أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم البهرزي - عن رحيل آخر جداتي ...الحداد اهون من النسيان














المزيد.....

عن رحيل آخر جداتي ...الحداد اهون من النسيان


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 09:35
المحور: سيرة ذاتية
    


الى رفقة..اعتذر لها وفاءا للذكرى المحضة فحسب ..ذكرى الرفقة

شهد العراق خلال الثلاثة أيام الأخيرة موجة من العواصف والإمطار تحمل في ثناياها ما ينفع البعض ويضر البعض الآخر ...وقد ينفع ويضر في آن نفس هذا البعض ..
وهذا ما حصل مع (خادمكم ) الصغير :
حيث أطارت عاصفة بصحن التقاط إشارة الانترنيت وهوت به بعيدا مما جعلني بمعزل قرابة ثلاثة أيام أو ليلتين عن التواصل مع آخر أنيس تبقى معي ..انتم !!
غير أن الهموم لا تأتي فرادى
إذ رحلت قبل هذه العاصفة ببضعة أيام آخر جداتي (ولا أجدها غريبة أن يكون للمرء عندنا أكثر من جدة ,فجدتك لامك هي جدتك طبعا ...وان كانت لها أخوات فهن جداتك بالتبعية ..وكذلك الحال مع جدتك لأبيك وأخواتها ...)

ما يؤلمني أنني كنت دائم اليتم ,وهو ما أفضى بحالي لان أكون ربيب جدات متتاليات ...وكنت مستأنسا لهذه التربية , فالجدة نادرا ما تزجرك ..وكثيرا ما تروي لك الحكايات
في البدء كان ولعي بالحكايات مخبولا , أعيدها وأستعيدها مرارا جهارا ليلا ونهارا ..ومع تتابع وفيات الجدات ,وحيث كنت اسَلم من رعاية جدة ميتة لجدة على وشك الموت ..وحيث كنت آمل بالمزيد من الحكايات ...
غير أن ظنوني كانت تخيب شيئا فشيئا !!
فكأنما كل جداتي كن متواطات على رواية واحدة للأحداث ......أو أنهن جميعا يعانين من الخرف المبكر المزمن .
وكنت بالطبع أتقدم بالسن ,وتنتابني كلما تقدمت بالسن حيرة من السر الذي يجعل الحكاية مكررة رغم اختلاف أعمار الجدات ..ولا معقولية معايشتهن الأحداث سوية ليسردنها (بالصدق المبين ) نفسه الذي تفرضه أمانة التاريخ ...
فبدأت على استحياء أتحرى عن حكايات جداتي من مصادر أخرى عايشت أزمانهن , الأمر الذي بدلا من ان يحيلني إلى حلول فقد حولني إلى أحابيل وحيص بيص و(هريسة ) في الرأس ....هريسة تطعم في كنيسة !!!!!..
غير أنني امتنانا لتربية جداتي لم اكذب أحداهن في حكاية ..بل بدأت اطرح الأسئلة بصيغة الساذج ...واستلم الجواب فاكتمه صابرا على غشاوته وغموض معانيه المختلفات بين جدة وجدة بالرغم من وحدة الخطاب والسرد والمضمون ...
في نهاية الشهر الماضي وقد كنت جاوزت الخمسين من عمري وحيث كنت أضع راسي كالعادة في حضن آخر جداتي التي شارفت الربع الأخير من القرن , راودتني جرأة أخيرة (قلت لنفسي :
يا حفيد الشؤم ...لقد عبرت الخمسين من الأنين لا من السنين فحسب !!
ولا زلت تستكين مطمئنا من حكاية جدة لجدة وتغفو حالما حتى انتهاء الحكاية دون أن تسال الجدة مثلا :
وهذا المصباح السحري يا جدتي كيف يسع ماردا كعلاء الدين؟...
مثلا ..يعني كسائر الحكايات !!!
غير انك أشفقت على نظرة على عينيها الذاويتين –وهي كما قلت آخر الجدات !
حكت في أخر الشهر من ربع قرنها الأخير نفس الحكاية
فأصغيت حالما.......... ونمت !!!!.
بعد أسبوع استيقظت ...لتقل وانت تنام في حضن بارد لم يعد يروي حكاية :
آه يا جدتي الأخيرة .لقد مت تماما !!....أحقا ؟؟

