|
مابين المثقف و السلطة و مسيرة الحكم
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:08
المحور:
المجتمع المدني
بداية لابد ان نشير الى ان الثقافة بشكل عام هي العامل الاساسي في تحديد و تسيير نوعية و شكل الحكم و مضمونه، و ان المثقف الحقيقي مخطط و مبرمج و مؤثر فعال على الوضع السياسي و في كافة المجالات و ان لم ينتمي الى اي حزب او تيار و ان كان بشكل غير مباشر ، فالقدرة الواسعة التي يمكن ان يتمتع بها المثقف و يستخدمها في توضيح و تعين و تحديد الطرق السليمة امام السلطة وبسبل كثيرة التي لها الدور الكبير في المسيرة السياسية لاية حكومة و في اية منطقة ، و لكن بنسب تتراوح تاثيراتها من درجة لاخرى حسب المستوى الثقافي العام و وعي الشعب و ادراكه لما يجري و حيويته و اشتراكه العقلاني في الحكم كسلطة كانت او معارضة ، و يكون اشتراكه مستندا على وضع المنطقة و مدى عمل الراي العام و شكل الحكم و الوضع الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي و تعامل الشعب و السلطة و ارتباطهما مع البعض و مستوى ترسيخ المباديء الاساسية و الخبرة و نسبة المثقفين و الواعين للعملية السياسية و مدى ادراكهم و تحليلهم للمعادلات السياسية الواقعية و نظرتهم الى الحياة و تاثيرات التاريخ و العلاقات الاجتماعية و الموروثات على عقليتهم و عملهم . و عند تمحصنا و تدقيقنا لما هو عليه المثقف و ماهي مواقع عمله و مؤثراته،نراه كثيرا كناقد متشدد و احيانا محافظا على نظرات و فلسفات النظام القائم ، او ثوريا او شبيها لموظف حكومي من حيث العمل و الفكر او متمردا في الاوساط الثقافية و الاجتماعية العامة، و يدلي بما لديه من الاراء و المواقف المختلفة حول القضايا العامة مستندا على عقليته و معتقداته و تفكيره و كيانه الذاتي بشكل عام و من خلال قرائته للظروف و الوقائع و المفاهيم التي يحملها ، و يختلف من حيث الفكر و العمل و التاثير عن الاخر ، و يقف ضد السلبيات المفروزة و المؤثرة على حياة المجتمع بشكل من الاشكال . و يتعامل المثقف مع القادة و الحكم بما يفيده ان كان يفكر من زاوية المصلحة الخاصة ، اما ان كان مثقفا بحق و حقيقة و هو لن يدع مصالحه الخاصة تسيطر على عقليته و تعامله مع الاحداث و مايجب ان يكون جل تفكيره من اجل الشعب بشكل عام ، و عليه ان ينظر الى اعمدة الحكم و السلطة بتجريد كامل عما لها من العلاقة الوطيدة مع حياته الشخصية و يجب ان يكون شخصان في كيان واحد ، عندئذ يمكن ان يكون لرائه وقعه وقوته و تاثيره المباشر على الحكم و القيادة ، و لمواقفه العامة دور في توجيه الراي العام و من ثم السلطة ، و هو لن يرتمي بنفسه في حضن اي طرف مهما كانت ملذات المعيشة مرتبطة به ، و يجب ان تكون له القدرة و السيطرة على الذات و ما يخص نفسه و يكون مجتهدا في اختصاصه و نظيفا و بريئا و منقذا ، و هو يختلف عن غيره بالصفات و الجواهر و العمل و الانتاج . و كلما ننظر الى دور المثقف و الثقافة بشكل عام و تاثيرهما على السلطة عبر التاريخ نكتشف الوجهين المضادين نتيجة تعامل المثقفين الحقيقيين و المحسوبين عليهم دون وجه حق او ممن خلقهم السلطات و القيادات للاستفادة منهم عند وقت الحاجة ، و اكثرهم مواليا للحكم و مثبطا لعزيمة الاصلاحيين،و ان اردنا ان نصف المثقف و جواهره هو الذي يجب ان يكون المدافع عن الحقوق و الداعم الشعب نحو التقدم و التنمية ، و يجب ان لا يكون موقف المثقف مستقرا على راي حول كافة القضايا كما نرى اليوم و هو منقسم بين الرفض و التايد و الدعم حسب موقعه و ارتباطاته ، و ان لا يكون التعبير عن الراي مستندا على عواقبه من حيث المصالح في توجيه القائد او السياسيين نحو ما يفتح الطريق امام عموم الشعب وفق الظروف السياسية و الاجتماعية . و دور المثقف لا يقتصر على موقفه و رايه حول السلطة او معارضة او المعارضة و انما مساحة عمله و ارائه و افكاره و مؤثراته على المجتمع و تكون لها مؤثراتها المباشرة و السريعة على مسيرة الحكم في اية منطقة ، و يجب ان يتصف المثقف قبل غيره بالصفات التقدمية و يكون في الطليعة من حيث العمل او الموقف و منفتح و مدرك لجوهر الحقائق على الارض في كافة المجالات و محلل بارع للقضايا و دارس و باحث متعمق في الاختصاصات التي يهتم بها و مؤمن بفكره و عمله و مواضب في اداء واجباته و قاطع لطريق نشوء الدكتاتوريات و مهتم بتفصيلات و دقائق و مضامين ما يهم مستقبل الاجيال .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا اختير النظام الفدرالي للعراق ؟
-
دور الصحافة الكوردستانية في نجاح الانتخابات البرلمانية
-
هل تنفذ امريكا في العراق ما طبقته في اليابان
-
ستكون الانتخابات البرلمانية انعطافة هامة في اقليم كوردستان
-
الديموقراطية و المعارضة في الشرق الاوسط
-
وصول المراة الى البرلمان من دون( الكوتا )!
-
ما بين النظام الرئاسي و البرلماني الملائم للعراق
-
التيارات المحافظة بين الفكر و الواقع
-
المواطن و المشاركة في القرارات السياسية
-
من يُجري التغيير و الاصلاح في اية سلطة سياسية
-
هل توجد صحافة مستقلة في الشرق الاوسط
-
ما بين الانتقاد و العمل على ارض الواقع
-
دور المراة الهام في ترسيخ الديموقراطية
-
الاصلاح بحاجة الى الوعي و العقلانية في العمل
-
هل اصبح التغيير شعار العصر في العالم
-
بقاء مقولة المؤامرة كحجة حاضرة دوما لمنع الاصلاح المطلوب
-
المعارضة بين الهدم و البناء
-
العمال و الكادحون اكبر المتضررين منذ تاسيس دولة العراق
-
هل تنسحب امريكا من العراق كما وعدت ؟
-
كيف يحل الاحترام محل الخوف من السلطة في العراق ؟
المزيد.....
-
-الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا
...
-
آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال
...
-
مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة
...
-
محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم
...
-
انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها
...
-
محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
-
نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
-
إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات
...
-
فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
-
محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|