أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - فعل الأمر في رؤيا














المزيد.....

فعل الأمر في رؤيا


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 01:23
المحور: الادب والفن
    


استعذتُ بالأرق من شر كابوس مملول
ولئلا أغفو، ضاجعتُ رواية مثيرة لكاتب مجهول
وإذ كنت أهمُ بالنبش ببصري في صفحة في ربعها الثاني
وجدتُني أنحدرُ سريعاً إلى هوة قرار بعيد
وحين انطفأتْ كل الأنوار وأُزيح عن الرؤيا الستار
لاح الكابوس - ذاته - أمامي، من جديد

***

مخزون الروايات عندي بدأ ينضب
لابد أن أملأه، وإلَّا فلأين من الأحلام أهرب؟
نعم.. أصبحتُ أخاف حتى الأحلام لأنها تحولَّت لكوابيس في غير مرَّة
وأدمنتُ طعم القهوة المُرَّة
..
أكملتُ النصف المتبقي من رواية قديمة قرأتها مرتين من قبل
ثم خلدتُ إلى نوم إجباري قلِق
وفي الصباح التالي مررتُ على مكتبة مجاورة وشحنتُ رصيدي من الروايات
وراكمتُ ما يكفيني منها لأسبوعين تاليين

***

باتت الرؤيا - ذاتها - تزورني بإلحاح متصاعد
وبتواتر
وصارت تدهمني حتى في قيلولتي
ثم حتى وأنا وسط الناس سائر
تحولَّت الرؤيا خيالاتٍ، أو بروز أطياف
وأصبحتُ حتى من الظلال على الأرصفة أخاف

***

وقرأتُ في رواية كلاسيكية، استعرتهُا من صديق
أقول: قرأتُ على لسان أحد الأبطال أن المستسلم للرؤى
يقول: إن المستسلم للرؤى هو أشجع، نسبياً، من المستسلم للأعداء
فالرؤى، على الأقل، نادراً ما تضربنا من الخلف
هي أشجع من ذلك: إنها تكاشفنا وتتجسد أسفل جفوننا حين تناصبنا العداء
وكأنها تنتهك حرماتنا عيانا
أقول: تتجسد أسفل جفوننا، لا في المقتل العتيد أسفل مؤخرات رؤوسنا
ثم إنها سواء أجاءتنا بما فيه إشعال في النفس لحريق
أو جاءتنا ببشارة من أو إلى صديق
أو بهَدْيٍّ إلى سواء الطريق
فإنها لا تقتحم أدبارنا أبداً
ثم ان عمر أطول كابوس هو أقصر، بالتأكيد، من عمر أقصر خصومة
والقياس مع الفارق، طبعاً
..
أقنعتُ نفسي بفلسفة الأديب على لسان البطل
ولم أشأ أن أعكِّر صفو رضوخي السلس ذلك بالتساؤل
أقول: بالتساؤل عن مدى الشجاعة في مباغتة الرؤى لنا ونحن مخدرون
..
وإمعاناً في الاستسلام، أحللتُ محل البُن في قائمة مشروباتي الليلية.. اليانسون
وأعدتُ كل الروايات المستعارة إلى أصحابها
إلا واحدة..
وتدريجياً، صرتُ أقل خوفاً من انعكاساتي النهارية المختلفة
أقول: من انعكاساتي النهارية المختلفة على الأرض بفعل القرص الناري

***

وفي إحدى الغفوات المتكررة، تجسَّد أمامي الكابوس بوجه سافر
جاءني، لأول مرة، في صورة إنسية
لطمني على خدي الأيمن، وأمرني بأن أسافر
وانتظر
ثم صفعني على الأيسر، سائلاً: أبَعْد لم تغادر؟؟
وانتظر
ولم أجرؤ على طرح سؤال مثل: لأين؟ أو: لِمَ؟
وكيف أسأل مَن هو في مثل هذا الغضب المستطير؟
ثم.. ألم أعلن استسلامي له بالكامل، اقتداء بالبطل الحقير؟
..
وأكملتُ نومي، دون أن أصحو حتى لنقش تسلسل اللقاء على رخام مخيلتي
فلا شك أن وجهه البشري سيحاصرني طيلة الليالي التالية
وسيصبح وجهاً مألوفاً وشبه مستحب لي، على دمامته
وسيوصد صاحب الوجه الدميم الأبواب كلها دوني حتى أزدادُ انجرافاً إلى نفس الهاوية
بطَوعي
إنه رسول إله لَحوح، وكفى
...
هل مات أمل الطفولة عندي؟ أم غفا؟

***

حازماً حقائبي، كنت في الصباح
إلى ساحة الغافين، متجها
..
هل، حقاً، هناك كابوس يستحق الوصف: مؤتمَنا؟
لا تهمني الإجابة بقدر ما يهمني السؤال
وهل ترك الكابوس لانتفاضتي مجال؟

***

وفي رحلتي، بالقطار، إلى حيث ظننتُ أنه أراد
اكتشفتُ أن كاتب الرواية المثيرة لم يكن مجهولا
وأن نصيحة البطل بالاستسلام، في الرواية المستعارة
أقول: إن تلك النصيحة كانت حلاً معقولا
فهل سمع أحدكم برجل مهنته سحق الرؤى؟



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل العلم عن الدين.. لماذا؟
- متوسط المتوسط
- حالات
- انتصار الهاء
- بينما أنتظرك
- حتى أتتني الرسالة
- بطل، والنهاية
- شكراً يا سمرا
- مَن أنت؟
- في الحقيقة..
- الأزمة المالية العالمية وملاحظات أولية
- ثلاثي ضوضاء المسرح
- المحمول في يد الجميع
- أبجدية التحضر: منظومة الفكر والممارسة لدى العقول المتفتحة
- تأكل الطير
- فوضى.. ولكن
- لما بنكبر
- تخاريف بنكهة أندلسية
- فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير
- قوس كامل


المزيد.....




- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - فعل الأمر في رؤيا