أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - خرافة دولة القانون















المزيد.....

خرافة دولة القانون


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 2521 - 2009 / 1 / 9 - 10:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يتحدث جميع الناس في ايامنا عن دولة القانون. فحتى مشروع توحيد القوى اليسارية اخر البرامج التي اطلعنا عليها يطالب بعد تحرير العراق من الاحتلال بدولة القانون. فما هو القانون الذي يتحدثون عنه؟ وما هي دولة القانون؟
هناك نوعان من القوانين السارية في المجتمع البشري. قوانين طبيعية وقوانين وضعية. القوانين الطبيعية هي قوانين شبيهة بقوانين الطبيعة غير المجتمع تسري بالاستقلال عن ارادة الانسان. فكما ان دوران الارض حول الشمس يسري بالاستقلال عن ارادة الانسان يسري انقسام المجتمع الى طبقات لدى تطور الانتاج الاجتماعي الى درجة معينة وفقا لقانون ليس للانسان او للمجتمع سيطرة عليه. فهو قانون يسري على المجتمع بالاستقلال عن ارادة الانسان اي المجتمع.
وهناك نوع اخر من القوانين هي القوانين الوضعية. وهي قوانين وضعية لانها قوانين يضعها ويشرعها الانسان وفقا للظروف التي يمر بها المجتمع. وحين يتحدثون عن دولة القانون يقصدون القوانين الوضعية وليس القوانين الطبيعية.
منذ انقسام المجتمع الانساني الى طبقات مختلفة تمتلك قسم منها الانتاج الاجتماعي والثروات الاجتماعية وتسيطر بها على الطبقات الاخرى نشأت الحاجة الى اداة تحقق للطبقة المالكة سيطرتها على الطبقة غير المالكة. وهذه الاداة هي الدولة. فالدولة ليست سوى اداة الطبقة الحاكمة لفرض سيطرتها وادامة سيطرتها على الطبقات المحكومة. ولكي تستطيع الطبقة الحاكمة مواصلة استغلالها للطبقات المحكومة وجدت حاجة الى تكوين مؤسسات متنوعة للدولة مثل الجيش والشرطة والمحاكم والسجون وغيرها ومنها سن القوانين. فهي تسن قانونا يمثل مصالحها وتعتبر هذا القانون ساريا على المجتمع باسره. وبما ان القانون الذي تضعه يمثل مصالحها هي فليس ثمة حاجة لها لمخالفة القانون. ولكن القانون الذي وضعته لغرض فرض سيطرتها على الطبقات الاخرى يكون مجحفا للطبقات الاخرى وتحتاج هذه الطبقات الى مخالفته والتمرد عليه ولذلك يعتبر من يخالف القانون خارجا على القانون ويعاقب بموجبه.
يفخر العراق بانه كان واضع اول قانون مكتوب معروف لدى البشرية، قانون حمورابي. انا لم اقرأ هذا القانون ولكن ما الذي يحتويه قانون وضع في عصر كعصر حمورابي؟ انه قانون ينظم حياة طبقة اسياد العبيد. فهل كان في القانون ذكر للحيوان الناطق، العبد، لينظم حياته ويمنحه حقوق الحياة كما نظمت حياة طبقة اسياد العبيد؟ ان قانون مثل قانون حمورابي لم يكن بامكانه ان يشير الى العبيد كجزء من المجتمع لان العبد في عرف الاسياد لم يكن يختلف عن الحيوانات الا بانه حيوان ناطق. ولكن العبيد لابد انهم كانوا يشعرون بالظلم ويتذمرون منه وحتى قد يتمردون على القانون. وفي حالة كهذه يعتبر العبد خارجا على القانون ويعاقب على هذا الاساس كأن يجلد او يقتل لان القانون يمنح السيد حرية التصرف بالعبد بموجب القانون. فدولة حمورابي اذن كانت دولة قانون. فهل يريد من يرفعون شعار دولة القانون الان دولة قانون مثل دولة حمورابي؟ لا شك ان هذا غير ممكن نظرا الى انتهاء مرحلة العبيد ولا يوجد في المجتمعات عبيد من الناحية الشرعية، اي بموجب القانون، على الاقل.
قد تكون الدول الاخرى في ارجاء العالم في تلك الفترة من حياة المجتمع دولا ليست لها قوانين مكتوبة كدولة حمورابي ولكن تلك الدول كانت لها قوانينها التي تحقق وتديم سيطرتها على العبيد او الحيوانات الناطقة. وهل كان في جمهورية افلاطون ذكر للعبيد ومنح العبيد بعض الحقوق؟ بالطبع لا لان افلاطون لم يكن يستطيع ان يفكر بان العبد هو انسان وجزء من المجتمع في ذلك العهد.
