أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - حبل وشجرة














المزيد.....

حبل وشجرة


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2402 - 2008 / 9 / 12 - 01:08
المحور: سيرة ذاتية
    


ذكرى مؤسفة من الشتاء السابق.. طريق الحرية، قلب الإسكندرية وشريانها الرئيسي.. ظهر خميس عاصف استبقته أمطار رعدية غزيرة وزاعقة أطلقت أجهزة الإنذار بمعظم السيارات دون محاولات سرقة حقيقية. منطقة مصطفى كامل الراقية. حمار بعربة كارو خاوية منتظر على جانب الطريق بجوار شجرة محظوظة لم يخلعها المحافظ الجديد في حملته المستمرة منذ توليه المنصب لتطوير وتأنيق أرصفة الثغر على حساب كل ما عداها من عناصر البنية التحتية. المنظر غريب.. الحمار منتظر في شارع الإسكندرية الرئيسي وفي أحد أرقى أحيائها وعلى بعد خطوات من ونش المرور وضابطه السمج المشهور بين قائدي سيارات المدينة بأنه لا يرحم أصحاب السيارات غير المميزة. أين صاحب الحمار والعربة؟

عند الشجرة التالية، المحظوظة أيضاً، أرصد تجمعاً كبيراً من البشر ملتئماً على الطريقة الدائرية المصرية التي توحي من فرط حماس أصحابها وتشدده في الرأي بأن كل مشارك في تلك المظاهرة المصغرة هو قاضي القضاة أو هو المعني الأول بشأن التجمهر وما ورائه من أسباب. في وسط التجمع ألمح رجلاً يبكي ويسترحم الملتفين حوله وأحد رجال الشرطة المرتدين زياً مدنياً يمسك بتلابيبه ويتوعده بأسوأ مصير ويكيل إليه لكمات مركزة كل نصف دقيقة ويحاول جره بعنف إلى الناحية الغربية، حيث قسم سيدي جابر، ولكن الرجل يستميت في التمسك بموقعه ربما لأنه جرب احتفاء أقسام الشرطة بأمثاله من قبل. الظاهر أن صاحب الحمار سرق شيئا وحمله معه على عربته التي يجرها الحمار المسكين ولكن عيون الشرطة اليقظة لمحته وأمسكت به في الوقت المناسب. لم أستطع معرفة طبيعة الشيء الذي سرقه الرجل، الذي كان يبكي بحرقة وندم مفتعل لم يفلح في إثنائي عن التعاطف السطحي معه، بل ولم أستطع التأكد مما إذا كان قد سرق شيئاً بالفعل أم أن الأمر لا يعدو كونه مثلاً قد تطاول على أحد الباشاوات أصحاب السيارات الفارهة فكان لابد من إنزال أقصى العقاب به إعمالاً لمبدأ العدالة الفورية الناجزة ضد الفقراء. لم أستطع التحقق من هذا ولا ذاك لأن إشارة كيروسيز تحول لونها إلى الأخضر بأسرع مما كنت أود وأتوقع.

***

نفس المكان، ليلة الخميس نفسه، والظروف الجوية على ما هي عليه أو ربما أردأ لأن المطر ينهمر الآن بكثافة تفوق ما كان في الظهر. عائداً أنا إلى المنزل كنت بعد يوم طويل مرهق. لمحت شيئا غريباً عند الشجرة نفسها (الشجرة الأولى). الحمار المسكين مازال هناك، ولكن بلا عربته. يبدو أن البعض قد قام بحله من العربة لتسيير المرور في طريق الحرية، او ربما قام أحدهم بسرقة العربة ولم يجد من الحمار نفعاً محتملاً فتركه إلى أن جاء واحد آخر وربطه في الشجرة بحبل قصير لم أستطع تحديد مدى قصره بفعل الظلام وسرعة المرور في تلك اللحظة من المساء. حرام والله.. الحمار قضى أكثر من سبع ساعات واقفاً في نفس المكان الممطر البارد بلا طعام ولا شراب وغير حاظ من متاع الدنيا سوى بحبل قصير ونصيب من جزع شجرة قديمة. الحمير، إذن، في زماننا هذا عليها أن تدفع ثمن أخطاء اصحابها. جميل جداً، وهنيئاً لنا بمدنيتنا المتحضرة التي تعبر عن نفسها لساعات في أحد أرقى أحيائك يا إسكندريتي. لم يفكر أحد من الأهالي أو أصحاب المحلات في طلب تدخل الشرطة، مثلاً، لنقل هذا الحمار المسكين إلى مكان ما لحين انتهاء وصلة التعذيب ضد صاحبه.
!!!!

***

أو ربما خاف الحمار ورفض زيارة القسم!



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم
- طائر الفينيق
- تذاكر
- يوم كاشفتني ذات الرداء الأبيض
- سكوت مَن ذهب
- هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - حبل وشجرة