أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - تخاريف صيام!














المزيد.....

تخاريف صيام!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 04:56
المحور: المجتمع المدني
    


هناك شئ غلط.. لا يمكن فهمه أو تبريره.
فقد تعودنا أن ينخفض معدل ارتكاب الجريمة فى شهر رمضان، وأن تختفى نوعيات معينة من هذه الجرائم فى هذا الشهر الفضيل، فى مقدمتها جريمة القتل.
لذلك كانت دهشة المجتمع مضاعفة عندما تم كشف النقاب عن تلك الجريمة البشعة المروعة التى وقعت فى اليوم الرابع من رمضان على يد طبيب شهير، وأستاذ جامعى مرموق، وإبن ذوات، وسليل أسرة أكاديمية محترمة، وواسع الثراء، ولديه ثلاث عيادات فى أهم مواقع القاهرة. ومع ذلك فأنه قام باستدراج تاجر غلبان إلى إحدى هذه العيادات وقام بقتله بإطلاق رصاصة على رأسه. ولم يكتف بذلك بل قام بالتمثيل بجثته بصورة بشعة وبدم بارد، ثم قام بنثر أشلاء ضحيته فى أنحاء متفرقة من المدينة وعاد إلى بيته ليفطر ويصلى المغرب والعشاء والتراويح وكأنه كان يسلى صيامه بذبح فرخة والتلذذ بتقطيع اوصالها وشيها على الفحم لالتهامها بعد مدفع الإفطار!
جريمة مروعة كهذه لا يمكن أن تسأل عن سبب ارتكابها، فلا يوجد أى سبب يبرر وحشيتها. فحتى القتل الذى توجد دوافع له مثل الدفاع عن النفس أو الدفاع عن العرض والشرف أو حتى الدفاع عن الوطن لا يشتمل على هذا التمثيل البشع بجثمان القتيل، سواء فى رمضان أو غير رمضان.
فما بالك إذا علمت أن السبب الذى جعل الجزار الذى نتحدث عنه يقترف هذا الجرم الفظيع هو مطالبته بمبلغ مالى من ضحيته لا يزيد عن سبعين ألف جنيه فى إطار معاملات مالية تجارية بينهما. ولسوء حظ التاجر المسكين فإن تجارته تعثرت أو تعثر هو نفسه لسبب أو لآخر عن الوفاء بالمبالغ التى أخذها من الطبيب لاستثمارها لحسابه.
ولا يمكن تصور أن يكون هذا المبلغ المالى سببا فى هذا الانتقام الرهيب، حتى لو كان التاجر الضحية نصاباً أو محتالاً، فهناك ألف طريقة وطريقة لعقابه، ليس من بينها القتل أصلاً، ناهيك عن هذا التنكيل الخسيس بجثمانه.
وقد يمكن – على مضض – تفهم أن يكون الجوع الكافر سبباً فى ارتكاب جريمة قتل من أجل حفنة جنيهات، فما بالك وأن القاتل ليس فقيراً أو معدماً وإنما تزيد ثروته العقارية وحدها عن سبعين مليون جنيها.
وهو ليس من غير الفقراء فقط وإنما هو أيضاً من غير الجهلاء، بل إنه حاصل على الدكتوراه وعلى الزمالة أى على أعلى الدرجات العلمية التى أهلته لتولى أعلى المناصب الأكاديمية محلياً ودولياً.
بل إن هناك زاوية أخرى لم تهتم بها التغطيات الصحفية لهذا الحادث البشع، هى أن المتهم بارتكابه هذه الجريمة الشنعاء هو فوق ذلك كله من متذوقى الفنون وعشاق الجمال.
وقد تعرفت على هذا الجانب بالصدفة البحتة ومن باب الحوادث أيضاً.
حيث أذكر أننى أثناء زيارتى لصديقى الكاتب الصحفى الراحل الدكتور فتحى عبدالفتاح فى مكتب بمجلة "المحيط الثقافى" التى كان يتولى رئاسة تحريرها قابلت فنانة تشكيلية شابة تتحدث بتلقائية وعفوية منقرضة، وقام الدكتور فتحى عبدالفتاح بتقديمها لى فعرفت أنها الفنانة أحلام فكرى. ولم يكن إسمها غريبا على أذنى لأنى كنت قد شاهدت بالفعل عدداً من إبداعاتها التشكيلية فى معارض عامة وخاصة ولفتت انتباهى بأسلوبها الفنى المستقل وشجاعتها الفنية الاستثنائية.
