أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حلقة دراسية عن المسرح العراقي في المنفى الأوربي















المزيد.....



حلقة دراسية عن المسرح العراقي في المنفى الأوربي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 749 - 2004 / 2 / 19 - 06:26
المحور: الادب والفن
    


أقيم في مركز الثقافات العالمية في برلين المهرجان المسرحي العراقي الأول الذي نظمه نخبة من المخرجين المسرحيين العراقيين المقيمين في ألمانيا وهم صالح كاظم وإسماعيل خليل وبكر رشيد. وقد دُشن المهرجان بندوة نقدية تحدث فيها ثلاثة نقاد عراقيين يقيمون في المنافي الأوربية، وهم د. لميس العماري و د.فاضل السوداني والناقد ياسين النصير. وكان من المقرر أن تتكرس هذه الندوة النقدية للمسرح العراقي فقط، ولكن انقطاع الدكتورة لميس العماري، من دون إرادتها، عن مشاهدة الأعمال المسرحية العراقية لأكثر من عشرين عاماً بسبب غربتها عن الوطن قد حال دون تحقيق هذا الهدف. لذلك جاءت مشاركتها بدراسة نقدية قيّمة عنوانها ( مفهوم التراجيديا لدى برخت )، وعذرها في هذه الدراسة أن برخت نفسه قد عانى من قساوة المنفى، فقد أُضطر في الحرب العالمية الثانية أن يهاجر إلى أمريكا، ويعيش ظروفاً مشابهة لأي منفي في العالم. ففي واحدة من قصائده يقول: ( إن من لديه ما يقوله، ولا يجد جمهوراً يستمع له هو في وضع سيء حقاً، وأسوأ من ذلك هو وضع الجمهور الذي لا يجد من يقول له شيئاً ما، ولكن حالنا في المنفى أحسن من حال أهلنا في الوطن. ) فيما شارك د. فاضل السوداني ببحث مهم عن ( المسرح والطقوس )، أما الناقد ياسين النصير فقد تحدث عن ( غياب المشروع لدى المؤلفين والمخرجين العراقيين ). ولتغطية أبرز المحاور التي توقف عندها النقاد الثلاثة أجدني مضطراً إلى التركيز والتكثيف من أجل ملامسة الأعصاب النابضة في هذه البحوث والدراسات التي تغطي فجوات واسعة في النقد المسرحي العراقي الممنهج.

• الدكتورة لميس العماري ومفهوم التراجيديا لدى برخت
مما لا شك فيه أن برخت قد ( هزّ العالم من أذنيه ) وأحدث انقلاباً في ذائقته المسرحية عبر طروحاته الواقعية التي لا تنبو عن العقلانية، إن لم أقل تتطابق معها تطابق المثلث المتشابه الأضلاع. فليس غريباً أن تستهل العماري دراستها بالاستشهاد بمقولة المخرج الإنكليزي المشهور بيتر بروك بأن ( برخت هو أقوى شخصية في مسرح العالم المعاصر) ثم يمضي بروك أبعد من ذلك، ويبالغ كثيراً، حينما يقول بأن ( برخت هو مفتاح عصرنا. واليوم فإن كل عمل مسرحي لابد أن يبدأ أو أن يعود لبرخت  ولموضوعاته وإنجازاته). لقد أخرج برخت (40  ) عملاً مسرحياً، كما كتب ثمانية مجلدات فلسفية وعدداً آخر من المجلدات الأدبية. غير أن العماري تؤكد بأن مفهوم ( التراجيديا ) يمثل محوراً أساسياً من المحاور التي تميز مسرحه الجديد الذي يختلف عن المسارح الأخرى. وتؤكد العماري أن جوهر الفن ينبغي ألاّ ينفصل عن التحولات الاجتماعية، وأن التجارب الفنية والجمالية تستنبط قيمتها إذا ما كُرست لخدمة ( عملية تغيير الواقع الاجتماعي ). فهدف برخت الأساسي الذي توصلت إليه د. لميس العماري هو ( تسخير الفن لخدمة التحولات الثورية في عالمنا المعاصر). لقد تجاوز برخت المسرح الإليزابثي الذي يتناول