أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - ثلاثي ضوضاء المسرح















المزيد.....

ثلاثي ضوضاء المسرح


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 08:21
المحور: سيرة ذاتية
    


اركب الموجة
--------
الحاج أبو المجد هو صاحب محل كبير لتصوير المستندات والتصوير الشخصي، محله جنب بيتي وكنت متعود زمان أيام المدرسة اني أشوفه كل يوم الصبح بدري واقف قدام محله بيفتحه أو قاعد على كرسي قدامه وساعات كمان كنت أروح أصور ورق عنده لحد فترة الكلية، بس مش كتير قوي لأن الكلية حواليها مكتبات وتصوير ورق للصبح. الحاج أبو المجد ده كان عصبي جدا على ما يبدو من تصرفاته لأنه كان دايما يا إما بيجر شكل زباين أو اصحاب محلات جنبه أو عربيات عايزة تركن قدامه، يا إما ناس بتجر شكله وتستفزه بسهولة، وانا فاكر ان انا نفسي كنت مرة من ضمن اللي جروا شكله ايام الدراسة الثانوية لما رحت أصور عنده ورق عربي (غالبا كان ورق النحو بتاع مستر أحمد شعبان نجم اللغة العربية وصاحب أكبر سنتر في الإسكندرية دلوقتي وعضو الحزب الوطني في الوقت نفسه) وقلتله: يا حاج هو انت لسه بتصور بالمكنة اللي بتخلي الورق ريحته جاز؟ دي الدنيا كلها بتصور بالبودرة دلوقتي.. ولقيته راح قلب وشه فجأة وقاللي: انت عم ترطن كتير (بفتح الكاف) ليه؟ خد فلوسك وامشي

مش فاكر اخدت فلوسي واللا لأ وايه هو المقلب اللي عملته فيه وانا خارج أو تاني يوم (ما هي كانت أيام الشقاوة بقى) بس المهم اني عرفت وقتها - من لهجته - انه من أصل صعيدي ويمكن ده كان من أسباب عصبيته

بعد كده، لما كنت انا في الكلية، لقيت انه اشترى محل تاني أقرب لبيتي وعمله مكتبة سماها: "مكتبة الثقافة الحديثة". وبحكم القرب الجغرافي بقيت أشتري من المكتبة دي معظم الأدوات المكتبية اللي بحتاجها (بالذات خرطوش القلم الحبر شنايدر الشاحح على طول واللي محدش بقى يستخدمه غير طلاب المدارس الألماني حسب ما قاللي مرة صاحب مكتبة في شارع الإقبال) وبقيت بتعامل مع المكتبة الجديدة دي أكتر بكتير من التعامل مع محل تصوير الورق بتاعه، ومع اني عمري ما حسيت ان المكتبة دي مكتبة "ثقافة" بجد لأن مفيهاش من الكتب غير الكتب الخارجية الى جانب لوحات جسم الإنسان والكواكب والحروف الأبجدية والأعداد، إلا اني كنت متأكد دايما انها "حديثة" لأنها كانت دايما بصراحة نظيفة ومرتبة عكس مكتبة محمد علي (على اسمي يعني) المجاورة. بس المعاملة كانت جافة جدا في مكتبة أبو المجد والزبون مهما كان بيشتري منهم باستمرار وبكميات برضه ميحسش ان طلباته اتعرفت او حتى هو نفسه اتعرف أو ان فيه أمل انه يتقابل مرة بابتسامة كده. وبمرور الوقت، لاحظت ان الحاج أبو المجد بيزداد عصبية في التعامل مع الزباين والجيران (وكمان بنته الكبيرة، اللي دايما في حالة حمل، كانت بتقف في المكتبة تساعد وكانت معاملتها في نفس جفاف معاملة والدها لدرجة اني لو قلتلها شكرا بعد ما آخد باقي الفلوس تقوللي باستنكار: على ايه؟) ولاحظت كمان ان الحاج أبو المجد بدأ يربي دقنه ويلبس عباية (عباءة) وعمة (غطاء رأس) على الطراز الخليجي وبدأ يحط صور كتيرة لنفسه في مدخل المحل وحتى جنب يافطته الرئيسية في الخارج وهو لابس الزي الخليجي ده، وطبعا كان بيتصور الصور دي في محل التصوير بتاعه، يعني زيتنا في دقيقنا

في مرة خالي - الراحل - كان عندنا وعايز يصور البطاقة العسكرية بتاعت ابنه وقاللي: أنا حبقى أصورها عند الراجل السعودي. طبعا أنا فهمت هو يقصد مين وقلتله وانا بضحك: لا ده مش سعودي، ده أبو المجد اللي كان زمان بقميص وبنطلون وبيتخانق دايما على ركن العربيات وحدف البمب

