أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - المحمول في يد الجميع















المزيد.....

المحمول في يد الجميع


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2445 - 2008 / 10 / 25 - 02:36
المحور: سيرة ذاتية
    


مشاهدات في عشق ناس وشوارع الإسكندرية..

((1))
النهاردة العصر كنت بشتري كفتة ورقاق وورق عنب من الصفواني بتاع الإبراهيمية لزوم الغدا بعد تراجع الوالدة بالكامل عن فكرة الطبيخ وبالذات من أواخر رمضان (وده وضع مش بيضايقني خالص على أي حال بل بيبسطني كمان لأني بحب أكل بره قوي).. واحد متخلف وهمجي ولابس لبس ألوانه متنافرة بشكل فظيع كان واقف قدام المحل ومش مستني أكل ولا حاجة، واقف كده غلاسة في غلاسة، وفي نفس الوقت شكله أنضف بدرجة واحدة من انه يكون بيشحت. بعد كده لقيت إنسان قصير جدا (قزم) داخل المحل، وعمره في حوالي الأربعينات ولابس لبس يوحي بانه انسان محترم. فجأة وبدون أي مقدمات او احتكاك أو سبب لقيت أخينا المتخلف نازل تقليس على القزم وسخرية منه كأنه هو اللي خلق نفسه كده أو كأن قصر القامة هو عيب أو سبة في جبين الإنسان. أنا امتعضت من الموقف ومن المتخلف ده بشدة وفكرت أشتمه بس قلت بلاش خليك في حالك، وبعدين لقيته بيبصلي (وكان الشخص القصير دخل مطعم الصفواني وقتها بعد ما وقف يبص للمتخلف اللي بيسخر منه بدون أي سبب بصة سريعة كده مش عارف إذا كانت بصة تحدي واللا بصة استياء واللا عتاب) - ما علينا: لقيت المتخلف بيبصلي ويقوللي: ايه يا عم الراجل "الأزعة" ده اللي داخل فارد صدره علينا إكمنه حيشتري كفتة؟؟! لقيتها فرصة أفش غلي منه وقلتله: بس يا أهبل يا مزيت (فعلا بنطلونه كان زي ما يكون فيه زيت على خفيف أو بقايا زيت قديم أو معرفش ايه بالضبط بس اتهيألي كده). استغرب من رد فعلي وخاف من طول الواحد وعرضه وأكيد قال في سره: مش كل الناس أقزام النهاردة واللا إيه؟ وراح لحال سبيله على قهوة المحروسة.

بعد ما أخدت الكفتة وبقية الأكل وركبت التاكسي بدأت أفكر في المتخلف ده وإزاي وصل للسن ده وخاض تجارب أكيد مش قليلة ورغم كده لسه مش عارف ان الحكم على الناس ميكونش بالمظهر أبدا وانه ميصحش حد يهين حد كده بدون أي سبب أو مناسبة. وبعدين هي يعني المسألة بالإعاقة واللا الصحة؟؟ ما ستيفن هوكينج أهه واحد من أعظم عقول العالم في الفيزياء وفي العلوم الطبيعية عموما رغم انه بيعاني من إعاقة جسدية قوية جدا وقعيد على كرسي إلكتروني متحرك كمان، والأمثلة التانية كتيييير جدا من أول طه حسين لحد متحدي الإعاقة اللي شرفونا في أوليمبياد بكين الباراليمبية رغم ضعف الإمكانيات والاهتمام.

أظن ان ظاهرة المتخلف ده اللي بيهين الغير بكل بساطة وبدون تردد وبيحكم عليهم بالمظهر بس ومسمعش عن حاجة اسمها جوهر ومكنون وقيمة معنوية وأدبية - أظن انه ونموذجه مش حيختفوا من بلدنا أبدا إلا لما دورة حياة التخلف في بلدنا ككل تتراجع وتبدأ الانحسار لأن التخلف كل لا يتجزأ والتحضر كمان.

