أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كاظم الحسن - خرافة المستبد العادل














المزيد.....

خرافة المستبد العادل


كاظم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2533 - 2009 / 1 / 21 - 00:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا جديد تحت شمس الشرق في السياسة!
يقول علي عبدالرزاق في كتابه الشهير (الاسلام واصول الحكم ص26) من الملاحظ البين في تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين ان حظ العلوم السياسية فيها كان بالنسبة لغيرها من العلوم الاخرى اسوأ حظا وان وجودها بينهم كان اضعف وجود فلسنا نعرف لهم مؤلفا في السياسة ولا نعرف لهم بحثا في شيء من انظمة الحكم ولا اصول السياسة اللهم الا قليلا لا يقام له وزن ازاء حركتهم العلمية في غير السياسة من فنون.

وطالما ان العلوم السياسة كانت غائبة في حياة المسلمين فلابد ان تزداد سطوة ونفوذ الاستبداد في التاريخ، وقد تكون مقولة (التاريخ يعيد نفسه) مرتبطة بحالة الجمود التي اوقفت معالم التطور في شؤون الحكم، والا كيف يمكن ان تكون شخصية دموية مثل الحجاج ابن يوسف الثقفي محل جدل ونقاش على ما يسمى (من حقه البطش بخصومه) الى يومنا هذا!
يقول عبدالله الغزامي، ان الاشكالية او المأزق اللغوي الخطير تقع من الصيغة التي رسمها جمال الدين الافغاني لفكرة المستبد العادل، انه مفهوم احدث تخريبا عميقا في افكار المثقفين الذين قبلوه حتى دون جدال حوله، فكرة المستبد العادل ظلت سائدة ولا تزال ووجد كل زعيم نفسه مجسدا لها سواء كان من زعامات ما قبل الانقلاب او بعده.
وهذه الفكرة لا معنى لها، لأن العدالة لا تجمع مع الاستبداد تحت سقف واحد، فاحدهما يلغي الثاني ولا سبيل للتعايش بين الاثنين، فالاستبداد يؤدي بطبيعة الحال الى الحكم المطلق، وهذا يؤدي الى الفساد، وقرينه ينسف اية عدالة او حرية او نزاهة، وحتى لو افترضنا جدلا صحة مقولة (المستبد العادل) فكيف نضمن سير العدالة في خلفه وبالطبع لابد ان يكون من نسله، انها اشكالية شخصنة السلطة التي ترفع من مقام الفرد الزائل وتلبسه ثيابا فضفاضة لا تنسجم مع مقاسه، ولكن الحاشية تحاول ان تزوق وتجمل ما هو قبيح وضار خدمة لمصالحها.
ان روح القانون والمؤسسات لن تكون يوما ما من صنع الحاكم المستبد، لانها تنهي احتكاره للسلطة واستحواذه عليها عن طريق الغلبة.
ويرى ارسطو في كتابه (السياسة) ان الطغيات حكم اقلية وحكم تضليل ومنافع ذاتية لا يرمي الى مصلحة من مصالح العامة.
وفي العصر الحديث كان الكواكبي من ابرز من تناولوا الظاهرة التي يصفها بانها (صفة مطلقة العنان للتحكم في شؤون الرعية كما يشاء بلا خشية من حساب او عقاب).
وكان مونتسكيو قد وصف المستبد بانه (من يحكم حسب تزواته بلا قوانين او بلا قواعد من مبدأ خوف).
والحقيقة ان ثمة اختلافاً ما بين الاستبداد والشمولية اذ ان الاستبداد يتحكم بشؤون الافراد ولم يصل به الامر الى مصادرة افكارهم والسيطرة على عقولهم والادعاء بان ثمة رسالة سامية يريد من خلالها تغيير طبائع النفوس وفق صورة مثالية نعيش في مخيلته يحاول من خلالها قسر الناس على قبولها حتى لو كانت طوباوية وغير واقعية وتلك كانت الشرارة الاولى لسفك الدماء والحروب.
والحياة بطبيعتها تميل الى التنوع والاختلاف والتلون ونقيضها الموت والاحادية والرأي الواحد والحزب الواحد.
والطغاة من امثال مسوليني، بول بوت، هتلر، لا تجد من يدافع عنهم في العالم، مع ان هتلر كان محط اعجاب ومثلا اعلى لبعض الحركات السياسية في المنطقة، وكأن نظريته حول تفضيل الجنس الآري او الخراب الذي جلبه لالمانيا واوروبا تستحق الفخر والاجلال!!
ولقد دافع احد رموز دولة الحزب الواحد عن قانون الطوارىء في بلاده والذي مضى عليه اكثر من ثلاثة عقود قائلا: انه اصبح جزءا من نسيج المجتمع وما عاد احد ينظر اليه على انه مصدر تهديد للحريات او الحقوق الشخصية بسبب تقادم الزمن عليه.
فاذا كانت هذه الفترة الزمنية القصيرة في حياة الشعوب قد تطبعت فيها على ما يزيد من اغلالها وقيودها فكيف الحال بالتعايش مع الاستبداد لفترات طويلة غائرة في اعماق التاريخ، لابد ان المشروعية للسلطات سوف تكون اكبر واكثر رسوخا مما يجعلها تمتد الى البنية الثقافية والسياسية والاجتماعية، ويصبح الناس اكثر دفاعا عن قضبان سجونهم التي اقامها لهم الاستبداد وهم يحتفلون به وينحرون كل يوم من خلاله!
ان منطقة الشرق بحاجة اليوم اكثر من ذي قبل لثقافة حقوق الانسان، لكي تعيد الحياة في عروقها، وتنظر الى العالم من خلال الارض والحياة والمصالح المتبادلة وتندمج في هذا العالم الكبير بلا عقد او ترسبات او احقاد.
نعم انها لحظة مفارقة للتاريخ الذي عشناه وتعلمناه في حياتنا، ان نرى الطاغية، الذي ارتكب من الجرائم والمذابح بحق الشعب العراقي ما يعجز الخيال عن وصفه او حصره بارقام، امام القضاء لينال جزاءه العادل وفق القانون ونظام المؤسسات المدني، وهي حالة مؤلمة ومثيرة لمشاعر الضحايا والمتضررين من حكم الطاغية في الوقت الحاضر ولكنها سوف تؤسس لحياة سياسية واجتماعية وثقافية بعيدة عن التعصب والانتقام والثأر وتدفن الاحقاد والامراض والنزوات المتقلبة والكثير من العقد ومخلفات ثقافة الكراهية واحتقار الاخر.
علينا ان ننظر الى ما وراء مشهد المحاكمة، لنجد الديمقراطية، تبحث عن الانسان في دخيلة الطاغية الذي قتله ايضا مع خصومه ومعارضيه لان محاولة احيائه او على الاقل التذكير بمقتل هذا الانسان لعله يؤدي الى ايقاظ مشاعر الانسانية عند الاخرين وان كان لا حياة لمن تنادي اليوم فلتكن الحياة غدا.



