أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مازن لطيف علي - التحرر من شرنقة الإعلام المركزي















المزيد.....

التحرر من شرنقة الإعلام المركزي


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 2513 - 2009 / 1 / 1 - 06:29
المحور: الصحافة والاعلام
    


تمتلك المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية في العراق قدرات تمكنها من بناء منظومة إعلامية متطورة وفعالة. ومن ثم مساهمتها بالشكل الذي يجعل منها أداة مؤثرة في ميدان الإعلام ليس فقط على الصعيد الإقليمي والقومي، بل والعالمي أيضا. ومن بين أهم تلك القدرات هو شروط الإعلام الحر وأرضيته الآخذة بالتوسع والثبات النسبي. وهي إحدى المقدمات الكبرى والضرورية لتطوير الإعلام. إضافة الى جملة التغيرات التي طرأت على الواقع العراقي في ميدان العلاقات السياسية والاقتصادية وبنية الدولة والسلطة. وهي تحولات تحتوي على إمكانيات واحتمالات متنوعة يمكنها المساهمة الجدية في رفد الإعلام ووسائله المتنوعة بقوة كبيرة في حال إدراكه لأولويات المصلحة الوطنية والاجتماعية العامة. فالتحول الدرامي الكبير الذي حدث بأثر سقوط التوتاليتارية أثار وما زال يثير موجة كبرى من الاهتمام والعمل في ميدان الإعلام. بمعنى إننا نقف أمام حالة تستدعي وجود حركة إعلامية نشيطة قادرة على استيعاب تلك المتغيرات وفق أسس واليات مهنية عالية، من اجل أن تؤدي دورها الحيوي في بناء عراق ديمقراطي حر وتعزز مؤهلاته في الصمود بوجه التحديات الجديدة.
من هنا ضرورة توظيف الحالة الجديدة التي يتمتع بها الإعلام والإعلاميون بعد أن تحرروا من شرنقة الإعلام المركزي بالشكل الذي يؤدي الى صنع أرضية صلبة تقف عليها المؤسسات الإعلامية لتحقيق رسالتها الإنسانية في نقل المعلومات بصورة مهنية عالية. خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار انحلال واضمحلال "الرقابة" التقليدية والحواجز "الجغرافية" وما شابه ذلك، أو ما يطلق عليه أحيانا عبارة، إن العالم أصبح قرية كونية! وهو الأمر الذي يجعل مهمة مشاركة المجتمع من خلال تنويره وتحصينه بالوقائع والحقائق إحدى مهمات وسائل الإعلام من اجل أن تحتل مكانتها في الدولة والمجتمع والثقافة بوصفها "سلطة رابعة “.
غير إننا حالما ننظر الى واقع الإعلام العراقي، فإننا نقف أمام حالة متردية. بمعنى عدم قدرتها على الارتقاء الى مستوى التحديات التاريخية الفعلية التي يواجهها العراق. وذلك لأنها لم تستطع حتى الآن الارتقاء الى الحالة التي تجعلنا نقول، بأننا نمتلك إعلاماً حراً قادراً على الفوز في صراع المنافسة الحالية في المنطقة وعلى الصعيد العالمي. فالإعلام العراقي منفعل وليس فاعل. ومن بين أهم أسباب هذه الظاهرة تجدر الإشارة الى ما يلي:
1- ازدواجية الإعلام العراقي. والمقصود به هو انه يعاني برمته بين التمسك بالمورث الإعلامي الشمولي الذي خلفه النظام البائد وإعلانه الظاهري عن البدائل. فهو لم يرتق بعد الى مصاف الحد الأدنى من إنشاء منظومة إعلامية وطنية حرة تعتمد على الموضوعية والحيادية في نقل المعلومة وتسعى الى تنوير المواطن بما يجري حوله من أحداث ومستجدات. وهي حالة تنطبق بقدر واحد على وسائل الإعلام الحكومية والحزبية والخاصة.
2- عدم تمسك اغلب المؤسسات الإعلامية بالمبادئ الأساسية التي وضعت بموجبها قوانين الإعلام في العالم ومنها عدم التحريض على الكراهية والعنف أو تأجيج المشاعر الطائفية أو التحريض على الحرب، وجميع أنواع التمييز. وهو الأمر الذي جعل ويجعل من وسائل الإعلام أدوات دعائية سياسية أو حزبية صرفاً.
3- عدم وجود رؤية مشتركة بين المؤسسات الإعلامية في العراق قادرة على تنسيق فعلها المهني. ومن ثم تحسين شروط المنافسة والعمل المشترك بما يخدم تطويرها جميعا، بما في ذلك الدفاع عن الحقوق المهنية للعاملين فيها.
4- المشكلات الأمنية التي تواجه الإعلام والإعلاميين في العراق وتعرضهم لإرهاب القوى المتصارعة والمختلفة. وهي حالة تجعل من وسائل الإعلام أداة للجريمة وضحية في الوقت نفسه. ومن ثم يشل إمكانية عملها الحر، وبالتالي طاقتها الذاتية على الفعل الايجابي والتطور الطبيعي.
5- عدم وجود قانون ينظم عمل المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها. ما يؤدي بالضرورة لمختلف الممارسات غير الشرعية، إضافة الى إمكانية تبديد الطاقة والخبرة المتراكمة في هذا الميدان.
