أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(4)















المزيد.....

الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(4)


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 03:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سبق إعلان جماعة الجهاد المصرية عن المراجعات للأفكار التي سبق تبنيها, في وثيقة(ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم) التى كتبها فقيه هذه الجماعة وهو الدكتور سيد امام عبد العزيز الشريف والذى اتخذ اسماءا حركية اهمها عبد القادر عبد العزيز وأشهرها الدكتور فضل, سبق ذلك بأكثر من عشر سنوات اطلاق مبادرة وقف العنف التي أعلنتها الجماعة الإسلامية فى الخامس من يوليو 1997كبيان مكتوب تلاه أحد المتهمين وهو "محمد عبد العليم" في قاعة المحكمة العسكرية أثناء احدى جلسات المحاكمة,وكان قد سبق ذلك بيان أيضا من أحد المتهمين فى المحكمة هو"خالد إبراهيم" أمير الجماعة في أسوان في مارس 1995 بنبذ العنف مشروطا ولكن لم يلتفت اليه فى حينه.
والدكتور سيد امام الشريف من مواليد مدينة بنى سويف عام 1950 وقد تخرج من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1974 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى وتخصص فى الجراحة العامة وأسس مع الدكتور أيمن الظواهرى أول خلية جهادية بالمعادى عام 1968, وهو اول من تولى امارة تنظيم الجهاد فى عام1987 وحتى عام1993 حيث ترك العمل التنظيمى وتفرغ للعمل الفقهى والمهنى وسنأتى على ذكر ذلك.
وعودة إلى مبادرة ومراجعات الجماعة الإسلامية حتى لا نفقد التسلسل الزمني فإنها بدأت كإرهاصة أو ربما كبالون اختباربعد سلسلة من محاولات التوفيق بين الجهاديين فى السجون والسلطة , في محاولة لإتمام صفقة ما مع السلطة, ولكنها انتهت بالفشل.
وقد بدأت محاولات الوساطة بين الجماعة والسلطة منذ العام 1990بواسطة الشيخ "محمد متولي الشعراوى" وتكونت لجنة الحكماء لتضم الى جانب الشعراوى الشيخ محمد الغزالى والدكتور محمد سليم العوا والدكتور كمال ابو المجد والاعلامى احمد فرّاج والكاتب فهمى هويدى وكان حلقة الاتصال بين اللجنة والجماعة هو المحامى منتصر الزيات , ولم تنجح هذه المحاولة فى حينه لتباعد المسافة بين الطرفين ولعدم رضا رئاسة الجمهورية عن سير المفاوضات مما أدى أيضا الى الاطاحة بوزير الداخلية محمد عبد السلام موسى.
وبعد اطلاق مبادرة وقف العنف من طرف واحد فى 5/7/1997 بحوالى أربعة أشهر وفى منطقة الدير البحرى بالأقصر حدثت مذبحة بشعة ضد سيّاح مسالمين راح ضحيتها 68 سائحا بالاضافة الى اثنين من المواطنين ومقتل المهاجمين الستة في ظروف لم تزل غامضة حتى الآن بين من يقول أن الخلية المهاجمة كانت معزولة ولم تسمع عن المبادرة ورأى آخر أن الجناح العسكرى بقيادة مصطفى حمزة كان ضد المبادرة وقيل أن بيانا وجد فى جيب أحد المهاجمين موقعا من مصطفى حمزة يدعو الى استمرار القتال, وأن المجموعة قد صفّت بعضها بعد الحادث, حسب اتفاق بينهم.
وقد أرّخت هذه الحادثة لنهاية العنف من جانب الجماعات الجهادية المنظمة فى مصر حتى كتابة هذه السطور, ولا يمكن اعتبار تفجيرات سيناء فى شرم الشيخ ودهب وطابا امتدادا لها, ولاحتى أحداث الأزهر وميدان عبد المنعم رياض والسيدة عائشة, وهى حوادث محدودة وصفت بأنها من فعل خلية عائلية مرتبطة بالقاعدة عن طريق الانترنت.
وقد تكونت الجماعة الاسلامية فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى فى صعيد مصر, من مجموعة من طلاب الجامعة الناشطين فى كلياتهم, متأثرين بفكر الاخوان المسلمين, ومشكلين أسرا طلابية تحت أسماء متنوعة مثل الجماعة الدينية والشباب المسلم وشباب محمد, كانوا يتحولقون فى مساجد الكليات للصلاة وقراءة القرآن والندوات الدينية, التي استضافوا فيها نخبة من الدعاة على رأسهم الشيخ محمد متولى الشعراوى والشيخ محمد الغزالى والدكتور زكريا البرى والشيخ سيد سابق وآخرون.
وقد اعتمدت أفكارهم على كتابات سيد قطب خاصة كتابيه معالم فى الطريق وفى ظلال القرآن, وكتابات أبو الأعلى المودودى عن الحاكمية, وفتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية وغيرها من كتب التراث ثم ما لبثوا أن أوجدوا لهم أدبياتهم المحددة من تأليف قياداتهم ككتاب "ميثاق العمل الاسلامى" لناجح ابراهيم وعاصم عبد الخالق وعصام دربالة, وكتاب "حتمية المواجهه" لكرم زهدى , بينما بدأت الجماعات الأخرى تصدر لها كتابات مغايرة سوف نأتى على ذكرها فى حينه.
وبعد أن أطلقت الجماعة الإسلامية مبادرتها لوقف العنف من طرف واحد والتي حظيت بتأييد واسع بين أعضائها داخل السجون وخارجها, وتأييد الشيخ عمر عبد الرحمن لها من منفاه الاختياري في الولايات المتحدة, ثم سحبه لهذا التأييد وعودته مرّة أخرى لتأييدها ارتفعت أصوات معارضة كثيرة وخاصة من قيادات الخارج, مشككة في أنها تمت تحت أكراه السلطات الأمنية, وأنها تمت داخل السجن مما يفقدها مصداقيتها, ثم عادت الجماعة الإسلامية على لسان مجلس شورتها عام 1999 لتؤكد مرة أخرى على إيقاف جميع أشكال العنف في مصر ضد الحكومة والمواطنين والأقباط والسائحين.
ومع بدء المراجعات وتسرب الأخبار من داخل السجون أن قيادات الجماعة تحضر لاطلاق سلسلة من المراجعات تحت عنوان" تصحيح المفاهيم" حتى اشتدت الحملات المضادة لها بينما بدأت السلطات الأمنية ترسل رسائل ايجابية لأعضاء الجماعة وذلك من السماح بدخول المراجع الدينية اليهم والسماح لهم باللقاء فيما بينهم للتناقش والتناظر حول هذه الأفكار, ثم سمح لقادتهم بالتنقل بين مختلف السجون لعقد المناظرات والندوات, حتى ظهرت إلى العلن باكورة هذه الاجتهادات متمثلة في أربع كتب دفعة واحدة وهى:

(1) مبادرة وقف العنف.. رؤية واقعية ونظرة شرعية.
(2) حرمة الغلو فى الدين وتكفير المسلمين.
(3) النصح والتبيين فى تصحيح مفاهيم المحتسبين.
(4) تسليط الأضواء على ما وقع فى الجهاد من أخطاء.

وهذه الكتب جميعا شارك فى تأليفها ومراجعتها واقرارها كل قيادات الجماعة كرم زهدى أمير الجماعة, وناجح ابراهيم المفكر الكبير لها, وحمدى عبد الرحمن الملقب بفقيه الجماعة, وعلى الشريف وأسامة حافظ وعاصم عبد الماجد وفؤاد الدواليبى وعصام دربالة وغيرهم.

وسأتناول بإيجاز عرض أهم الأفكار الواردة فى هذه الكتب :-

الكتاب الأول: مبادرة وقف العنف.. رؤية واقعية ونظرة شرعية:
تأليف أسامة حافظ وعاصم عبد الماجد
يتوسع هذا الكتاب فى الإمساك بنظرية "تحصيل المصالح ودفع المفاسد" والتى هى من أصول الشريعة الإسلامية, ويفرق بين المصالح قطعية الدلالة والمصالح ظنية الدلالة, والمصالح الضرورية والحاجية, ويؤكد أن الشرع يوجب القاعدة ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح, مع ذكره للقاعدة الشرعية أنه حيث تدور المصلحة فثم شرع الله, وما يراه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن.
وتأسيسا على ذلك إرتأت الجماعة أن تدرأ ما نجم عن الإحتراب الداخلى من مفاسد أدت الى هدر الأرواح وإمتلاء السجون بالمعتقلين, وعدم تمكينهم من الدعوة بالمساجد, وشغل مصر عن دورها الوطنى فى مواجهة العدو الصهيونى.
ويسرد الكتاب المشاكل والمعوقات التى أحاطت بالمراجعات بدءا من مفاجتهم بحادثة الأقصر وحملات التشكيك الخارجية والداخلية وموقف الأجهزة الأمنية الغير متجاوب معها.
كما ركز كتاب مبادرة وقف العنف على موانع إسقاط الجهاد من عدم القدرة الى إنتفاء المصلحة لأن القدرة هى مناط التكليف ولأن مصلحة حفظ النفس تتقدم على مصلحة حفظ الدين مع هداية الخلق.

