أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - هل أن شعوبنا لا تقرأ.. حقاً؟















المزيد.....

هل أن شعوبنا لا تقرأ.. حقاً؟


سنان أحمد حقّي

الحوار المتمدن-العدد: 2437 - 2008 / 10 / 17 - 09:13
المحور: كتابات ساخرة
    


نعلم جميعا أن التأخّر الذي يضرب أطنابه في واقع شعوبنا الشرقيّة عموما ليس مما يُمكن أن ندافعَ عنه باندفاع وحماس أو رغبة، ولكن في المقابل فإن المبالغة في توثيق جوانب الواقع المذكور لا تؤدّي إلاّ إلى تثبيط الهمم والعزائم وإلى تيئيس الشعوب ولا سيما طلائعنا الثقافية والسياسية التي يجب أن تتحلّى بالإيمان بوجود الإمكانيّة وتوفّر عناصر النهضة والإلتحاق بركب الحضارة والرقيّ.
نسمع أوساطا متعددة تكرر أن شعوبنا لا تقرأ ولا سيما العرب منهم وتستشهد على ذلك بالإحصائيات التي تصدر عن دوائر ذات علاقة بالثقافة والمطبوعات في مؤسسات أجنبيّة مختلفة وربما بعض مؤسسات الأمم المتحدة أيضا، والحقيقة إن التدقيق في كيفيّة احتساب تلك الإحصاءات ومطابقتها مع الواقع الفعلي الذي نلمسه من خلال متابعتنا مع الذين يعيشون هناك ومع زياراتنا للبلدان الغربيّة بين الحين والآخر نجد أن هناك مبالغة واسعة إذ أننا لا نجد في عدد من بلدان أوربا أو الولايات المتحدة الكثير مما يوصف بالقراءة التي يتم التركيز عليها فأغلب الناس أو النسبة الواسعة منهم لا يقرأون سوى قصص الأكشن وروايات تافهة لا تستحقّ القراءة وهي مما نجدهُ من روايات تقدّم في الأفلام في عدد من الفضائيات الحاليّة والتي تقدّم أفلاما ليس لها محتوى درامي أو معرفي أو ثقافي بل تقدّم معارك وقتول وحركات عنف ومشاهد كراهية ودماء وانسجة بشريّة متناثرة وقد لا تجد في تلك الأفلام أي حوار أو تتابع أو تسلسل لأحداث تقدم مفهوما أيّا كان بل أشخاص يُدمي بعضهم وجوه البعض الآخر وسيارات تسير بسرعة خاطفة ومثل ذلك كثير ، كما أن المطبوعات العلميّة وهي من أوسع المطبوعات وأغلاها ثمنا تُطبع لديهم لأوسع عدد من الناس في العالم ومنها بلداننا إذ أن الطبيب القاريء للعلوم الطبية المختلفة وكذلك المهندس والباحث العلمي والأستاذ الجامعي عندنا وهو من الجمهور المحسوب على قرّاء مجتمعاتنا يتم احتسابه من قرّاء مطبوعاتهم لأن أغلب العلوم يتم طباعتها في اللغات الأجنبيّة وبالتحديد بالإنكليزيّة والفرنسيّة وربما الألمانيّة فقط كما ان هناك مطبوعات كثيرة مما يندرج في حساب دليل أو تعليمات تُصاحب المعدات أو المنتوجات أو المستلزمات الطبيّةأوالبضائع التجاريّة، كل هذا يدخل في صالح ما يُسمّى بالقاريء الغربي.
نعم إن القاريء عندنا لو نسبناه إلى عدد السكان فإنه سيظهر لنا مدى ضآلة حجم القراء وحجم المثقفين بل والمتعلمين عموما وخصوصا بعد أن عملت مؤسسات واسعة ولمدى طويل على أن تجعل من الثقافة سبّةً ومثلبةً أصبحت تثير النفور والإشمئزاز لدى أوساط متنوعة من الشعب ولكن المبالغة التي يرددها عدد من الإعلاميين وانصاف المتعلمين أو أولئك الذين يحترفون حمل الشهادات والأوراق المصدّقة من هنا وهناك فقط دون التحلّي بالوعي والروح الحقيقيّة للبحث والثقافة تدفع إلى التيئيس وتُضعف الهمم وهي بالتأكيد ليست مهمة المثقف أو السياسي أو الإعلامي الذي يحرص على العمل على إيقاظ الأمم من غفوتها للحاق بما تُنجزه أمم العالم وليعلم القاريء العزيز أن هناك في واقع الشعوب الأوربيّة والأمريكيّة عدد واسع ونسبة كبيرة جدا من الناس ممن لا يعرفون شيئا سوى البحث عن المال أو لقمة العيش كما نقول، وقليلٌ هم الذين يقرأون الشعر أونتاجات وليم فولكنر أو جيمس جويس وقد لا تعثر على واحد ممن يحفظون شيئا لعزرا باوند أو بول إيلوار في عموم من تلتقي بهم طيلة عام كامل وقد لا تجد من يعرف ماهي البنيويّة أو الحداثة ولا بيكاسو أو بلزاك بل قد لا يعرفون فرجيل ولا بوشكين ولا المتنبّي ولا طاغور ولا دي بوسي ولا من هو شوستاكوفتش ولا أدكار ألان بو ولا يفرّق بين آرتور رامبو ورامبو بطل الفلم المشهور أكثر من أي عبقري آخر إلاّ إذا استثنينا عددا محدودا من ذوي الإختصاص .
