خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2538 - 2009 / 1 / 26 - 01:16
المحور:
القضية الفلسطينية
اثناء العدوان على غزة , شنت ( كل ) الحركة الدينية السلفية هجومها السياسي بصورة مركزة , ليس على الكيان الصهيوني وقوات الاحتلال , بل على السلطة الوطنية الفلسطينية , ودولة مصر . وقد اسهم الى جانبها وقادها في هذا الهجوم ايران وسوريا , واسندها اعلاميا بنشاط منقطع النظير قناة الجزيرة وايضا اعلام حزب الله , لقد كانت نتيجة ذلك المباشرة التشويش على حركة الشارع اقليميا وعالميا وهو تشويش اسهم الشراع الديني السلفي بقيادته مباشرة وبتضليل واضح للراي الشعبي , فقد تم تصوير السلطة الوطنية الفلسطينية ودولة مصر وكأنه لا مصلحة لهما في صمود وانتصار المقاومة وغزة , بل وكانهما متواطئين ومعاديين للمقاومة في غزة ومناصرين للعدوان الصهيوني .
ان اهداف الحركة الدينية المعادية بحكم اسسها النظرية للمفاهيم الوطنية هو امر جلي ليس بحاجة الى محاولة استكشاف له , ولم يكن العدوان على غزة سوى فرصة للحركة الدينية لاستعراض عضلات ومساحة تواجدها في الشارع وهي مساحة تتسع لمقدار الولاء للمعتقد الديني لا لوعي النهج والاهداف السياسية للقوى السياسية الدينية , والفارق شاسع بينهما , حيث تخفي القوى السياسية الدينية اهدافها الانتهازية خلف مقولة نصرة الله عز وجل . ولا مانع عندها وهذه سريرتها من ان تنحرف بطيبة قلب موقف الشارع وتوظيفه لصالح اهدافها الخاصة , كما حدث اثناء العدواان على غزة حيث اخذت هذه القوى السياسية في الحركة الدينية برفع شعارات ظاهرها نصرة اهالي قطاع غزة والمقاومة وباطنها تكريس حالة الانقسام الفلسطينية وجعلها حالة شرعية لحركة حماس الانفصالية موازية لشرعية منظمة التحرير الفلسطينية , وهو الامر الذي ترفضه رفضا قطعيا الجماهير والسلطة الفلسطينية ودولة مصر , في حين تسعى الى تحقيقه كل من ايران وسوريا والقوى السياسية الدينية واسرائيل ,
ان تعطيل مسار التسوية هو الهدف الرئيسي لتالف اسرائيل وسوريا وايران والقوى السياسية الدينية , والذي تسعى لتحقيقه عبر ضرب الشرعية الفلسطينية , او باسقاط الموقع الفلسطيني من بين مواقع اطراف التسوية الامر الذي يبقي خارطة الشرق الاوسط على صيغتها القديمة ( الانجلو فرنسية ) والتي تخلو من دولة فلسطينية ودولة كردية ويحفظ لكل من الكيان الصهيوني وايران وسوريا المكتسبات التي حققتها في من هذه الصيغة , وهذه هي التسوية التي يمكن لهذه الدول قبولها دون التغيير الذي تحمله الخارطة الجديدة المقترحة للشرق الاوسط من قبل الولايات المتحدة الامريكية والتي لفلسطين وكردستان بها مواقع سرعية ودول قادرة على تحجيم محاولات التوسع الاقليمية من قبل كل من اسرائيل وسوريا وايران للتحول هذه الدول الى مراكز كبيرة متميزة في المنطقة , وهو الامر الذي يلقى رفض دول رئيسية اخرى في مقدمتها مصر ومن ثم السعودية والاردن , هذه الدول التي تخشى من الطموح الصهيوني والايراني في التوسع خاصة انهما تملكان الموارد والقدرات على تحقيق ذلك بل انهما قد حققتا خطات على هذا المسار عبر حرب 1967 بالنسبة للكيان الصهيوني وعبر حرب العراق بالنسبة لايران .
ان موقف مصر الرافض لهذا النهج والمصر على انجاح فرصة اقامة الدولة الفلسطينية , ليس في حقيقته سوى تعبير عن مصلحة حقيقة استراتيجية وطنية مصرية تتقاطع مع مصلحة استراتيجية وطنية فلسطينية , الامر الذي يؤكد طبيعة المدى الاستراتيجي والاخلاص لدى كل منهما , وهو وان خدم بصورة ثانوية الرؤية والنهج الامريكي لما يجب ان يكون عليه الشرق الاوسط , فانه ايضا لا تعارض مع النوايا الامريكية التي تهدف الى كبح جموح الكيان الصهيوني وسوريا وايران التوسعي عبر اقامة دولة فلسطينية وكردية في المنطقة فهما وللضرورة الوطنية في حال تحققهما الاكثر مصلحة في اعتراض طموحات التوسع هذه , وهو الامر الذي ادركته دولة مصر , مع ادراكها لما يمكن ان نسميه ( عامل صحراء غزة ) و ( عامل الصراع مع حركة الاخوان المسلمين ) .