الأيام الثلاثة الماضية التي توافقت مع انقطاع صحن استلام إشارة الانترنيت كانت مجلس فاتحة لآخر جداتي .....
زرت قبرها أمس زيارة ختامية ولن أزوره بعد ...فما جدوى الذكرى الصامتة ؟
فهنا في القلب ذكرى حية لتلك الحكايات .بباطلها ويقينها .قد سمعها غيري من جدات أخر ...
غير أني
فقدت آخر جداتي إلى الأبد
ولن أتحدث بعد ابدا عن هاته الجدات
أبدا أبدا .حتى لو شتمني أو استفزني أبناءهن من أعمامي وأخوالي وأبناء عمي وإخوتي :

عند الموت لا احتاج إلى الجدل ...

السعيد في الأمر ..إنني حين تركت منزل الجدات إلى الأبد في هذه الثلاثة أيام الأخيرة
وجدت جارة كانت هاجرت منذ طفولة بعيدة (لقد قلت لكم إنني عبرت الخمسين .فلا ادعاء علي بالتصابي رجاءا!!)
كنت وهذه الجارة التي قاربت عمري نصنع أغان لا مبالية بأهل ولا حرمات ..
قالت تعال نستعيد المتبقي من الزمان غناءا ..
فكرت ..
.بعد كل الخسارة لا باس من الغناء .غير إنني صارحتها :

لم يعد عندي من الأغاني المرحة إلا القليل القليل ..
ضحكت وهي تبتسم بيأس :
ومن قال لك إنني لا أحب الحزن الجميل ؟


ساغني لها ما استطعت ..كما ساغني لصور الفرسان النبلاء في حكايات جداتي الراحلات ..
وداعا يا غولساري
(هذا ما تذكرت من آخر حكايات الجدات)
فعذرا لقائلها



#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تصريح المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراق ...
- الاغنية كنحلة تازُ فوق حدائق الذكرى
- ديوان الحساب ...................(4)
- ومثلما غنوا ..انا غنيت
- ديوان الحساب .............(3)
- الاعتذار بعد المراجعة سمة النبلاء من الشيوعيين ......والتهجم ...
- رسالة اتهام من قاريء ....وحق الرد عليها
- مراثي الذين ما التقيتهم اسفا ..وهي تسبق مراثي من التقيهم وجل ...
- المبدئي والعقائدي .....هو الغبي بامتياز ,حتى وان كان عبقريا
- دور تشارلي شابلن في انتخابات مجالس المحافظات في العراق
- تامل في تعليقات قراء وكتاب الحوار المتمدن ...........كلنا (م ...
- لن انتخب قائمة الحزب الشيوعي ..سانتخب اسماءا وردت في قوائمه ...
- ديوان الحساب .......(2)
- والطائفية ايضا ...تستحق ضربة الف زوج من حذاء منتظر
- كل نبيل في الارض...ينبغي ان يطالب باطلاق سراح المناضل احمد س ...
- ديوان الحساب ..........(1)
- في اعياد الميلاد المجيد ....رسائل اعتذار واستذكارات ...الى ( ...
- لماذا تركت اوجاعي يتيمة ؟
- وتمدن الحوار ...لايغض الطرف عن حقائق وقحة ...
- لاحرج ان يكون لليسار العراقي الجديد ..حذاءا.....بعدما جف الق ...


المزيد.....




- مزاعم روسية بالسيطرة على قرية بشرق أوكرانيا.. وزيلينسكي: ننت ...
- شغف الراحل الشيخ زايد بالصقارة يستمر في تعاون جديد بين الإما ...
- حمير وحشية هاربة تتجول على طريق سريع بين السيارات.. شاهد رد ...
- وزير الخارجية السعودي: حل الدولتين هو الطريق الوحيد المعقول ...
- صحفيون وصناع محتوى عرب يزورون روسيا
- شي جين بينغ يزور أوروبا في مايو-أيار ويلتقي ماكرون في باريس ...
- بدء أول محاكمة لجماعة يمينية متطرفة تسعى لإطاحة الدولة الألم ...
- مصنعو سيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن
- انتخابات البرلمان الأوروبي: ماذا أنجز المشرعون منذ 2019؟
- باكستان.. فيضانات وسيول عارمة تودي بحياة عشرات الأشخاص


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم البهرزي - عن رحيل آخر جداتي ...الحداد اهون من النسيان