أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم الحلفي - زيارة الى بقايا الهور














المزيد.....

زيارة الى بقايا الهور


جاسم الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 2458 - 2008 / 11 / 7 - 09:35
المحور: المجتمع المدني
    


سمعنا كثيرا عن مشاريع إحياء الأهوار، وتابعنا تصريحات المسؤولين حول أهمية ذلك، وابتهجنا كغيرنا من الوعد الذي قدمه احد الوزراء المعنيين برعاية ثقافة سكانها الأصليين، والحفاظ على تراثهم، وتوفير مناخات صحية لعودتهم الى الأهوار بعد هجرتهم القسرية منها. فيما لم تؤثر أكثر التصريحات تشاؤما على أجواء التفاؤل بإعادة الحياة الى الأهوار رغم الخراب الكبير!

ليست تصريحات المسؤولين العراقيين هي وحدها التي أكدت على ان مشروع تأهيل الاهوار يمثل أولوية في مشاريع إعادة الأعمار، فقد أشارت تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة قبل عامين الى "إن 20 بالمئة من المساحة الأصلية من الهور تم غمره، ورافق ذلك إستعادة حوالي 30 بالمئة من النظام الطبيعي". وهذا ما جعل المرء مطمئنا ليس على إعادة أكبر نظام بيئي في العراق، واهم طرق لعبور الطيور المهاجرة ما بين القارات وحسب، بل كون مناطق الأهوار تحضى باهتمام دولي لما تمثله من تراث إنساني لا نظير له.

ولكن بالرغم من ذلك كله فان من يزور هور العمارة سرعان ما تتضح له مفارقة مؤلمة حين يجد "المشاحيف" منسية في صحراء قاحلة جرداء لا ماء فيها ولا حياة!. غير ان هذا الواقع المؤلم لم يمنع قسم من سكانها الاصليين من العودة الى هذا المناطق بعد هجرتهم القسرية منها اثر جريمة التجفيف. فبعد ان ضاق عليهم الخناق في المدينة، وبعد أن كانوا قد فقدوا البيئة الحياتية والاقتصادية التي تؤيهم، عادوا الى أرضهم. غير ان " الرياح تجري بما لا تشتهي السَفن "، فأن شكلت هجرتهم من الهور بداية لمأساتهم، فبالعودة إليه كبرت المعانات.

عاد ابن الهور والعودة محمودة، فأين لابن الهور الحر الطليق ان يبقى بعيدا عن رائحة القصب والبردي، هذا الذي لا يطيق العيش في المدينة وغلائها ومشاكلها التي لا تحتمل خاصة لمن لا يعرف غير الصيد وزراعة وتربية المواشي مهنة يعتاش منها. فعاد الى ارض كانت هورا وابتنى فيها بيتنا من الطين وبقايا القصب قرب نهر العز الذي شقه عام 1992 مفكري هندسة الخراب والدمار ضمن خطة تجفيف الاهوار. عاد الى اثر الهور ولم يجد غير بؤس جديد يعيش فيه، فلا طموح سوى ماء صالح للشرب.

فاذا كانت عمليات تجفيف الأهوار قد اعتبرت جريمة ومأساة وكانت ترد على كل شفة، لكن الوضع المعيشي والإنساني للعائدين الى اثر الهور شكل صدمة ومصيبة مخجلة لا تزال ماثلة أمام العين، فكيف يمكن تصور ان قاع الهور قد جف، فلا بردي ولا قصب. وليس الهور وحدة يشكو من العطش، فانهار المشرح والكحلاء والبتيرة لا قطرة ماء فيها، فعليك ان تتصور معنى الحياة هناك!

يواجهك الناس في الكًبيبة والصكًيل والاحمر والعويدية والطيب والمصيل وقد سحقتهم المأساة مرددين وهم في قمة الغضب:
لقد حاربَنا الطاغوت بالماء والان تتم محاربتنا بالماء أيضا!
ويستغيث أقرانهم في الشلفة والاكرع والعوينية والكريبة والبيضة والصخرة والكسارة و الزكية والخير مؤكدين: لا تنسوا ميسان !!



#جاسم_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراكز استطلاعات الرأي: إتاحة المعلومة ام تزييفها
- إسناد مؤسسات الدولة مسؤولية وطنية
- رُسل التسامح في محنتهم الأخيرة
- يمكن للتضامن تحريك المطالب العادلة
- مشروع -كامل- للدولة المدنية
- هل يحق الاقتراع لمن لم يراجع سجل الناخبين؟
- المؤسسة العسكرية والتزامها الدستوري
- الأزمة بين المركز والإقليم وآفاق الحل
- الديمقراطيون ومهمة اشراك المواطن في الانتخابات
- القوى الديمقراطية والاستحقاق الانتخابي
- اهمية تحسين الاقبال على سجل الناخبين
- سجل الناخبين: تأجيل ام تحديث آخر
- كي لا تصادر اصواتنا
- الدار قبل الجار
- الديمقراطيون و انتخابات مجالس المحافظات
- حين افتقدنا الزعيم
- قمة روما وأزمة الغذاء في العراق
- الانتخابات بين إقرار القانون وتحديد موعد إجراءها
- انصفوا اللاجئين العراقيين...واعينوهم
- الاتفاقية العراقية الامريكية ... تعجيل ام تأجيل؟


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم الحلفي - زيارة الى بقايا الهور