فلقد اثبتت حرب 1948وحرب 1956وحرب1967وحرب1973 , ان خلو صحراء سيناء من الكثافة السكانية والمدن شكل عامل ضعف كبير مس بقدرة مصر الدفاعية حيال قدرات الكيان الصهيوني العسكرية الهجومية , الامر الذي يجعل القدرة الفعلية الدفاعية لمصر تبدأ من حد قناة السويس ومدن القناة كما اثبتت التجربة التاريخية , وقد التفتت مؤخرا القيادة المصرية الى عامل الضعف هذا واخذته بعين اعتبار نهجها في التنمية وهي الان تعمل على تنمية الكثافة السكانية في صحراء سيناء الى جانب وضمن خطة قومية مصرية طموحة لتنمية الكثافة السكانية المصرية على كافة حدود مصر بدلا عن استمرار حالة التكثف حول مجرى نهر النيل , لكن الوصول الى نتائج مرضية بهذا الصدد يحتاج وقت وجهد ومال ومدى زمني طويل, لا شك ان قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة سيكون اقرب وقتا منه الىجانب ما يعنيه ذلك من ابقاء النتائج المدمرة للنشاط العسكري خارج الحدود المصرية ,
اما العامل الاخر الذي حدد مدى واتجاه موقف ونهج دولة مصر فهو حالة العداء والصراع السائدة بين حركة الاخوان المسلمين والنظام المصري وهي حركة تستهدف استبدال النظام المصري من نظام ليبرالي ديموقراطي راسمالي الى نظام شمولي ديني غير قادر على تطوير التنمية القومية المصرية بصورة حضارية تتناغم مع الاتجاه العالمي في الرقي والتحضر بل يعيدها الى الخلف ويقضي على انجازاتها المتحققة الى جانب ما سيفجره من صراع داخلي نرى في افغانستان والصومال والسودان وتجربة الانفصال في غزة دليلا ليس على سلبيته ورجعيته فحسب بل ما سيجره ايضا من عداء عالمي له , ان تعميق الضغف سيصبح هو النتيجة الوحيدة لنجاح حركة الاخوان المسلمين في الوصول الى السلطة في مصر, فكيف سيكون الوضع في حال وجود امارة لحركة الاخوان المسلمين في غزة سوف تشكل ولا شكاولا قاعدة اعداد واسناد لحركة المسلمين في مصر ضد النظام وستكون تاليا شريكا في الصراع والعمل ضده ,
ان اصرار مصر على التمسك بموقف رفض فتح معبر رفح ( فتحا دائما ) الا بوجود واشراف السلطة الفلسطينية واستعادة سيطرة هذه السلطة على الوضع في غزة اذن هو موقف معبر عن مصلحة مصرية استراتيجية غير متعارضة مع المصلحة الاستراتيجية الفلسطينية في استعادة الوحدة الوطنية جغرافيا وشرعية , وتاليا في اقامة دولة فلسطينية , دون اشتراط لمحتوى الحوار الداخلي الفلسطيني وكيفية انجاز الوحدة بعيدا عن التدخل والتاثير الاسرائيلي السوري الايراني , فمصر لا تمانع نهج الكفاح المسلح , غير انها بالتاكيد لا تتفق والنتائج السلبية التي تلحق بها جراء هذا ( النهج الازعاجي من المقاومة ) والذي يخلو ولا يحتوي على أي مضامين تحرير لفلسطين , حيث لا حصار للكيان الصهيوني ولا ضرب لبنيته الاساسية , بل ان هذا النمط من المقاومة يمنح الكيان الصهيوني الحجج والذرائع لحصار الشعب الفلسطيني وضرب اسس ومقومات صموده في وطنه ويعمل كمجال يتناغم به اهداف ونهج اعداء القومية الفلسطينة ,
اننا مع المقاومة على اساس المركزية العسكرية والتعددية السياسية ومع المقاومة على اساس ادراك (خصوصية المصلحة القومية الفلسطينية ) بعيدا عن مقولات وحدة المصلحة القومية العربية ووحدة المصلحة الدينية فهذه اكاذيب اثبت تاريخ تجربتها والعلاقة بها انها بيض فاسد لايصلح للاستهلاك البشري وتقوم على تزييف الواقع والمعتقد
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