أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - معزوفة التواصل الثقافي الحضاري














المزيد.....

معزوفة التواصل الثقافي الحضاري


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2506 - 2008 / 12 / 25 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


لإحاطة بالثقافة الكونية مهمة قد تكون عسيرة على فرد من الأفراد مهما يؤتى من مقدرة ودأب على التحصيل المعرفي المتجدد والمتواصل ، مع دوام احتكاك بالثقافات العالمية والكونية قديمها وحديثها ومعاصرها ، مع امتداد سنوات المعايشة والقدرة على خلق مقاربات بين ثقافات الأمم القديمة ذات الحضارة بعضها بعضاً وثقافات الأمم الحديثة والمعاصرة، عبر جهود فاعلة من التحصيل والتحليل والتأصيل والاستخلاصات التأملية ، وصولاً إلى جوهر ثقافة كل أمة وجسور تقاربها ، إحساناً لحياة أكثر إنسانية وأكثر تواصلاً ولهذا سعت الأمم المتحضرة إلى إنشاء هيئة عالمية تتآزر فيها جهود المفكرين والمبدعين والمثقفين العالميين من شعوب الأرض جميعاً لتحقيق ذلك الهدف السامي النبيل وهو تشذيب الفكر الإنساني الكوني قبل أن يستوحش ، وفي أثناء استيحاشه ، وبعد أن يستوحش ، فكانت منظمة اليونسكو معملاً حضارياً لتفعيل حوار الحضارات وضخ بواعث حركة التواصل الثقافي والحضاري القادر على رصد رحلة الثقافة الكونية وتعديل مساراتها عن طريق التفعيل المستمر لحوار الحضارات مدعوماً بوعي تام بالمسيرة الثقافية الكونية لكل أمة من أمهات الحضارة العالمية بدءاً من مرحلة توكيد امتلاك الآلهة لمصير الإنسان مروراً بمرحلة توكيد امتلاك الإله الواحد لمصير الإنسان فمرحلة توكيد امتلاك خليفة الله على الأرض (كاهنا – حاكما – مالكا) لمصير الإنسان . ومرحلة توكيد امتلاك الإنسان لمصيره وصولاً إلى توكيد امتلاك الفكرة الأيديولوجية لمصير الإنسان وانتهاء بتوكيد امتلاك الآلة للمصير الإنساني.
وفي كل مرحلة لا يغيب التمايز بين فاعل حضاري لعصر ما وفاعل حضاري لعصر تال له ، حيث تباين الفاعل الحضاري ما بين الديني والفلسفي والقانوني والبحثي والأيديولوجي والتكنولوجي والمعلوماتي. فإذا كان الفاعل الحضاري عند الفراعنة ماثلاً فيما يمليه الكاهن أو الفرعون نيابة عن آلهته عبر التلقين الجبري ، وكان الفاعل الحضاري عند اليونان فلسفياً تفاعلياً ماثلاً فيما ينتهي إليه الحوار مع الآخر لتحقيق النفع العام ، فإن الفاعل الحضاري عند الرومان قد تمثل فيما يمليه قانون المواطنة الإلزامي لكل روماني – دون غيره من رعايا الامبراطورية وأتباعها عبر أطرافها المستعمرة – وبينما تمثل الفاعل الحضاري في العصر الوسيط في ثقافة تلقين الوعي الكهنوتي الجبري للدين ، فقد تمثل الفاعل الحضاري في عصر النهضة الأوروبية فيما يمليه الاستدلال الاستنباطي والاستدلال التجريبي بالاكتشاف أو بالتجريب . وفي العصر الحديث تمثل الفاعل الحضاري في الالتزام الطوعي لما تمليه الأيديولوجيا والآلة في آن واحد .
أما عصرنا الراهن فقد تمثل الفاعل الحضاري فيما تمليه الميديا واحتكار المعرفة واحتكار إنتاجها بما يكشف عن الطابع القهري المستتر تحت دعاوى الديمقراطية.
فإذا كانت مهمة الحضارة هي صنع الخلود لدى الأمم ، وكانت مهمة المدنية هي صنع الرخاء والعدالة على قاعدة قبول الآخر.
وكانت مهمة الثقافة هي فهم الحياة البشرية وطرائقها في حالات تواصلها وحالات تقاطعها وحالات انقطاعها وحالات توالدها .