الحاج أبو المجد اتوفى من سنتين، وتعاملي مع المكتبة قل بشدة بسبب تراجع استخدامي للورق والأقلام مع تصاعد نفوذ الكيبورد والشاشة في حياتي، بس ده ميمنعش برضه اني بدخل المكتبة من حين لآخر أشتري دوسيه أو دبابيس وخلافه. وفي آخر مرة دخلت شفت صورة جديدة متعلقة داخل المكتبة هي صورة حفيد أبو المجد (غالبا هو أحد أبناء بنته المستنكرة) وكان لابس في الصورة زي خليجي زي جده، ومامته كمان بقت بتلبس زي إيراني أو خليجي أسود في أسود

صحيح، اللي خلف ما ماتش


النعامة تشرب النفط
------------

بقالي أكتر من سنة بكتب مقال شهري على امتداد ست صفحات عن الجديد في عالم إدارة الأعمال والتدريب لمجلة سعودية متخصصة في المجال ده، ومن اول يناير اللي فات طلبوا مني مقال إضافي يكون أصغر في عدد كلماته ويركز على استعراض "تجارب النجاح"، وفي الأول طلبوا مني تجارب نجاح شركات كبرى معروفة في المنطقة العربية بس تاريخها وبداياتها مش معروفة قوي، زي دجاج كنتاكي اللي بدأ كمطعم صغير على طريق سريع ونوكيا اللي بدأت كشركة ورق وتويوتا اللي بدأت كشركة صناعة ماكينات خياطة، ده غير بقى أقلام يونيبول اليابانية اللي مكتوب عليها انها تبع ميتسوبيشي بينسيل كامباني بس دي مش فرع لشركة ميتسوبيشي المشهورة بتاعت السيارات والمسألة مجرد تشابه شركات، ... وهكذا. وبما ان المقال الجديد ده حيكون أسبوعي لأنه مش للنشر على صفحات المجلة ولكن للنشر في نشرة دورية بتصدرها المؤسسة التدريبية اللي بتتبعها المجلة، فبسرعة لقيت ان فيه صعوبة في إيجاد أفكار شركات جديدة لأننا غطينا قصص شركات كتيرة جدا لدرجة الملل وبدأت أقترح عليهم تناول قصص نجاح أشخاص عظيمة مشهورة ولها إسهامات ملموسة في تحسين ظروف حياة البشر والمؤسسات. وبعد تردد لكام يوم من طرفهم معرفتش سببه إلا فيما بعد، جالي الرد بالموافقة وقالولي انهم في انتظار أول مقال من النوع الجديد ده. وفعلا كتبته وأرسلته وكان عن كروجمان الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد عن العام الحالي بسبب بحوثه الرصينة العميقة الي تناول فيها جغرافية الاستثمارات والفصل بين مفهومي الثروة ومراكمة رأس المال بشكل هو أعمق ما يكون، ده كله إلى جانب مقالاته الرائعة في السياسة والاقتصاد السياسي اللي بيكتبها في النيو لفت ريفيو والواشنطن كوراترلي من حين لآخر واللي كان لي شرف ترجمة اتنين منها. هاه وبعدين؟ في نفس الليلة جالي إيميل من السعودية بيقولولي فيه ما معناه انهم عايزين مقالات عن شخصيات ناجحة بشرط أن تكون إسلامية أو عربية وانهم بيفضلوا عدم تناول شخصيات غربية حتى مستقبلا. حاجة غريبة جدا جدا.. طيب ما الشركات اللي كنت بكتبلهم عنها كلها شركات غربية، يبقى ليه بقى المسألة فيها خيار وفاقوس؟ هي يعني المؤسسة أحسن من الفرد؟

كتبت مقالة تانية عن دكتور محمد عوض السكندري اللي بقى من ألمع الأسماء في بحوث التجارة الإلكترونية في العالم لدرجة انه ألف كتاب عنها ونشرته دار نشر هاربر كولينز العملاقة، ومكنتش راضي جدا عن المقال لأن مصادره مكانتش كتير ولأني مكنتش مستعد أكتب موضوع جديد بعد ما أرسلتهم موضوع كروجمان نظرا لضيق الوقت. وقررت عدم إرسال موضوعات عن شخصيات عربية أو غربية تاني والاكتفاء بإرسال موضوعات عن مؤسسات وبس، وحبقى أجرب مرة أبعتلهم قصة نجاح شركة أمستل بتاعت البيرة وأشوف رد فعلهم حيكون ايه