الكتاب الثاني: حرمة الغلو فى الدين وتكفير المسلمين:
تأليف ناجح إبراهيم و على الشريف
يؤكد المؤلفان أنه لا توجد جريمة أحاقت بهذه الجماعة مثل تكفير المسلمين بغير مقتضى شرعي,أو بيان من العلم مما يؤدى بهم إلى إهدار دمهم واستحلال أموالهم بغير حجة من دين, أو قول من رسول كريم, ويصفهم بما وصفهم به رسول الله بأنهم"يقتلون أهل الإسلام,ويدعون أهل الأوثان, ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"
ويؤصل الكتاب للتكفير الى التعذيب فى سجون عبد الناصر, مما حدا باللذين يعذبون الى القول بأن هذا الذى يعذبهم ليس بمسلم, ان هو الا كافر, ينفذ أوامر حاكم كافر,يحكم قوم رضوا بما يحكم به فهم مثله كفارا, ويستطرد الكتاب بأن اتساع موجة التكفير فى الثمانينات بسبب اختلاف الجماعات وحدة الصراع بينهم أدت الى تكفير بعضهم بعضا, حتى شاع فكر التكفير.
وعرّف الكتاب الغلو فى الدين بأنه تجاوز المطلوب شرعا تقربا الى الله,وهو التشدد فى غير موضع, والتنطع والتطرف, مستشهدا إلى آيات محكمات من الذكر الحكيم, والى أحاديث شريفة ثابتة ثبوتا قطعيا, وفى ذلك سوء ظن بالمؤمنين, وتكفير على المعصية, واثم على الله عظيم, وأن المعاصى كانت فى كل مكان وزمان, بما فى ذلك عصر الرسول والخلفاء الراشدون, الذين فى عهدهم وجد من يزنى ومن يسرق ومن يقتل ومن يشرب الخمر, فهل يمكن أن نكفر الناس جميعا على ما فعله آحادهم؟ او ليس هذا ما صنعه الخوارج والمرجئة وغيرهم من الفرق الضالة, رغم الحديث الصحيح "من كفر مسلما فقد باء بها".
وأهم مشكلة فى التكفير هو اخراج المسلم من الملة, واحلال دمه وماله,والتفريق بينه وبين زوجه,وقطع ما بينه وبين المسلمين فلا يرث ولا يورث, ولا يولى, واذا مات لا يغسل ولا يكفن, ولا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين.
وقد اختلفت آراء الفقهاء حول تفسير آيات الحكم بغير ما أنزل الله فى القرآن, وقد فسروها فى هذا الكتاب بعكس ما قالوا به من قبل, فذكروا أن هناك نوعين من الكفر, كفر أكبر يخرج صاحبه عن الإيمان وكفر أصغر يعد معصية, كأن يمتنع الحاكم عن تطبيق حدود الله, رغم إقراره بشرعيتها, بحجة أن ذلك لا يتماشى مع تقاليد العصر, فان ذلك غير موجب للخروج عليه أو تكفيره.

الكتاب الثالث: النصح والتبيين فى تصحيح مفاهيم المحتسبين:
تأليف على الشريف وأسامة حافظ
يطرح الكتاب جملة جريئة من الأفكار حول دور عوام المسلمين في مسألة "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر", وتنبع أهميته في أنه يرسم بوضوح الدور الذي يجب ألا تتعداه الجماعات الإسلامية, فى ظل وجود المؤسسات الحكومية التى تقوم بضبط الأمن, وتنفيذ القانون وفقا لتشريعات محددة, ويرفض المؤلفان التدخل فى أحوال العباد بدواعى الحسبة, ويدينان بشجاعة الأفعال التى قاموا بها عندما كانت لديهم أسباب القوة من تدخل فى حياة الناس الشخصية والفصل التعسفى بين النساء والرجال, ومن احراق محلات الفيديو بدعوى ازالة المنكر, والاعتداء على الافراح بدعوى ان الموسيقى حرام, ناهيك عن الاعتداء على المتبرجات, ورش ماء النار على وجوههن, بقولهم انهن يتبرجن تبرج الجاهلية الاولى, ورؤوا أن ذلك يعد افتئاتا على السلطان, وانتزاعا لسلطة القاضى, وسلطة الشرطة, وفى رأى الكتاب أنه فى وجود المؤسسات يضيق اختصاص المحتسب المتطوع الى حدود النصح باللين, متى كان المنكر ظاهرا وقائما دون تجسس او تلصص.