إن ذلك لا ينفي وجود أسباب أخرى مادية ومعنوية، لكن المشكلة الرئيسة التي تواجه مستقبل الإعلام في العراق وتهدده بشكل كبير تكمن في كيفية إعداد جيل إعلامي كفء وقادر على مواكبة المستجدات والمتغيرات الحاصلة في العالم. وهو الأمر الذي يضع مهمة تحديد ماهية هذه الكيفية بشكل دقيق، باعتبارها المهمة الكبرى من اجل تذليل الخلل المنظومي في واقع الإعلام العراقي الحالي. ما يفترض بدوره فهم واقع المؤسسة الإعلامية أو الجهة المسؤولة عن إعداد الجيل الإعلامي. فمعظم الإعلاميين العاملين في الساحة الآن ينقسمون بين "قسمين" احدهما نشأ وتربى وعمل في المؤسسات الإعلامية السابقة. ومن ثم فهو يتمتع بخبرة متراكمة في هذا المجال. أما القسم الثاني، فهو يحتوي على الإعلاميين الذين غيبوا في الفترة الماضية بسبب ميولهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية. وهم أيضا يتمتعون بخبرة متراكمة بهذا المجال.
وهي أقسام مختلفة من حيث المقدمات، لا يمكن إزالة الفوارق بينهما بين ليلة وضحاها.
غير أن من الضروري عدم تسييس هذه الاختلاف، انطلاقا من إدراك آفاق المستقبل العراقي، باعتبارها غاية الجميع. ومن ثم، فان المهمة تقوم في النظر الى المستقبل والأجيال الجديدة. وهي المهمة الأعقد حاليا، وذلك بسبب الخلل الكبير في المدرسة والجامعة العراقية، وفي الحال المعنية كلية الإعلام. فقد تعرضت أكثر من غيرها لتدمير في المرحلة السابقة والحالية. وهو تدمير نابع من رؤية سياسية وحزبية ضيقة لا تدرك طبيعة ومهمة الإعلام ورسالته الاجتماعية والوطنية. وهي مهمة يمكن تحقيقها من خلال تأسيس جيل إعلامي يدرك مهمته باعتبارها مهمة تنويرية عقلانية إنسانية وليست دعائية تحريضية. وهي مهمة ليست سهلة بسبب الصعوبات التي تعاني منها الجامعة وكلية الإعلام بشكل خاص، وبالأخص ما يتعلق منه بالناحية التطبيقية والعملية ضمن إطار الجامعة. وذلك بسبب افتقادها للوسائل والأدوات الخاصة لهذا الغرض.
إن الجهة الرئيسة الحالية والمسؤولة عن إعداد الإعلاميين هي كلية الإعلام. وهي تعاني من ضعف وخلل شبه منظومي بهذا الصدد، هو نتاج مرحلة زمنية طويلة وصراع حالي لا يتسم على الدوام بالعقلانية والواقعية. ومع كامل احترامي للأساتذة الحاضرين والغائبين، فان الكلية لا تمتلك المؤهلات الكافية التي تمنحها القدرة على إعداد كوادر إعلامية جيدة. فبالرغم من كونها كلية تطبيقية من حيث مهمتها وهيكلها الخاص، إلا أنها مازالت تعتمد الأسلوب النظري الصرف في تأهيلها للطلبة. إذ لا يوجد فيها أماكن لتدريب الطلاب، كما لا يوجد فيها أسلوب التطبيق العملي، كما أنها تمتلئ بمواد تدريسية لا تفيد المتخصص بهذا المجال. وهو الأمر الذي يستلزم استبدالها بالمواد والاختصاصات التي تخدم إنتاج كادر رفيع المستوى بهذا الصدد. وليس مصادفة أن يتسابق خريجو الكلية للحصول على فرصة المشاركة في دورات إعلامية تنظمها مؤسسات المجتمع المدني داخل العراق وخارجه "لإعادة تأهيلهم" من اجل زجهم في "سوق العمل “!
لذلك اقترح ما يلي:
1. أن تعتمد كلية الإعلام في تدريسها على الجانب التطبيقي البحت، أو أن تعطي له الأولوية. وإذا كانت الكلية تعاني الآن من انعدام أو ضعف قاعات التدريب المتخصصة والاستوديوهات، فلا بأس من اعتمادها بصورة مؤقتة على أصحاب القدرة والكفاءة والتجربة من الإعلاميين العاملين في مختلف المؤسسات الإعلامية والاستفادة من تجاربهم بهذا الصدد.
2. إننا بحاجة الى رؤية واقعية ومتوازنة تقرن الجوانب النظرية بالعملية التطبيقية، والأكاديمية بالتقنية. ما يستلزم بدوره إعداد برامج محددة ودقيقة تتعلق بالإعداد والارتباط الدائم بين المؤسسة التعليمية ومحطات التلفزيون والإذاعة والصحف من خلال الزيارات الميدانية. وذلك لما فيها من إشراك ضروري للطلبة في تحسس وإدراك عملهم اللاحق والمباشر.
3. إبرام اتفاقيات مع المؤسسات الإعلامية داخل وخارج العراق لتدريب الطلاب في فترة العطلة الصيفية أو بعد انتهاء الدوام الرسمي من اجل إعطائهم فرصة لمواكبة التطورات والمتغيرات التي تطرأ على العملية الإعلامية بشكل متواصل
4. اختيار الطلبة الموهوبين وتوظيف الجهود من اجل ترقيتهم المهنية والمعنوية.
5. وضع آلية قبول خاصة لطلبة كلية الإعلام تتم من خلال الاختبار المسبق من قبل لجنة تضم عدد من الأساتذة والإعلاميين تجري عبر لقاءات مباشرة مع المتقدمين لدراسة الإعلام من اجل تحديد كفاءتهم الثقافية واستعدادهم المهني.
إن ما اقترحه ليس بديلا شاملا ولكنه يساهم في حال اخذ ما هو مناسب بالنسبة لكلية الإعلام في إعداد جيل إعلامي قادر على تأدية مهمته الخاصة ورسالته الإعلامية بشكل مهني رفيع. وبهذا نكون قد وضعنا أسس الحل والواقعي والعقلاني لأهم مشاكل الإعلام العراقي.