الظروف الاجتماعية من دون التعاطي مع تناقضاتها، في حين أن برخت يعوّل كثيراً على هذه التناقضات المتفاعلة والمتغيرة في المجتمع، لأن حركة المجتمع لا تسير بخط مستقيم ( فالحياة نفسها مليئة بالقفزات والهزات والتناقضات ) كما تذهب العماري. ولهذا فالمسرح الواقعي ينبغي أن يبحث عن وسائل جديدة تعكس الحياة الواقعية بكل تناقضاتها من أجل إحداث التغيير في التركيبة الاجتماعية ذاتها، خلافاً للمسرح البرجوزاي الذي يسعى دائماً لأن يقدّم صورة زائفة للواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه. فالمسرح البرختي الجديد لا يبتغي أن يقدم عرضاً أو تفسيراً للواقع أو تقديمه كما هو، وإنما يسعى إلى تغييره. وقد توصلت العماري إلى خلاصة دقيقة مفادها أن ( العروض الجديدة يجب أن تختلف عن العروض القديمة فتصبح تحليلية أكثر منها وصفية، ونقدية أكثر منها تبريرية ) وهذا يعني أن على المشاهد الذي يروم فهم الواقع الاجتماعي عليه أن يفهم السببية الكامنة فيه لكي تتضح الصورة من جوانب متعددة، وليس من منظور أحادي ربما يحاول التخفيف من وطأة التناقضات وتقديم تصورات ورؤى مثالية لا غير. ثم توقفت الدكتورة العماري عند خواص المسرح البرختي، الذي أطلق عليه اسم ( المسرح اللا – أرسطوطاليسي ). ومن أسس هذا المسرح الجديد ما يلي: ( رفض فكرة العالم كنظام ميتافيزيقي، رفض فكرة الشخصية الثابتة غير المتغيرة، ورفض فكرة التطور في خط مستقيم مستمر، ورفض مبدأ التطهير من الخوف والشفقة عبر الخوف والشفقة ). أما مسرحه فهو يعتمد على النقاط التالية: ( أن العالم هو نظام في العماليات المتفاعلة والمتغيرة، وإن الإنسان هو مجموعة من العلاقات الاجتماعية، فضلاً عن كونه وحدة متناقضات، وأن التطور يحدث في خطوط منحنية وقفزات من الكم إلى النوع ).  إن برخت لا يتفق مع المفهوم الأرسطوطاليس الذي يقول بأن ( الإنسان ذات مجردة )، بل يعتبره ( مجموعة من العلاقات الاجتماعية )، ومع ذلك فإن برخت لا يلغي مفهوم الإنسان كفرد، بل بالعكس أنه يعامله كفرد وكظاهرة اجتماعية، وإن كان تركيزه منصباً عليه كظاهرة اجتماعية. إن الشخصية ينبغي أن تتفاعل مع الأحداث، ومن خلال هذا التفاعل تطفح إلى السطح تناقضاتها، ونموها، وتطورها وعدم استقرارها، خلافاً للشخصية الثابتة والمستقرة في المسرح الأرسطوطاليسي  فهي إما بطل أو وغد أو  شخصية خيرة أو شريرة . وهذه الشخصية غالباً ما تتستر على تناقضاتها أو تقدم تصوراً زائفاً عن المجتمع البرجوزاي. لقد تمكن برخت عبر طروحاته الفلسفية والفكرية من تجاوز الفرد بوصفه ذاتاً مغلقة إلى كائن بشري اجتماعي ينطوي على الكثير من التناقضات ضمن شريحة كبيرة. وهذا الإنسان لا يميل إلى السبات والركود والسكونية، وإنما يجد نفسه في حالة التغيير المستمرة التي تدلل على حيويته وديناميكيته التي لا تتوقف عند حد. نستنتج من هذا الكلام أن الإنسان  يستطيع أن يبقى حيوياً وفاعلاً من خلال الإبقاء على هذا التناقض الذي يسكن في أعماقه، أو أن يتغير تبعاً لتغيير الظروف الاجتماعية. وعندما ينتهي هذا التناقض فإنه ككينونة فاعلة ستنتهي هي الأخرى ويحل الموت أو ( التراجيديا ) مثلما تذهب د. لميس العماري في دراستها القيمة. ولكي تعزز العماري بحثها بالأدلة والبراهين القاطعة فقد توقفت عند عدد من النماذج التراجيدية البرختية مثل شخصية ( كريولان ). فمن المعروف أن برخت قد اقتبس مسرحية كريولان عن شكسبير. وقد عادت بنا العماري إلى الوراء لتذكرنا بالحوار الذي دار بينها وبين الأستاذ المشرف على أطروحتها الجامعية العليا. إذ سألته السؤال التالي: كم توجد في مسرحية برخت من أصل شكسبيري؟ فأجابها غير متردد. أكثر من %85 ، غير أن التغييرات التي أحدثها برخت هي التي قلبت اللعبة الفنية رأساً على عقب. فهو لم يأخذ كريولان كشخصية خالية من التناقضات. لقد فشل كريولان في تغيير شخصيته، كما قدمه شكسبير، لأنه تقولب في شخصية القائد الذي لا يُدحر حتى بعد أن وضعت الحرب أوزارها، فهو لم يفكر بالسلام، ولم يتحول، لهذا انقلب على شعبة بين ليلة وضحاها، فهجر بلاده، وقلب لشعبه ظهر المجن، وبدأ يستحث أعداءه على غزو روما التي كان بطلها قبل أيام. يقول برخت في هذا الصدد: ( إن تحول كريولان من أشد الرومانيين رومانية إلى اعدى أعدائهم يرجع بالضبط إلى بقائه كما هو ) فهو إذاً فرد لا يستطيع أن يتبدل، كما لا يستطيع أن يفجر تناقضاته الداخلية، وهنا تكمن تراجيديته كما تستنج العماري. ثم تستدرك قائلة ( لقد كان عليه، كي يتجنب التراجيديا، أن يختار بين تغيير نفسه، أو تغيير علاقاته الاجتماعية، لكنه فشل في القيام بأي منهما. ومن هنا جاء سقوطه غير مأسوف عليه). ثم تستشهد د. العماري بمسرحية ( الإنسان إنسان ) أو التي تترجم أحياناً ( رجل برجل ) وشخصيتها الرئيسة ( غالي غاي ) الذي نستطيع أن نعده نقيضاً ل ( كريولان ) لأنه يحاول أن يتكيف وينسجم مع المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه، غير أن العماري ترى في قبوله بالتغيير والتكيف نموذجاً ( للانتهازي التجريبي ). ومع ذلك فإذا كان كريولان قد بقي %100  ضمن قالب القائد الذي لا يدحر، فإن غالي غاي قد تحول إلى عدد كبير من الشخصيات. وهذا يعني أنه نقيض لكريولان تماماً. أما في مسرحية ( الإنسان الطيب من سيزوان ) فيضعنا برخت أمام نموذج تراجيدي جديد، وهي شخصية ( شن تي )، الإنسانة الطيبة التي تجد نفسها في موقف مأساوي، وتحاول أن تجد حلاً لمشكلتها عبر إحداث انشطار في شخصيتها، غير أن الجمهور سيكتشف إن هذا الانشطار ليس إلاً حلاً مؤقتاً. لهذا يضعها برخت في مواجهة الجمهور، ويطلب منه حلاً آخر يتناسب مع موقفها التراجيدي. أما المسرحية الأخيرة التي توقفت عندها د. العماري فهي مسرحية ( الأم الشجاعة وأولادها ) ومن خلال شخصية الأم ( كوراج ) التي تبدو وكأنها انشدت إلى الحرب بقدر غامض كي تنقذ أولادها من الموت، لكنها تحولت من دون أن تدري إلى نموذج سلبي جراء لهاثها خلف بعض المكاسب التافهة. فلا غرابة أن تفقد أولادها الثلاثة بشكل أو بآخر. لقد حذر برخت من القبول بمبدأ الحرب الفاشية أو غيرها من الحروب التي تتلاعب بأقدار ومصائر السواد الأعظم من الناس. من خلال هذه النماذج المسرحية الأربعة نستطيع القول إن برخت يعوّل كثيراً على علاقة الإنسان بتركيبة المجتمع خلافاً للمفهوم الإليزابيثي الذي ينكر وجود العلاقة، ولا يعترف بأن تركيبة المجتمع تتأثر بالإنسان. لقد توصلت الباحثة العماري بأن ( مسرح برخت هو سلاح بيد الثوريين في العالم ). كما استنتجت أن الإنسان بالنسبة لبرخت كان، ولا يزال يتحرك في عالم تراجيدي، وسبب هذه التراجيديا هي الطريقة التي نُظمت بها الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
