أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - رفاق السوء














المزيد.....

رفاق السوء


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2611 - 2009 / 4 / 9 - 11:49
المحور: حقوق الانسان
    


يا سيد الوجع والكلمات الضائعة , لي أكثر من عشرين عام وأنا أعاني من رفاق السوء, فهل عندك وصفة علاجية تخلصني من تلك الرفقة , فأنت تعلم كما قررت أن الأنسان يوم الدين ويوم القيامة يحشر مع من أحب , وها أنا أحب رفقة السوء , ورفاق السوء هؤلاء قد علموني أشياء كثيرة وقد أشاروا عليّ بأن أترك من صغري رفقة الشيخ صالح ورفقة المختار, وبعض زعماء الطرق الكلاسيكية .

إن رفاقي سيؤون جداً فهم مثل الورقة ومثل القلم أو بصراحة هم القلم والورقة والمداد , وهؤلاء كل الناس في وطني تحذر من رفقتهم , وطبعاً أنا ولد عشت حياتي كلها مش مؤدب ومش محترم ولا أحترم الناس جميعهم فقد أحترم رفاق السوء لا غير .

رفاقي سيؤون جداً فهم مزعجون لدرجة أن الورقة تجعلني أقوم من منتصف الليل أو من نصف أحلامي أقطع على نفسي الحلم بالوطن الجميل لكي أمسك الورقة وأكتبُ عليها وأشم الحبر والمداد عليها , وهكذا أنا في كل ليلة , وزوجتي طبعاً مثل أمي تنزعج جداً من رفقة السوء أو من رفاق السوء .

سيء أنا جداً ولا أجدُ وقتاً كافياً للبحث عن رفاق جدد فأهل الحارة وأمي وشيخ البلدة كلهم ينصحونني بالثبات على الإيمان وتغيير رفاق السوء وطبعاً أنا مدمن جداً على رفاق السوء فلا أستطيع التخلص منهم , إنهم أقوى وأعتى من عادة التدخين , فعادة التدخين تركتها منذ سنين خلت , رغم أن التوقف عن التدخين ليس أمرأ سهلاً , ولكن الأصعبُ من كل ذلك هم رفاق السوء .
سيؤون جداً رفاقي يرافقونني في طاولة الطعام التي أجلس كل يوم عليها للإفطار وللغداء وللعشاء , وأحياناً لا يرافقونني رفاق السوء خارج المنزل فقد أترك كتاباً , عفواً أقصد رفيقاً ةعلى الطاولة وأحياناً أحمله معي أينما ذهبت .

رفقاء السوء يخرجون من بجامتي الصيفية ومن بدلاتي الرياضية ألتي أحب لبسهن , رفاق السوء يخرجون من حديقتي المنزلية , ومن شبابتي ومن عودي , ومن دموعي ومن ذكرياتي .

رفاق السوء يحيطون بي من كل ناحة , فهم في رئتي التي أتنفس منها حبراً وكلاماً وأشعاراً عظيمة رومنسية وجريئة , لغة السوء التي تعلمتها في الكُتب , ليست كاللغة التي يتكلم بها الكبار والخونة والمرتشون , إن كلماتي الفجة والرديئة تعلمتها من كثرة الكبت , ولغة الحوار المتمدن تعلمتها من غياب الحوار المتمدن في حاراتنا وشوارعنا وأزقتنا , فليس من المهم أن ينتشر الحوار المتمدن في الصحف والمجلات إنه يجب عليه أن ينتشر في الشارع والورش المهنية وفي المقاهي والحارات وعلى الأرصفة , ويجب أن يخرج عطراً ويجب أن يكون مغرياً كنهد إمرأة مغرية .

يجب أن يتدلى الكلام المتمدن من الألسنة كما تتدلى النهود السُمر والشُقر والبيض , يجب أن نقف للكلمة إجلالا كم ننتصب ُ ونقف للنهود النافرة والمُسطحة والمستديرة والمُربعة والمثلثة .
في كل زاوية بمنزلي هنالك رفيق سوء يتبعني وشيطاني قوي , أقوى بكثير من شياطين الجيران فالشياطين في حارتنا ضعيفة جداً , فهي لا تقرأ ولا تتكلم ولا تغري رفيق السوء رجلاً واحداً في حارتنا بكتابة جملة شعرية عن النهد وعن الصدر وعن الشعر المتدلي على الأكتاف وكأنه سنابل قمح ذهبية , رفاق السوء في حارتنا وفي (حتتنا) قليلون جداً ولكنهم في جيبتي كثيرون , إنهم يخرجون من ريشة ألواني ومن تحت وسادتي , ومن النافذة الجنوبية لغرفة نومي , إنهم يستحون معي صباحاً ويغسلون أرجلهم معي مساءاً .

ما أجمل هذا الكون بنظري حين أشعرُ أن رفاق السوء يزدادون في حياتي , إنهم يطلون على جسدي من الجبال ومن الأودية ويحلمون معي بوطن فيه : مرجوحة عيد وكعكة عيد , وأم حنونه , ومكان نذهبُ إليه حين تغيب الشمس , وحين تشتدُ الحرارة في يوم حار فنستظل به تحت أي غيمة عابرة , رفاق السوء يحلمون معي بوطن يحترم رفقة السوء كما يحترم العاهرات , إنني أحترم رفاق السوء حتى رفاق السوء الإلكترونيين الذين يطلون من رأسي ومن أذني ومن أعمدة الحوار المتمدن .
رفاق السوء يعرفون كل سوآتي



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه الشبه بين المرأة والطبيعة
- الخوف من الكلمة المقروءة
- بعد إهل حارتنا مثل أيام زمان
- كيف تصبح العلاقات الزوجية علاقات أخوية ؟
- يوم مع الروائي الأردني هاشم غرايبه
- صباح الخير
- أُكلتُ يوم أُكِلَ الثورُ الأبيض
- رحلة إلى البحر الميت والمغطس
- مين أخذ عن مين؟
- علاقة الإسلام بالسريان
- فلترة الثقافة والمثقفين الأردنيين
- المواطن الغربي يحسد المواطن العربي
- لهجة القبائل العربية في المدن المصرية
- كلمة (ده) المصرية سريانية؟
- الهوية السريانية الضائعة
- الحفريات اللغوية السريانية في شمال الأردن
- مقطوعة أدبية سريانية مع بعض الكلمات السريانية الجديدة
- كلمات سريانية عامية, وبعض الكلمات الفارسية والتركية .
- إنشاء الله والحمد لله
- أنا الفانتازي


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - رفاق السوء