أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - المسرح ومفهوم الإيقاع














المزيد.....

المسرح ومفهوم الإيقاع


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2568 - 2009 / 2 / 25 - 03:46
المحور: الادب والفن
    



إن قيمة كل شيء في الوجود تدرك بقياس جملة الروابط التي يتقيد بها مع غيره من الأشياء المتوافقة والمتعارضة معه أيضاً . فالفكر تدرك قيمته - في حالة القراءة - بما ترمز إليه من دلالات ؛ بارتباطها بالمعنى ، وبالموقف الذي دفع كاتبه إلى صياغته وحالته النفسية والمزاجية والاجتماعية ، وكذلك بارتباط الكلمات بعضها ببعض والطابع المعين والمؤثر الذي تتركه في متلقيها . وهذا المعنى يتقيد ويتحرر في آن واحد معاً - فهو مقيد بفهم المتلقي . وهو متحرر لعدم ثبات هذا المفهوم أو المعنى عند غيره ، ذلك ( أن اللغة لا تعيش في فراغ ، وإنما تتفاعل مع الجوانب السياسية والاجتماعية في المجتمع ) - بتعبير محمود فهمي حجازي - وربما مثل هذا القول كشرط موضوعي للبعد اللغوي الصوتي لما يسمى بالإيقاع rhythm حيث يؤدي إلى تنظيم كل ذلك .
لأن الفكر مقيد بإيقاع هدف المفكر ، وتتقيد أدوات هذا الفكر اللغوية والتعبيرية أو التصويرية بإيقاع هذا الفكر عينه ، إذ أنه ( لا غرض لإيقاع الكلام إلاّ أن يمثل إيقاع الفكر ) - بتعبير بيرجسون -
والإيقاع : تقسيم جمالي للفراغ في الزمن ، وهو تقسيم جمالي للفراغ في الكتلة والحيز ، تقسيماً مسافياً . قد يكون بين كتلتين أو حركتين أو أكثر . وهو أيضاً تقسيم للمسافة الزمنية لصوت أو أكثر في حالة تزامل أو تعارض أو تضاد بمقادير ونسب متتابعة ومتجانسة رغماً عن اختلافها ، وبشكل منتظم سواء أكان وفق خطة مسبقة أم كان دون سابق تخطيط ( مرتجلاً ) فالارتجال لا يخلو من الإيقاع لأنه يعني حرية التنقل الأدائي اللحظي المتخلص عبر الإيقاعات والقيم البنائية الجمالية المعبرة وفق خيال المؤدي وثقافته العريضة التي تتيح له تغطية موضوع أو موقف أو حالة تغطية مناسبة ومقبولة ، دون التزامه بخطة إيقاعية أو بنائية سابقة على الأداء وفي حالة من الحضور المتدفق .
ومعنى هذا أن الإيقاع : هو نظام تشكيل المرئي في المكان وتشكيل المسموع في الزمان ، بحيث يؤثر إمتاعاً وإقناعاً في المتلقي وهو نظام تشكيل فترات الصمت والظلام بالتوافق مع المسموع والمرئي . وهو ما عرفه أفلاطون بأنه ( تحقيق الحركة فيما يشاهد وفيما يسمع )
على ما تقدم فإن الإيقاع نوعان :
الإيقاع المرئي : وهو ما تلمسه العين من النسب غير المنسقة وغير المنتظمة والمتتابعة أو المتعاقبة في حيز مكاني. أو هو الصورة في حركة غير منسوقة وغير منتظمة في تناسب من الحيز المكاني الذي يحويها على حالتها من الكبر أو الصغر ، الإسراع أو الإبطاء ، حسب التدفق الأدائي الذي يشف ويرق أو يكون على عكس ذلك . وهو يتحول إلى إيقاع فني عندما ينظمه الفنان ، وينسقه في لوحة أو عرض مسرحي أو سينمائي مركب العناصر أو حين ينظم الشاعر كلمات قصيدته في صور وأخيلة وحين يلقيها فتتجسد صوراً متفاوتة الإدراك في ذهن متلقيها ، متفاوتة التأثير في حسه .
الإيقاع السمعي : وهو ما تلمسه الأذن من الأصوات غير المنسقة وغير المنتظمة والمتتابعة أو المتعاقبة في حيز زماني يطول أو يقصر ينخفض أو يعلو ، يرق أو يغلظ حسب العاطفة ودرجة الانفعال والتدفق . وهو يتحول إلى إيقاع موسيقي عندما يتحول الصوت إلى وحدات زمنية متساوية ، منتظمة ومنسقة إلى وحدات قوية ، ووحدات ضعيفة ، متموجة ومتدفقة ؛ وفق ترتيب خاص وضوابط للنبر الضعيف والقوي ولعلامات محددة للزمن وتركيب منسجم .
ولما كان المسرح فن التعبير الصوتي والحركي والشعور الحاضر في الأداء وفي الاستقبال في آن واحد معاً ، فقد ضم بين جوانحه الإيقاعين معاً ، مضافاً إليهما إيقاع التلقي المتفاعل بالحضور تفاعلاً قد يكون وجدانياً وقد يكون إدراكياً وقد يكون وجدانياً إدراكياً في آن .
ولعلك توافقني على أن كل فعل في الوجود يتقيد بإيقاعاته الخاصة بالتوافق مع إيقاع المحيط العام وسواء كان هناك توافق أم تعارض فإنهما يتسقان في وحدة
وأخلص مما تقدم إلى أن لكل فعل صوتي أو حركي قيد إيقاعي ، إذ أن الإيقاع تقييد للأداء بزمن محدد متتابع تقييداً جمالياً تقبله أذواق في مجتمع ما متلق له رؤية أو سماعاً أو لهما معاً . في حالة من توافق إيقاعاته مع إيقاعات الفعل الذاتية ، وترفضه أذواق في مجتمع ما متلق له رؤية أو سماعاً في حالة تنافر إيقاعاته مع إيقاعات المجتمع المتلقي له .
وأخلص أيضاً إلى أن للصمت إيقاعاً على اعتبار أن الصمت انقطاع الصوت لمدد زمنية ذات قياس نسبي، فالأذن تسمع ولكنها لا تنظم وانقطاع الصوت لا يعني انقطاع الانتقال خلال الهواء عبر الاهتزازات . لأن الصوت هو نتاج نهائي لارتطام الاهتزازات بآليات الأذن ينتج عنه السمع . وللظلام إيقاع أيضاً لأن انقطاع الضوء عن مكان ما لا يعني انقطاع انتظامه في الفراغ العريض للكون فالضوء نتاج نهائي لانعكاس الحزمة الضوئية أو الشعاع الضوئي على شاشة العين لتنتج الرؤية ؛ أن انقطاع الشيء هو اتصال بنقيضه .

،،
د. أبو الحسن سلاّم



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (البلطة والسنبلة) .. المهدي غير المنتظر
- طالما .. وطال ما
- عنكب يا عنكب وصبيان البحث المسرحي
- مفكر وكاتب مسرحي من قنا
- البحث المسرحي والنقطة العمياء
- فلسفة الفوضي الخلاقة في عرض مسرحي بالجزويت
- ليلة من ليالي على علوللا
- بوسيدون يستبدل إكليل الغر بالغتره
- سارتر وليزي وبوش
- جماليات الأصوات اللعويةفي الأدوار المسرحية
- سلم لي على -بافلوف-
- جماليات التعبير بالأصوات اللغوية في الأدوار المسرحية
- فلسطين بين ثقافة العنف والسلام- في حوارية قطع ووصل -
- فلسطين بين ثقافة العنف والسلام
- السكتة الكوميدية في الكتابة المسرحية
- التباس الكتابة المسرحية بين المسرح السياسي ومسرح التسييس
- أوركسترا عناكب الثقافة العنصرية ومعزوفة النشاز العصرية
- معزوفة التواصل الحضاري
- المتدفقون - عرض مسرحي -
- هوية الصورة في فن فاروق حسني


المزيد.....




- -ليلة السكاكين- للكاتب والمخرج عروة المقداد: تغذية الأسطورة ...
- بابا كريستوفر والعم سام
- ميغان ماركل تعود إلى التمثيل بعدغياب 8 سنوات
- بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده.. مهرجان الأقصر للسينما الأف ...
- دراسة علمية: زيارة المتاحف تقلل الكورتيزول وتحسن الصحة النفس ...
- على مدى 5 سنوات.. لماذا زيّن فنان طائرة نفاثة بـ35 مليون خرز ...
- راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
- الجزائر: تتويج الفيلم العراقي -أناشيد آدم- للمخرج عدي رشيد ف ...
- بريندان فريزر وريتشل قد يجتمعان مجددًا في فيلم -The Mummy 4- ...
- الكاتب الفرنسي إيمانويل كارير يحصد جائزة ميديسيس الأدبية


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - المسرح ومفهوم الإيقاع