أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(3)















المزيد.....

الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(3)


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 2157 - 2008 / 1 / 11 - 11:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جهيمان العتيبى..واحتلال الحرم المكي (1979)

كانت نسمات خجولة تنساب من بين الجبال المحيطة بأم القرى, لتداعب خصلة شعر جعداء متسللة من تحت غترة شاب أسمر, متجهم الملامح, حاد النظرات, يحمل على كتفه مع ثلاثة من رفاقه تابوتا, تتحرك بجواره خمس توابيت, يتحولق حولها عشرات الفتيان فى مقتبل الرجولة, بخطى ثابتة يتجهون صوب المسجد الحرام, أطهر بقاع الأرض عند المسلمين, وآذان الفجر يملأ المكان" لا اله إلا الله, محمد رسول الله".
كان ذلك فى غرة شهر المحرم لعام 1400 هجري, الموافق للعشرين من نوفمبر للعام 1979من الميلاد, حيث مطلع قرن هجري جديد يبزغ بنوره على الكون, وجهيمان صامتا متجهما يبدو عليه تفكير عميق, ها هي النبوءة توشك أن تتحقق, يسير معه كتفا بكتف صهره ورفيق دربه "محمد بن عبد الله القحطانى" , مجدد الدين الذي يأتي على رأس المائة الجديدة, يحمّله رؤية جديدة للدين, واسمه مقترن باسم الرسول الأعظم ( لا تقوم الساعة, حتى يملك الناس رجلا من أهل بيتي, يواطيء اسمه اسمي, واسم أبيه اسم أبى, يلوذ بالبيت هربا من أعداء الله) أخرجه أبو عمرو الداني والخطيب البغدادي عن عاصم بن النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود.
ما أن يدلف الرهط إلى داخل المسجد, ويضعوا عن كواهلهم أحمالهم الثقيلة, والتى هى فى صورة نعوش أحضروها ليصلوا عليها صلاة الفجر,حتى يثبوا خفافا على هذه النعوش, ليزيحوا عنها أغطيتها, فإذا هي ممتلئة بالأسلحة والرشاشات والقنابل اليدوية, يوزعوها بينهم سريعا, ويسرعون بإغلاق أبواب الحرم من الداخل على المصلين والطائفين الذين كانوا حوالي 3000 من الرجال والنساء والأطفال.

جهيمان العتيبى
هو جهيمان بن يوسف بن محمد العتيبى, عمل بالحرس الوطني السعودي لمدة ثمانية عشر عاما قبل أن يتركه ويتفرغ للدعوة لأفكاره, وقد كان طالب علم متفوق بقسم الفلسفة الدينية في جامعة مكة المكرمة, متحمسا للفكر الوهابي الذي أرسى أسسه الشيخ محمد بن عبد الوهاب, والذي تحالف مع الشيخ محمد بن سعود فى نجد, لينتشر في الجزيرة العربية قبل أن يهزم لأول مرّة في بدايات القرن التاسع عشر على يد والى مصر "محمد على باشا" بتكليف من السلطان العثماني, وبعد أن تحالفت الدول الأوروبية مع الباب العالي في الأستانة, وأرغمت الجيش المصري على الانسحاب من الشام وشبه الجزيرة العربية, عاد هذا الفكر لينتعش مرّة أخرى على يد مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود, لينتصر على الهاشميين ويطردهم, ويؤسس المملكة التي سميت باسم أسرة آل سعود.
وبعد أن أنهى جهيمان دراسته في جامعة مكة المكرمة, انتقل إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة, والتقى هناك بالشيخ عبد العزيز بن باز, الذي تتلمذ على يديه وقرّبه منه, وأثناء دراسته بالمدينة التقى بشخص يدعى محمد بن عبد الله القحطانى الذي ربطت بينهما علاقة وثيقة, واقتربا كثيرا من الشيخ ابن باز, وكانا دائمي اللقاء به في منزله بالمدينة, هذا المنزل الذي حوله إلى منزل علم تعقد فيه الحلقات الدراسية والمناظرات الفقهية, وكان يحاضر مع الشيخ في منزله مجموعة من علماء المذهب الحنبلي الكبار من أمثال الشيخ ناصر الدين الألباني والشيخ الشنقيطى.
وتوثقت العلاقات أكثر بين جهيمان والقحطانى, أثمرت زواج القحطانى من شقيقة العتيبى, والتقت أفكارهما المتشددة, من تكفير للحاكم, والدولة, والدعوة للانعزال عن المجتمع, وإنكار الوسائل العصرية الحديثة من راديو وتلفاز وغناء وموسيقى.
وعندما عين الشيخ عبد العزيز بن باز مفتيا عاما للمملكة, ترك منزله في المدينة المنورة لجهيمان ومن معه, لكي يستخدمونه في نشر الدعوة, ومنه انطلق إلى مساجد المدينة يدعو لأفكاره, فالتف حوله كثير, وبدأت أفكاره في الانتشار, وتوافد عليه الكثيرون من داخل المملكة وخارجها.

