أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - غزة -المعصوبة العينين-














المزيد.....

غزة -المعصوبة العينين-


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 2529 - 2009 / 1 / 17 - 06:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزة ( المعصوبة العينين)


غربة جديدة تبدأ طوافها ويدخل جحيمها الإنسان الفلسطيني محمولا على تاريخه وحيدا أعزل في وضح نهار هذه الأزمنة الرديئة التي لا تنبت غير الأراذل من الرجال والأنظمة وأشباه الرجال والأنظمة. يهبط الجرح إلى قاماته المفتوحة على اليباب والحطام القادم من كل الجهات، كأن الأمر معد سلفا: ينام أطفال العالم باكرا، ليجد الرصاص الإسرائيلي فرصته لإبادة أطفال فلسطين المشرعين لريح الرغبات المجنونة لسفك الدماء، واستباحةوداعتهم من ساعات الفجر لا متداد النهار. تنام شعوب العالم المحاصرة بإرادة القهر كي يكون شعب فلسطين الطريق للموت، وتنام الأنظمة تكريما لصاعقة العدوان، ينام الجميع ليتقدم الإعصار وتسرح الطائرات الخرقاء في مرمى غزة النسيان وتغلق أبوابها على الموت الحزين، وحين يشرق الصباح من هول العاصفة يشارك الجميع إسرائيل البريئة متعة الدم الفلسطيني الذي يشق لون الظهيرة ويبدأ في الاحتراق.
لا شيء غير الموت، وغزة تزداد اتساعا، والمرايا الصدئة تتحطم الواحدة تلو الأخرى، والأنظمة ترتب أمر العيش بمفردها، والقتل يغوص في تجاعيد شتاء المدينة، ويأخذ يدها لوخز النهايات، حيث المعابر مغلقة على ذاتها، تغادرها الحقائب لحيث تذبل الأعالي وتمضي القسوة أبعد من السماء، ويبقى الفلسطيني في الغابة وحيدا يصرخ في وجه الدمار.لتمت كل ظلال الأشجار، وحشود النساء العائدات من تعب الجنازات، والوجوه الشريدة، أكداسا أكداسا، فلن يذرف الدمعة أحد.
ها هي شهوة الدم تنهض من رمادها لتكتب سيرة الرعب في تلال غزة العارية، وهي تسند رأسها للغبار، وتسلم جسدها للموت والألم النازف. غزة اليوم وغدا شبيهة الدماء مثخنة بالجراح وسيول الآهات التي تتصاعد من لهفتها ومن أمواج البراءة التي تقطر من عيون أطفالها المكتوفي الأحلام المهددين بنزيف الشوارع المفتوحة على منتهى الدمار.. كل الدم يلتف بالدم، وكل الوطن يفترش الرصاص الوابل ويتوغل في هوادة المحرقة، وكل فلسطين تكتب أشجارها كي لا تتعثر في مرعاها، ورايات الرعب ترفرف بعيدا أو قريبا من مقبض اليد، تزرع نشوة القتل الصماء، وتقود الأشلاء لظلمة العالم. العالم الذي يخبئ وجهه في جوقة الخذلان.
ما بال هذا العالم يمشي في طوق صمته، يقف جامدا على صارية النبع، لا أحد فيه يوقظ الشمس، ولا يد تستعطف لوعة الماء، ولا صوت يعلو طوال المدينة، ليقول لجفوة الأحجار: أنا أكره الحرب. من يكون هذا العالم، الحائط المخمور المخيط بأهواء الصمت ولا يهرب من خوائه المزين بأرواح العابرين لطريق الموت الدافق والحداد الدائم، وكيف تغويه رعشة الدماء لهذه الرجة من الكبرياء. أليس بمقدوره مرة أن ينهر المتاهة دفاعا عن نقطة عبور إلى غيمة حزينة تتراقص فوق سماء من فلسطين تحترق وحدها عارية ويتناثر دمها الرقراق في أودية الخراب المدبر ويقول: (أنا لكم قبل أن أكون لنفسي).
كبر القتل،وظل الطريق واحدا، الصمت هو الملجأ الوحيد، الموت هو المفر الوحيد، الصمت هو القرار الوحيد. والأرض تشبه الدم، والدم شبيه الأرض، والموت يغطي كل شيء بأسمائه، ووصل الكيل والسيل الزبى الآتي، وعم كل هذه القمامات العربية المطردة المصطفة على يسار النفط ويمينه، أمامه وخلفه، النفط الرصيف الأجوف المجبول على رعاية الهزائم الملفوفة بعناية الدمار،يستدير الغرباء وتبسط الرياح يديها في العواصم الغائصة في الوحل، ولا أحد يتروى أن يرى بوضوح ما يحدث على أبواب غزة "المعصوبة العينين"، يقول لها الطغاة: قاومي على هواك، حتى ينجلي الظلام، أما نحن فليس لدينا ماء نطفيء به قسوة الحروب.
كأن التاريخ يعيد نفسه، ففي العهد القديم قال شمشون: "لتمت نفسي مع الفلسطينيين"،فأغرقهم في وطأة الدماء، واليوم يجلس "بوش" في مزرعته محدقا في فراغ الرهبة يسخر من الدماء، ويستعيد الفضائل القديمة، ويقول: ليمت كل الفلسطينيين وعلى هذه الأرض جنازة السلام.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثيمدلالين
- حاشية حديثة إلى الكاهنة داهية
- حصريا بالمغرب:- شهادة الإعفاء من الشواهد الجامعية العليا-
- ترقية الأساتذة الباحثين و-الشبكة العنكبوتية-
- دلالات المكان في مجموعة - قمر أسرير- للشاعر محمد علي الرباوي
- عيون(6)
- عيون(5)
- عيون(4)
- عيون(3)
- عيون(2)
- عيون
- القيامة (تقريبا)
- الخوف
- لقاء
- ولاء
- الضاحية
- الثلاثة
- الشجرة
- النفس غير المطمئنة
- فصول المودة القديمة


المزيد.....




- سيارات أجرة تسلا الروبوتية تثير ردود فعل متباينة في أوستن.. ...
- الذكاء الاصطناعي لرصد المؤشرات البيولوجية للخلايا
- خامنئي يهدد أمريكا بدفع -ثمن باهظ- في حال شن هجوم آخر على بل ...
- فلسطينيو الضفة الغربية يتبرعون بالدم لفلسطيني غزة
- إيرانيون يشككون بدوام الهدنة مع إسرائيل ويترددون بالعودة لدي ...
- أزمة الحريديم تشتعل مجددا.. إنذار نتنياهو لإقرار قانون التجن ...
- رئيس الوزراء الإسباني يدعو إلى تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرا ...
- استطلاع جديد في أميركا يثير قلقا بإسرائيل
- الرئيس الأوغندي يدعو للاعتراف بإسرائيل ويدافع عن تاريخها
- لهذه الأسباب إيران وأميركا تتفقان على مخاطر تطبيق واتساب على ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - غزة -المعصوبة العينين-