أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض حسن محرم - الهجّالة














المزيد.....

الهجّالة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 08:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


فى أرياف مصر تعرّف المرأة التى تترمل عن ذرية, وترفض الزواج من أجل تربية أولادها بالهجّالة, وتبدأ هذه المرأة فى التحول شيئا فشيئا فى جميع النواحى النفسية والجسمانية والإجتماعية لتشبه الرجال, فى الشكل الخارجى ينفرد جسمها, وتمشى بخطوات واسعة, ويبدأ صوتها فى الإخشنان, وتنمو لها شعيرات خفيفة تحت الأنف وعلى الذقن (ربما هى نفس الشعيرات التى كانت تزيلها عندما كانت زوجة), وفى مظهرها الخارجى ترتدى زيا أشبه بملابس الرجال منه بالنساء, فبدلا من الجلابية الفلاحى تلبس ما يسمى ب"الملس", وهو لباس أسود فضفاض من القماش الخشن, مشدود على الرقبة, لا يشف ولا يصف, وتلف رأسها بقطعة من القماش تسمى "لاسة" بدلا من المنديل أبو أويه.
وفى الجانب الإجتماعى تتغير شخصيتها وسلوكها كثيرا, فتبدأ فى التعامل مع الآخرين بطريقة رجالية, وخصوصا فى عملية الفلاحة والزراعة, تقوم بنفسها بمباشرة العمل فى الحقل, والإصرار على إنتزاع حقها فى الدور والمناوبة, تتناوب العمل مع الرجال فى الأعمال الشاقة, وتتولى حراسة أرضها وحماية بيتها من الدخلاء, وعلى الجانب الآخر تكون هذه المرأة محترمة ومهابة من الرجال, الذين يحاولون بشكل غير مباشر مساعدتها والأخذ بيدها.
أعرف سيدة ريفية بدأت رحلتها مع هذا النمط "الهجّالة" مبكرا, وذلك عندما أصيب زوجها بمرض عضال أقعده لسنوات, وكانت خلفتها من البنات هن الأكبر عمرا, والذكور كانوا فى المراحل الأولى من التعليم, ولما طال مرض الأب ويئسوا من شفاؤه, بدأت هذه المرأة تمارس دور الأب والأم معا, وحملت على عاتقها هموم الأسرة وتربية الأولاد, كانت تتعامل مع الأنفار(عمال الزراعة) وتتابعهم وتحاسبهم, تذهب بنفسها الى سوق المواشى لتبيع وتشترى, ويرتفع صوتها بالفصال فى مواجهة تجار المحاصيل, وتحمل الغذاء ظهرا الى الأنفار فى الحقل.
يذكر لى إبنها الأصغر(وكنا أطفالا) كيف مات أبوه, وكان قد إشتد به المرض, وهم يتناوبون السهر لرعايته, والإستعداد لرحيله (أحد مظاهر هذا الإستعداد فى الريف المصرى أن تقوم نساء الأسرة بتربية الخميرة إستعدادا للخبيز عندما تتأخر الحالة الصحية للمريض), وفى الليلة الموعودة التى أسلم الأب فيها الروح كانوا ساهرين بجانبه, وكانت الأم تضع رأسه فى حجرها, وفجأة أصدر صوتا خشنا من صدره, فمالت الأم على أذنه اليمنى تقرأه الشهادتين, وبعدها أنزلت رأسه ببطأ من على رجلها لتوجهها الى القبلة, ولتسبّل عينيه, وتسدل الشال الأبيض على وجهه.
كان الوقت حينها قد تجاوز منتصف الليل بساعات, والفجر يقترب, وبدأ نحيب البنات يتحول الى نهنهة لها صوت, وفى هذه اللحظة إستفاقت الأم سريعا وانتفضت ثائرة, ناهرة الجميع, ووجهت حديثها الى البنات طالبة منهن ان يتوقفن فورا عن البكاء, وأن يقمن بتحضير الإفطار, وأصرت أن يفطرالجميع لأن امامهم يوما طويلا, وبعد أن فرغوا من إ فطارهم الإجبارى وتناول الشاى, أطلقت العنان للبنات أن يصرخن ويولولن.

لم يمض سوى أقل من إسبوع عندما شوهدت الحاجة "زهرة" تحمل الفأس على كتفها متوجهة الى الحقل.





#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقاب والتحرش
- حماس تهزم عسكريا,,, وتنتصر سياسيا
- وسيم صلاح حسين...الطفل الكبير..وداعا
- الجماعات السلفية الجهادية وفقه التكفير(6)
- الحب فى زمن الكوليرا
- قصص من السجن
- هل يحلم فلسطينى أن يصبح رئيسا لدولة إسرائيل؟
- ظاهرة الحجاب ... من منظور سياسى
- حسن ومرقص...وقبول الآخر
- الموتى يعلمون الأحياء
- فى الذكرى الثانية لرحيل نبيل الهلالى
- سلطة بلدى....والمعادلة الصعبة
- حين ميسرة...........والأحلام المجهضة.
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(5)
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(4)
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(3)
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(2)
- الجماعات السلفية الجهادية..وفقه التكفير(1)
- المتعة.....بين الفقه والسياسة
- الآيات الشيطانية..وقصة الغرانيق


المزيد.....




- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...
- احتجاز رجل بالمستشفى لأجل غير مسمى لإضرامه النار في مصلين بب ...
- برازيلية تنقل جثة -عمها- إلى البنك للحصول على قرض باسمه
- قصف جديد على رفح وغزة والاحتلال يوسع توغله وسط القطاع
- عقوبات أوروبية على إيران تستهدف شركات تنتج مسيّرات وصواريخ
- موقع بروبابليكا: بلينكن لم يتخذ إجراء لمعاقبة وحدات إسرائيلي ...
- أسباب إعلان قطر إعادة -تقييم- دورها في الوساطة بين إسرائيل و ...
- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض حسن محرم - الهجّالة