أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - وصول المعنى














المزيد.....

وصول المعنى


أديب كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 10:43
المحور: الادب والفن
    




ووصلتُ إليك أخيراً يا معناي، تعرّفتُ إلى أشكالكِ ذات

الوقعِ اللغزي: مربّع أطيافك، خطّ الحسراتِ الممتدّ

إلى دائرة ِالمنفى، ومثلثِ رغبتك الحيّ كما الأفعى،

ومعين الضحكِ الأعمى، وزوايا فجركِ، ليلكِ، نومكِ

وقت صراخ الشمس. تعرّفتُ إلى أشجارك: أشجارالجوعِ،

الموتِ، الغضبِ الأسودِ، والبومِ، البطن المملوءة، والكينونة

حتى أمسكتُ بأنهارك مستتراً من عريي الأزليّ: فرات

الأطفال يطير بعيداً عنّي، أغرقُ فيه، أضيعُ وأجلو

عن لغتي ألماً يعصرها، قيظا ًيوقدها تنمو، أتباركُ فيها،

أدخلها فتنامُ بساقٍ غامضةٍ نحو الأعلى فأدوخُ وأبكي، يهبطُ

فجر من قلبي وأدندنُ: جاءَ الطيرُ أخيراً من منفاه إلى

كفّي، استتري فيّ ولا تنهمري. صاحَ فراتُ الأجدادِ

المكتهلين بموت اللامعنى: انتبهِ اليوم لسرِّ الحرفِ

بموضعها وتموضعْ فيها واثمرْ فالعمرُ حديث خَرِف

يهذي. يهبط ُ فجرّ من قلبي. أهبطُ حتى الشارع،

في بيتِ القبلاتِ الثكلى أودعُ معناي وأصعدُ حتى

دجلة ذات الجسد العذب الشفتين فلا تعطيني إلاّ ما

تعطي سيّدة للبعلِ، فماذا أفعل؟ دوّخها مَن يملك

ساريةَ الأسمنت وسارية الدينار فلا تخفي وجع الضائع

مثلي. أمسكتُ بأنهاركِ مستتراً فرأيتُ بعيداً أبعد

منكِ وأقرب منّي نهراً أسود يصفرّ عليه الناسُ من

الخوفِ طويلاً، نهراً أبيض يسودّ عليه الناسُ من

الصحراء، ونهراً عذباً شاهدتكِ فيه بلا ثوبٍ نائمةً

منتصف الليل تئنّين إلى المعنى. ووصلت ُإليكِ أخيراً

وعبرت ُخليجَ الزمن الفاسد، أمسكت ُ بمستنقع أفعالٍ

يخفيها في لكنته، أمسكتُ الفعل َالحاضرَ، حاورتُ

السينَ بكتْ والراءَ احتدمتْ، ودخلتُ بأقواسٍ يخفيها

في خيمته، ودخلتُ الفعلَ الماضي أركب صيحاتي

و ذنوبي فانهار المستقبلُ قدّامي وتقزّم حتى أضحى

شمساً من أطفالٍ فعرفتُ الحقّ بعينيه الضيقتين، إذن:

ألقيتُ القبضَ على الكلّ وأدخلتُ الكلَّ جميعاً في

أزمنتي في قارورة أفعالي فاستتروا خوفاً

والكاف تناشدني ألاّ أنهار، فأهذي كالطودِ، أقومُ

أقاتلهم فرداً فرداً، تعطيني أخضرَ منحدراً من قائمة

الأعلى. فرحاً كنت أنادي أشياء بَعُدتْ فتعود إليّ ولم

تعرف أحداً، تذهل، تدهش، تمضي، وأحاور ما

قبلي ما بعدي، أستنجدُ بالكاف ِعلى نفسي فتجيبُ

عليّ وتفرحني. ووصلتُ إليك ِ بدمعي الأسود،

حاربت ُالوحش طويلاً بأصابع موتي حتى

حاصرني الفجرُ رمالاً ترقص، أخرجني من منفاي

وألقاني قدّام الليل وحيداً في نهر الريح. ومن أجلكِ

رأسي كان شجاعاً يرفضُ أن يؤوي قطاع الطرق

البلهاء وباعة ساعات رمادٍ تتطاير وسط العمبان.

وكان شجاعاً صنديداً إذ كيف لرأسٍ مقطوعٍ مُرمى،

في نهر الريح تدّلى، لملاقاةِ الموت يقوم وحيداً؟

كيف لرأس مقطوع أن يسمع، وسط الحومة،

أشجاراً مثقلةً بطيورٍ رسمتْ أسماء الحبّ عليها

وطفولات الماء؟ وكيف لرأسٍ مقطوعٍ أن يدخل في

حلمٍ يصهر أزمنة الدنيا حتى يأتيكِ ويكشف غامضكِ

السريّ وعريك ِعريّ أعمى؟ وصل الرأسُ إليكِ

بطيرِ الحاءِ وسحرِ الباء ومعجزةِ الكاف الكبرى. أمسك

في شغف ٍنزواتكِ، أربعةً من أطيافكِ، سبعاً من

لهجاتكِ، تاءً من لذتكِ القصوى. قام بأمطاركِ حتى

شفيتْ صحراؤك من أمراضِ الدنيا، قام الرأسُ إليّ

أخيراً، قبّلني، صاحَ بأعضائي فتنبّهتُ من الموتِ

إليك، وجدتُكِ عاريةً قربي. رجعَ الرأسُ إلى

جسدي، قال: أنا المعنى. فبكيت.
***************************
http://www.adeb.netfirms.com



#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبيّ الصغير
- قصائد صغيرة
- لقاء.. وداع
- طفولة
- قصيدة حبّ
- الحفلة
- رسالة الحروف
- ضحك
- ارتباك الزاي
- حوريات الفردوس
- خرافات
- الزمن يركض.. الزمن يغرق
- دجلة
- أمجاد النقطة
- شكراً أيتها الموسيقى
- الغراب
- ثنائيّة
- أخطاء
- بانتظار أن تهبط حبيبتي
- غزل على طريقة فان كوخ


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أديب كمال الدين - وصول المعنى