علاقة جهيمان بجماعة التكفير والهجرة
بالرغم من أن المعلومات حول جهيمان ومجموعته شحيحة, فلم أستطع الحصول على تفاصيل كثيرة حوله, إلا أنه هناك شبهات قويّة لدى غير مؤيدة ببرهان حول علاقته بجماعة التكفير والهجرة, فبعد حادث خطف واغتيال الشيخ الذهبي, والقبض على قادة الجماعة وإعدام خمسة منهم على رأسهم زعيمهم شكري مصطفى, فان الجماعة اتخذت طابع السريّة الشديد في تحركاتها ونشر أفكارها, حيث كانت أفكار شكري مصطفى يتم تبادلها وتهريبها على شكل كراسات مكتوبة باليد, واستمرت شبه محتكرة للأفكار التكفيرية لسنوات قبل ظهور جماعة الجهاد, ونجحت فى التواجد في عدد من الدول العربية كاليمن ولبنان والجزائر والمغرب, فان المتمعن في أفكار جهيمان وجماعته يلاحظ بدون عناء الشبه الشديد بين تلك الأفكار وأدبيات التكفير والهجرة, من تكفير للحكام, والمجتمعات, ودعوة للاعتزال, والاحتكام إلى ما يسمى بأحاديث آخر الزمان وغيرها من الأفكار.

الاقتحام والمواجهة
استفاد جهيمان من عمله الطويل بالحرس الوطني السعودي في تجنيد العشرات من جنود الحرس في صفوف جماعته, واستطاع من خلالهم الحصول على الأسلحة بكميات وفيرة, وكان قد خطط جيدا للهجوم على الحرم المكّي, فرصد المداخل والمخارج بدقة, ورسم خريطة مفصّلة للسراديب والأقبية تحت المبنى( قامت الحكومة السعودية بإزالتها فيما بعد), واختار توقيتا محددا هو مطلع القرن الهجري.
وما أن فرغت الصلاة حتى أغلق أبواب الحرم على من فيه, و شرع في توزيع الأسلحة على أنصاره, وطلب منهم التمركز على أسوار الحرم ومآذنه, وفتح السراديب استعدادا لمواجهة طويلة, ثم اتجه إلى حجر الكعبة المشرفة طالبا البيعة لصهره المهدي المنتظر محمد بن عبد الله القحطانى, وأخذ يذيع خطبه من ميكروفونات الحرم ليسمعها من في داخله وخارجه محرّضا على آل سعود, معددا ممارساتهم الخارجة على الإسلام, داعيا إلى خلع بيعتهم بأسلوب تحريضي, مما أكسبه إعجاب كثير من المصلين وانضمام بعضهم إليه.
أخذ النظام السعودي على غرّة, وارتبكت قياداته, ولكن سرعان ما بدأت في التماسك, وشرعت الأجهزة الأمنية فى تجميع قواتها وضرب كردون على الحرم من الخارج, وتم قطع الكهرباء عن الحرم واستخدام اجهزة الصوت المحمولة فى دعوة المهاجمين للاستسلام, وبدأت عملية تفاوض شاقة قادها مجموعة من العلماء السعوديين استمرت لمدة ثلاثة أيام تمخض عنها قيام المجموعة المهاجمة بالإفراج عن النساء والأطفال مقابل تزويدهم بالأطعمة وإعادة الكهرباء.
استخدمت السلطات السعودية جميع أنواع الأسلحة فى هجومها المضاد لاستعادة الحرم, والقبض على المهاجمين وفرض الأمن, بما في ذلك الدبابات, التي أدت إلى تضرر بعض منائر الحرم بالقصف, وقد يذكرنا ماحدث بضرب الكعبة بالمنجنيق إبان ثورة عبد الله بن الزبير.
قاوم جهيمان وجماعته مقاومة عنيفة, ملحقين إصابات بالغة بقوات النظام التي سقط منها عشرات القتلى, ومئات الجرحى, وبعد أن انجلى الموقف, أسقط في يد النظام السعودي, فلم تكن له وسيلة, إلا هدم الحرم على رؤوس المهاجمين, وقتل آلاف الرهائن, فقد كان الوقت يمر, والمأساة تتسع.
قيل وقتها أن أحد أمراء الأسرة الحاكمة, كان قد حضر في فرنسا عرضا لقوات مكافحة الشغب, وأعجب به قد اقترح استخدام الخبرة الفرنسية لإنهاء المشكلة, فتم الاتصال بالحكومة الفرنسية على عجل, فاستجابت الحكومة الفرنسية, وأمر وزير الدفاع الفرنسي بإرسال الكابتن "باريل" مع مجموعة فرنسية من قوات التدخل السريع إلى السعودية, ووجد باريل ارتباكا شديدا من القوات السعودية وعلى رأسها جنرال سعودي يدعى"عثمان", فأعاد تنظيمها وتدريبها, وقسمها إلى مجموعات صغيرة, مزودة بقنابل دخانية وصواعق لاقتحام الأبواب, وأعاد تحليل المعلومات التي تم الحصول عليها من المفرج عنهم, ورسم خريطة بتوزيع مجموعة جهيمان داخل الحرم, ووضع السراديب والأقبية, وأعطى الأمر بالهجوم والزحف على الحرم.
سبق الهجوم إطلاق كثيف ودقيق للنيران, ليكون من أوائل القتلى"محمد بن عبد الله القحطانى" مما أضعف معنويات المتمردين,وسبب انهيارا سريعا في صفوفهم, ولكن المقاومة استمرت لتستغرق العملية بكاملها خمسة عشرة يوما حتى تم تطهير الحرم واسر من تبقى من الثوار.
كانت الحصيلة النهائية للعملية باعتراف النظام السعودي 318 قتيلا و560 مصابا وبعد محاكمة سريعة, قضت المحكمة بإعدام 61 متهما, تم تقسيمهم إلى 4 مجموعات وتوزيعهم على مدن مختلفة ليتم قطع رقابهم بالسيف يوم 9 يناير عام 1980 عشية زيارة السادات للقدس.
كانت تجربة قاسية لنظام آل سعود, أن يخرج عليهم علنا كل هذا العدد من الشباب الذين تربوا في أحضان الفكر الوهابي, وأن يتم هذا جهرا وعلى الملأ, وباستخدام مكبرات الصوت التي نقلت عنها وكالات الأنباء ما قيل في حق النظام, ثم استمرار إغلاق الحرم المكي لأكثر من أسبوعين من القتال, وعدة أسابيع بعدها للتطهير والترميم.