((2))
قبل كده بيومين كنت على قهوة في سموحة أو بالتحديد في منطقة عزبة سعد (اللي كانت زمان منطقة شعبية منخفضة الكثافة السكانية بشدة بس لما اتفتحت المدينة الجامعية هناك واتفتحت كمان قهوة لؤلؤة بتاعت الحزب الوطني اللي جنب محل إكسسورات العربيات الشهير فجأة لقينا المنطقة اتروقت واترقت) - المهم، كنت قاعد على القهوة لوحدي وجايب كيس شيبسي كبير بآكله وبشرب معاه بيبسي عشان كنت بعيد قوي عن البيت وقلت أخلص مشاويري الأول وبعدين أروح بقى. قبل ما أخلص كيس الشيبسي (بالكباب) لقيت واحدة عجوزة جت وسلمت عليا وباستني كمان من غير ما تعرفني وعملت كده مع ناس تانية كتير على القهوة أغلبهم شباب. الست كانت لابسة لبس ميوحيش أبدا انها شحاتة، والظاهر انها مشهورة في المنطقة دي قوي والظاهر كمان انها كانت ميسورة الحال وعايقة في شبابها لأنها كانت لابسة لبس أسود مش بطال يوحي بأنه كان شيك ومتناسق زمان (ميسورة الحال) وكانت فاتحة اول كام زرار كده من البلوزة فوق (عايقة)، وشكلها العام فكرني ببوسي الشهيرة جدا في الشاطبي وكامب شيزار على البحر في كل الكافيتريات من أول جنوا لحد الريحاني مرورا بوالي وشحتوت. ما علينا، بعد ما الست سلمت على الناس كلهم كنت أنا خلصت كيس الشيبسي ولقيتها راجعالي تقوللي: هو الأهلي غلب إمبارح، صح؟ أصل هو الأهلي كده لما يغلب تلاقي القهوة ضربة الدم مهيجاها وملهاش نفس تكلم حد، انما لما يتسك وياخد على قفاه تلاقيهم عينيهم في الأرض. كنت عايز أقولها ان الأهلي ملعبش امبارح وان اللي لعب هو الزمالك اللي غلب إنبي بالأربعة، بس قلت خلينا نسمعها حتقول ايه. لقيتها بتقوللي بعد كده: هو الزمالك لسه ملعبش؟ رديت: لا معرفش. قالتلي: طيب خلي بالك من نفسك. وقبل ما تمشي اديتها الفكة اللي كانت معايا.

دنيا مبتخليش اللي راكب راكب ولا اللي ماشي ماشي، على رأي المثل.

((3))
مناقشة طويلة جدا مع واحد رجعي ومتطرف جدا جدا في أفكاره خلتني أقتنع تماما ان مفيش فايدة أبدا مع بعض العقول وان الأنسان الذكي المفروض انه يتخير الناس اللي يحاورهم ويضيع وقته وجهده معاهم وأهم حاجة اننا منحاورش اللي من أولها خالص وهو بيقول: تعالي يا أقنعك يا تقنعني. كأن يعني مفيش حل وسط أو نقطة تفاهم مشتركة من غير ما حد فينا يغير رأيه. المهم اني في الحوار ده اكتشفت حاجات جديدة ومهمة جدا عمري ما عرفتها قبل كده، زي مثلا ان المسلمين من حقهم يلبسوا حجاب ومصاحف وماشاءاللات ويربوا دقنهم بس المسيحيين مش من حقهم انهم يلبسوا صلبان أو يدقوا على ايديهم عشان هم أقلية ولازم يكونوا ماشيين جنب الحيط، وعرفت كمان ان الحل الأمثل للقضية الفلسطينية هو ضرب غزة بالقنابل عشان يموت العرب واليهود اللي فيها ونبدأ من الصفر على بياض (مع ان غزة على حد علمي مفيهاش يهود ورغم ان حل زي ده بيفكرني في سطحيته وتخلفه بتكتيكات الحرب بتاعت الشباب اللي بيلعب كاونتر سترايك في السايبرات)، وعرفت كمان ان الكون مش بيتوسع ولا يتمدد وان سرعة الضوء مش بالضرورة تكون 300 ألف كم في الثانية لأن دي اكتشافات غربية ممكن يكون فيها لعب، وإن تجربة صادم الهدرون الكبير فشلت واتلغت مع اني قريت ان المرحلة التانية بتاعتها بدأت خلاص أول إمبارح بعد تلافي بعض العيوب الفنية في مرحلتها الأولى.

صحيح، أصحاب العقول في راحة، على رأي فصيح أخو عصفور قمر الدين في الفيلم.

((4))
بعد ما خلصت مشروع ترجمة كبير ومرهق، أغلبه اتعمل في ظل ظروف اجتماعية صعبة وغير مستقرة، حسيت براحة مش طبيعية، خصوصا ان البريزنتيشين بتاعه مكانش محتاج استعداد جامد قوي وكان سريع جدا (أصل كل ما العرض مدته تطول كل ما نلاقي ان فيه دابل لوود وده بيحتاج وقت إضافي مكانش متوفر المرة دي خالص بسبب الظروف، وفاة ومرض وكل حاجة الله ينور في العائلة يعني والواحد كان قلقان جدا على ناس مهمة قوي في حياته وفقد واحد منهم كمان). المهم، وأنا راجع من البريزنتيشين والشيك في جيبي (ومنتشي بقى) لقيت نفسي في سيدي جابر شارع أبوقير وفكرت أجرب حلواني الصعيدي اللي في شارع المشير أحمد إسماعيل اللي كل الناس قالولي ان حلوياته حلوة وممتازة جدا بس عمري ما عرفت أشتري منه لأنه دايما زحمة بشكل فظيع زي محل الفلكي بتاع أحذية الأطفال زمان كده أو سينما أوديون لما كانت بتجيب أفلام هندي في أواخر الثمانينيات وكان الناس بيكسروا الشباك وياخدوا تذاكر بالعافية. بعد ما سألت على جريدة البديل عند مكتبة سيبوية اللي مبقتش تبيع أي كتب عليها القيمة ومتخصصة فقط في كتب الطبيخ والتعديل السلوكي وطبعا الكتب الدينية زي الزوجة المثالية وكيف تسعدين زوجك وخلافه، وبعد ما طبعا ما كان الرد: لا خلصت والله (وهو نفس الرد اللي كنت هاخده لو سألت حتى على الأهرام المسائي)، دخلت محل الصعيدي ولقيت جواه أمم وكأنه بيبيع الحلويات ببلاش أو وكأن حلوياته فيها عينات من إحليل التمساح أو الزئبق الأحمر.