لكن ما لفت نظرى أكثر فى كلامها – غير عفويتها وتلقائيتها وبساطتها الشديدة – هو الموضوع الذى كانت تتحدث فيه، حيث كانت تقول أن طبيباً كبيراً استولى على لوحاتها ومحتويات أستوديو الرسم الخاص بها، وانها تواجه صعوبات شديدة مع الشرطة ورجال النيابة العامة لمجرد توجيهها هذا الاتهام إلى رجل له هذا الأسم الرنان والمكانة العلمية والاجتماعية المرموقة. فلا أحد يصدقها. وكان من الصعب أن أصدق انا الآخر أن يقوم مثل هذا الشخص بسرقة لوحات فنية. فهو بالتأكيد قادر على شراء أغلى لوحة وأثمن تمثال. كما أنه من الصعب أن أصدق أن شخصاً يتذوق الفن والجمال يمكن أن يتعامل مع فنان بمثل هذه القرصنة.
لكن الفنانة أحلام فكرى أطلعتنى فيما بعد على أوراق ومستندات تدين هذا الطبيب الشهير، كان من بينها حكماً قضائياً بحبسه عدة أشهر.
وبعد مقابلات ومناقشات عديدة مع هذه الفنانة المجنى عليها، والتى أرى أن ابداعاتها التشكيلية تكتسب أهمية فنية خاصة، أقنعتنى الوثائق التى تحملها بعدالة قضيتها. وأذكر اننى أوصيت زميلى مجدى سرحان مدير تحرير جريدة الوفد وصاحب الخبرة فى مجال التقاضى، بان يتبنى موضوعها وأظنه قد فعل.
والأعجب أنها روت لى أنها قبل لجوئها للقضاء بذلت محاولات ودية لاستعادة لوحاتها ومحتويات مرسمها. وأن هذه المحاولات أخذتها إلى بعض أفراد أسرته ربما يكون شقيقه أحدهم. وأن هذا الشقيق اعتذر لها بشدة، لأن هذا الطبيب الشهير، والذى هو ملء السمع والبصر فى المجتمع بأسره، يناصب والدته العداء ولا يتورع عن جرجرتها إلى المحاكم فى قضايا نزاع حول الميراث ولا يستنكف عمل الشئ نفسه، وأشياء أسوأ، ضد باقى أفراد أسرته.
والحقيقة أن التفاصيل التى روتها لى الفنانة أحلام فكرى زادت غموض لغز هذا الرجل المتهم بارتكاب واحدة من أبشع الجرائم التى يمكن أن تحدث فى أى مكان فى العالم.
فهو طبيب وأستاذ جامعى وعالم مرموق وأكاديمى كبير وإبن ذوات وسليل أسرة عريقة وواسع الثراء ولديه كل المقومات التى تجعله يعيش سعيداً يستمتع بكل لحظة من لحظات الحياة ويتذوق فنونها ورحيق الجمال فيها، لكنه نسى كل هذه النعم العظمى وخلع معطف ملاك الرحمة، ورداء العالم والباحث العلمى، ونسى حتى زوجته وأبناءه وكل ما هو جميل فى هذه الدنيا، وتحول إلى وحش آدمى يدمر فى لحظة واحدة مشوار عمر طويل حافل بالنجاحات والإنجازات ويحطم أيضاً حياة أسرة أخرى قتل عائلها بدون رحمة أو شفقة ،ودون مبرر، ووضع زوجته وابنته أمام المجهول.
كل هذا .. وهو صائم!!
فهل هذا الكابوس حقيقة.. أم أنه تخاريف صيام شأنه شأن كارثة الدويقة، وحريق البرلمان بمجلسيه، والعبارة إياها، وتسريب امتحان الثانوية العامة، وأخواتها من الغرائب التى تتحدى العقل والبداهة؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضميد جراح الدويقة .. -حين ميسرة-!
- تقرير درويش: الحكومة ضد الحكومة -2-2-
- رثاء للدويقة.. بقلم أحمد بهاء الدين!
- اختراعات مصرية: الحكومة ضد الحكومة!
- مصر الأخرى!
- مبروك للدمايطة.. على الانتصار فى نصف المعركة
- من يستحق التعويض .. -أجريوم- أم -دمياط-؟!
- تسليم وتسلم!
- إحرقوا كتب الفلسفة.. اليوم قبل الغد!!
- وثيقة مستقبل مصر «2»
- الجريمة... والعقاب
- تنويعات علي لحن المشروع الليبرالي (1)
- دبرنا يا وزير!
- وقفة احتجاجية.. من أجل البحث العلمي!
- دماء على رمال مرسى مطروح !
- هل استعار -الأخوان- شعار -الإسلام هو الحل- من أمريكا؟!
- .. و على المتضرر اللجوء الى .. الجماهير
- السفيرة وفاء: رغم كل شئ .. مصر تتغير
- -الشخص-.. الذى نحب أن نكرهه!
- شعاع أمل: رئيسة جمعية أهلية ترفض «التمويل الأجنبي»


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد هجرس - تخاريف صيام!