المذهب الوهابي كمفرخة للإرهاب
لا شك أن أفكار الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" المتشددة تعد التربة الخصبة لنمو الأفكار الجهادية والتكفيرية, فالرجل يتبنى العقيدة السلفية والمذهب الحنبلي,ويعتبر نفسه امتدادا لأفكار ابن تيمية المتطرفة, ويدعو إلى عدم التوسل بالأنبياء والأولياء, وله موقف حاد من الأضرحة بما فيها قبر رسول الله, ويدعو إلى نشر دعوته باللسان والسيف معا, وله موقف متشدد من كل نظام عصري باعتباره نوعا من البدع, فلم يكن مستغربا أن تنشأ من أحضان هذا الفكرالبدوى المتطرف جماعة كتلك الجماعة, أو أن ينتج إرهابيا كأسامة بن لادن, والخمسة عشر انتحاريا الذين فجروا برجي التجارة.

الرسائل التي ألفها جهيمان العتيبى
- رسالة البيعة والإمارة والطاعة
- البيان والتفصيل في وجوب معرفة الدليل.
- الميزان في حياة الإنسان.
- رفع الالتباس عن ما جعله الله إماما للناس.
- الفتن وأخبار المهدي ونزول عيسى وأشراط الساعة.
- أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(2)
- الجماعات السلفية الجهادية..وفقه التكفير(1)
- المتعة.....بين الفقه والسياسة
- الآيات الشيطانية..وقصة الغرانيق
- الملك فاروق....والدراما التاريخية
- الهبات العمالية الأخيرة........إلى أين؟؟
- إلتباس
- الماشية فى طريق الآلأم...إلى المناضلة شاهندة مقلد
- مفاتحة
- مواوييل من الريف المصرى
- وظائف ليلية
- إليها..فى زمان القهر
- لآخر
- الرجل الذي نسى اسمه
- الرجل ذو الأنف الكبير
- من الأدب الفرعونى
- مناجاة
- شخصيات من السجن
- من العالم الآخر
- يوسف واخوته


المزيد.....




- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(3)