طبعا طلعت من المحل لأني الملل السريع عندي هواية ومش بس عادة، وعاهدت نفسي أني مش حدخله تاني الا لما تروح عليه ويبدأ يفضى (ووقتها طبعا حلوياته مش حتكون حلوة)، وفضلت أتساءل عن ماهية قوانين العرض والطلب اللي بتسري على المحل ده بالتحديد وإزاي بيخرق ويكسر قوانين آدام سميث وكينز وليبسي وكوران وحتى كروجمان (المنتشي بنوبل الاقتصاد أخيرا) عن العرض والطلب. عموما، اللي يحب يهاديني بحاجة في عيد ميلادي يبقى يجيبلي نص كيلو هريسة الصعيدي، وله الأجر والثواب.

((5))
الكيييييخة!!! بس ايه بقى، بقت مية مية، كيخة كوفي على اليافطة وكيخة كافيه على المينيو الشيك جدا المطبوع على ورق كوشيه فاخر. رحتها مرتين في اسبوع واحد واستلذيت بصراحة بالرمان وبالعربيات الصف تاني اللي بتبقى حتطيرنا واحنا قاعدين وهي بتركن او بتطلع، أما الموكا فكانت سيئة جدا. مشفتش عم سمير بس شفت عم حمادة كده من بعيد لبعيد وحسيت ان الكيخة ممكن تبقى مالتيناشيونال كافيه لو اهتم بيها زيادة شوية المعلم كيخة. الأحلى من الكيخة كانت الصحبة الحلوة في استقبال ووداع الصديق العزيز والمناقشات العميقة الساخنة اللي بتشهدها القهاوي دايما لما يقعد عليها الناس اللي تاعبة مخها من التفكير ومش واخدة كله بالمسلمات.

وفي المرة التانية وأنا بركب التاكسي لقيت الراجل المشهور الغريب الأطوار اللي مربي شعره على الآخر وبيملك عربية نص نقل قدييييييمة ومتهالكة جدا وعمرها الافتراضي انتهى من عشر سنين وبيستخدمها في نقل الزبالة والأمتعة بتاعته هو من بوكلة لزيزينيا محفوظ لسبب غير معلوم ودايما يخش في أي كمين أو لجنة بدون أي خوف ودايما يسيبوه ويطنشوه وبقية السواقين والناس يبقوا بيضربوا أخماس في أسداس ويقولوا بتيجي مع الهبل دوبل. شفته عند ناصية الوزارة شارع الفتح ولقيته راكن عربيته ومخبيها على الناحية التانية من الحزب والوزارة وماسك موبايل وبيحاول يعمل مكالمة أو بيحاول يفتحه تقريبا وفكرت أعرض مساعدتي بس معرفش قلت بلاش دلوقتي.

النزعة الاشتراكية بتاعتي في الشارع دي، مع الفقراء والقطط (اللي بحب أوكلها وكمان اتعلمت حب تصويرها من صديقي) وخلافه، عمالة تزيد بس مش مضايقاني خالص لأني دايما أستمد منها أفكار تنفع لقصص وخواطر وكمان استخدمت كتير جدا من اللي كتبته عنها في أجندة خاصة - استخدمته في روايتي الأولى اللي مراجعتها مش عايزة تخلص، أو بالأحرى اللي مراجعتها حصلت مائة حاجة عشان تعطلها بس برضه حتكون جاهزة قبل مارس للنشر.

((6))
نكتة بس حقيقية: قبل ما أحاسب سواق تاكسي النهاردة الظهر، قاللي: تصور يا أفندي كل يوم أضربلي أربع خمس زباين عشان الحساب!!

((7))
كالعادة، مش بحب التدوين ومش عارف أنا بكتب الكلام ده ليه، بس برضه مستمتع بكتابته دلوقتي بالتحديد.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجدية التحضر: منظومة الفكر والممارسة لدى العقول المتفتحة
- تأكل الطير
- فوضى.. ولكن
- لما بنكبر
- تخاريف بنكهة أندلسية
- فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير
- قوس كامل
- حلم وعلم
- تساؤلات إلى شاري الأيام
- في الاغتراب وعنه
- ثم يبدأ البحث عن الشاطئ التالي
- القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات
- حاجيات مهجورة
- حبل وشجرة
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم
- طائر الفينيق
- تذاكر
- يوم كاشفتني ذات الرداء الأبيض


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - المحمول في يد الجميع