أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - في ثقافة -التطبيع الثقافي-!















المزيد.....

في ثقافة -التطبيع الثقافي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2687 - 2009 / 6 / 24 - 09:46
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


العداء العربي لإسرائيل، والذي هو في مَدٍّ على المستوى الشعبي، وفي جَزْرٍ على مستوى الدول والحكومات، ليس كله مفيد وجيِّد وضروري، فبعضه مُعْمٍ للبصر والبصيرة، يعوزه الذكاء ونفاذ البصيرة، ويخالطه كثير من الغباء والحماقة، فلا يتمخَّض، بالتالي، إلاَّ عمَّا يعود بالنفع والفائدة على هذا العدو القومي الأوَّل للعرب، وكأنَّنا لا نعرف من طرائق وأساليب إظهار وتأكيد وممارسة هذا العداء، والذي هو، من حيث المبدأ والجوهر والأساس، فضيلة قومية وديمقراطية وإنسانية وأخلاقية وحضارية، إلاَّ ما يُظْهِرنا على أنَّنا قوم نُجيد العداء لأنفسنا ولقضايانا ومصالحنا وحقوقنا القومية.

ضدَّ "ثقافة السلام"، والتي هي، في حقيقتها، ثقافة ضدَّ السلام، ودعوة (متسربلة بالثقافة) إلى الاستخذاء لمشيئة وإرادة وشروط ومطالب إسرائيل، التي لم تَجْنَح لسلمٍ غير هذا الذي يَشْحَن عداءها لنا بمزيدٍ من الطاقة، نشأت، عندنا، وتطوَّرت، ثقافة عداءٍ جديدة لإسرائيل، تتَّخِذ من "لا للتطبيع" محوراً تدور، مع دعاتها وممثِّليها ومناصريها، حوله، فذاعت واشتهرت مصطلحات كـ "التطبيع" و"المُطبِّعين".

و"المطبِّعون"، عن قصدٍ ووعيٍ، هم فئة ضئيلة، لا تملك من الوعي أو المصلحة ما يسمح لها بتمييز "السلام" من "الراية البيضاء"، مَثَلُها الأعلى، حاضراً ومستقبلاً، هو ذلك الذي اغتنى بثلاثين من الفضة، وليس من رادع يردع "المُطبِّع"، بحكم طبيعته، عن "البيع"، ولو كان "المبيع" جسده!

أمَّا أعداء "التطبيع" و"المُطبِّعين"، فقد تطرَّفوا وأفرطوا في العداء لإسرائيل حتى أنَّ بعضهم أصبح، لجهة وجوده وقوله وعمله و"نضاله"، "مَطْلَباً" إسرائيلياً غير مُعْلَنٍ، ويلبِّي حاجة عدوِّنا القومي الأوَّل إلى الإبقاء على أسباب هزائمنا القومية راسخةً فينا، واقعاً ووعياً وقولاً وفعلاً.

وأذْكُر أنَّ أحدهم قد حَبَلَت، في "ثقافته القومية"، المأساة، فولدت مهزلة، فقرَّر، في مقالةٍ له، أن يَنْعَت البرتقال الذي تُصدِّره إسرائيل بـ "الصهيوني"!

وإنِّي لأرى كثيراً من أوجه هذا "العداء الغبي" لعدوِّنا القومي الأوَّل في مواقف بعض من مثقَّفينا القوميين والإسلاميين ممَّا يسمَّى "التطبيع الثقافي"، فقد تطرَّفوا وأفرطوا في عدائهم لهذا اللون من "التطبيع" حتى أنَّهم فرَّطوا في أحد مبادئ الصراع الجيِّد المهمة، وهو مبدأ "اعْرَف عدوَّك".

إنَّهم، وبدعوى رفض ومقاومة "التطبيع الثقافي"، لا يريدون رؤية "الكِتاب الإسرائيلي"، أي الكِتاب الذي ألَّفه كاتب إسرائيلي، في مكتباتنا؛ لا يريدون رؤيته عندنا مُتَرْجَماً باللغة العربية، ففكرهم، أي فكر الإسرائيليين، سيعيث فساداً في بنياننا الفكري والثقافي، وقد ينال من قوَّة جهاز مناعتنا الفكرية والثقافية، ويُوسِّع نطاق "الاحتلال الإسرائيلي"، فيشمل، أيضاً، عقولنا ونفوسنا وإرادتنا!

وإذا كنَّا من موقِّعي المعاهدة الدولية لحقوق النشر فقد نضطَّر إلى ترجمة شعار "اعْرَف عدوَّك" بشيءٍ من "التطبيع اللعين"؛ ذلك لأنَّنا لا نَقْدِر (من الوجهة القانونية) أنْ نُتَرْجِم من غير اتِّفاق مع "الناشِر"، أي مع دار النشر الإسرائيلية إذا ما كان الكتاب صادِراً عنها.

وثمَّة من يَحْسِب هذا "التطبيع الثقافي" حساباً اقتصادياً أيضاً، فالسماح لـ "الكِتاب الإسرائيلي" بأن يشغل حيِّزاً من مكتباتنا العربية، بالتوافق مع تلك المعاهدة، سيعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد الإسرائيلي.

