أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - المشي بحالتنا














المزيد.....

المشي بحالتنا


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 01:17
المحور: الادب والفن
    



كن صديقي الآن، أو دالية الظل الراحل، تمشي على خاصرة التيه، وتغطيني كالأعماق، أو غفوة الرماد، وارتعاشة الأساور في معصم الذاكرة، تهتز تحت خوذة النسيان، وترفل في عناقيد الفجر...
لماذا تصير الليلة أقرب من إيماءة الشوط؟ تتسع الظهيرة في نوبة الأقدام، تنغرس في حلة اللجام، وترقم صيفها على سرير الوداع...ما الفرق بينك وبين القارب الميت في انكسار الطفولة، ينحو على سعة الأنقاض، ويمشي مبللا كخلوة الطريق...
قبل، أو بعد، لا تستيقظ بذور الموتى، لتملأ شقوق التعب، يامن تمشي..
كن صديقي، أو نبوءة العشب، أو رمح المساءات الزاحفة، يسرح في قيلولة الرعب الجانح، النائم على مهرة الدم، ينفتح على أجنحة الصدأ، بينما شمس الذبول تلألأ في مجيء البحر، تركض للدوي، وصليل الهتاف...
أعرف ضاحية الجذور، وقبور السيبة، والخطايا، والرزق على الله، وأولياء الأعناق...وليس بيني وبينك غير هاتيك الضفاف الشاخصة، تستفيق على ثغاء الصمت، والصوت المثقل الذي يخطيء القلب، ويطوي مزارع الغبار في جبين الثلج...
أثلج قلاع الصدر، يا من تمشي... وتسند الروح رأسها لهواه.
أثلج مسالك البوح. هل أنت ليل ضاقت في ريشه العناكب، ألهث وراءك كالأرق، تشربني القبائل العزلاء، وطوفان الصلوات العذراء...
أسميك: إنها الساعة تغرب في قميص الأحداق، فلا تعرني خوفك الجارف، أونبض الشهوة العاري، أعطني هجرة الطير، واضرب كبوة هذي العشايا بالمرطوب... ولا تكن صديقي.
كن طريقي، أوباب الجمر يغمرني، كحمى اليباب، يامن تمشي لشفة الحال، وتغريني بجذوة الغيم. عادة على مدية الجري أصل لشيح الجسد، أنقش نافذة الضوء على فنار الأرض..تبيض كأسي ينابيع السؤال، واخضرار الرمال... قل هي الخيل تصادف نخلها في بردة البراري، أو أغصان المحبة على الريق.. فلا تشرب عزاء هذه الفصول، إنك التعب المكسو ذهابا، ذهابا.لك العود. أبشر. إن المدى يصل، وريح الدمعة تأتيك، هل ترى غير ذراع يهرع مبتورا نحو الضوء، ولوح أصم يقرئك السلام، ويمضي في ممالك من غرق، تستلقي على الطريق...
وحده الطائر الميمون الواقف على غصن اليابسة، يصغي لصيحة الأرجوان، ومزاليج الحلم المشتعل في قبة السؤال. مات وجد الهروب، والطريق إليك معبدة، مرة بأطباق المحبة، ومرة بسراب الرحيل، حين تفيض لوعة الضفاف، يامن تمشي بطيئا كالوقت، وتملأ أسفار النوايا بمرارة الطريق. كن عدوي الآن، وحافر السهو في كفي، وافتح في ليلنا باب الأعداء. أنا لا أقوى على ظمأ المحطات، وظلال السلخ التي تمشي وراء ظهري، تهدر كالقطاف.
في كل الصدفة ألقاك، ولا قلب يرحم صبابة الفجر، هل أنت نهر مله الموج؟ أصطفق في عري اللحظة، كأني أتسقط رائحة العبور، وضوء الجسر، ناقما، أعلن أن رماد الفقر يحترف خطوي، ينبت نبيذه في انتظاري. هي الشمس لا يجيء طعمها، والأسماء لا تخلد لمائها.
آه. يا رحلة الصيد القديمة الملقاة على عاتق اليد، إني أبغض هذه العادة، أحلم بغرفة بيضاء، أضع فيها " الرهج" في طفولة الأعداء، تماما مثلما تفترسني الغابات البعيدة.
آه. يا وصلة القيد القديمة..