• د. فاضل السوداني وتطهير الممثل بالضوء في فضاء الطقس المسرحي
يؤكد د. فاضل السوداني بأن المسرح هو طقس على مرّ الأزمنة، وأن المسرح مرتبط بالطقوس والأساطير، بل أنه يرى أن الأسطورة كانت في الأزمنة القديمة هي الجنس الأدبي القادر على تفسير العالم أو الكون . وأن الأسطورة هي التي وضعت الأسس أو المفاهيم الفكرية للحضارات القديمة، مثل حضاراة وادي الرافدين، ووادي النيل وحضارات البحر الأبيض المتوسط. ومن خلال هذه الحضارات استطعنا أن نستدل ونتوصل إلى القيم الفكرية والجمالية والفنية والفلسفية التي كانت سائدة آنذاك، ولا يزال البعض من تأثيرها قائماً حتى الآن. ويرى الباحث  أن هذه الأساطير والطقوس كانت مرتبطة دائماً بالمجتمع المديني، وإن المسرح ينشأ ويتطور في ظل مجتمع حضاري تزدهر فيه الحياة المدنية، وتتأجج فيه الثقافة والمعرفة. والمسرح كما يراه الباحث هو طقس له علاقة بالزمن الحاضر، غير أن الزمن الحاضر له علاقة وطيدة بالماضي، مثلما هو منشّد انشداداً  وثيقاً بالمستقبل. إن امتداد هذه الأزمنة الثلاثة ( ماضي، حاضر، مستقبل ) ينتج زمناً آخراً اصطلح الباحث على تسميته ب ( الزمن الرابع أو البعد الرابع ) ويعني به الزمن الإبداعي الذي يشكل حاضرية العرض المسرحي، والذي هو حاضرية الممثل وحاضرية الفكر والرؤية الإخراجية. غير أن السؤال المهم الذي يُثار هنا هو: ما الوسائل التي نستطيع من خلالها أن نحقق الزمن الإبداعي؟د. فاضل السوداني يجيبنا على هذا السؤال الإشكالوي، فيقول: يمكننا أن نحقق الزمن الإبداعي من خلال النص البصري، وليس أي نص آخر، ومن خلال جسد الممثل الذي يهيمن في الفضاء الإبداعي. ويعني السوداني بجسد الممثل ذاكرته المطلقة وخزينه الميثيولوجي. إن قدرة جسد الممثل المعاصر الذي نحسه الآن، ليس جسد فضاء، وإنما هو فكر ووسيلة تعبيرية ولغة رؤيوية تخترق المشاهد. ولكن هذا الممثل يحتاج أيضاً إلى مخرج راءٍ يستطيع أن يرى ما لا يراه الآخرون أو بعبارة أخرى له القدرة على رؤية الأشياء غير المرئية. إن وجود الممثل وهيمنته واندماجه في الدور لابد وأن يولّد صوراً شعرية، وزمناً جديداً، ورؤية جديدة، ولغة إبداعية بصرية مغايرة يتفاعل فيها الممثل مع فكر المخرج، الأمر الذي يفضي إلى التفاعل مع الجمهور بشكل أو بآخر. إن الممثل الذي يتحدث عنه د. فاضل السوداني هو ذلك الممثل المصاب ( بهذيان الجسد ) والذي يستطيع أن ينقل هذا الهذيان إلى مكونات الفضاء المسرحي. إن الاشتغال على ثنائية إبداع الممثل + إبداع المخرج سوف تولّد دونما شك علاقة بينه ( أي المخرج ) وبين الأشياء الموجودة في الفضاء المسرحي. وقدرة المخرج تكمن هنا في قابليته في تحرير هذه الأشياء من سكونيتها، وجعلها تتخلى عن وظيفتها الواقعية، فالكأس لا يغدو لشرب الماء فقط، وإنما يحمل مدلولات رمزية أخرى. وحوض السباحة الذي استخدمه د. السوداني في مسرحية ( مساء الخير أيها السيد فان خوخ ) قد تحول إلى قبر وكابوس وقيامة جديدة. إذاً، الوظيفة الطبيعية للشيء ممكن أن تتحول عبر رؤية المخرج إلى وظائف رمزية جديدة قد تثير الدهشة والتساؤل.
