أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - المتدفقون - عرض مسرحي -















المزيد.....

المتدفقون - عرض مسرحي -


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 07:24
المحور: الادب والفن
    


المتدفقون .. وقفة لتصحيح الأوضاع والخلاص من القيود´
في المهرجان السادس للرقص المسرحي الحديث مصر – سويسرا 2005 المقام بدار الأوبر المصرية - يونيو2005.
شاهدت عرض : المتدفقون LES AFFLUENTS إخراج فيليب سار وبأداء فرقته COMPAGNIE PHILIPPE SAIRE .

* فكرة العرض : لاشك أن القيود التي نواجهها في عالمنا المعاصر تشكل العبء الأكبر على وجدان الكثيرين من المبدعين الذين أخذوا على عاتقهم التنفيس عما يضيقون به مما يجري في العالم على المستويات السياسية بعروض فنية أدائية كالرقص المسرحي الحديث الذي تنتمي له فرقة فيليب سار. وهم يحاولون تقديم صورة للقيود والأوضاع القائمة ليس في مجتمعهم فحسب بل في مسارات السياسة العالمية وحضهم على الخلاص من القيود والتحرر منها إثباتاً للذات وحثاً على التعايش السلمي مع الآخر ودفعاً للنفس من أجل التقدم للأمام عن طريق المشاركة الاجتماعية والإنسانية القائمة على فكرة قبول الآخر.
* قراءة العرض : يبدأ العرض بخلفية بانورامية بيضاء بها صفين فوق بعضهما من الأرقام من واحد إلى ثمانية . الصف الأعلى الأرقام غير مرتبة ، بينما الصف الأسفل مرتبة فيه الأرقام تصاعدياً . وهذا يثير في داخلنا دلالة تسلسل مبعثر يتم تصحيحه في الصف الأسفل فكأنما أراد الفنان المخرج بهذه الخليفة الإشارة إلى الأوضاع المقلوبة وغير المرتبة في الحياة البشرية العالمية حيث الدلالة المجردة للأرقام وهذا العرض يحاول إعادة ترتيبها. أما أرضية المسرح فبها صفان متوازيان على جانبي فضاء المنظر من الأمام إلى الخلف . الجانب الأيمن عبارة عن صف من المكعبات السوداء الصغيرة مصفوفة متباعدة عن بعضها بشكل متساوٍ ومكتوب على كل منها رقم يبدأ بواحد من الأمام وينتهي بثمانية من الخلف. بينما الجهة اليسرى من الخشبة فصف المكعبات الممتد عليها مكتوب عليه حروف أبجدية مرتبة من حرف A في الأمام إلى حرف H من الخلف . وتدور معظم أحداث العرض بين هذين الصفين من المكعبات ، وفي سقف خشبة المسرح يتحدد أفق المنظر بصفين من الإضاءة متوازيان في تعليقهما من خشبة تعليق الإضاءة (الهرس) في خطين من الأمام إلى خلفية خشبة المسرح بحيث تدور الأحداث طوال العرض في حيز محدد من أسفل أرضية المسرح ومن أعلى سقف المسرح. وهذا يشير إلى المسارات أو الحدود التي انتظمت فيها حياتنا أو مواقفنا وعلاقاتنا معه بعضنا بعضاً.
ويبدأ المشهد الافتتاحي بشاب مرتحل بحقيبة كبيرة يحملها لا نعرف محتواها ينقلها من مكان إلى آخر في مساحة فضاء أرضية المنظر إلى أن يئن من حملها فيبدأ في قذف ما بها من أحذية متنوعة للجنسين في كل اتجاه من اتجاهات الفضاء المسرحي ثم يشرع في تفريغ ما تبقى فيها من الأحذية الحريمي والرجالي من كل الأشكال والألوان بعدد يتجاوز المائة حذاء . ثم لا يلبث أن يحضر حقيبتين قماشيتين أخرتين مليئتين بالأحذية أيضاً ، ويبدأ في قذف الأحذية كالنافورة في الهواء وراء ظهره في مشهد إيقاعي مصاحب بالموسيقى المتسارعة والمتدرجة كتسارعه هو الآخر في إلقاء الأحذية في انسجام وتزامن بديع ودقيق . بما يشي بدلالة القيود والمسارات المحددة لخطواتنا والتي تقيدنا وضرورة الخلاص من هذه القيود بإلقائها خلف ظهرنا .
ثم لا يلبث ممثل آخر أن يظهر فينتقي من شلال الأحذية المتساقط كالمطر في فضاء المنظر ليظهر بفردة حذاء ويبحث عن الفردة التي يتشكل منها زوج الحذاء ومع ذلك فهو يحاول التحرك بها ، فيجد صعوبة أحياناً وسهولة أحياناً أخرى في التحرك بها ، إلى أن يجد الفردة الأخرى ويدخل قدمه فيها فيجدها لا تشبه الفردة الأخرى . ثم يتدفق الممثلون بعد ذلك بالتتابع- وعددهم ثلاث فتيات وثلاثة شباب– ويبدأون في التحرك والتعبير عن أنفسهم أو عن حريتهم ولكنهم يجدون صعوبة في التعامل مع بعضهم بعضاً ، فيبدأون في التصارع والتخبط ومحاولات التطبع والتعايش بين التوفيق النسبي والإخفاق.
وفي مشهد تالٍ يحاول أحد الممثلين تقديم نفسه للجمهور وإثبات ذاته بينما تقلد حركاته ممثلة من خلفه بشكل كاريكاتوري ساخر ، كإشارة إلى السخرية من بعضنا والاستهزاء بعضنا بعضاً .
وفي مشهد أخر يجمع بين العنف والشهوة والرغبة : فالراقصة تحمل سكيناً كبيراً لامعاً وتلوح به أمام الجمهور وتمرره بحركات خفيفة انقضاضية وسريعة على جسدها حول الرقبة أو طعناً أو سلخاً في حركات بديعة ودقيقة ومخيفة، أو تلعب بالسكين لعبة التركيز القاتل في وضعها لكف يدها متباعد الأصابع على الأرض بينما تمسك بالسكين في وضع مقلوب لأسفل ، وتبدأ بغرز السكين في الأرضية ونزعها فيما بين أصابع كفها المفتوحة ، ببطء ثم تسرع في ذلك وهي تغني أغنية لهوية شهيرة، وذلك يشير إلى لحظات التغني بالصراع الدموي في حياتنا ولجوء البعض إلى الدم والقتل والعنف ، في مقابل الحب والسلم عند آخرين .
وفي مشهد يجمع زوجين في علاقتهما معاً نلاحظ المراحل التي يمران بها بداية من علاقة التزاوج ، فالحمل ، ثم رغبة الزوج في إسقاط الجنين ، ودفاعها عن حملها ، ثم الانتقال إلى الملل والضجر بين الزوج وزوجته ، فالخلافات التي تتصاعد إلى الاعتداء فالضرب ، ثم العودة كلاهما للآخر والحنين المتبادل بينهما ، وما يقابل ذلك بالضغوط من كل ناحية ؛ فالمحيطون بهما لا يتركونهما في حالهما وإنما يحمل كل منهم مسدساً مهددين إياهما بالتفريق وإلاّ القتل ، حتى يصل الأمر بالزوجة إلى أن تخرج مسدساً هي الأخرى وتصوبه نحو زوجها . ويتخذ الجميع شكلاً جمالياً بديعاً في تكتـّلهم جهة اليمين بمسدساتهم المشهرة في وجه الزوج الواقف وحده في الجهة اليسرى من المسرح ، ثم يبرز المخرج وجهة نظره في عبثية استخدام الأسلحة وإطلاق النار ومدى سفه هذا الفعل ، حيث يطلقون النار جميعاً على بعضهم بعضاً ، فلا تخرج رصاصات ولا أصوات انفجارية من المسدسات وإنما تكات بسيطة لا تصنع شيئاً ، فقينظر كل منهم في فتحة مسدسة مندهشاً ثم هازئاً فيضعون جميعهم المسدسات أرضاً بعد أن يكتشفوا أن مسدساتهم هي مجرد لعبة.
وفي المشهد الختامي يتجمعون فوق بعضهم في شكل جمالي بديع حيث يتمددون الواحد فوق الآخر في مقدمة المسرح مواجهين للجمهور ورؤوسهم مرتبة بعضها فوق بعض ويتمدد جذع الممثل إلى اليمين والذي يليه إلى اليسار وهكذا
كما لو كانوا قد توحدوا جميعاً في جسد واحد وعقل واحد ووجدان واحد ، ويشير ذلك التشكيل أيضاً إلى أن وجدان الفرد الواحد منّا يجمع في داخله كل هذه المشاعر والصراعات والانفعالات بعضها بعضاً ، حيث يتجمع كل هؤلاء في النهاية في جسد واحد وربما بوعي واحد أو لاوعي واحد.
ثم يعود الممثل الأول مرة أخرى إلى جمع الأحذية أي القيود والأوضاع المقيدة للحركة والحرية في كومة واحدة ثم يبدأ بإلقائها خلف ظهره على بقية الممثلين الموزعين على خشبة المسرح خلف ظهره . فينتهي بما بدأ به وهو ضرورة إلقاء الحواجز خلف ظهرنا من حيث المضمون وبدائرية الأسلوب من حيث التقنية الفنية والجمالية.





#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوية الصورة في فن فاروق حسني
- سيميولوجيا الفرجة الشعبية في المسرح
- المرأة في مسرح صلاح عبد الصبور
- معزوفة التواصل الثقافي الحضاري
- اتركوا النار لنا
- المونودراما وفنون مابعد الحداثة
- نظريات المسرح
- ليس ثمة من وطن .. حيثما الدين وطن
- سفر الخروج من (طما ) مونودراما الممثل الواحد
- الماركسية في الحضور وفي الغياب
- التجريب بين حلم شكسبير وحلم كولن باول
- الوصايا السبع للمسرح التجريبي
- جواز (فاطمة) من (يوسف) باطل
- المقامة التنظيرية الأردشية والصدمات المسرحية
- التجريب المسرحي بين عروض الحكي وعروض المحاكاة
- المسرح وفكرة المخلص المستبد العادل
- شهرزاد/ موناليزا ..في كباريه وليد عوني السياسي
- الفن والعلم بين التعليم والتعلم
- ( لير) قبل العرض ..(لير ) بعد العرض
- إشتراكية ( سوسولوف) و نظام رأسمالية الدولة


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - المتدفقون - عرض مسرحي -