الكتاب الرابع: تسليط الأضواء على ما وقع فى الجهاد من أخظاء:
تأليف حمدى عبد العظيم وناجح ابراهيم وعلى الشريف
وهذا الكتاب يعتبر لطمة صادمة لأفكار ومشاعر جمهور وشباب الجماعة, وادانة صريحة لممارسات الجماعة, واعتبار ان ما ارتكبته من أفعال كان خروجا على الشرع والدين, وأنه كان وضعا للجهاد في غير موضعه, فان غاية الجهاد هداية الخلائق الى الحق, فاذا تعارضت الغاية مع الوسيلة وجب تقديم الغاية على الوسيلة, خاصة أن الجرائم العظمى التى ارتكبت باسم الجهاد ساهمت بشكل اساسى فى نفور المجتمع, وسيلان الدماء, وامتلاء السجون, وتشويه صورة الاسلام والمسلمين, وارتكبت جرائم كبيرة فى حق الأقباط والسائحين ومجمل المواطنين, وأن مجمل ما وقع كان فتنة, ولم يحقق مصلحة, ولم يكن له نتيجة سوى اراقة الدماء, وهو الممنوع شرعا.
يتحدث الكتاب ايضا عن حق المجتهد أن يغير فتواه اذا تبين له فسادها, وضرب الامثلة بأأمة السلف وعلى رأسهم الامام الشافعى, بل أن تغيير الفتاوى والاحكام يصبح ضرورة شرعية, فان ما حدث فى حقبقته هو جهاد زائف يخاصم الشرع, ويفت فى عضد الامة, ويؤدى إلى قتل المستأمن وترويع السياح.
ويضرب المؤلفون أمثلة صارخة, يدينون فيها خروج "الحسين بن على" على "يزيد بن معاوية" وخروج" ابراهيم بن عبد الله" على الخليفة المنصور, ليبلغ فكرهم مداه فى ادانتهم للخروج على الرئيس انور السادات ويعتبرون ذلك فتنة, وأن السادات مات شهيد فتنة.

كان ذلك ملخص موجز لما ورد فى الكتب الأربعة الأولى من المراجعات ليتسارع إنتاج هذه النوعية من الكتب , حاملة نفس الأفكار لتزيد عن ثلاثين كتابا حاليا , نذكر منها:
- الحاكمية.. نظرة شرعية ورؤية واقعية.
- أحكام الديار... فقه متجدد لعالم متغير.
- هداية الخلائق, بين الغايات والوسائل.
- تجديد الخطاب الدينى..أهميته ومضمونه.
- فتوى التتار... دراسة وتحليل.
- نظرات فى حقيقة الإستعلاء بالأيمان.
- حتمية المواجهه, وفقه النتائج.
- دعوة للتصالح مع المجتمع.
- الإسلام وتهذيب الحروب.
- نصيحة واجبة لقادة القاعدة.
- إستراتيجية تفجيرات القاعدة..الأخطاء والأخطار.

