أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - رغم الاحتفالات بالمئوية: فضيحة ثقافية تهدد الفنون الجميلة














المزيد.....

رغم الاحتفالات بالمئوية: فضيحة ثقافية تهدد الفنون الجميلة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 10:13
المحور: المجتمع المدني
    


المفارقات فى حياتنا أصبحت كثيرة وتفوق الخيال فى بعض الأحيان.
وأحدث هذه المفارقات أننا نحتفل هذا العام بمئوية كلية الفنون الجميلة التى أنشئت فى 12 مايو 1908 بشارع بدرب الجماميز تحت إسم "مدرسة الفنون الجميلة". وانتقل الاشراف عليها عام 1910 إلى الجامعة المصرية الأهلية قبل أن تلحق بإدارة التعليم الفنى بوزارة المعارف. وفى عام 1928 دخلت مدرسة الفنون الجميلة مرحلة جديدة عندما بدأ تمصيرها وأصبحت "مدرسة الفنون العليا". وفى سبتمبر 1935 نقلت إلى مكانها الحالى بشارع اسماعيل محمد بجزيرة الزمالك. وبعد قيام ثورة 23 يوليه 1952 تم تغيير إسمها إلى "كلية الفنون الجميلة" كما تم ضمها إلى وزارة التعليم العالى عام 1961 بعد أن كانت تتبع وزارة التربية والتعليم، وأخيراً تم ضمها إلى جامعة حلوان فى أكتوبر 1975.
وعبر هذه المائة سنة، ورغم تغير الاسم والعنوان أكثر من مرة، أطلت كلية الفنون الجميلة جزءاً لا يتجزأ من مشروع "نهضة مصر"، ولم تكن مجرد معهد دراسى.
ويكفى أن نتذكر سيرة أحد روادها العظام، وهو الفنان محمود مختار (1891-1934)، الذى أعاد الاعتبار إلى فن النحت المصرى بعد اختفائه لما يقرب من ألفى عام، وكان دور هذا الفنان التشكيلى العظيم فى إحياء فن النحت المصرى جزءاً لا يتجزأ من نهوض الحركة الوطنية الرامية إلى إرساء دعائم مصر الحديثة. ولعله هو النحات الوحيد فى العالم الذى قام أبناء وطنه بالاكتتاب العام لتمويل أحد أعماله الإبداعية، ألا وهو تمثال نهضة مصر.
هذه الكلية التى ظلت على مدار قرن من الزمان منارة إشعاع حضارى، تواجه الآن مشكلة عجيبة فى نفس الوقت الذى تحتفل فيه بمئويتها، وهى مشكلة تهدد أحد أقسامها الأساسية، وهو قسم النحت، بالاغلاق بالضبة والمفتاح.
وليس هذا مجرد كلام مرسل، بل إن الأمر تمت مناقشته على مستوى رفيع فى جامعة حلوان، بعد أن لوحظ تراجع الاقبال على الالتحاق بهذا القسم، ورغبة معظم من يتم إلحاقهم به إلى التحويل إلى أى قسم من الأقسام الأربعة الأخرى بالكلية، وهى العمارة وهندسة الديكور والتصوير والجرافيك.
وربما يرى البعض أن هذه دعوة "منطقية" فمن غير المعقول تفرغ هيئة تدريس قسم كامل، رئيس قسم وأساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين ومعيدين وأجهزة إدارية معاونة، للتدريس لطالب واحد فقط.
لكن المشكلة أخطر من ذلك كثيراً، وجذورها تمتد إلى خارج أسوار كلية الفنون الجميلة.
ولو أنها كانت تقتصر على أى شكل من أشكال الخلل أو القصور فى عمل الجامعة، أو الكلية، لهان الأمر لأن إصلاح هذا الخلل يكون ميسوراً بسد هذه الثغرات أو محاسبة المخطئ.
لكن الكارثة أن سبب المشكلة أخطر من ذلك بكثير. وهو تغير نظرة "المجتمع" إلى الفن بشكل عام، وفن النحت بشكل خاص. بحيث أصبحت الأغلبية الساحقة من المصريين تنظر بقدر كبير من الارتياب إلى هذا الفن.
وهذا الارتياب بدوره هو الحصاد المر لثقافة رجعية وضعت النحت موضع الشبهات، وساوت بين الفن التشكيلى الحديث وبين صناعة الأوثان والأصنام فى صحارى الجزيرة العربية منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان.
وهذه الثقافة الغريبة عن كل من الجوهر السمح للدين الإسلامى الحنيف من جانب والروح المصرية الرحبة من جانب آخر وجدت فى الأعوام الأخيرة من يروج لها بشدة حتى من داخل صفوف المؤسسة الدينية الرسمية، ووجدت سنداً لها من فتاوى متعسفة تجاهلت أن الفتح الإسلامى لمصر قد احترم تماثيل أجدادنا الفراعنة ولم يمسها بسوء بل حافظ عليها.