إن د. السوداني لا يريد أن يكرر نفسه إخراجياً، كما لا يريد للممثل أن يكرر نفسه على صعيد التمثيل خشية أن يموت كلاهما موتاً فنياً، فلهذا نراه يركز تركيزاً شديداً على ذاكرة الجسد المطلقة، أو ذاكرة الأشياء المطلقة التي ينساها البعض، وإذا ما تذكرها المخرج أو الممثل وحتى كاتب النص الذي يتوفر على رؤية بصرية فأنهم جميعاً سوف يكتشفون وسائل إبداعية جديدة تضمن لهم عدم السقوط في ( مطب ) التكرار أو الموت الفني. إن جسد الممثل هو امتداد طبيعي لمخزون ميثيولوجي وتاريخي وثقافي، وإذا تمكن المخرج من الإمساك بهذا الخيط، بمساعدة الممثل طبعاً، فإنهما سوف يتوصلان إلى اكتشاف وسائل تعبيرية، بصرية جديدة في جسد الممثل. غير أن هذه الاكتشافات لا تتم إلاّ من خلال المخرج الرائي وعلم النص البصري. إن هذه اللحظة يسميها د. فاضل السوداني ب ( دائرية اللحظة الإبداعية ) أي أن يتحول الممثل إلى كينونة متوهجة بحيث يستحضر الأزمنة الثلاثة من خلال تألقه واندماجه في العرض المسرحي. ثم نوَه د. السوداني بأنه سيتحدث عن طقسين، أحدهما من المسرح الإغريقي، والثاني عن الطقوس الشرقية، وبالذات عن العراق. وبصدد حديثه عن المسرح الإغريقي توقف عن مسرحية ( أوديب ملكاً ) التي تتداخل فيها الأزمنة الثلاثة. فالممثل الذي يقوم بدور أوديب، ويقتل الوحش، ويتزوج بالملكة التي هي أمه. وهذا يحدث في الزمن الحاضر، غير أن هذا الحاضر مرتبط دونما شك بالماضي الذي يتجسد بمحاولة قتل أوديب عندما كان طفلاً رضيعاً وذلك برميه في العراء خوفاً من أن تتحقق نبوءة الآلهة التي تقول ( أنه سوف يقتل أباه عندما يكبر ويتزوج من أمه ) عن هذا الارتباط بين الحاضر والماضي يذكرنا بأن المستقبل هو أكثر رعباً  وينطوي على قدر كبير من المأساة والتراجيديا. لأن المستقبل سوف يكشف له حقيقة قتله لأبيه وزواجه من أمه. إن هذا التصاعد التراجيدي للبطل يستمر إلى النهاية حتى لو أدى به هذا التصاعد إلى أن ينهار انهياراً مريعاً ويتحول إلى ذبيحة مدنسة تقاد إلى الجحيم لتواجه مصيرها المحتوم. إذاً، أن سعادة الحاضر وبهجته مرتبطة بنبوءة الماضي، مثلما هي مرتبطة بالانهيار المستقبلي للبطل التراجيدي الذي سوف يفقأ عينيه لاحقاً. إن دائرية اللحظة الإبداعية الحاضرة التي تحدث عنها د. السوداني، والتي تبدأ من الحاضر، وتتجه إلى الماضي، ثم تتحرك صوب المستقبل، لتعود مرة ثانية إلى الحاضر هي التي تحدد الكينونة الإبداعية للمثل، أو يمكن اختزالها من خلال جسد الممثل الذي يندمج ويتماهى في الفضاء المسرحي الجديد الذي يحمل رموزاً وتوصيفات غير واقعية. إن هذه الرؤية الإخراجية الجديدة تساعد الممثل على ألاّ يقع في فخ التكرار شرط أن يعرف قدرات جسده التعبيرية، وإمكانية الإفادة من الطاقات الكامنة في شفرات جسده اللامحدودة وهذا ما يصطلح عليه د. السوداني ب( الهمس الديناميكي ) بين الممثل وجسده عبر استنفار