أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - الدولة تسحب استقالتها!














المزيد.....

الدولة تسحب استقالتها!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2413 - 2008 / 9 / 23 - 09:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


لم يكن من قبيل المبالغة إطلاق وصف "السونامى" على الأزمة المالية الرهيبة التى هزت أسواق المال الأمريكية، وانتقلت توابعها وتداعياتها بسرعة فائقة إلى باقى أسواق العالم.
وهذه ليست الأزمة الأولى من نوعها التى تتعرض لها أسواق المال الأمريكية، لأن الأزمات العامة والدورية صفة لصيقة بالرأسمالية، وتحتفظ ذاكرة البشرية بتواريخ أليمة لأزمات مروعة، مثل الكساد الكبير عام 1929، خربت بيوتا وأفلست شركات عملاقة، وشردت آلاف العاملين وألقت بهم إلى جيش البطالة، وأصابت الاقتصاد فى الصميم وفاقمت معاناة ملايين البشر.
ومع ذلك فإن هذه الأزمة الأخيرة ليست كغيرها من الأزمات، وعلى سبيل المثال فإن "آلان جرينسبان" رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى المتقاعد، والذى ينظر إليه الأمريكيون باعتباره من أكبر العقول الاقتصادية فى العالم، وصف الأزمة المالية الراهنة بأنها الأخطر منذ مائة عام، وتنبأ بانهيار العديد من المؤسسات المالية الكبيرة.
كما أن مجلة "الايكونومست"، التى تعد واحدة من أكثر الدوريات الاقتصادية رصانة وعمقا أكدت فى تحليلها للموقف أن "بنك ليمان براذرز لن يكون المحطة الأخيرة فى الافلاس وأن الأوضاع الاقتصادية فى السوق المالى الأمريكى والعالمى ستتداعى".
وهذه الأزمة الحادة ليست مفاجئة، وإنما لها مقدمات كثيرة، منها "الفقاعة العقارية" وأزمة الاقراض فى الولايات المتحدة حيث خرجت ضوابط الاقتراض عن كل المعايير المنطقية وما أدى إليه ذلك من أزمات للرهن العقارى تسببت فى حالة ركود فى النظام العقارى.
والأهم أن واشنطن اكتشفت – فجأة – أن "التنظيمات التى تضبط عمل الأسواق قد تخطاها الزمن" على حد تعبير المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس سارة بايلن.
وهو ما اعترف به وزير الخزانة هنرى بولسون الذى لم يجد مناصاً من أن يقول "أننى ألعب بالأوراق التى ورثتها.. فالآلية الموجودة لدينا لضبط القطاع المالى آلية بالية وضعت قبل زمن طويل بعد حقبة الركود عام 1929".
هذا "الاكتشاف" تنفى عنه صفة المفاجأة أحداث اقتصادية ومالية متعددة فى السنوات السابقة برهنت على توحش الشركات الرأسمالية العملاقة وتلاعبها بالدول والقوانين والمعايير فى الوقت الذى لم تتوقف فيه عن ادعائها احتكار "الحكمة" رغم أنه ثبت بعد ذلك أن معظم تقديراتها الاقتصادية والمالية كلام فارغ، وللأسف فإننا كنا نعمل الف حساب وحساب لأى تقرير أو أى قصاصة ورق تصدر عن بعض هذه المؤسسات العملاقة التى ثبت فى النهاية أنها نمور من ورق.
وهذا الدور المتوحش لتلك الشركات العملاقة قد تزامن هو الآخر مع صعود المحافظين الجدد وفلسفتهم "النيوليبرالية" التى تنفى أى دور للدولة وتعتبر تدخل الدولة – بأى صورة من الصور – انتهاكاً لقدس أقداس قوانين السوق ومبادئ الاقتصاد الحر.
وقد لاحظنا من قبل أن هؤلاء "الفلاسفة" دأبوا على توجيه الاتهامات إلى بعض الدول النامية، ومنها مصر، إذا ما فكرت الدولة بالقيام بأى تحرك فى اتجاه ضبط الأسواق.
الجديد فى هذه الأزمة أن زعماء الاقتصاد الحر لم يجدوا مناصاً من اللجوء إلى الدولة التى طالما طالبوها بالاستقالة من الفضاء الاقتصادى تماماً. بل إن عودة دور الدولة فى الولايات المتحدة الأمريكية بالذات أخذ صورة تقترب من فرض "أحكام عرفية مالية" على حد تعبير صحيفة "فاينانشيال تايمز" حيث شملت هذه الإجراءات شراء أصول مالية وفرض قيود على المضاربات والشراء الآجل للأسهم وغيرها. كما تم حظر عمليات البيع على المكشوف لنحو 799 سهما بالقطاع المالى.
ومع هذه "الأحكام العرفية المالية" سقطت النيوليبرالية المطلقة وأدبيات مدرسة شيكاغو.
وهذا درس كبير وبالغ الأهمية نرجو أن يستوعبه تلامذة هذه المدرسة المتطرفة الذين انتشروا وتكاثروا فى مصر فى السنوات الأخيرة وبدوا "ملكيين أكثر من الملك" فى مطالبتهم بابتعاد الدولة نهائياً وترك السوق سداح مداح.
الأمر الثانى الذى يحتاج إلى انتباهنا هو أن البيروقراطية المصرية دأبت على اللجوء إلى ثقافة الإنكار ف معظم الأزمات العالمية. وعلى سبيل المثال فإنه ما إن تقع كارثة طبيعية فى أى قارة من قارات العالم تجد بياناً رسمياً يصدر منذ اللحظة الأولى لوقوع هذه الكارثة يؤكد أن جميع المصريين بخير. وقد حدث شئ قريب من ذلك مع وقوع الأزمة المالية العالمية حيث أكدت مصادر رسمية أننا لم نتأثر من قريب أو بعيد.
وهذا تبسيط مخل، ولعلنا نقلع عن هذه العادة السيئة ونقوم بتشكيل هيئة على مستوى عال تضم خبراء من مختلف المجالات ذات الصلة لبحث هذه الأوضاع الجديدة وتأثيرها على تدفق الاستثمارات الأجنبية وبرامج الخصخصة وحركة الصادرات والواردات والسياحة واتفاقية الكويز ومعدلات التنمية وغيرها من زوايا متشابكة.. بدلاً من وضع أيدينا فى الماء البارد.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخاريف صيام!
- تضميد جراح الدويقة .. -حين ميسرة-!
- تقرير درويش: الحكومة ضد الحكومة -2-2-
- رثاء للدويقة.. بقلم أحمد بهاء الدين!
- اختراعات مصرية: الحكومة ضد الحكومة!
- مصر الأخرى!
- مبروك للدمايطة.. على الانتصار فى نصف المعركة
- من يستحق التعويض .. -أجريوم- أم -دمياط-؟!
- تسليم وتسلم!
- إحرقوا كتب الفلسفة.. اليوم قبل الغد!!
- وثيقة مستقبل مصر «2»
- الجريمة... والعقاب
- تنويعات علي لحن المشروع الليبرالي (1)
- دبرنا يا وزير!
- وقفة احتجاجية.. من أجل البحث العلمي!
- دماء على رمال مرسى مطروح !
- هل استعار -الأخوان- شعار -الإسلام هو الحل- من أمريكا؟!
- .. و على المتضرر اللجوء الى .. الجماهير
- السفيرة وفاء: رغم كل شئ .. مصر تتغير
- -الشخص-.. الذى نحب أن نكرهه!


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - الدولة تسحب استقالتها!