#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات من فكر هادي العلوي
- ظاهرة قديمة جديدة .. قرصنة الكتاب العراقي والتجاوز على حقوق ...
- مدرسة فرانكفورت.. شخصيات وأفكار
- الادباء العراقيون يستذكرون المفكر هادي العلوي
- الفنان العراقي المغترب فلاح صبار : الاغنية السبعينية ستبقى م ...
- المؤرخ العراقي كمال مظهر أحمد: المؤرخ ينبغي أن يكون دائماً م ...
- نوفل ابو رغيف :علينا اولاً ان نقوم ونشرع بلملمة أوراقنا لإعا ...
- البَيتُ العِراقي .. في بَغدادَ وَمُدُن عراقية أخرَى
- مونلوجات عزيز علي في الذاكرة العراقية
- سحرُ الكِتاب وفِتنَة الصورَة
- هل يتحول شارع المتنبي إلى مدينة ثقافية عراقية
- روائيون وكتاب يتحدثون : ملتقى الرواية في دمشق فعالية اغنت ال ...
- الفنان لطيف صالح : في المنفى تعترض المسرحي عوائق كثيرة و معا ...
- آراء المثقفين العراقيين حول تشكيل المجلس الاعلى للثقافة وإعل ...
- جلال الحنفي ..ذاكرة بغداد التراثية
- صناعة الكتاب والإشكال الثقافي في العراق
- في حضرة كامل شياع .. سيرة الحالمين
- صدور العدد الجديد لمجلة الهامشيون
- في الذكرى الخمسينية لثورة تموز 1958
- حبزبوز..وريادة الصحافة الساخرة في عراق الثلاثينات


المزيد.....




- زيارة إلى ديربورن أول مدينة ذات أغلبية عربية في الولايات الم ...
- الرئيس الصيني يزور فرنسا في أول جولة أوروبية منذ جائحة كورون ...
- مطالبات لنيويورك تايمز بسحب تقرير يتهم حماس بالعنف الجنسي
- 3 بيانات توضح ما بحثه بايدن مع السيسي وأمير قطر بشأن غزة
- عالم أزهري: حديث زاهي حواس بشأن عدم تواجد الأنبياء موسى وإبر ...
- مفاجآت في اعترافات مضيفة ارتكبت جريمة مروعة في مصر
- الجيش الإسرائيلي: إما قرار حول صفقة مع حماس أو عملية عسكرية ...
- زاهي حواس ردا على تصريحات عالم أزهري: لا دليل على تواجد الأن ...
- بايدن يتصل بالشيخ تميم ويؤكد: واشنطن والدوحة والقاهرة تضمن ا ...
- تقارير إعلامية: بايدن يخاطر بخسارة دعم كبير بين الناخبين الش ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مازن لطيف علي - التحرر من شرنقة الإعلام المركزي