مناطق ساخنة ومنسية

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2683 - 2009 / 6 / 20 - 08:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

موعد إنسحاب القوات الامريكية من المدن أصبح قريبا جدا وحتى الآن لم تطرح صيغة واقعية للتعامل مع المحافظات الساخنة والتي تشهد تدهورا أمنيا مثل ديالى ونينوى، وهاتان المحافظتان شهدتا العديد من العمليات الامنية الكبرى والتي إنتهت جميعها بالفشل وتم تناسيها والتحول عنها اعلاميا.
في الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة منافذ عديدة لإستمرار الدور العسكري الامريكي في المحافظات الساخنة وهذه المنافذ قد تشكل حلا للوضع هناك لكن الجانبين العراقي والامريكي يشددان في تصريحاتهما على إن الانسحاب سيشمل جميع المدن وهذه التصريحات هي التي تدفع الى التساؤل عن التدابير التي ستتخذها القوات العراقية للتعامل مع المناطق والمحافظات الساخنة.
لقد اثبتت التنظيمات الارهابية وخاصة القاعدة إنها قادرة على لم شتاتها وتنظيم صفوفها بسرعة بل إنها أثبتت في أكثر من مكان قدرتها على التحول من الدفاع الى الهجوم بسرعة خاطفة كما حدث في أفغانستان وباكستان، كما إنها أثبتت قدرتها على اكتشاف المناطق الرخوة وتوجيه اعمالها البشعة اليها كما حدث في العراق خلال الاسابيع الماضية، ولا ننسى إن القاعدة إستغلت الانشغال الامريكي في العراق لتوسيع نشاطها في أفغانستان وهو ما دفع الامريكان الى الاسراع في عملية نقل قواتهم من العراق الى هناك وإذا إنتبهت القاعدة الى نتيجة هذا الوضع فإنها قد تقرر القيام برحلة عودة الى العراق في تكتيك لإجهاد القوات الامريكية وزيادة الضغوط عليها وهدم الاستراتيجية الامريكية التي تعيش منذ سنوات عقدة الحرب في جبهتين والتي تعد المقياس الاهم لقوة الولايات المتحدة.
حتى التحسن في بعض المحافظات التي كانت ساخنة تحقق جزئيا بجهود وأفكار أمريكية أفرزت تنظيمات الصحوة ومنذ الاتفاق على نقل ملف هذه التنظيمات تمر علاقتها بالحكومة العراقية بحالات متناوبة من المد والجزر وتعيش محافظة الانبار تحديدا حالات مستمرة من الاستهداف لقيادات الصحوة وللمسؤولين الامنيين والمحلين.
يريد الكثير من القيادات الامنية والسياسية تصوير الوضع في العراق على إنه مساحة واسعة من الامن فيها جزر من الفوضى والارهاب والعنف، لكن الاحداث التي شهدها العراق خلال الايام القليلة الماضية تؤكد إن جزر الفوضى والارهاب قادرة بإستمرار على إرسال سفنها المحملة بالموت وإن الشبكات الرئيسة للإرهاب ما زالت خارج قبضة العدالة بل إن هناك جزرا لم تكن موضوعة على الخارطة هي التي أحدثت كارثة البطحاء في ذي قار ثم جاء بعد ذلك الحديث عن معسكر لتدريب الجماعات الارهابية في نفس هذه المحافظة التي طالما عدت من المحافظات المستقرة، كما إن الصواريخ الموجهة الى المنطقة الخضراء عادت لتعبر سماء دجلة فتصيب مرة وتخيب مرات وتقع خيبتها طبعا فوق منازل المدنيين.
الموصل تحديدا تشهد حالة من الاستزاف اليومي عبر التفجيرات والاغتيالات كما إنها تعيش إنقساما سياسيا فشلت فيه وساطة الحكومة الاتحادية لتتدخل الكتل السياسية كوسيط في الازمة، وبالمثل فإن ديالى تعيش شدا طائفيا على خلفية نتائج الانتخابات الاخيرة، كما إن القوى السياسية فشلت في تفكيك الازمة التي تعيشها كركوك وبدل إن تنتهي من تنفيذ المادة 140 الدستورية خرجت بالمادة 23 من قانون إنتخابات مجالس المحافظات ليتسع بذلك حجم الازمة وعندما توضع الى جوار ذلك الملفات العالقة بين بغداد وأربيل منذ أشهر لا تتكشف مساحة المناطق الساخنة في العراق فقط بل تنكشف أيضا عدم قدرة القوى السياسية على أخذ زمام المبادرة والتوجه فعلا لحل أية أزمة قبل أن تنخر فيها بكتريا الاحتقان فتزيد من حجمها.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل