أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الفن والعلم بين التعليم والتعلم















المزيد.....


الفن والعلم بين التعليم والتعلم


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 04:37
المحور: الادب والفن
    


الكتابة الأكاديمية
أ.د/ أبو الحسن سلاّم
- أستاذ علوم المسرح بجامعة الإسكندرية -
الكاتب الأكاديمي في الأدب والفن أو العقيدة واللغة والتاريخ – واجد واصف فمحلل و مقارن ثم مقوم –
فهو لن يضيف إلى العقيدة الدينية شيئاً جديداً .. كما لن يضيف إلى اللغة أو التاريخ ( إلاّ إذا كان منهجه مفككا لمبدأ السببية الغيبية المعتمد عند المؤرخين السلفيين أو القدامى ) وفيما عدا ذلك فهو يصف الموجود مما يعرض له ؛ من حيث كيفية وجوده أسلوبا ومضمونا بما في ظاهره وفي المسكوت عنه في ثنايا نسقه وخطابه مستشهدا بآراء محكمة لثقاة أهل التخصص في الموضوع الذي يعرض له في متن بحثه قبل أن يقطع بشىء أويقرر رأياً علمياً موضوعيا ؛ متوّج بمنهج مناسب يفضي إلي مطابقة النتائج التي يتوصل إليها بالمقدمات (التساؤلات أو الفرضية التي بني عليها أطروحته البحثية) ، مستنداً في كل خطواته البحثية إلى ثبت منهجي.
وهو ملزم بأن يضيف ببحثه إلى جملة المعارف الإنسانية معرفة جديدة أو رأياً مغايراً في الفرع الذي تخصص فيه ؛ شريطة إثباته لصحة رأيه ، فيما يعرض له من قضايا ذات صلة بالإشكالية التي تأ سس عليها بحثه وفي تناول رأى أو أكثر من رأى قيل من أساتذة سبقوه إلي طرح بعد من أبعاد الموضوع نفسه الذي هو بصدد بحثه ـ من زوايا بحثية لم يتطرق إليها باحث قبله ـ .

ومن بداهة القول : أن ليس على الكاتب غير الأكاديمي حرج إذا لم يستشهد في كتاباته بآراء سابقة عرضت لما يعرض له ؛ ولكن الكاتب الأكاديمي لا يستطيع – من تلقاء ذاته – أن يسترسل في موضوع ما ؛ دونما استشهاد يستتبعه توثيق ؛ دعما لرأيه . فهو إذا كتب فإنما يكتب ليقدر ويقرر؛ لا ليعبر فيؤثر.. فلو أنه تناول موضوعاً دينياً ؛ فإنه يستدل على ما يقرره بشأن أمر من أمور الدين بقول من كلام الله أو بحديث من أحاديث السنّة ، أو بقول الصحابة والمؤرخين الثقاة ؛ فيكون استشهاده بكلام الله أو بالأحاديث رجوعاً منه إلى المصدر نفسه وهو القرآن والسنة. وهو رجوع إلى مصدر رئيسي هو عمدة الدين الإسلامي وعماده ؛ بغية الاستدلال الاستنباطي . أما رجوعه إلى أقوال الصحابة فيما قالوا وفسّروا ؛ مما يمس موضوعه ؛ فهو رجوع غير مصدري . وإنما هو رجوع مرجعي ؛ إذ أنه لا يأخذ من النبع ؛ ولكنه يأخذ عن أحد فروعه، وهو رجوع بقصد تحلية كلامه وزيادة تدعيمه بالأقوال الصحيحة الثابتة، حتى يتثبت كلامه ويطمئن إليه القارئ . وهذه الاستشهادات تلزم الكاتب الأكاديمي بالتوثيق والثبت.. بمعنى أن الكاتب الأكاديمي يكون ملزماً بثبت يوثق ( اسم القائل ، وموضوع قوله – الذي اقتبسه بنصه أو بتصرف – هل هو من كتاب أو من بحث أو من مقال ، والموقع الذي قيل فيه أوالدار التي أصدرت أو نشرت طبعة الكتاب ، فضلا عن البلد الذي صدر فيه وسنة النشر؛ ثم رقم الصفحة التي أخذ منها ذلك القول أو تلك الفقرة بنصها – كما وردت في ذلك الكتاب أو بتصرف – أما إذا أخذ نصاً قرآنياً فهو يشير حتماً إلى رقم الآية واسم السورة . وإذا أخذ نصاً نبوياً من الحديث ؛ نص على سنده – سلسلة روايته مسنده حسبما يجد في كتب تحقيق السنة – مع النص على اسم المحقق ورقم الجزء والمجلد ودار النشر وبلده وسنة النشر ورقم الصفحة ..)
وقد يضع الكاتب الأكاديمي علامات ترقيمه للفقرات التي استشهد بها استدلالاً أو تحلية مرتين.. مرة بعد نهاية كل استشهاد إن لم يذكر اسم صاحبه ؛ فإذا ذكر اسم من اقتبس عنه يوضع الرقم بعد الاسم مباشرة وفي يتكرر إثبات الرقم نفسه بأسفل الصفحة التي سجل فيها نص هذا الاستشهاد – في هامش الصفحة نفسها – وفق ترتيبه الرقمي في الصفحة ذاتهاإذا كان البحث متسعا ؛ وفي حالة الدراسة القصيرة يوضع الثبت الاستشهادى وفق ترتيبه الرقمى التسلسلى في نهاية الدراسة دون التزام بترقيم الاقتباسات في هوامش الصفحات؛ أى يجعل الكتابة الرقمية لاستشهاداته مرة بعد النص المأخوذ عن المصدر رئيسياً كان أو فرعياً، أو المأخوذ عن المرجع رئيسياً كان أو فرعياً – يجعله في الثبت العام في نهاية بحثه أو دراسته – وهذا يتبع في الدوريات المتخصصة الشهرية أو الفصلية – حرصاً على الحيز المتاح للنشر وطبيعة القارئ - حتى وإن كان مثقفاً أو متخصصاً ..
كذلك يلجأ الباحث إلى النهج الأكاديمي نفسه ، عندما يكتب بحثا في التاريخ أو في علم من العلوم ، أوبحثا في فن من الفنون الأدبية أو الأدائية محوطا بمنهج يتناسب مع تحقيق بحثه واستدلا ل تجريبي أو استنباطي حسبما يناسب بحثه ، واقتباسات لتحلية قوله مع تدعيم آرائه بالاستشهادات المناسبة من الآراء المحكمة والموثوق بها لعلماء وباحثين في موضوع بحثه .
وإذا لم يكن من حق الباحث الأكاديمي التحلل من الموضوعية والحياد العلمي ؛ فليس على الكاتب التعبيري أو الإعلامي حرج إذا لم يكن محايداً، حالة كتابته ؛ التي تستهدف التصوير والتأثير أو التعبيروالتأثير؛ لا التقرير.
أما الكاتب الأكاديمي فلابد أن يكون منهجياً ، أي يعرض ما يكتبه من خلال خطة مسبقة أو أساس نظري نابع من منهج وصفي حين يتعلق الموضوع الذي يكتبه بالدين أو بالتاريخ أو باللغة أو بالمسرح والفن أو الأدب في اتجاهاته الطبيعية ( المدرسة الطبيعية ) لأن الكاتب يتناول الموضوع الديني تناولاً ليس فيه أدنى تدخل منه ، فهو واجد واصف – هنا – وله أن يتعامل مع النصوص بموازنتها – بعضها بعضاً - ليصل إلى فهم أو حكم بعد تحليل ؛إلاّ إذا كان باحثا تفكيكيا ناقضا لخطاب النص ولأنساقه فلا حرج في العلم.
وذلك ما يتّبع أيضاً في بحوث اللغة ؛ إذ هي (سمعية) كما قال علماء العربية الأقدمون: (ابن جني، وابن سيده ، وغيرهما) ، و(دي سوسير وبيرس وغيرهما ) في الغرب ..
وهو يتّبع في تناول إبداع ما من المدرسة الطبيعية في الفن وفي الأدب ، وفي المسرح نصاً أو عرضاً من المدرسة الطبيعية ؛ التي تعنى بتصوير شريحة اجتماعية متخيرة تصويراً مطابقاً للحياة اليومية من منظور رؤية الكاتب نفسه في تصويره لقطاع أو زاوية مختارة من واقع الحياة الاجتماعية – ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتابات ( إميل زولا أو بلزاك – أو هاوبتمان أو كيد) في فرنسا أو ألمانيا أو( سترندبرج في السويد).
والكاتب الأكاديمي – الباحث – في هذا اللون من الأدب والفن الطبيعيين أوفي العقيدة واللغة والتاريخ – واجد واصف – يجد فيصف محللا فمقررا ؛ لأنه لن يضيف إلى العقيدة الدينية أو اللغة أو التاريخ شيئاً جديداً .. ولن يضيف إلى اللغة شيئاً غير موجود لأنها وعاء الاتصال البشرى علي المستوى القومي أو العالمي كذلك لن إلى التاريخ الذي هو وعاء ما مضي من الأحداث والوقائع والسي شيئا – إنما هو يصف الموجود منها ويقرر بعد ذلك رأياًَ علمياً فيما درس وحلل أو فكك فوصف أو أحصى متحصناً بالحياد العلمي ؛ مستخلصاً بمواجهة النص بالنص والرأي بالرأي والحجة بالحجة.
وفي الدراسات المسرحية لا يكتب الباحث أو الكاتب المنهجي إلاّ إذا كان متخصصاً – على اعتبار أن المسرح نشاط بشري نوعي – ودراسته تكون نوعية أيضاً . علي أن منهجه يتنوع بتنوع المدرسة الفنية والأدبية التي صدر عنها النص المسرحي أوالعرض المسرحي كذلك؛ إلاّ إذا اختلف العرض عن النص .
فإذا كان النص رومانتيكياً كان المنهج في بحثه (منهجاً معيارياً ) على اعتبار أن الرومانتيكية مدرسة تهتم بالمشاعر والعواطف والإثارة .. وكلها عناصر متقلبة، ولما كان البحث أو الكتابة البحثية تأصيل للثابت من الإنتاج البشري أو الظواهر الطبيعية أو الفنية بها ولأن الثابت لا يقاس إلاّ بما هو أكثر ثباتاً منه وأن القياس لا يكون إلاّ في الثابت من الظواهر أو الإنتاج .. وكان المسرح فناً أدائياً منذ نشأته – إذ نشأ على الأداء التمثيلي المجسّد للشخصيات المؤلفة أو المصورة ؛ أو المعاد تصويرها إذا كانت تاريخية– وكان الأداء خاضعاً للحالة المزاجية للمؤدي؛ وهي حالة متغيرة من ليلة عرض إلى ليلة عرض تالية ومن مكان إلى مكان ومن تفسيرأو تأويل إخراجي إلى تفسير أو تأويل آخر؛ لذلك فإن القياس يكون قياساً معيارياً – قياساً يستنبط من العمل نفسه – وهو قياس غير خالص ، للمنهج المعياري ولكنه يتداخل مع المنهج الوصفي أيضا . وربما عبر الاستعانة بالمنهج الإحصائي أحيانا عبر (الاستبيان) ).
وهكذا يتغير منهج قياس الكاتب الباحث ومن ثمّ تتغيرالكتابة البحثية في المسرح تبعاً لتغير أسلوب العرض ومدرسته الفنية . فلئن كان العرض المسرحي يستعين بعناصر الضوء والصوت والملابس والمناظر (الديكورات والحيل المسرحية) فتلك عناصر تطبيقية لذلك فإن قياس دورها في العرض المسرحي يكون قياساً نابعاً من المنهج العلمي التطبيقي مثلها مثل الهندسة والكيمياء والبحوث الجغرافية . وعلى ذلك يكون القياس البحثي في مجال المسرح قياساً وصفياً معيارياً أو إحصائيا أو تطبيقياً . وهو يختلف في العرض المسرحي أو في عنصر من عناصره عنه في النص المسرحي الذي تأسس العرض نفسه عليه .
والكاتب الأكاديمي يتسلح بالتحليل أو بالتفكيك في حالة لجوئه إلي منهج التفكيك تبعا للفكر( الما بعد الحداثى) عند كل خطوة من خطوات كتابته . فهو يتحرى ويجمع ويستشهد ويوثق ويثبت ويحلل أو يفكك ويعلّق ويستنبط ويكتشف ؛ ثم يقرر أو يحكم ؛ وفق قياس واستدلال وثبت ، فتكون كتابته ذات منهج وتنسيق ووضوح ؛ يضيف بما توصل إليه بحثه إلى جملة المعارف الإنسانية معرفة جديدة أو رأياً مغايراً أو مدعماً في الفرع الذي تخصص فيه . ذلك هو الكاتب الأكاديمي ( صاحب التخصص الدقيق).
على أن الكتابة التأثيرية في مقصدها تصويرية كانت أم تعبيرية ؛ لا تلتزم بتلك القيود ولا تتقيد بها ، ذلك أن الخيال رائدها والذاتية منهجها .
على أن هناك لوناً ثالثاً ولوناً رابعاً من ألوان الكتابة وهما:( الكتابة الإعلامية، والكتابة التعليمية ) ، فتلك كتابة بعيدة عن مجال التعبير – إلى حد ما – ما عدا تلك التي تستعين بالأسلوب الدرامي أو الفني – فهي كتابة تلتزم بالسرد الخبري و التقريرالمعلوماتي ؛ وتهدف إلى الدعاية أو الإخبارفي سعيها نحو كسب التأييد لفكرة أو لقضية من القضايا عن طريق الأخبار.أ وتهدف في سعيها نحو كشف الحقائق واستجلاء صحيح الوقائع.
على ذلك فإن الكتابة الأكاديمية والكتابة الإعلامية والكتابة التعليمية تتعرض جميعها تتعرض للقضايا من حيث الشكل و المضمون أو من حيث تناول إحداهما مع الاختلاف في الأهداف أو في أغراض الكتابة الأكاديمية الذي تكون إضافة حقيقية إلى حقائق الفرع المعروض علي مائدة البحث ؛ بينما يقتصر غرض الكتابة الإعلامية علي التأثير من خلال أخبار ومعلومات غالباً ما تكون دقيقة ودون توثيق – إلاّ من حيث المصدر – المراسل أو وكالة الأنباء أو الصور الحقيقية وليست المصنوعة بوسائل تكنولوجيا حديثة سيطرت علي تقنيات التصوير في ظل منجزات عصر المعلوماتية وسيادة ثقافة العولمة ومنجزها المعرفي – فالأخبار تكتسب مصداقيتها من الصورة المرافقة للموضوع أو التسجيل أو التحقيق الصحافي أو الإعلامي ، وتأثيرها يكون وقتياً لأنها لا تعطي فرصة للتعمق والتحري واستعراض الأمر؛ لتلاحق المعلومة وتغيرها مابين لحظة ولحظة تالية.
فأنت إن قلت للشخص ( حدث كذا وكذا اليوم ) هل علمت ؟ فيجيب نعم أو يجيب بلا .. ولكنك حين تقول له ( هل تعلمت كذا؟ ) فإنه لا يجيب بنعم لأن الإعلام هو الإخبار ولكن التعليم هو المعرفة بالتلقين أو المعرفة بالتثقيف وبالممارسة والتطبيق والتجربة والتجريب . والمعرفة بالتثقيف تحتاج إلى مصادر عديدة ومراجع كثيرة وتجارب أكثر وممارسات أطول ، ومقاربات ومقارنات لا يتملكها غير المتخصصين في فروع المعرفة المتباينة والمتشابكة . أما العلم فه الذي يقوّم المعرفة ويصححها بالمنهج وبالتأصيل والشواهد والتجريب والمقاربات والمقارنات والإضافة والثبت . حتى أن النظرية العلمية الحديثة المكتشفة تخطيء النظرية القديمة وتحل محلها تفعيلا لمسيرة التقدم نحو مستقبل إنساني أكثر أمنا وأكثر إسعادا للبشرية ؛ إن وظفت منجزاته في اتجاه التسامح والسلم العالمي .
الكتابة الأكاديمية
أ.د/ أبو الحسن سلاّم
- أستاذ علوم المسرح بجامعة الإسكندرية -
الكاتب الأكاديمي في الأدب والفن أو العقيدة واللغة والتاريخ – واجد واصف فمحلل و مقارن ثم مقوم –
فهو لن يضيف إلى العقيدة الدينية شيئاً جديداً .. كما لن يضيف إلى اللغة أو التاريخ ( إلاّ إذا كان منهجه مفككا لمبدأ السببية الغيبية المعتمد عند المؤرخين السلفيين أو القدامى ) وفيما عدا ذلك فهو يصف الموجود مما يعرض له ؛ من حيث كيفية وجوده أسلوبا ومضمونا بما في ظاهره وفي المسكوت عنه في ثنايا نسقه وخطابه مستشهدا بآراء محكمة لثقات أهل التخصص الذي يعرض له في متن بحثه قبل أن يقطع بشىء أويقرر رأياً علمياً موضوعيا ؛ متوّج بمنهج مناسب يفضي إلي مطابقة النتائج التي يتوصل إليها بالمقدمات (التساؤلات أو الفرضية التي بني عليها أطروحته البحثية) ، مستنداً في كل خطواته البحثية إلى ثبت منهجي.
وهو ملزم بأن يضيف ببحثه إلى جملة المعارف الإنسانية معرفة جديدة أو رأياً مغايراً في الفرع الذي تخصص فيه ؛ شريطة إثباته لصحة رأيه ، فيما يعرض له من قضايا ذات صلة بالإشكالية التي تأ سس عليها بحثه وفي تناول رأى أو أكثر من رأى قيل من أساتذة سبقوه إلي طرح بعد من أبعاد الموضوع نفسه الذي هو بصدد بحثه ـ من زوايا بحثية لم يتطرق إليها باحث قبله ـ .

ومن بداهة القول : أن ليس على الكاتب غير الأكاديمي حرج إذا لم يستشهد في كتاباته بآراء سابقة عرضت لما يعرض له ؛ ولكن الكاتب الأكاديمي لا يستطيع – من تلقاء ذاته – أن يسترسل في موضوع ما ؛ دونما استشهاد يستتبعه توثيق ؛ دعما لرأيه . فهو إذا كتب فإنما يكتب ليقدر ويقرر؛ لا ليعبر فيؤثر.. فلو أنه تناول موضوعاً دينياً ؛ فإنه يستدل على ما يقرره بشأن أمر من أمور الدين بقول من كلام الله أو بحديث من أحاديث السنّة ، أو بقول الصحابة والمؤرخين الثقاة ؛ فيكون استشهاده بكلام الله أو بالأحاديث رجوعاً منه إلى المصدر نفسه وهو القرآن والسنة. وهو رجوع إلى مصدر رئيسي هو عمدة الدين الإسلامي وعماده ؛ بغية الاستدلال الاستنباطي . أما رجوعه إلى أقوال الصحابة فيما قالوا وفسّروا ؛ مما يمس موضوعه ؛ فهو رجوع غير مصدري . وإنما هو رجوع مرجعي ؛ إذ أنه لا يأخذ من النبع ؛ ولكنه يأخذ عن أحد فروعه، وهو رجوع بقصد تحلية كلامه وزيادة تدعيمه بالأقوال الصحيحة الثابتة، حتى يتثبت كلامه ويطمئن إليه القارئ . وهذه الاستشهادات تلزم الكاتب الأكاديمي بالتوثيق والثبت.. بمعنى أن الكاتب الأكاديمي يكون ملزماً بثبت يوثق ( اسم القائل ، وموضوع قوله – الذي اقتبسه بنصه أو بتصرف – هل هو من كتاب أو من بحث أو من مقال ، والموقع الذي قيل فيه أوالدار التي أصدرت أو نشرت طبعة الكتاب ، فضلا عن البلد الذي صدر فيه وسنة النشر؛ ثم رقم الصفحة التي أخذ منها ذلك القول أو تلك الفقرة بنصها – كما وردت في ذلك الكتاب أو بتصرف – أما إذا أخذ نصاً قرآنياً فهو يشير حتماً إلى رقم الآية واسم السورة . وإذا أخذ نصاً نبوياً من الحديث ؛ نص على سنده – سلسلة روايته مسنده حسبما يجد في كتب تحقيق السنة – مع النص على اسم المحقق ورقم الجزء والمجلد ودار النشر وبلده وسنة النشر ورقم الصفحة ..)
وقد يضع الكاتب الأكاديمي علامات ترقيمه للفقرات التي استشهد بها استدلالاً أو تحلية مرتين.. مرة بعد نهاية كل استشهاد إن لم يذكر اسم صاحبه ؛ فإذا ذكر اسم من اقتبس عنه يوضع الرقم بعد الاسم مباشرة وفي يتكرر إثبات الرقم نفسه بأسفل الصفحة التي سجل فيها نص هذا الاستشهاد – في هامش الصفحة نفسها – وفق ترتيبه الرقمي في الصفحة ذاتهاإذا كان البحث متسعا ؛ وفي حالة الدراسة القصيرة يوضع الثبت الاستشهادى وفق ترتيبه الرقمى التسلسلى في نهاية الدراسة دون التزام بترقيم الاقتباسات في هوامش الصفحات؛ أى يجعل الكتابة الرقمية لاستشهاداته مرة بعد النص المأخوذ عن المصدر رئيسياً كان أو فرعياً، أو المأخوذ عن المرجع رئيسياً كان أو فرعياً – يجعله في الثبت العام في نهاية بحثه أو دراسته – وهذا يتبع في الدوريات المتخصصة الشهرية أو الفصلية – حرصاً على الحيز المتاح للنشر وطبيعة القارئ - حتى وإن كان مثقفاً أو متخصصاً ..
كذلك يلجأ الباحث إلى النهج الأكاديمي نفسه ، عندما يكتب بحثا في التاريخ أو في علم من العلوم ، أوبحثا في فن من الفنون الأدبية أو الأدائية محوطا بمنهج يتناسب مع تحقيق بحثه واستدلا ل تجريبي أو استنباطي حسبما يناسب بحثه ، واقتباسات لتحلية قوله مع تدعيم آرائه بالاستشهادات المناسبة من الآراء المحكمة والموثوق بها لعلماء وباحثين في موضوع بحثه .
وإذا لم يكن من حق الباحث الأكاديمي التحلل من الموضوعية والحياد العلمي ؛ فليس على الكاتب التعبيري أو الإعلامي حرج إذا لم يكن محايداً، حالة كتابته ؛ التي تستهدف التصوير والتأثير أو التعبيروالتأثير؛ لا التقرير.
أما الكاتب الأكاديمي فلابد أن يكون منهجياً ، أي يعرض ما يكتبه من خلال خطة مسبقة أو أساس نظري نابع من منهج وصفي حين يتعلق الموضوع الذي يكتبه بالدين أو بالتاريخ أو باللغة أو بالمسرح والفن أو الأدب في اتجاهاته الطبيعية ( المدرسة الطبيعية ) لأن الكاتب يتناول الموضوع الديني تناولاً ليس فيه أدنى تدخل منه ، فهو واجد واصف – هنا – وله أن يتعامل مع النصوص بموازنتها – بعضها بعضاً - ليصل إلى فهم أو حكم بعد تحليل ؛إلاّ إذا كان باحثا تفكيكيا ناقضا لخطاب النص ولأنساقه فلا حرج في العلم.
وذلك ما يتّبع أيضاً في بحوث اللغة ؛ إذ هي (سمعية) كما قال علماء العربية الأقدمون: (ابن جني، وابن سيده ، وغيرهما) ، و(دي سوسير وبيرس وغيرهما ) في الغرب ..
وهو يتّبع في تناول إبداع ما من المدرسة الطبيعية في الفن وفي الأدب ، وفي المسرح نصاً أو عرضاً من المدرسة الطبيعية ؛ التي تعنى بتصوير شريحة اجتماعية متخيرة تصويراً مطابقاً للحياة اليومية من منظور رؤية الكاتب نفسه في تصويره لقطاع أو زاوية مختارة من واقع الحياة الاجتماعية – ويمكن الرجوع في ذلك إلى كتابات ( إميل زولا أو بلزاك – أو هاوبتمان أو كيد) في فرنسا أو ألمانيا أو( سترندبرج في السويد).
والكاتب الأكاديمي – الباحث – في هذا اللون من الأدب والفن الطبيعيين أوفي العقيدة واللغة والتاريخ – واجد واصف – يجد فيصف محللا فمقررا ؛ لأنه لن يضيف إلى العقيدة الدينية أو اللغة أو التاريخ شيئاً جديداً .. ولن يضيف إلى اللغة شيئاً غير موجود لأنها وعاء الاتصال البشرى علي المستوى القومي أو العالمي كذلك لن إلى التاريخ الذي هو وعاء ما مضي من الأحداث والوقائع والسي شيئا – إنما هو يصف الموجود منها ويقرر بعد ذلك رأياًَ علمياً فيما درس وحلل أو فكك فوصف أو أحصى متحصناً بالحياد العلمي ؛ مستخلصاً بمواجهة النص بالنص والرأي بالرأي والحجة بالحجة.
وفي الدراسات المسرحية لا يكتب الباحث أو الكاتب المنهجي إلاّ إذا كان متخصصاً – على اعتبار أن المسرح نشاط بشري نوعي – ودراسته تكون نوعية أيضاً . علي أن منهجه يتنوع بتنوع المدرسة الفنية والأدبية التي صدر عنها النص المسرحي أوالعرض المسرحي كذلك؛ إلاّ إذا اختلف العرض عن النص .
فإذا كان النص رومانتيكياً كان المنهج في بحثه (منهجاً معيارياً ) على اعتبار أن الرومانتيكية مدرسة تهتم بالمشاعر والعواطف والإثارة .. وكلها عناصر متقلبة، ولما كان البحث أو الكتابة البحثية تأصيل للثابت من الإنتاج البشري أو الظواهر الطبيعية أو الفنية بها ولأن الثابت لا يقاس إلاّ بما هو أكثر ثباتاً منه وأن القياس لا يكون إلاّ في الثابت من الظواهر أو الإنتاج .. وكان المسرح فناً أدائياً منذ نشأته – إذ نشأ على الأداء التمثيلي المجسّد للشخصيات المؤلفة أو المصورة ؛ أو المعاد تصويرها إذا كانت تاريخية– وكان الأداء خاضعاً للحالة المزاجية للمؤدي؛ وهي حالة متغيرة من ليلة عرض إلى ليلة عرض تالية ومن مكان إلى مكان ومن تفسيرأو تأويل إخراجي إلى تفسير أو تأويل آخر؛ لذلك فإن القياس يكون قياساً معيارياً – قياساً يستنبط من العمل نفسه – وهو قياس غير خالص ، للمنهج المعياري ولكنه يتداخل مع المنهج الوصفي أيضا . وربما عبر الاستعانة بالمنهج الإحصائي أحيانا عبر (الاستبيان) ).
وهكذا يتغير منهج قياس الكاتب الباحث ومن ثمّ تتغيرالكتابة البحثية في المسرح تبعاً لتغير أسلوب العرض ومدرسته الفنية . فلئن كان العرض المسرحي يستعين بعناصر الضوء والصوت والملابس والمناظر (الديكورات والحيل المسرحية) فتلك عناصر تطبيقية لذلك فإن قياس دورها في العرض المسرحي يكون قياساً نابعاً من المنهج العلمي التطبيقي مثلها مثل الهندسة والكيمياء والبحوث الجغرافية . وعلى ذلك يكون القياس البحثي في مجال المسرح قياساً وصفياً معيارياً أو إحصائيا أو تطبيقياً . وهو يختلف في العرض المسرحي أو في عنصر من عناصره عنه في النص المسرحي الذي تأسس العرض نفسه عليه .
والكاتب الأكاديمي يتسلح بالتحليل أو بالتفكيك في حالة لجوئه إلي منهج التفكيك تبعا للفكر( الما بعد الحداثى) عند كل خطوة من خطوات كتابته . فهو يتحرى ويجمع ويستشهد ويوثق ويثبت ويحلل أو يفكك ويعلّق ويستنبط ويكتشف ؛ ثم يقرر أو يحكم ؛ وفق قياس واستدلال وثبت ، فتكون كتابته ذات منهج وتنسيق ووضوح ؛ يضيف بما توصل إليه بحثه إلى جملة المعارف الإنسانية معرفة جديدة أو رأياً مغايراً أو مدعماً في الفرع الذي تخصص فيه . ذلك هو الكاتب الأكاديمي ( صاحب التخصص الدقيق).
على أن الكتابة التأثيرية في مقصدها تصويرية كانت أم تعبيرية ؛ لا تلتزم بتلك القيود ولا تتقيد بها ، ذلك أن الخيال رائدها والذاتية منهجها .
على أن هناك لوناً ثالثاً ولوناً رابعاً من ألوان الكتابة وهما:( الكتابة الإعلامية، والكتابة التعليمية ) ، فتلك كتابة بعيدة عن مجال التعبير – إلى حد ما – ما عدا تلك التي تستعين بالأسلوب الدرامي أو الفني – فهي كتابة تلتزم بالسرد الخبري و التقريرالمعلوماتي ؛ وتهدف إلى الدعاية أو الإخبارفي سعيها نحو كسب التأييد لفكرة أو لقضية من القضايا عن طريق الأخبار.أ وتهدف في سعيها نحو كشف الحقائق واستجلاء صحيح الوقائع.
على ذلك فإن الكتابة الأكاديمية والكتابة الإعلامية والكتابة التعليمية تتعرض جميعها تتعرض للقضايا من حيث الشكل و المضمون أو من حيث تناول إحداهما مع الاختلاف في الأهداف أو في أغراض الكتابة الأكاديمية الذي تكون إضافة حقيقية إلى حقائق الفرع المعروض علي مائدة البحث ؛ بينما يقتصر غرض الكتابة الإعلامية علي التأثير من خلال أخبار ومعلومات غالباً ما تكون دقيقة ودون توثيق – إلاّ من حيث المصدر – المراسل أو وكالة الأنباء أو الصور الحقيقية وليست المصنوعة بوسائل تكنولوجيا حديثة سيطرت علي تقنيات التصوير في ظل منجزات عصر المعلوماتية وسيادة ثقافة العولمة ومنجزها المعرفي – فالأخبار تكتسب مصداقيتها من الصورة المرافقة للموضوع أو التسجيل أو التحقيق الصحافي أو الإعلامي ، وتأثيرها يكون وقتياً لأنها لا تعطي فرصة للتعمق والتحري واستعراض الأمر؛ لتلاحق المعلومة وتغيرها مابين لحظة ولحظة تالية.
فأنت إن قلت للشخص ( حدث كذا وكذا اليوم ) هل علمت ؟ فيجيب نعم أو يجيب بلا .. ولكنك حين تقول له ( هل تعلمت كذا؟ ) فإنه لا يجيب بنعم لأن الإعلام هو الإخبار ولكن التعليم هو المعرفة بالتلقين أو المعرفة بالتثقيف وبالممارسة والتطبيق والتجربة والتجريب . والمعرفة بالتثقيف تحتاج إلى مصادر عديدة ومراجع كثيرة وتجارب أكثر وممارسات أطول ، ومقاربات ومقارنات لا يتملكها غير المتخصصين في فروع المعرفة المتباينة والمتشابكة . أما العلم فه الذي يقوّم المعرفة ويصححها بالمنهج وبالتأصيل والشواهد والتجريب والمقاربات والمقارنات والإضافة والثبت . حتى أن النظرية العلمية الحديثة المكتشفة تخطيء النظرية القديمة وتحل محلها تفعيلا لمسيرة التقدم نحو مستقبل إنساني أكثر أمنا وأكثر إسعادا للبشرية ؛ إن وظفت منجزاته في اتجاه التسامح والسلم العالمي .
ا



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( لير) قبل العرض ..(لير ) بعد العرض
- إشتراكية ( سوسولوف) و نظام رأسمالية الدولة
- مؤثرات الفابية في البنية المسرحية ل(جمهورية فرحات)
- مسرح.. كليب
- بيرجينت.. وفن الإهانة
- جماليات الإخراج المسرحي وتجليات الفاعل الحضارى - دراسة في تح ...
- الميتا ذات .. طفل الأنابيب المسرحى
- ذاكرة المسرح السكندرى
- جماليات الفن التشكيلي بين اللوحة المقروءة واللوحة القارئة
- تأملات فلسفية حول المسرح والمصير الإنساني
- التجريب واصطياد فراشات المعني بشبكة الصورة
- تقنيات الكتابة السينمسرحية في- تسابيح نيلية- لحجاج أدول
- المسرح في زمن الحكي
- حوارية القطع والوصل في الحديث عن المسرح الشعرى
- الفن بين ثقافة الاباحة وثقافة المنع
- أشكال الفرجة الشعبية وعناصرها في المسرح العربي (سيميولوجيا ا ...
- توازن الصورة الفنية بين المسرح والفن التشكيلى (1)
- مسرح إبسن بين المتخلفات والمتغيرات المعرفية المتلازمة
- محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكي
- التعبير المسرحي الشعري بين التأمل الذاتي والانفتاح على المعن ...


المزيد.....




- السجن 18 شهراً لمسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-
- رقص ميريام فارس بفستان جريء في حفل فني يثير جدلا كبيرا (فيدي ...
- -عالماشي- فيلم للاستهلاك مرة واحدة
- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - الفن والعلم بين التعليم والتعلم