#كاظم_الحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الأرض المحروقة
- دولة القانون... طوق النجاة للجميع
- الفوضى بين الخلق و الدمار
- جدلية الدولة والقبيلة
- أموال العراق السائبة.. وفرص العمران الغائبة
- الاغتيال المعنوي يهدر دم الآخر
- التعايش مع الازمات
- الدولة بين الأخلاق والميكافللية
- لكن وأخواتها
- العراق في مفترق طرق
- الانتقال من العدو الى الذات
- الاصلاح في الشرق الاوسط... والخوف من الحرية
- الأحزاب السياسية ومستقبل الديمقراطية في العراق
- الإرهاب و غسيل الواقع
- الإمارة الطالبانية ومنع طائرات الأطفال الورقية!
- المرأة في البرلمان
- استثمار الاجساد المفخخة
- منظمات المجتمع المدني.. قوة توازن بين الدولة والمجتمع
- الدولة و المنظمة السرية
- مجتمع مدني أكثر و دولة أكثر


المزيد.....




- حقوق الاسير بين القيم الاسلامية والمنظومة الغربية
- خامنئي: لو توحد المسلمون لما ضاعت فلسطين ونزفَت غزة
- لوموند تحذر من المعايير المزدوجة حول الإسلام بفرنسا
- استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر الأقمار الصناعي لتسلي ...
- قائد الثورة: لو توحّدت الأمّة الاسلامية لما وقعت مأساة فلسطي ...
- هيئة الحج للحجاج: ابتعدوا عن الأفكار السياسية وتجنبوا الشعار ...
-  خامنئي: لو توحدت الأمة الإسلامية لما وقعت مآسي فلسطين وتعرض ...
- إيهود باراك يدعو لعصيان مدني لإسقاط نتنياهو
- إيهود باراك يدعو إلى عصيان مدني لإسقاط نتنياهو
- ثبتها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات و ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كاظم الحسن - خرافة المستبد العادل