آه، نسيت أقول حاجة تانية مهمة. بعد يومين كنت بعمل سيرش بالصدفة على النت في مجالات قريبة من الكلام ده وفجأة وصلت لكلام حسيت انه بتاعي بس انا مش فاكر اني أرسلته للنشر في أي مكان، وبعد ما صحصحت كده شوية وركزت لقيت انها مقالتي المرفوضة عن كروجمان منشورة في جريدة الوطن السعودية في باب أسبوعي عن التطوير الذاتي وقصص النجاح، وبالصدفة لقيت ان اسم محرر الصفحة هو نفسه الأستاذ ح.ع. اللي رد على الإيميل بتاعي آخر مرة من طرف مؤسسة التدريب. ومن حسن حظه - أو من وعايته - انه محطش اسمه على الموضوع ده بالذات ونشره بلا اسم


وحوي يا وحوي
-----------

وأمـطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ ، وسقتْ ورداً ، وعـضـتْ على العِنابِ بِالبردِ
وأنـشـدتْ بِـلِـسـان الـحالِ قائلةً مِـنْ غـيـرِ كُـرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا مددِ

بيتين من قصيدة مشهورة جدا ليزيد بن معاوية، والبيت الأول بالذات يعتبر من أشهر الأبيات في كتب البلاغة لأنه من أوله لآخره عبارة عن صور جمالية: اللؤلؤ = الدموع، والنرجس = الكحل، والورد = الخدين، والعناب = الشفايف والبرد = الأسنان.. والمعنى ان الحلوة وهي بتبكي كانت دموعها عاملة زي جواهر بتنزل على خدودها الحمرا وبقت تتشحتف لدرجة انها عضت على شفايفها الحمرا باسنانها اللامعة.. يا عيني

طب وايه المناسبة يعني؟؟ أنا جاي في الكلام أهه. أصلي في حوار جمعني بالصدفة البحتة مع طالب في كلية الآداب قسم لغة عربية، في الفرقة الثالثة (سنة ثالثة يعني)، تم تقديمه لي على أنه "مثقف ومشروع صحفي جميل"، سألته عن البيت ده، أو بالأصح مش سألته، لا ده انا استشهدتله بالبيت ده على ان كثرة الصور المجازية في أي نص أدبي أحيانا بتفيده وأحيانا بتضره. مش حقول ان المشكلة هي اني لقيت انه مش عارف البيت ده خالص (مع انه عامل بالنسبة لدارسي اللغة العربية زي سرعة الضوء كده لدارسي الفيزياء وزي الرقم الذري للحديد لدارسي الكيمياء وزي طول ماريا شارابوفا لمحبي التنس). المشكلة يا أسيادنا كانت انه ولا عارف البيت ولا درسه في ثانوي ولا كلية وكمان انه مفهمهوش بعد تكراري له لدرجة اني كتبته على الجرنال (البديل برضه) اللي كان معايا عشان يقدر يشوفه بالكامل ويحكم عليه ويمكن يشاور ذاكرته أو مخيلته فيه. حاجة تمام قوي وتفرح بصراحة. والأدهى لما سألته ازاي أدور على "واحة" في المعجم الوجيز وقاللي حتلاقيها يا اما في "حوى" أو في "وحوح" وطبعا الإجابتين غلط لأنها ملهاش أصل عربي

مكانش قصدي أمتحنه ولا أحرجه والله، ومش من حقي ده أساسا وأبدا، بس الكلام هو اللي جاب بعضه بالشكل ده، ولما خلصنا الكلام وغادرت أنا مجمع الكليات النظرية متجها إلى مكتبة الإسكندرية، بقيت ماشي بكلم نفسي زي سلطان، اللي كان عيل وكبر، وبقول لنفسي: لقد زجحت لكا طظقراتاين



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحمول في يد الجميع
- أبجدية التحضر: منظومة الفكر والممارسة لدى العقول المتفتحة
- تأكل الطير
- فوضى.. ولكن
- لما بنكبر
- تخاريف بنكهة أندلسية
- فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير
- قوس كامل
- حلم وعلم
- تساؤلات إلى شاري الأيام
- في الاغتراب وعنه
- ثم يبدأ البحث عن الشاطئ التالي
- القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات
- حاجيات مهجورة
- حبل وشجرة
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم
- طائر الفينيق
- تذاكر


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي ثابت - ثلاثي ضوضاء المسرح