا بتأثيرات التحولات النفطية والتوسع الأميركي في المنطقة.
ولعل حالة الاسترخاء التي صاحبت العالم العربي في تلك الفترة هي ما دفعت إبراهيم لتصور إمكانية تجسير الفجوة بين المثقف والسلطة. وهو الأمر الذي ثبت خطأه بدرجة كبيرة سواء على مستوى الواقع الفعلي أو على مستوى ما واجهه إبراهيم ذاته فيما بعد من قبل السلطات المصرية. وهو ما أوصله إلى السجن ومواجهة حملة التشهير الرسمية الواسعة النطاق ضده، بغض النظر عما يتحمله هو من مسئولية في هذا السياق، وبغض النظر عن مواقفه الفكرية وممارساته الفعلية.
لا يعني ما سبق ضرورة المواجهة بين المثقف والسلطة في عالمنا العربي، بل إن الأفضل التعامل السلمي فيما بينهما من أجل الصالح العام؛ من أجل الوطن. لكن هذا التصور لا ينسجم مع واقع الحال في عالمنا العربي الأقرب لحالة الوصاية والهيمنة من قبل السلطة على المثقفين. فما من منطقة في عالمنا العربي إلا ويدفع المثقفون فيها أثمانا غالية من حرياتهم جراء تعبيرهم عن أفكارهم ومعتقداتهم.
من هنا فإن المطلوب خلق مساحة كافية يبتعد من خلالها المثقف الحقيقي عن السلطة إلا فيما يراه صالحا للمجتمع، وما يحدده هو بمحض إرادته واختياره. وبالطبع لن يستطيع المثقف مواجهة السلطة كفرد أعزل بقدر ما يمكنه مواجهتها من خلال تكتل عريض يجمع المثقفين على الصالح العام، وعلى القضايا الهامة التي يرون بأولويتها بالنسبة للتنمية وحقوق الإنسان في مجتمعاتهم.
وإذا كان هذا التصور يبدو بسيطا على المستوى النظري فإن واقع الحال يبرز الصعوبات الهائلة التي تقف أمام تحقيقه. فالمثقفون مثلهم مثل أي جماعة اجتماعية أخرى تصيبهم عناصر الفرقة والتشظي التي تضعفهم وتشتت شملهم. وهناك العديد من الأسباب والملابسات التي تؤثر على عمل المثقفين في العالم العربي كجماعة واحدة متباينة الأفكار والتوجهات لكنها شبه متفقة على أهداف مجتمعية عامة. وهو ما يستدعي مناقشة تلك الأسباب كمقدمة من أجل تجسير تلك الفجوات التي تتسع يوما بعد يوم بين المثقفين سواء على المستوى الإقليمي العربي، أو على المستوى القطري الواحد.
ومن أهم أسباب الفرقة بين المثقفين وتشظيهم أنهم ينطوون على بنيات استبدادية مثلهم في ذلك مثل السلطات السياسية التي يدعون لتغييرها ليل نهار. ورغم أن البعض يرى بأن المثقف جزء لا يتجزأ من بيئته التي ينتمي إليها، وهو تجلي من تجلياتها، فإن المثقف بطبيعته التقدمية وميوله المفارقة من الضروري أن يكون ديمقراطيا متسامحا ومخالفا للمواضعات السياسية والاجتماعية المستبدة.
وفي الحقيقة فإن المثقف العربي يتسم بدرجة كبيرة من الاستبداد والتعالي والغطرسة على غيره سواء أكانوا من المثقفين الآخرين أو من المواطنين العاديين. وهو الأمر الذي يخلق العديد من السجالات والمناوشات ناهيك عن تلك المعارك المندلعة بين فترة وأخرى والتي تمتلئ بها العديد من الصحف المحترمة أو غير المحترمة على السواء.
كما أن المثقف يتسم بالاستبداد من خلال هيمنته على المواقع الثقافية المختلفة المنوط بها التغيير والتقدم. وكم من معارك اندلعت هنا وهناك حول هيمنة مثقف ما على إحدى المؤسسات ورغبته القاطعة في نفى من حوله من مثقفين ومفكرين. ويمكن أن نرى ذلك بشكل خاص في المؤسسات الثقافية الرسمية في مختلف فضاءات المجتمع العربي.
