|
.. و على المتضرر اللجوء الى .. الجماهير
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 10:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دخل حزب الوفد دوامة جديدة بعد أن قضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الادارية العليا يوم السبت الماضي برفض الطعن المقدم من محمود اباظه ، بصفتة رئيس الحزب ، الذى يطالب فيه بإلغاء حكم محكمة القضاء الادارى فى فبراير الماضي بعدم الاعتداد به – أى بحمود اباظه - رئيسا لحزب الوفد. أما حيثيات هدا الحكم فهى حيثيات شكليه و اجرائية فنية معقدة اشبه باللوغاريتمات لا يفهمها سوى القانونيين ، وربما قلة قليلة شديدة التخصص منهم فقط. وعلى سبيل المثال قالت المحكمة فى اسباب حكمها أن محمود اباظه "مجرد متدخل " إلى جانب مجلس الشورى و من ثم ليس له مركز قانونى مستقل يتيح له التصرف فى المنازعة باعتباره خصماً أصيلا بل يظل مركزه مرتبطا بمركز الخصم الأصلي الذى هو مجلس الشورى و لجنة شئون الاحزاب . و هى – كما ترى –صياغات صعبة على امثالنا من المواطنين العاديين و لكننا نفهم منها – بالشبه – أن الحكم الأول الصادر عن محكمة القضاء الادراى جاء لصالح نعمان جمعه الذى اعتبرته المحكمة صاحب الحق برئاسة حزب الوفد. و عندما طعن محمود اباظه فى هذا الحكم دفاعا عن حقه فى رئاسه الحزب ذاته، استنادا الى انه تبوأ هذا المنصب بناء على انتخابات حرة للهيئة الوفدية العليا ، لم تستجب المحكمة الادارية العليا لطلبه . وان هذا الموقف الذى اتخذته المحكمة الادارية العليا سببه "شكلي" و "اجرائى " بحت هو ان صاحب الحق فى الطعن على الحكم الاول هو مجلس الشورى باعتباره الخصم " الاصيل". و بما أن مجلس الشورى لم يطعن على الحكم فأن طعن محمود اباظه لا يكون له محل من الإعراب باعتباره مجرد " خصم متدخل" و هذا هو ما نفهمه ايضا من تأكيد المحكمة انها تعرضت لصفة محمود اباظه فقط فى التقدم بالطعن ولم تتعرض إلى " موضوع" الدعوى لانه ليس من اختصاصها تزكية أحد المتنازعين ، نعمان جمعه و محمود اباظه ، فى رئاسة الحزب على الاخر. وبطبيعة الحال اعتبر نعمان جمعه هذا الحكم انتصاراً "حاسماً" يحسم رئاسة الوفد له خاصة و أن الحكم نهائى و غير قابل للطعن و الاستئناف ، بينما قللت جبهة محمود أباظه من أهمية الحكم ذاته مع التأكيد على أن النزاع على رئاسة الوفد لن يحسم امام القضاء الادارى . و بين رأى الجبهتين المتصارعتين يبدو أن حكم المحكمة الادارية العليا يدفع مصير حزب الليبرالية المصرية العريق، الوفد ، الى المجهول ، او على الاقل ان يكون مثل لبنان بلا رئيس لمدة تزيد او تقل . و لست من المتخصصين فى القانون لكي أدلى بدلوى فى هذة المبارزة بين فريقي نعمان جمعه و محمود اباظه امام المحاكم .لكن رأيى المتواضع أن أزمة الوفد سياسية فى الاساس قبل أن تكون قانونية . و ان الاوضاع المقلوبة هى التى دفعت الى قاعات المحاكم مسألة لا يجب طرحها الا فى الشارع و لا يجب أن يكون القول الفصل لأحد فيها غير الجماهير ، اى اعضاء الحزب و تشكيلاته . فنحن لم نسمع فى انحاء الدنيا كلها، من شرقها إلى غربها ، عن حزب سياسي أخر صدر قرار بتعيينه رئيساً بحكم محكمه! هذه بدعه مصرية لا مثيل لها فى العالم و هى ليست متعلقة بحزب الوفد فقط ، بل أننا رأينا لها "سوابق " عديدة فى كثير من احزاب " المعارضة " فقد شهد حزب العمل – هل تذكرونه ؟!-هذا النزاع على رئاسته و وصل النزاع الى ساحات المحاكم، و تكرر الامر نفسه مع حزب الأحرار، ثم مع حزب الغد ، و حدث مع احزاب اخرى لا اذكر أسماءها ألان لان اخبار الصراع فى المحاكم حول من يرأسها كان الدليل الوحيد على وجودها . إذن نحن ازاء ظاهرة عامة ، و ليس وضعا خاصاً او استثنائيا لحزب الوفد . و بصرف النظر عن وجاهة او عدم وجاهة التفسير التآمرى الذي يلجأ إليه الكثيرون لتفسير هذة الظاهرة الحزبية المصرية ، فإن المؤكد هو ان المسئول الاول عنها هو قانون الاحزاب السياسية ، و تلك اللجنة التى لا مثيل لها فى العالم كله، ألا و هى لجنة شئون الاحزاب. فلو ان هذا القانون لا يقيد حق انشاء الاحزاب السياسية ، و لو ان تلك اللجنة غير موجودة، لما حدث شيء من ذلك على الإطلاق. لان