أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - تسيلان وهايْدَغَرْ - قصة وقصيدة تودناوْبَرْغ















المزيد.....

تسيلان وهايْدَغَرْ - قصة وقصيدة تودناوْبَرْغ


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2497 - 2008 / 12 / 16 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


ترجمة وتقديم د. بهجت عباس
باول تسيلان شاعر رومانيّ ولد عام 1920 لأبوين يهوديين . كان يدرس الطب في رومانيا عندما غزت
ألمانيا النازية رومانيا وسيق وأبواه إلى معسكرات الاعتقال النازية حيث أعدم أبواه ، فتغيّـرت حياته.
وعندما احتل السوفييت رومانيا عام 1944 ، أُطلق سراحه من السّجن فعاش في بوخارست فترة قصيرة غادرها بعدئذ إلى فيينا ومن ثم إلى فرنسا حيث عمل فيها طيلة ما تبقى من حياته التي أنهاها بالإنتحار غرقاً في نهر السّين عام 1970. يكتب بالألمانية ويجيد اللغات الفرنسية والإنكليزية والرومانية وقد ترجم من هذه اللغات لكثير من الشعراء والأدباء وظهرت أشعاره في ستة كتب منها "خشخاش وذاكرة" و"تسلّط الضَّوء" الذي يحتوي على هذه القصيدة .
أما مارتن هايْـدَغَـر ، فهو فيلسوف ألماني ولد عام 1889 . أصبح رئيس جامعة فرايبُـرغ عند صعود النازية عام 1933 ، ثم استقال منها بعد سنة لعدم نجاحه في مهمته ، واحتفظ بعضويته في الحزب النازي الألماني حتى سقوط ألمانيا النازية عام 1945. ألف كتباً كثيرة في الفلسفة ، ولكن كتابه الذي اشتهر به هو (Sein und Zeit ) - وجود وزمن- يعتبر من أحسن كتب القرن العشرين في الفلسفة ، كما يقول النقّاد. توفي عام 1976.
لذا يكون لقاء تسيلان ، ضحية النازية ، وهايْـدَغَـر ، النازي أو المتعاون مع النازية ، لقاءً غير عادي وغير مألوف . كان ذلك في 24 تموز عام 1966 ، حيث قرأ تسيلان بعض أشعاره في فرايبرغ ، فأبدى هايدّغَـر رغبته في دعوة تسيلان لزيارته في بيته ، الذي هو بمثابة كوخ بناه عام 1922 في القرية الجبلية تُـودْنـاوبَـرْغ Todtnauberg (ترجمت بجبل الموت) التي تقع في الغابة السوداء (ألمانيا) ، للراحة والاستجمام في العطل ، ولكنه اتخذه مسكناً له وملجأ يحميه من اضطرابات الزمان أيضاً . بعد يوم من قراءته في فرايبُـرع ، أُخِـذ تسيلان في سيارة للقاء هايْـدَغَـرْ في تودناوبرغ ، فكان لقاءٌ أملَ فيه تسيلان من هايْـدَغَـرْ اعتذاراً عن الماضي الذي تورط فيه ، فلم يحصل منه على ما أراد ، فكانت هذه القصيدة التي يصف فيها شعوره وما حدث في هذا اللقاء .

القصيدة
بدأ تسيلان قصيدته بذكر عشبة الأرنيكا ذات الأزهار ناصعة الصفرة ، وهي ذات أجناس عدة أهمها Arnica montana و A. chamissonis . تحتوي جذورها على مادة الثايمول (مادة تستخرج من السّعتر أيضاً) وتستعمل ضد الالتهابات وتوسيع الأوعية الدموية ومواد كيميائية أخرى . تستخلص موادها الفعالة بالكحول فتكون بشكل صبغة أو خضاب Tincture تفيد في مداواة الرضوض وأمراض جلدية ، وعشبة ( سلوة العين Augentrost ). وهذه ، بأجناس تتجاوز البضع مئات ، أعشاب ذوات أزهار بنفسجية أو بيضاء بزرقة وبعضها أصفر اللون ، تستعمل على شكل مرهم لعلاج بعض أمراض العين مثل الإحمرار واضطراب الرؤية والتهاب العين المسبب عن البرد أو السعال أو التهاب الجيوب الأنفية وغيرها . بدأ تسيلان قصيدته بذكر هاتين العشبتين مع شربة الماء التي أخذها من البئر التي يعلوها مكعب خشبي ( كالزار في لعبة الطاولي) نقشت على سطوحه نجوم ، كعلامة صفاء نية وتفاؤل ، بأن زيارته هايْـدَغَـر ستكون ذات نتائج إيجابية ، وعندما سجِّل اسمه في سجلِّ الزيارات ، وجد أسماء مسجلة قبله ، فتساءل اسم من سُجِّل قبلي ؟ هل يمكن أنْ يكون نازياً ؟ ولكن السَّطر الذي كتبه في السِّجل توقع أن يأتي بكلمة أمل (إعتذار) موجودة في قلب المفكَّـر ، هايْـدَغـَرْ ، ولكنَّ أملَ تسيلان هذا لم يتحقق. أخذ يتمشى مع هايْـدَغَـرْ في مرج الغابة الرطب بانفراد (غير منسجميْن) كسَحلب وسَحلب ، والسَّحلب هو عشب ذو أزهار أرجوانية حمـر لماعة ، وتسمى جذوره (خصى الثعلب) ، يُستخرج منه بعض البروتينات للأكل ، أي أنَّ السَّحلب (المنفرد) قد استبدل بالأرنيكا وسلوة العين اللتين جمعهما تسيلان وتُستعملان في علاج أو شفاء بعض الأمراض. أيْ أنه توقع انبساطاً وأملاً عند مجيئه إلى هايدَغَـر ، فعاد منه بخيبة واكتئاب . ولما كانت المَمرّات في الغابة هي ممرّات خشب Holzwege، تخيّـلها تسيلان هراواتِ (Knüppel ) النازيين الرَّهيبة تغطيّ مقابر (جماعية) ، وهو يمشي فوقها . لم يُكمَلْ من المَشي المفروضِ إلا نصفُه (ربما نتيجة مطر أو عدم انسجام أو كليهما)، حيث قفلا راجعيْن إلى الكوخ . عاد تسيلان في سيارة إلى فرانكفورت مع مرافق وسائق. كان ثمة حديث متبادل بين الرجلين ، متعكّراً أو خشناً في البداية (غير متفاهمين)، تحوّل أثناء السَّفر إلى وضوح (تفاهم) ، وكان السائق يسمع ما دار بينهما من حديث، أيْ أنه شهد على ما تحادثا عفواً أو تلقائيّـاً وليس تنصّتاً متعمّـداً . فكتب تسيلان هذه القصيدة في الفندق في الأول من آب (أغسطس) ونشرت في نسخ معدودة لم تتجاوز الخمسين عام 1968. أعيد نشرها في كتاب ( تسلّط الضوء أو عُـتُـوّ الضَّـوء Lichtzwang* ) في عام 1970 ، بضعة أشهر بعد وفاة تسيلان.