إن الماء يجلس في لبدة الوقت، والشجرة تغادر جذورها. خوف رهيب يسبق اللون، يسرقني الليلة وحيدا لأقترب من هواك، أيها البلد الطيب، الطائب، فتح الله عليك، أيها الوتد المفروق، كما لو أنك تدخل طوق المتاهات، كما لو أني أرقب فيك علة الهواء، يورق الرمل في قامتي ويرشف فيض الظل.
يا من تمشي لمودة الحال.إني أبنيك خلف محجات الوجد لأبلغك قبل الضوء، وأرسم ضايات العواء في غيمة الوعد، أتظلل برد الرغبة وشتاءات القهر، كبرية تتلمس طريقها في أروقة الهواء، وتبكي صداها، تغني ذكراها: تسمعني حافات الرؤيا، وشبابيك الصفير المخبوءة في حمأة الصحاب. يا ليلة الغدر المجبول على لب الصدى، إني جرس الدم القديم، تستدفيء لغتي شهوة البدء.كم مرة تفيق أوراق الجرح، وتسدل العيون ركضها على مشكاة الحنين ( ما الوقت مني، إني هاوية الأنفاس، يلهو زناد العواصف في فمي، أرتجف كحبل الشرفات، وتذهب خلوتي في طوق الفتات).
يامن تمشي، ها أنت لا تطيق النسيان، فاخرج إلى أول الأرض، مرة أو مرات، ولتنهض المسافات في قدميك. يامن لا ترى ألا ترى، ويامن تسمع ألا تسمع، يا أنت ـ يا أنا لا نساوي قرط البصل. كأننا نقترب من مرمى النبوءات المهجورة.
يا من تمشي فيضا من الرواء لسوق الحال، تنمو في بينه حقول السرى، وأعتاب الحاقة، كن طريقي كي أشهر موتي فيك، أتوسد فيك نجوعي، أو أهديك لحظة البدء، فتقبل صلاتي المثقلة بالخطايا، وأنفاس الصبايا، وهن يركضن نحو الباب، حيث لا باب.
ها أنت السارق خطو الأحباب، أم سيد الوقت تشرب الأنخاب في الطرقات، وتبكيك الألواح المعقودة في صمت الأغلال..أيها البلد الطيب، الطائب، فتح الله عليك، هل أنت العبد الخارج من سيرة السواد، تكتب عرق التربة والانتماء واختلاط الليل والنهار، والأمر بالنهي، النهي بالنهي، أنا من يناديك من فرط الشهوة، ألبس تاريخ البئر، وتؤجل عاداتي كالحقل. أما آن للسيد أن ينقر خيوط النبع، وتكة السروج.
.يامن تمضي. ها نحن نمشي بحالتنا، ولا أحد يقطع دابر الكون، مدائن خرساء تصعد، وأزمنة جوفاء تحدونا، هل أنت اللازم فانصب، إني أرقب في هواك خيمة الصلصال، فكن عدوي الراسخ في الهوة، واقطع طريقي ليس لي إلا اسم واحد يأكل صيف القدمين. يسكنني لهيب الثأر، أنا المغسول بخراب الأزمنة، يتوضأ على ضفافي الروع، وتجلس في دربي رحى الغيوم، سلطنة بيضاء تتقدمني، تغسل الرايات للكوعين، وتمسح القرب للمرفقين. فكن صديقي ـ العدو، أوشك أن يملأني الرعب، مابين سور اللحظة واللحظة، تولد في كأسي طيور تنقر السماء، فكن طريقي إليك، أيها البلد الطيب...
يا من تمضي. هكذا نحن من صندوق الاقتراع لصندوق النقد، نواري الجرح بالجرح، الطعن بالطعن، ونمشي. فأعطنا أمانا أيها البلد الطيب، فكل هذه الصناديق ملة واحدة، ولا تغرس في خطونا قساوة المشي بحالتنا.
1982.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكريات والحجارة
- -ثيسوراف- ( الخطوات)
- لاقصائد
- مدونة الأهواء الشخصية
- حوليات متأخرة
- -حالة استثناء معلنة في سوق الشهادات الجامعية العليا.-
- غزة -المعصوبة العينين-
- ثيمدلالين
- حاشية حديثة إلى الكاهنة داهية
- حصريا بالمغرب:- شهادة الإعفاء من الشواهد الجامعية العليا-
- ترقية الأساتذة الباحثين و-الشبكة العنكبوتية-
- دلالات المكان في مجموعة - قمر أسرير- للشاعر محمد علي الرباوي
- عيون(6)
- عيون(5)
- عيون(4)
- عيون(3)
- عيون(2)
- عيون
- القيامة (تقريبا)
- الخوف


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - المشي بحالتنا