وإذا كانت مهمة الفن هي البحث عما يجب أن يكون تفعيلاً ليقظة الضمير الإنساني بخلق أنماط وصور تحمل معنى الشمول ارتكازاً على المعرفة في كونها بوتقة الخبرات المكتسبة والمتجددة ، فذلك وصولاً إلى الحقائق الإنسانية والكونية التي تخفى على العالم في وقفته التي يركز فيها عبر البحث لرؤية ما هو كائن في الحقائق المكتشفة لا فيما ينبغي أن يكون فيها .
ولأن مثل هذه المهام الثقافية الكونية هي مناط عمل منظمة اليونسكو بوصفها منظمة الثقافة العالمية، هي مهام خطيرة ، لذلك فإن البحث عن مدير يقف على رأس ذلك الهرم الثقافي العالمي أمر يستحق التنقيب الأمين عن مرشح سكنته ثقافات الكون . وفي اعتقادي أن فناناً مبدعاً تعايش مع حضارات متعددة وتفاعل معها وأتيح لمهد الحضارات أن تحظى بخبراته العالمية في تفعيل العمل الثقافي عبر عطائه المتدفق لثقافة مصر القديمة والحديثة وجهاً عربياً مضيئاً للحضارة في المحافل العالمية الغربية. وجهاً قادراً على تفعيل حوار الثقافات الكونية من أجل المزيد من التواصل الحضاري بين الشعوب.
إن الاستمرار القيادي الفاعل عبر مسيرة فنان متمرس بإدارة العمل الثقافي تفاعلاً مع إجماع النخب المثقفة المتباينة المشارب والتوجهات في بلد عظيم كمصر لاشك يمكن تلك القيادة من إدراك جوهر ثقافة الشعوب . ولاشك عندي أن رجل ثقافة عالمي له إنجازات بحجم إنجازات فاروق حسني قد أدرك أن فكرة الخلود – وهي جوهر الثقافة المصرية القديمة – قد أنتجت فجر الحضارة وبلورت فكرة الضمير الإنساني وفكرة التفكر في المصير الإنساني . ولاشك عندي أنه مدرك لفكرة التعدد في الرأي عند اليونان ودورها في إنتاج فكرة المدنية ودور المواطنة وقبول الآخر وأنه مدرك لما أنتجته فكرة القوة عند الرومان ودورها في تنظيم علاقات المواطنة وفق القانون. وأنه مدرك لفكرة التسامح التي هي محصلة فكرة الخلاص عند الأمم المسيحية . ومدرك لنتاج فكرة التوحيد والشهادة عند الأمم الإسلامية وفتوحاتها التي تمت تحت شعار (الكل في واحد) ومدرك لخطورة التمركز حول فكرة الواحد معياراً للمعرفة ودليلاً على خطورة الإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة ومدرك لخطورة التعامل مع الوجود من منطلق التمركز حول شخص واحد أو فكرة واحدة بعينها تتخذ معياراً للمعرفة أو دليلاً وحيداً على الحقيقة وتلك صفات إن وجدت في شخص ما فهو الأجدر بارتقاء كرسي الإدارة في منظمة الثقافة العالمية ، ولاشك أن ارتقاء مثقف مصري لتلك الدرجة السامية هو ارتقاء ليس لمصر وحدها بل للأمة العربية كلها .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اتركوا النار لنا
- المونودراما وفنون مابعد الحداثة
- نظريات المسرح
- ليس ثمة من وطن .. حيثما الدين وطن
- سفر الخروج من (طما ) مونودراما الممثل الواحد
- الماركسية في الحضور وفي الغياب
- التجريب بين حلم شكسبير وحلم كولن باول
- الوصايا السبع للمسرح التجريبي
- جواز (فاطمة) من (يوسف) باطل
- المقامة التنظيرية الأردشية والصدمات المسرحية
- التجريب المسرحي بين عروض الحكي وعروض المحاكاة
- المسرح وفكرة المخلص المستبد العادل
- شهرزاد/ موناليزا ..في كباريه وليد عوني السياسي
- الفن والعلم بين التعليم والتعلم
- ( لير) قبل العرض ..(لير ) بعد العرض
- إشتراكية ( سوسولوف) و نظام رأسمالية الدولة
- مؤثرات الفابية في البنية المسرحية ل(جمهورية فرحات)
- مسرح.. كليب
- بيرجينت.. وفن الإهانة
- جماليات الإخراج المسرحي وتجليات الفاعل الحضارى - دراسة في تح ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أبو الحسن سلام - معزوفة التواصل الثقافي الحضاري