يتضح مما سبق أن الجماعة الإسلامية وهى كبرى فصائل الحركات الجهادية من حيث الحجم قد اتخذت موقفا ثابتا وشجاعا من مراجعة أفكارها ومواقفها وممارساتها, وأطلقت موقفا جديدا, متهادنا, متصالحا, إنسانيا..متحدية فى ذلك ما أطلقه المعارضون والمشككين, خاصة القول أن ما تم إنما كان نوع من التقية, ومداراة السلطة, حتى يتم الإفراج عنهم, ثم يعودون لممارسة نشاطهم.
وهذا القول مردود عليه, فلو كان الأمر مجرد تسجيل موقف لما إستحق كل هذا الجهد والعناء, فكان يكفى بيان المبادرة بوقف العنف, لكن أن يصدروا كل هذا العدد من الكتب والأبحاث والمقالات والمقابلات, وأن تتصدر قياداتهم التاريخية للأمر, وأن يستمر الوقف الكامل للعنف تجاه الآخرين منذ إطلاق هذه المبادرة ولأكثر من عشر سنوات, لدليل قاطع على جديتهم, فليس من المعقول أن يبذل كل هذا الجهد لإقناع باقى أعضاء الجماعة بهذه الأفكار هذرا, خاصة أن هذا الأمر قد ينقص من قدرهم بينهم, عندما يحاولون إقناعهم بخلاف ما ربّوهم عليه, علما بأن الشباب المتحمس من السهل اقناعه بأفكار الجهاد وليس العكس, وكذلك ما قد تلاقيه الجماعة من المجموعات الأخرى المتربصة من إتهامات بالتخاذل والعمالة لأجهزة الأمن وغيرها.
كما أنه من نافلة القول أن جميع الحركات السياسية لا تقوم بمثل هذه الدرجة من النقد الذاتى الحاد والمؤلم ولا حتى الليبراليين واليساريين الذين يصدعوننا باستمرار بحديثهم عن النقد الذاتى, ناهيك عن الجماعات الإسلامية العقيدية والمتطرفة, لقد غيّرت جماعة الإخوان المسلمين كثيرا من قناعاتها وتوجههاتها لأكثر من مرّة دون أن تقوم بعملية نقد ذاتى, حتى جرائم مثل قتل الخازندار أو النقراشي لم تدنها, وحتى حادث المنشية الذي يمكن فهمه في إطار الصدام مع نظام عبد الناصر, ما زالوا يعتبرونه مسرحية , أو آراء متطرفة قال بها سيد قطب فإنهم ما زالوا يبررونها.
وما يمكن للآخرين أن يآخذونه علي المراجعات هو كيف يمكن تأويل نفس النصوص لتتحمل الشيء ونقيضه, وإستباط أحكام مثل الجهاد ينبغى أن تعامل بمنتهى الدقة والحزم والثقة المطلقة, ذلك أنه يترتب عليها قتل أنفس, وإراقة دماء, وتعطيل مصالح, وكل ما يرافق المواجهات من محن, فنراهم يرجعون فى الأغلب لنفس المصادر يعيدون قراءتها بطريقة مختلفة, وقد يفسر ذلك أن أغلبهم طلابا ومهنيين وليسوا من طلبة العلم الشرعى, لم يدرسوا علوم الفقه والحديث , والجرح والتعديل, والناسخ والمنسوخ, وأسباب النزول, فيأخذون الأمر بنصه وحرفيته, ويستسهلون الأخذ بأحاديث الآحاد.
يلاحظ أيضا أن تلك المراجعات غيّرت ما كان واضحا في أدبياتهم من تقديم للنص على المصالح والرجوع دائما إلى آيات القتال, والحاكمية , إلى موقف جديد يقدم المصلحة على النص الديني, بل يحاول لي عنق النص ليتطابق مع المصلحة.
وختاما, فقد أفرطت الجماعة في مراجعاتها بقصد أو بدون قصد, في إدانة أفكارها السابقة, وإظهار حسن نيتها حين انحازت بعيدا إلى الموقف السياسي الرسمي من إشادة بموقف الحكومة المصرية من القضية الفلسطينية وأنهم يجب ألا يكونون شوكة في ظهر النظام, بل عليهم أن يقفوا معه صفا واحدا من أجل نصرة القضية الفلسطينية, وإدانتهم الشديدة لتنظيم القاعدة, ولأحداث 11سبتمبر2001, وقولهم أنهم خانوا الأمانة التي منحها إياهم الملا عمر, وكذلك إدانتهم لقتل الرئيس السادات واعتباره شهيدا وغير ذلك كثيرا من الأمثلة.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(3)
- الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(2)
- الجماعات السلفية الجهادية..وفقه التكفير(1)
- المتعة.....بين الفقه والسياسة
- الآيات الشيطانية..وقصة الغرانيق
- الملك فاروق....والدراما التاريخية
- الهبات العمالية الأخيرة........إلى أين؟؟
- إلتباس
- الماشية فى طريق الآلأم...إلى المناضلة شاهندة مقلد
- مفاتحة
- مواوييل من الريف المصرى
- وظائف ليلية
- إليها..فى زمان القهر
- لآخر
- الرجل الذي نسى اسمه
- الرجل ذو الأنف الكبير
- من الأدب الفرعونى
- مناجاة
- شخصيات من السجن
- من العالم الآخر


المزيد.....




- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الجماعات السلفية الجهادية ...وفقه التكفير(4)