واذا اخذنا الدولة الرومانية مثلا الم يكن فيها قانون يحرم اعتناق المسيحية؟ الم يكن المسيحي خارجا على هذا القانون؟ الم تكن حفلات اللهو تجري ويحضرها الملك للتفرج حين يقدم المسيحي الخارج على القانون للاسد لكي يتمتع السادة بافتراس الاسد لهذا الخارج على القانون؟ ان الدولة الرومانية ايضا كانت دولة قانون.
الامثلة كثيرة لا حصر لها لذا انتقل راسا الى النظام الراسمالي. حين تطورت صناعة النسيج في بريطانيا دعت الحاجة الى المزيد من الصوف لتزويد المصانع به. فسنت الدولة قانون التسييج الذي منح الاقطاعي حق تسييج ارض الفلاحين الزراعية وطرد الفلاحين منها لتحويلها الى مراع للاغنام. وطبيعي ان الفلاح الذي امتنع عن مغادرة ارضه التي عاش بها وزرعها كان يعتبر خارجا على القانون وبلغت عقوبته احيانا الى درجة حرقه في كوخه مع عائلته.
وحين كانت الراسمالية البريطانية تستخدم العامل ست عشرة ساعة في اليوم او اكثر وكان العمال يشعرون بالظلم الواقع عليهم نتيجة ذلك وضعت الدولة الراسمالية قانونا يحرم على العامل الهروب من المصنع تخلصا من هذا الظلم. فوضعت قانونا يعاقب العامل الهارب باعادته الى المصنع بعد قطع اذنه او وضع حلقة من الحديد حول عنقه وفي حالة هروبه مرة ثانية يحكم عليه بالاعدام. الم تكن هذه الدولة دولة القانون؟ اولم يكن العامل الهارب خارجا على القانون؟
ومن اهم قوانين الدولة الراسمالية صيانة الملكية الخاصة. وهذا القانون يسري على المجتمع كله. فالراسمالي صاحب المليارات والعامل الذي لا يملك غير قوة عمله متساويان امام القانون. فكل منهما له الحق في الحفاظ على ملكيته الخاصة. فالراسمالي له الحق في صيانة وزيادة ملياراته وللعامل كل الحق في الحفاظ على ملكيته الوحيدة، قوة عمله. ولكليهما حق التصرف بملكيته كيفما يشاء. فالراسمالي له الحق في انشاء المشاريع الراسمالية التي يريدها وللعامل حق التصرف بملكيته كيفما يشاء. ولكن الطريق الوحيد الذي يستطيع العامل به ان يبقى على قيد الحياة هو ان يبيع سلعته الى الراسمالي. فهو حر في ان يبيعها الى الراسمالي لكي يعيش او ان لا يبيعها لكي يموت. ولكن للراسمالي الحق في شراء او عدم شراء قوة عمل العامل وله الحق في ان يستغني عن قسم من عماله ليلقي بهم الى هاوية البطالة. الا يجري كل هذا بموجب القانون؟
ولكل انسان في المجتمع الراسمالي حق شراء بيت يسكنه هو وعائلته. ولكن شراء البيت يتطلب نقودا لا يستطيع الانسان العادي الحصول عليها الا عن طريق الاقتراض. وبموجب القانون يبقى البيت ملكا لمانح القرض الى حين تسديد الانسان كامل القرض. وفي السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة راينا ان الملايين من الناس الذين اشتروا بيوتهم بالاقتراض من المؤسسات المصرفية فقدوا دورهم لانهم لم يستطيعوا الاستمرار في دفع الاقساط المستحقة عليهم. الم يجر كل ذلك بموجب القانون؟
واذا اخذنا العراق مثلا. لم يحتو قانون الجزاء العراقي عند وضعه مادة تعاقب الشيوعيين. فقامت الحكومة العراقية بوضع مادة اضافية للقانون سميت المادة 89 أ تنص على معاقبة الشيوعيين والصهاينة والكفرة والملحدين الى اخره بالاعدام. وبموجب هذا القانون حوكمنا والقي بنا في غياهب السجون. وبموجب هذا القانون شنق الرفيق فهد ورفاقه لانهم خارجون على القانون. وفي عهد الجبهة القومية التقدمية الاشتراكية طبقت حكومة البعث القانون الذي وضعته باعدام اي عسكري يثبت ارتباطه بالحركة الشيوعية واعدم بموجبه الضباط الشيوعيون رغم وجود جبهة بين حزب البعث والحزب الشيوعي. وكان اعدامهم بموجب القانون ولم يستطع سكرتير الحزب انقاذهم او حتى تخفيف حكمهم الى اقل من الاعدام.