لا يقف الأمر عند هذا الحد فالاستبداد ينتشر في جامعاتنا بدرجة مخيفة حيث هيمنة الأساتذة، غالبا من كبار السن على مقدرات العملية التعليمية والترقيات، بل وفي الكثير من الأحيان فرملة عملية التطوير التعليمي من أجل بقاء سياسات متخلفة عفا عليها الزمن لكنها تخدم مصالح البعض دون البعض الآخر.
إن الاستبداد هنا تعبير خالص عن الحفاظ على المصالح التي يحصل عليها البعض خصوصا في البلدان العربية التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة. ففي هذا النوع من البلدان يصبح الارتباط بالدولة والتعبير عن سياساتها والترويج لها هو الباب الملكي من أجل الحصول على العديد من الامتيازات التي لا يحصل عليها الآخرون. من هنا يمكن تفسير ذلك الاستبداد والاستئساد من أجل البقاء في كنف الدولة ورعايتها.
وهذا النوع من المثقفين المتعارف على تسميتهم بمثقفي السلطة، يخلق بالتبعية المثقف المعادي أو المواجه أو الفاضح للسلطة وممارساتها. وكم من مثقفين ينتمون لهذا النوع الأخير وجدوا أنفسهم معارضين للسلطات السياسية الحاكمة في بلدانهم بالصدفة البحتة أو من خلال معارضتهم لمثقفي السلطة. واللافت للنظر هنا وجود تنوع هائل بين كلا النوعين؛ فمن الصعوبة بمكان، بل ومن الظلم أيضا، أن يوضع الجميع في سلة واحدة تصنفهم إلى مثقفين للسلطة ومثقفين مناوئين لها. لكن الأمر الخطير هنا أن هذا الانقسام بالنظر للموقف من السلطة هو العامل الأكثر تأثيرا في تفكك وتشظي الجماعة المثقفة في عالمنا العربي، وهو ما يحتاج إلى المزيد من التناول حول الآليات المختلفة التي تشكل كلا النوعين، والتصنيفات المختلفة التي تنتمي لكلا منهما.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لدينا أجيال جديدة؟!
- ثقافة -الإيمو-
- -عايزة أتجوز-
- عبء التاريخ
- صورة الذات
- المعنى العميق للثقافة
- المعارك الصحفية في عالمنا العربي
- حالة القوات العسكرية الأمريكية اليوم
- آليات العزل وحكايات الكلب الأجرب!!
- سيناريو انهيار الأقصى
- التمييز العنصري ضد المسلمين في أمريكا
- بنية التواطؤ
- الاتساق الفكري
- أحوال مصرية
- عالم بدون إسلام
- مُعضلة التدين في العالم العربي
- تقرير حالة السكان العالمي 2007 الصادر عن صندوق الأمم المتحدة ...
- -جَوْجَلة- المعرفة
- نحو سلام واقعي
- أزمة علم الاجتماع في العالم العربي


المزيد.....




- حكم العيسى.. من هو القيادي البارز في -حماس- الذي أعلنت إسرائ ...
- نهائي درامي - إنجلترا تهزم ألمانيا وتتوج بأمم أوروبا تحت 21 ...
- هل تنجح مساع واشنطن لوقف الحرب في السودان ؟
- اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تطال الجنود الإسرائيليي ...
- -مسيرة الفخر- تشعل التوتر مجددا بين المجر والاتحاد الأوروبي ...
- لأول مرة منذ ثلاة عقود، بريطانيا تعيد العمل بالردع النووي ال ...
- كوريا الشمالية تفتتح أكبر منتجع سياحي .. مخصص للسياح الأجان ...
- إيران تشيع جثامين قادة وعلماء نوويين قضوا في الهجوم الإسرائي ...
- هل تعرف كيف تحمي نفسك وعائلتك من لدغة القراد في كل فصول السن ...
- مقتل عدة أطفال من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صالح سليمان عبدالعظيم - تجسير الفجوة بين المثقفين!!