أرنيكا ، سلوة العين ، الجرعة
من البئر
بالنرد النجميِّ فوقها ،

في
الكوخ ،
ما سُطِّـرَ في الكتاب
-اسمُ مَـنْ سُـجِّـلَ
قبل اسمي ؟- ،
في هذا الكتاب
السّطرُ المكتوب ،
عن أملٍ ، اليومَ ،
لكلمة مفكَّـرٍ ، (آتية بلا تأخير)
في القلب .

مَـرجُ الغابة ، غير مستوٍ
سَحلبٌ ، وسَحلبٌ ، على انفراد
مُـتلبِّـدٌ ، أخيـراً ، واضحٌ
أثناء السفر ،

مَنْ يقودنا ، الرجلَ ،
هو من يستمع أيضاً ،

ممرّاتُ الهراواتِ -
نصفُ المسلوكة
في مَرج عالٍ .

رطوبة ،
كثيرة .

Todtnauberg
Arnika, Augentrost, der
Trunk aus dem Brunnen mit dem
Sternwürfel drauf,

in der
Hütte,

Die in das Buch
- wessen Namen nahms auf
vor dem meinen? –‚
die in dies Buch
geschriebene Zeile von
einer Hoffnung, heute,
auf eines Denkenden
(un-
gesäumt kommendes)
Wort
im Herzen,

Waldwasen, uneingeebnet,
Orchis und Orchis, einzeln,

Krudes, später, im Fahren,
deutlich,

der uns fährt, der Mensch,
der’s mit anhört,

die halb-
beschrittenen Knüppel-
pfade im Hochmoor,

Feuchtes,
viel.

=====================================================
•كلمة Zwang الألمانية أو compulsionالإنكليزية ، تعني إجبار ، إرغام ، إلزام ، إكراه ، قهْر ، قسْر ، و كلمة Licht تعني ضوء أو ضياء أو نوراً ، وقد تكون ترجمة Lichtzwang بجمع كلمتين مما ذكر أعلاه غير لائقة . لذا تكون ترجمتها بـ (تسلّط الضوء) أو (عُـتُـوُّ الضوء) أفضلَ ، لأن التسلّطَ يلازمه عادة قهرُ الآخرين أو إكراهُهم على القيام بعمل من غير إرادتهم.



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما والعرب
- قصيدتان - غوته
- أربع قصائد من رواية (سنوات تدريب فيلهلم مايستر) لغوته
- قبلاي خان - للشاعر الإنكليزي ساموئيل تايلور كولريج (1772-183 ...
- تتمشّى في جمال - لورد بايرون
- الخريف - للشاعر الفرنسي لامرتين ( 1790 - 1869 )
- تمثال الفرعون المنهار بين شاعرين - شيلي وسميث
- الطريق الذي لم يُسلَك - للشاعر الأميركي روبرت لي فروست (1874 ...
- أغنية الخريف - للشاعر الفرنسي شارل بودلير (1821-1867)
- إلى الخريف
- إلى الخريف - للشاعر الإنكليزي جون كيتس (1795 - 1821)
- أعطيك خريفاً - للشاعرة الفيتنامية المعاصرة دا ثاو
- نظرة في الجين والجينوم
- ترنيمة حائكةٍ سيليزيّة* - للشاعرة الألمانية لويزه أستون (181 ...
- النسب والجينات
- مع الشاعر الراحل مرتضى الشيخ حسين
- الخروج الأخير
- خبز وخمر 7 - 9 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
- خبز وخمر 4 - 6 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
- خبز وخمر 1 - 3 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين


المزيد.....




- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت عباس - تسيلان وهايْدَغَرْ - قصة وقصيدة تودناوْبَرْغ