واليوم في عهد الاحتلال الم ينص قانون بريمر على اعتبار كل من يقاوم الاحتلال او يعتدي على اي جندي من جنود الاحتلال خارجا على القانون؟ وحين سافر المالكي الى البصرة الم يكن شعاره القضاء على الخارجين على القانون؟ وفي الانتخابات المقبلة اليس اسم كتلة المالكي قائمة دولة القانون؟
الم تسن ادارة كلينتن قانونا اسمه قانون تحرير العراق رصدت له اموالا طائلة اشترت بها عملاء يساعدونها على الاحتلال ويديرون دولة الاحتلال؟
اولم يصادق البرلمان البريمري على اتفاقية الذل لتأبيد وجود الاحتلال الاميركي على العراق بموجب قانون؟ اولسنا ننتظر سن قانون النفط والغاز الذي يشرع نهب ثروات العراق النفطية والغازية؟ الا يجري كل ذلك بموجب القانون؟
من كل هذه المقدمة نرى ان الدولة بكل مراحلها منذ نشوء اول دولة وحتى زوال اخر دولة هي دول قانون. لذلك لا معنى لشعار دولة القانون. واذا اردنا ان نرفع شعار دولة القانون علينا ان نبين اي قانون نقصد. علينا ان نحدد الطبقة التي تضع القانون والطبقة التي يفرض عليها القانون. وهذا يصدق على الدولة التي تنشأ بعد تحرير العراق من الاحتلال. فهناك طبقة او طبقات ستحكم في هذه الدولة وتقوم هذه الطبقة الحاكمة بوضع قوانين تحقق مصالحها وتديم سيطرتها على الطبقات الاخرى. والحكومة التي ستنشأ بعد تحرير العراق من الاحتلال تعتمد على قوى المقاومة التي حققت التحرر من الاحتلال. فاذا كانت المقاومة بقيادة القوى اليسارية الماركسية تكون الحكومة غير الحكومة التي تنشأ لدى تحقيق التحرر بقوى ليست يسارية ماركسية. لذا اذا رفع شعار دولة القانون علينا ان نفسر قانون اية طبقة نقصد واخضاع اية طبقة بموجب القانون.
حتى الدولة الاشتراكية الناجمة عن الثورة البروليتارية تضع قوانين تحقق مصالحها وتديم سيطرتها على بقايا الطبقات الحاكمة الى درجة ازالتها كطبقة. وهذا ما حدث اثناء بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي. فكان قانون شيوعية الحرب اثناء حرب التدخل مثلا ينص على مصادرة كل فائض الزراعة من الفلاحين بدون مقابل لسد حاجات الجيش الاحمر من الغذاء. وجاء الغاء قانون شيوعية الحرب واستبداله بقانون السياسة الاقتصادية الجديد (نيب). وجرى تأميم الارض بموجب قانون وتاميم المصانع والمصارف ووسائل النقل بموجب قوانين وجرى القضاء على الكولاك كطبقة بتموجب قانون. فليس في التاريخ دولة لم تكن دولة قانون.
ان مصطلح دولة القانون كشعار ينبغي تحقيقه هو خرافة لا معنى لها. فشعار دولة القانون كشعار الديمقراطية اداة تضعها الطبقة الحاكمة لاخضاع الطبقات المحكومة.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول لجنة تنسيق القوى الشيوعية واليسار الماركسي
- من هو اليسار 2-2
- من هو اليسار
- حذاء منتظر والكرم العراقي
- ملاحظات حول مقال -فهد والحزب الشيوعي العراقي-
- حوار حول انتقادات موجهة الى مقالات سابقة 2-2
- حوار حول انتقادات موجهة الى مقالات سابقة 1-2
- ثورة اكتوبر والاممية
- ثورة اكتوبر وراسمالة الدولة
- قانون انخفاض نسبة الربح في النظام الراسمالي
- الاحتلال يحمي العراق من الاحتلال
- هل الانهيار المالي الحالي نهاية الراسمالية؟
- ماركسية لينينية ام ماركسية لينينية ماوية؟ 2-2
- ماركسية لينينية ام ماركسية لينينية ماوية؟ 1-2
- الارباح الحقيقية والارباح الوهمية للطبقة الراسمالية
- دور المثقفين في نضال الطبقة العاملة وفي قيادتها 2-2
- دور المثقفين في نشأة الطبقة العاملة وفي قيادتها 1-2
- شرح مبسط لقانون فائض القيمة
- لماذا لا يمكن اعتبار العولمة مرحلة تاريخية؟
- اقتصاد المعرفة وتقييم عمل المثقفين واختصاصيين بموجب قانون ال ...


المزيد.....




- عاش الأول من أيار يوم التضامن الطبقي للعمال
- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - خرافة دولة القانون