ولن تجد في كثير من بلدان العالم من يتكلم ثلاث لغات أو أربع أو أكثرإلاّ في بلد مثل بلادنا فليس من العسير أن تجد من يتكلم العربيّة والكرديّة والأنكليزيّة والفرنسيّة وربما الألمانيّة والفارسيّة والتركيّة وربما لغة محليّة أخرى مثل السريانيّة بل قد تجد أيضا من يتكلم الأرديّة في نفس الوقت، وهذا ولا شك ثراء ثقافي نادر في الوقت الذي لا تجد في بريطانيا كثيرا من الناس يُجيدون لغةً إضافة إلى الأنكليزيّة وهكذا هي الحال في الولايات المتحدة أو المكسيك مثلا والتي يعيش كثيرٌ من المكسيكيين سنين طوالا في الولايات المتحدة دون أن يتعلموا شيئا من الأنكليزيّة يُذكر.
لا تستغرب أيها القاريء العزيز إذا وجدتَ أن عددا كبيرا من الأمريكيين مثلا لم يكونوا يعرفون شيئا عن بلد مثل العراق قبل الحرب والإحتلال بل أن الجهات المختصّة في الولايات المتحدة وجدت نفسها في حاجة لطبع خرائط ومعلومات إيضاحيّة لتبين للمواطن الأمريكي أين يقع العراق وما هي مساحته بالنسبة لما يكافئُه من الولايات المتحدة مساحةً وسكّانا.
وليس كل ما يُطبع ويقدّم للقاريء الغربي هو من الثقافة أو العلوم أو المعرفة التي تستحقّ أن نضمها إلى القراءة التي تُغني الوعي والإدراك والفكروالمعرفة بل ان كثيراً منها مما يجد طريقه إلى سلّة النفايات مباشرةً بل وقبل قراءته.وكم وجدنا من الغريب في احيانٍ كثيرة ان تصلنا بالبريد كتب وكراريس تطبعها مؤسسات ذات طبيعة دينيّة أو تبشيريّة أو مما يقع ضمن فضاء الدعاية أو الترويج لأفكار لم نسعَ للتعرف عليهالا عن رغبةٍ و لا عن قصد.
ولهذا فإن المقارنة التي يروج لها بعض الإعلاميين وعبر عدد من الفضائيات ليس صحيحا تماما بل إن كثيراً من الإحصاءات لا تُعدّ بطريقة سليمة ولا يُمكن أن تُعبّر عن أي معنى أو مغزى محدد ، رغم أنني أؤكّد أن واقع الثقافة عندنا في تراجع وهناك عدّة عوامل تلعب دورا بارزا في تحقيق هذا التراجع الحادّ وليس هذا هو الأوان المناسب للبحث فيها ولكن لا نستطيع أن نغفل مسؤوليّة المثقفين أنفسهم بسبب ابتعادهم أو ابتعاد اغلبهم عن مصالح وهموم أبناء شعبهم بل وخيانة وسط آخر لقضايا شعوبهم من أجل منافع تافهه كما أن المؤسسات الرسميّة والحكومات تتحمّل مسؤوليّة كبرى بسبب القمع المباشر الذي يتعرّض له المثقفون والمتعلمون عموما ،كما أن المعرفة بصورة عامّة على ما تتمتع به من أهميّة وأولويّة وما يجب أن تتمتع به من وقار فإنها في حاجة إلى التسويق والتثقيف أيضا ، يجب أن نوقّر اهل العلم والمعرفة لا أن نتفّههم، ونُفقرهم بشكلٍ متعمّد ثم نُحاصرهم بأعباء الحياة اليوميّة ومطالبها ثم نعتب على القاريء ونلومه ونقول أن مواطنينا لا يقرأون !وهم لا يجدون شيئا يستحقّ القراءة!
وتأكّدوا أن القاريء الغربي من غير المتخصصين من المثقفين المرموقين لا يقرأ أبداً أكثر بكثير من قارئنا البسيط واسألوا الذين يعيشون في المهاجر فإن أغلب المواطنين الغربيين يقرأوان أمورا أتفه من أن يعبأ بها القاريء اللبيب، رغم ما لا أنكره من واقع مؤلم يظلل القاريء في بلداننا الشرقيّة عموما
ودعونا نفتّش عن حجم ونوع مطالعات معظم وزراء الدول الغربيّة وأي كتاب قرأوا في الشهر المنصرم وسنفاجأ ونُدهش كثيرا إذ سنجد أن عددا منهم لم يقرأ شيئا ثقافيا عامّا إلاّ ما ندرعلى كونهم افضل من وزرائنا العرب على سبيل المثال طبعا.
إن إسبانيا تطبع لعموم الأمم والشعوب التي تقرا بالإسبانيّة وكذا هو الحال بالنسبة للغة الفرنسيّة فهي مقروءة في عدد من أمم افريقيا والبلدان العربيّة وكذا ايضا الأمر بالنسبة للبرتغاليّة ، أمّا الأنكليزيّة فهي مقروءة في اغلب بلدان العالم ولذلك لا نستطيع أن نقول أن الفرد الإنكليزي يقرأ أكثر من الإيطالي!
وعلى نفس المنوال فإن لبنان أو الفرد اللبناني يكون من أكثر القراء بسبب من كون لبنان تطبع لمجموع من يقراون بالعربيّة وبذلك ربما تتفوق على الدانماركيين أو الفلنديين أو سواهم!!!
هذه لعبةٌ إعلاميّة لا أعتقد أن ما يُراد بها أكثر من تثبيط همّة كلٍّ من القاريء والمثقف العربي على حد سواء على ما يلزم من توعية لترويج جدوى إشاعة الثقافة كما ذكرنا.



#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصخصة Χ عمعمة
- تحسين الأداء من أهم دعائم النزاهة ومواجهة الفساد!
- ثقافة الفساد
- أضواء على جوانب من الواقع الحضري والإقليمي العراقي
- قطعة أرض وبضعة آلاف بلوكة!؟هل هذاهو حل أزمة السكن؟
- هل هي مقبرة للمواهب فعلا؟!
- فضاءُ جهنَّم..!
- نداء لمنع توزيع الأراضي لأغراض السكن!
- هل أن ثورة تموز أسّست فعلاً لظاهرة الإنقلابات؟
- كان هناك أستاذٌ كبيرٌ وتُوفّي!
- مالشرف ومالشريف؟!
- تبيتون في المشتى ملاءً بطونكم...وجاراتُكم غرثى يبِتنَ خمائصا ...
- المستقلون عناصر تُثري الحياة السياسيّة لا ينبغي قمعها!
- فجرٌ جديدٌ جداً ،حقّاً!
- الحلّ..! في فن العمل بين الجماهير.
- الشِّعريّةُ وقصيدةُ النثر !
- رداءُ الإفلاس
- الغش والخداع والتمويه
- نقد فكر ومنهج الإسناد والترجيع!
- في الحداثة وما بعد الحداثة!


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سنان أحمد حقّي - هل أن شعوبنا لا تقرأ.. حقاً؟