أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - بردها شيني !














المزيد.....

بردها شيني !


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 09:06
المحور: الادب والفن
    



* والضمير في "بَرْدِها" عائد إلى الريح الشمالية التي يبغضها العرب لما تحمله من برد قارس وصقيع يسفع الوجوه ويضر بالزرع.
أما "شيني" فهي من "شين" بمعنى: سيئ، في مقابل "زين" بمعنى حسن، جميل..
وفي "سهل البقاع" اللبناني الخصيب، شاهدت المزارعين يضعون إطارات السيارات المستعملة بين أشجارهم وزروعهم، ثم يوقدون فيها النار لتدفئتها كي لا يقتلها الصقيع.
وكان الإله "تموز"، إله الخصب في الأساطير السورية والعراقية القديمة، يهبط إلى العالم السفلي في الشتاء، غير مكترث بتوسلات ونواح الإلهة "عشتار" -أو "عشيرة"- ويظل متوارياً من البرد لينبعث مع بدء فصل الربيع وشمسه الدفيئة.
أما القبائل العربية فقد كان لها مناطق تشتو فيها أوان البرد، لتقي نفسها وماشيتها التي هي قوام حياتها.
وظلت مداومة على رحلتي الشتاء والصيف حتى صدتها ومنعتها حدود الدول الحديثة الناشئة التي قررها المستعمرون كما حدث في اتفاقيتي "سايكس-بيكو" و"سان- ريمون" بالنسبة للشام والعراق، واتفاقية "العقير" (أو "العجير" كما يلفظها أهل الخليج) بالنسبة لحدود نجد والخليج والعراق. ثم أبطل الاستقرار والتحول إلى العيش الحضري –مع ظهور أنماط اقتصادية جديدة- عادة الترحال البدوية المتوارثة.
ويخلط عدد من الباحثين العرب في شؤون البدو –ومعظمهم من الحضر- في فهم الفرق بين "الديار" (جمع ديرة) التي هي مواطن الاستقرار الثابتة للقبائل والخاصة بها، و"النجعات" (جمع نجعة) التي هي الأماكن التي ترتادها القبائل التماساً للمرعى حسب المواسم.
* * *
وفصل الشتاء هو موسم الاعتكاف الاضطراري عند البدو والفلاحين على السواء.. فيفتر نشاطهم وحراكهم و"يكنُّون" (من: كَنَّ يَكِنُّ) حول المواقد والكوانين (جمع كانون) ولهذا أطلق السريان اسم "كانون الأول" و"كانون الثاني" على شهري ديسمبر ويناير اللذين شنت فيهما "إسرائيل" حربها الإجرامية على قطاع غزة، فسمَّاها الفلسطينيون "حرب الكوانين".
و"الكَن" هو "السكون" كما نعلم.. الذي رفضت "فيروز" الالتزام به –لأسباب عاطفية- وكادت تجن فصرخت:
" قالوا لي كِن وأنا رايح جِنْ ! "
أما صاحب "خولة" التي تلوح أطلالها "كباقي الوشم في ظاهر اليد" الشاعر القتيل "طرفة بن العبد البكري" فقد هجا قريباً له أساء إليه، واصفاً فِعاله تجاهه بـ"الريح الشمالية" الصقيعية التي تهب على جزيرة العرب من صوب الشام، بعكس فِعاله نحو الأباعد التي وصفها بـ"ريح الصَّبا" المحببة الحنونة:
"فأنت على الأدنى: شَمَالٌ عَرِيَّةٌ شآمية، تَزوي الوجوه، بَليلُ
وأنت على الأقصى، صَبَا غير قرة تذاءَب منها، مَرْزَغٌ ومَسِيلُ"
وبين الشعراء العرب المعاصرين كتب "محمود درويش" قصيدة "أغنية إلى الريح الشمالية".. لكننا من أن نطالعها حتى نتبين أنها بكائية ممزوجة بسخط ورجاء حزين:
........................
"قُبَلٌ مجففةٌ على المنديل،
من دار بعيدة
ونوافذ في الريح، يا ريح الشمال!
رُدِّي إلى الأحباب قُبلتهم
ولا تأتي إليْ!
.....................
ديكور أغنية عن الوطن المُفَتَّت في يَدَيْ"
* * *
لكن كُرْه العرب للريح الشمالية، لم يمنعهم من الهجرة إلى الشمال كما كتب الروائي الراحل "الطيب صالح"؛ فيما اندفعت قبائل أوروبا الشمالية نحو جنوبها الدافئ الثري. وهذا سلوك طبيعي سَوِي يرفض قسمة العالم الواحد إلى "شمال وجنوب" أو "شرق وغرب" لا يلتقيان! كما قال المستشرق "روديارد كبلنغ" باستعلاء وعنصرية استعمارية غَذَّتها دعاوى "المركزية الأوروبية" وتفوقها المزعوم على سائر الشعوب والحضارات.
فنحن نعرف من دروس التاريخ المديدة والأكيدة أن أحوال الجغرافية وأقدارها متبدلة كأحوال الأمم وأقدارها.
وهي تتغير وتدور مثلما تدور الأرض التي يبقى فيها ويمكثُ ما ينفعُ الناسَ فيما يذهب الزبد جُفاءً كما جاء في الآية الكريمة.
* * *
شغلتنا الثقافة وطوَّف بنا الفكر عما شرعنا فيه، فكدنا ننسى ما قاله الشاعر:
"هَبَّت هَبُوب الشمالي، بَرْدِها شيني
ما تَدْفِي النار.. لو حِنَّا شعلناها !"
[email protected]



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضرج بالخجل..مبرح بالاسئلة
- ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !
- معركة الكرامة:ماينبغي استعادته
- سألتني عن الشجن...
- القدس: حيِّز -الضمير- ..وحيِّز -الفعل-
- عرب الانتظار ؟
- حشد الاحقاد
- . أو لا سلام يكُون !
- فنزويلا: ضمير ومبدأ وإيمان
- لفلسطين..ولأنفسنا
- الجيش والدولة والسلطة والسياسة في الوطن العربي :-مساهمة في ا ...
- لا عليك !
- طفل الطيران !
- تداعيات عربية...الازمة ..والفرصة؟
- الرحلة
- شدعي ع القطار !
- مضغُ الوقت !
- مضغ الوقت !!
- استعادة الذات...في-الامل- كما في -الالم-
- محمود درويش...الحضور..والغياب


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - بردها شيني !