إذا كنَّا نحتاج (وأحسب أنَّنا نحتاج) إلى "الكِتاب الإسرائيلي" مُتَرْجَماً بالعربية، فإننا نستطيع تلبية هذه الحاجة من غير أن نكون مضطَّرين إلى الاتِّفاق مع "الناشِر الإسرائيلي"، عملاً بأحكام تلك المعاهدة إذا ما كُنِّا من موقِّعيها، فهذا الاتِّفاق يمكن أن يكون مع "ناشِرٍ أوروبي" مثلاً.

إنَّ من الأهمية بمكان، أكُنَّا طُلاَّب صراعٍ أم طُلاَّب سلامٍ مع إسرائيل، أن نعرف، من خلال "الكِتاب الإسرائيلي"، كيف يَنْظُر الإسرائيليون إلى أنفسهم، وكيف ينظرون إلينا، وكيف ينظرون إلى غيرنا وغيرهم، أي إلى العالم، فأنتَ لا تستطيع أن تغلب عدوكَ، وتهزمه، أو تدرأ مخاطره وشروره عنكَ، إذا لم تَقِف على فكره، وإذا لم تَقِف على الأهم من فكره، وهو طريقته في التفكير، وفي النظر إلى الأمور.

أليس معيباً لنا أن يقول وزير الدفاع الإسرائيلي (في حرب حزيران 1967) موشي دايان إنَّ العرب لا يقرأون، فلو كانوا يقرأون لقرأوا ما كتبنا ونشرنا قبل الحرب، ولَمَا أصابهم، بالتالي، ما أصابهم؟!

إنَّه لسؤال فاسِد أن يسأل أحدنا الآخر "هل أنتَ مع التطبيع الثقافي أم ضده؟"، فهذا السؤال، لجهة تهافت منطقه، يشبه السؤال "هل المطر مفيد أم ضار؟".

وفساد ذلك السؤال يتأتى من فَهْم "التطبيع الثقافي" على أنَّه "مفهوم خالص مُطْلَق لا ينطوي على أي تناقض"؛ ويكفي دليلاً على ذلك أنَّ بعضاً من معاديه ومقاوميه قد عادوه وقاوموه حتى انتهى بهم الأمر، ومن الوجهة العملية على الأقل، إلى إحلال شعار "اجْهَلْ عدوَّك" محل شعار "اعْرَف عدوَّك"!

ولو كُنَّا أهلاً لصراعٍ جيِّدٍ وذكي ومٌجْدٍ مع هذا العدو القومي الأوَّل لنا لَسَعَيْنا في الحصول على "كُتُبِه"، وفي ترجمتها بلغتنا، ولو كانت "الوسيلة" هي "التطبيع" مع "الناشِر الإسرائيلي"، فَمْنْ يعادي كل شيء في عدوه، أو يعامِل عدوه على أنَّه بنيان مرصوص، مُتَّحِداً جميعه في المصالح والغايات والميول، لن يتمكَّن أبداً من التغلُّب عليه وهزمه.

"اعْرفهُ"، ولا "تَعْتَرِف به" إلى أن يستوفي شروطكَ للاعتراف به..

أقول ذلك؛ لأنْ لا بدَّ من قوله، فـ "المعترفون به" هُمْ في الأصل مِمَّن لا يعرفونه؛ أمَّا طُلاَّب معرفته، والحريصون عليها، ولو كان مبدؤهم في ذلك هو "الغاية تبرِّر الوسيلة"، فهم الأشد استمساكاً برفض الاعتراف به الآن، على الأقل، وعلى وجه الخصوص، فهو لا يبحث إلاَّ عن سلام وتطبيع، يَظْهَر فيهما، ويتأكَّد، أنَّه أشد عداءً لنا من ذي قبل!

بقي أن أقول: قُلْ لي من هو عدوك، وكيف تعاديه، أو كيف تبادله العداء، حتى أقول لك من أنت، وهل أنتَ، من ثمَّ، أهلٌ لهذا الصراع والعداء.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من متجرِّعٍ ثانٍ ل -السُمِّ- في إيران؟!
- -خطاب- يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام!
- العالم يحبل بأزمة غذاء جديدة!
- تداول السلطة.. إيرانياً!
- -الدولة اليهودية- و-دولة أندورا الفلسطينية-!
- أعراسنا الانتخابية!
- -حلُّ الدولتين- أم -حلُّ الدولة الثالثة النافلة-؟!
- ما معنى -نقطة التحوُّل 3-؟
- هذا المسخ لمفهوم -الأكثرية-!
- فكرة قريع!
- أعْتَرِف بإسرائيل على أنَّها -دولة يهودية صهيونية فاشية-!
- تناقض -النظام الديمقراطي- في لبنان!
- .. ونحن أيضاً عقبة في طرق السلام!
- لو كان الفساد رجلاً..!
- في -فوضى الفتاوى-.. كاد يُحرَّم الحلال ويُحلَّل الحرام!
- ما يردع إسرائيل عن مهاجمة إيران!
- -جمود تفاوضي- حتى نهاية العام الحالي!
- -ساعة الحقيقة- في البيت الأبيض!
- السياسة في فضائها المنحني!
- عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - في ثقافة -التطبيع الثقافي-!