وعندما قمنا بالتصدى لمثل هذه الفتاوى كنا ندرك خطورة تأثيرها على الرأى العام، خاصة فى عصور الانحطاط الثقافى، وغياب العقلانية والتفكير النقدى والابداعى. وكان البعض يرى مبالغة فى هذا التخوف، لكن سرعان ما ثبت أن الخطر أقرب إلينا من حبل الوريد.
فمن كان يتصور أن قسم النحت، الذى أنجب عباقرة من أمثال محمود مختار وأحمد عثمان وجمال السجينى وفتحى محمود وآدم حنين وعبدالوهاب الوشاحى وغيرهم، مهدد بالإغلاق.
ومتى؟!.. فى نفس العام الذى نحتفل بمئوية كلية الفنون الجميلة!!
هذه كارثة يا سادة.. ولو أنها تحدث فى أى بلد آخر من بلدان العالم لقامت الدنيا ولم تقعد.
فمن ذا الذى يتصور أن تصبح مصر، البلد الذى أنتج أعرق حضارة كان الفن التشكيلى أحد أهم تجلياتها وشهودها، مثلها مثل "طالبان" الأفغانية فى نظرتها إلى النحت؟!
بل إن الوضع فى حالة أفغانستان ربما كان أخف وطأة، لأن حركة "طالبان" فقط هى التى حاولت هدم التماثيل وهى وحدها التى حاربت فن النحت. بينما فى حالتنا نجد الصورة معكوسة، حيث الحكومة تعلن رسميا دعمها للثقافة والفنون، بل إنها عينت فنانا تشكيلياً وزيراً للثقافة، بينما المجتمع ذاته هو الذى يدير ظهره للفن الجميل.
وليس هذا خطأ الناس وحدهم، بل إنه نتيجة نظام تعليمى فاشل وفاسد، وإعلام محافظ ومتزمت ومتخبط، وتيار أصولى استخدم المساجد الأهلية وغير الأهلية والمؤسسات الإسلامية الرسمية وغير الرسمية للاستيلاء على العقل المصرى وحشوه بثقافة صحراوية معادية للروح المصرية، ناهيك عن العقلانية والاستنارة والابداع.
وكانت نتيجة ذلك ما نراه من تفشى لمؤسسة الخرافة التى أصبح لها النفوذ الأكبر فى بلادنا والأعجب أن يحدث ذلك فى نفس الوقت الذى تدخل فيه البشرية آفاق الألفية الثالثة مسلحة بثورة المعلومات ومقدمات مجتمع المعرفة.
وليست "المقاطعة الشعبية" لقسم النحت بكلية الفنون الجميلة إلا أحد تجليات استشراء مؤسسة الخرافة.
علماً بأن قسم النحت لن يكون نهاية المطاف، فاليوم يتم تحريم النحت وغداً يتم تحريم باقى الفنون واحداً تلو الآخر.. حتى يعم الظلام وتنعق فيه الغربان .
فهل نصمت ويكون هذا الظلام هو مصير البلد الذى وهب العالم أول شعاع نور للحضارة والتمدن؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم المفتوح.. يفتح عكا .. والمنصورة!
- اليوم السابع
- الرأسمالية ليست نهاية التاريخ
- أرامل- ماما أمريكا-!
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (2) .. الجماهير تدخل الثك ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (3).. عناصر موالية لعبد ا ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (4).. -إشتراكية- ملطخة بد ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (5) ..النهاية: صفقة غير م ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم (6-6).. ملحمة من الأمجاد. ...
- دفاتر يسارية تقاوم السقوط بالتقادم1 ..الشيوعيون.. حدوتة مصري ...
- نهاية عصر الدولار
- عادل سيف النصر
- عندما ينافس -تليفزيون الواقع- مسلسلات رمضان!
- مبادرة مبارك الشجاعة: الوطن هو الرابح الأول
- من مبطلات الصيام: تقرير الحريات الدينية
- أشواك فى طريق حب الوطن
- اعتذار.. وباقة ورد.. للدكتور إبراهيم سعد الدين
- الدولة تسحب استقالتها!
- تخاريف صيام!
- تضميد جراح الدويقة .. -حين ميسرة-!


المزيد.....




- السعودية تأسف لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع عضوية فلسطين ا ...
- فيتو أمريكي يمنع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وتنديد فلسطين ...
- الرياض -تأسف- لعدم قبول عضوية فلسطينية كاملة في الأمم المتحد ...
- السعودية تعلق على تداعيات الفيتو الأمريكي بشأن عضوية فلسطين ...
- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - رغم الاحتفالات بالمئوية: فضيحة ثقافية تهدد الفنون الجميلة