هذا الصراع الضروس على رئاسة الحزب السياسي ناجم عن ان من يحصل على "الترخيص" يحصل بالتبعية على الحق فى اصدار الجريدة و غير ذلك من امور. فإذا حدث اختلاف بين أعضاء الحزب الحاصل على هذة " الرخصة " – و هذا امر متوقع و طبيعي – فان الفريق الذى ينسحب يصبح بلا غطاء " شرعي" . لهذا لا ينسحب أحد و انما يحدث التصادم و التصارع على اختطاف "الرخصة" التى بدونها تفتقد المشروعية ! و لو ان الامور كانت "عادية " و " طبيعية" ، بحيث يكون حق تشيكل الاحزاب ب" الاخطار" فقط مثل باقي خلق الله ، لما حدث شىء من ذلك ، لان من لا يعجبهم سير الامور فى الحزب الذي اختاروا الانضمام اليه يمكن ان ينشقوا عليه و يشكلوا الحزب الخاص بهم . و الامثلة على ذلك كثيرة منها الخلاف الذى وقع بين شارون- هل تذكرونه ؟!- و بين نتنياهو فى حزب الليكود الاسرائيلي ، حيث ترك شارون و فريقه حزب الليكود لنتنياهو و انصاره ، و شكل حزب اكاديما الذى فاز بالانتخابات و لم يحدث شىء او تقطيع هدوم او لجوء الى المحاكم ؟! المسأله أذن ليست مسألة قانونية يتم فيها الفصل بين " الشكل" و " المضمون" كما لو كنا فى قضية نزاع على قطعة أرض او على نفقة او زواج او طلاق . بل هى قضية سياسية اولا و قبل كل شىء و يجب التعامل مع جذورها الاعمق الامر الثانى ان المسألة ليست متعلقة بحزب الوفد فقط الذى أدمن زعماءه المحدثين اللجوء الى المحاكم بينما كان المواطنون العاديون يتسابقون فى عصره الذهبي ابان الملكية الى الالتحاق بصفوفه حتى لو كان فى ذلك إضراراً بمصالحهم المباشرة ، رافعين شعار " يحيا الوفد.. ولو فيها رفد " . الامر الثالث ان تعريض حزب الوفد الى خطر الفوضي من جراء مثل هذه الاوضاع الشاذة لا يلحق الضرر به فقط ، و أنما يلحق الضرر بالحياة الحزبية كلها، و بالتالى يلحق الضرر بعملية التحول الديموقراطي التى يمثل دعمها الامل الوحيد للحاق بلادنا بركب التقدم . وأولئك الذين يعانون من قصر النظر،و يفركون اليوم أيديهم ابتهاجا بتعرض حزب معارض مثل الوفد لمشكلة ما، يخطئون كثيرا لان إضعاف المعارضة الليبرالية و اليسارية و الاحزاب المدنية و العلمانية عموما لن يستفيد منه أحد سوي حزب الفساد و حزب المتاجرين بالأديان. فالاثنين هما المستفيدان من قتل السياسة و من الفراغ السياسي. و قد راينا تجليات كثيرة لذلك فى الانتخابات السابقة .. لكن يبدو أن البعض لا يريد أن يتعلم
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السفيرة وفاء: رغم كل شئ .. مصر تتغير
-
-الشخص-.. الذى نحب أن نكرهه!
-
شعاع أمل: رئيسة جمعية أهلية ترفض «التمويل الأجنبي»
-
تصوروا: كيسنجر يرفض دبلوماسية العضلات الأمريكية!
-
تأملات عبر المحيط الأطلنطى (2)
-
تأملات عبر المحيط الأطلنطى: يوم الاعتذار القومى
-
فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!
-
عشاء ساخن جداً مع سفير كندا
-
أجريوم .. شكرا
-
سر أجنحة كلمات الأبنودى
-
قنبلة طلخا... الموقوتة
-
عش الدبابير !
-
عصر الاضطراب (1)
-
-طوارئ- .. فى الزمان والمكان فقط
-
هوامش على دفتر النكبة (3)
-
أزمة رئاسة مجلس الدولة: ضعف البصر له حل.. وعمى البصيرة ليس ل
...
-
ثلاثية التراجعات
-
اعتذار ل »دمياط«.. ورسالة حب ل »رأس البر«
-
مطلوب تفسير من وزير الصحة
-
هوامش على دفتر النكبة (2)
المزيد.....
-
كاميرا ترصد لحظة سقوط حطام صاروخ مشتعل في قطر
-
هل كانت ضربة أمريكا على فوردو بإيران ضرورة أمنية أم مقامرة س
...
-
الحرس الثوري يعلن استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والد
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي عالقة في الشرق الأوسط بعد إغلاق الإم
...
-
ترامب عن الرد الإيراني: -هجوم ضعيف-.. وحان الآن وقت السلام!
...
-
من الإمارات إلى الأردن .. القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط
...
-
دراسة: الصيام المتناوب يتفوق على الحميات التقليدية
-
الرئيس الفلسطيني يعين وزير خارجية جديدا
-
أوروبا عالقة بين الرفض الضمني والقلق المعلن من التصعيد في إي
...
-
دول خليجية تعيد فتح أجوائها بعد إغلاقها لساعات
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|