أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - الغراب وبيض العصافير














المزيد.....

الغراب وبيض العصافير


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 09:05
المحور: الادب والفن
    



( الوحش القاتل يطاردنا في كل الازمان .......
متى تهدأ بندقيــــة السركال ) ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مضت فترة ليست بالوجيزة منذ ان اخبره آمر الرعيل
بانتهاء الطيرن المعادي، لكنه استمر في بقائه خلف رشاشته ( الدوشكه ) المركبة فوق برج الدبابة .
اخرج من جيب قميصه صورة لأبنته ،نظر اليها وتخيلها تلعب الآن عند عتبة الدار مع صديقاتها الصغيرات او ربما نائمة في احضان سريرها الهادئ ...
عادت لمسمعيه دعوات والدته صبيحة مغادرته المنزل عند انتهاء اجازته الاعتيادية الاخيرة،
وتذكر نظرات الحزن في عيني زوجته الحامل ودعواتها الصامتة له بالعودة سالماَ .
وطافت ذكرياته بسعف النخيل وجداول المياه وحقول القمح في قريته السمراء ،
وانعطفت في توغلها قليلاَ نحو الماضي القريب ، ورجعت به لأيام طفولته ،
فتوهجت امام عينيه السنة النيران وهي تلتهم بيادر القمح في حقلهم الصغير .
ودوًت من جديد تلك الاطلاقات التي مزقت صدر ابيه ، مصحوبة بقهقهات
الشيح وكلمات السركال :
( خلصنه منه ومن طلايبه يامحفوظ )

واستقرت ذكرياته عند مقبرة القرية حيث انين والدته
وهي تحتضنه مع اخته الصغيرة امام قبر ابيه صبيحة عيد الاضحى .
فذرف دمعة ساخنة ونظر مرة اخرى الى صورة ابنته تلتف بمعطف من الفرو الابيض وهي تبتسم ببراءة طفولية...... فتنهد بحسرة .

* * *
كان الشتاء قد اقترب من نهايته واستعد الربيع لاستعادة عرشه المتوج بأكاليل الزهورالتي تفتقت براعمها لتزهو بأنشراح فوق اديم الارض المنشغلة كعروس في يوم زفافها ، بأرتداءحلية خضراء .
وعلى امتداد المساحات التي تحيط بسفوح الجبال الشاهقة تتمايل الاعشاب الطرية وهي تلامس لاول مرة نسمات الربيع الندية .
ومن بعيد تأمل منظر الطيور وهي تحط بأمان فوق
شجرة نبتت عند جدول صغير ... كان المنظرقريب الشبه بجدول قريته الوادعة الجميلة .
ناداه صاحبه : لقد مضى وقت طويل على انتهاء الطيران المعادي ..... الم يخبرك آمر الرعيل ؟
اجابه وهو يعيد صورة ابنته الى جيبه :بلا اخبرني ،
رفع القلنسوة من على رأسه واغلق قفل الامان لرشاشته وترجل من برج الدبابة .

* * *
حين عاد الوضع هادئاَ حمل مع صاحبه حاويتي ماء فارغتين وانحدرا سوية بأتجاه الجدول ليأتيا بالمـــاء لأفراد طائفة الدبابة .
جلسا عند ضفة الجدول ، وداعب بأصابعه الماء الرقراق وبعض الحصى الناعم بلون الثلج .
قال لصاحبه :انها تشبه بيض عصافير ، حبذا لو استطعت ان اصنع منها قلادة لأبنتي الصغيرة .
اجابه صاحبه ملاطفاَ : وتلك الحصاة السوداء تشبه بيضة غراب .
ابتسم له وهو يطبق بكفه على حصي بيض ،وقبل ان يجيبه على عبارته تلك ...
فاجأته بندقية السركال ،وإرتمى صريعاَ بجانب الجدول الصغير ،
تدحرجت من بين اصابعه حصيات حمراء ...
فلم تعد بيض عصافير ، ولم يصنع منها قلادة لأبنته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر ــ 9 / 2 / 1982
من مجموعتي القصصية ( أصداء تدوي في فضاءات أحلامي )



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة الصعود / قصة قصيرة
- نابو / مسرحية
- الوردة البيضاء تغني / قصة قصيرة
- ماء يتدفق من بئر بترول
- النبع العظيم في الارض الطيبة / مسرحية للأطفال
- هذيان عند أطراف السماء
- الضباب في امريكا / مسرحية
- العجوز الشمطاءعند خط الشروع / قصة قصيرة
- نهاية الثعلب الماكر / مسرحية للاطفال
- أنا.. وأنا
- الصنم الذي هوى وتهشم / قصة قصيرة
- ذلك الرجل كان اسمه صخي / قصة قصيرة
- الانتظار /قصة قصيرة
- رسالة متأخرة الى صديقي كامل شياع
- س..ايها الرجل المسكين/قصة قصيرة
- المسرح الاليزابيثي وتطور الدراما في انكلترا 1576 1603
- وأنا احلمُ .....


المزيد.....




- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر الحيدر - الغراب وبيض العصافير