الذاكرة المطلقة للأشياء. أما المحور الثاني الذي تناوله د. السوداني موضوع التعازي. وموضوع التعازي، كما هو معروف، له علاقة قوية جداً بالطقوس، ذلك الموضوع الأثير بالنسبة للسوداني وقد أفرد له كتاباً خاصاً حمل عنوان ( الطقوس الدرامية الشرقية في المسرح المعاصر )، غير أنه يرى أن هناك نوعاً من التغريب في هذه التعازي والطقوس الشرقية. إن طقوس التعازي هي أولى المراثي في المجتمع الإسلامي. هذا أمر لا شك فيه، كما أن هناك أشياءً مشتركة بين التعازي والمسرح الملحمي على الرغم من بدائيتها، وعلى الرغم من أن الممثلين الذين يقومون بهذه الأدوار هم ممثلون هواة لا غير. إن رصد د. السوداني، وقدرته على الالتقاط قوية جداً وغير مسبوقة على ما يبدو، لذلك نراه يغوص عميقاً في وصف هذه الشخصية المسرحية الهاوية التي تقوم بدور من أدوار ( التشابيه ) أو التعازي. فالممثل يعرف الواقعة المأساوية جيداً، كما نعرفها نحن عن ظهر قلب، وهي واقعة استشهاد الإمام الحسين ( ع ) لذلك يعمد إلى خلق حالة من التباعد المقصود بينه وبين الشخصية التي يمثلها، بكلمات أخرى أن الممثل لا يندمج مع الدور المناط إليه. ثم يمضي السوداني إلى القول، لذلك يضطر الممثل الذي يمثل دور العدو في بعض الأحيان أن يقول ( قال فلان أو عمل فلان أو يلعن الشخصية العدوة منذ البدء ) وهذه اللعنة في الحقيقة هي محاولة لخلق المسافة البرختية بينه وبين الشخصية التي يمثلها. ورب سائل يسأل : ما الذي  يدعوالممثل لأن يخلق هذه المسافة؟ والجواب هو : إن الممثل غالباً ما يكون شيعياً مؤمناً ببطله المقدس، وهو لا يريد أن يتطابق أو يندمج بشخصية غير محببة، ومرفوضة اجتماعياً وتاريخياً مثل الشمر، وملعونة على مرّ العصور. ثم نبّه د. السوداني إلى أن رئيسة الكورس هي دائماً السيدة زينب ( ع )، أخت الإمام الحسين ( ع ) والتي تقوم بمهمات قريبة جداً من رئيس الجوقة الإغريقية، أو حتى من رئيس الجوقة البرختية، وهي عندما يستشهد الإمام فإنها تدعو الجمهور إلى المشاركة الوجدانية، كما تنبههم إلى بشاعة الجريمة التي أُرتكبت، وتحذرهم من الشخصيات الشريرة المرشحة لارتكاب مثل هذه الجرائم التي تهز الضمائر البشرية في كل مكان. إن شخصية السيدة زينب غالباً ما يمثلها رجل وهذا إمعان في التغريب. فجمهور التعزية يشارك سنوياً في هذه الحادثة التي يعرفها عن كثب، لكنه يُدهش كل عام حينما يرى هذه الحادثة ممثلة أمامه. ويرى الباحث أن هذا الجمهور العارف بكل شيء تقريباً يرفض الممثل والشخصية رفضاً قاطعاً، فهو يعرف الشمر تاريخياً كما أنه يرفض لابن مدينته أن يمثل هذا الدور. ويرفض حتى الممثل الذي يؤدي دور الحسين، لأنه مؤمن تماماً بعدم وجود إنسان يشبه بطله المقدس الإمام الحسين ( ع ). ثم رصد الباحث غياب مفردة الموت في المناحات والتعازي الحسينية، وهذا رصد دقيق يستحق الانتباه والدراسة. فالمرأة النوّاحة لا تعتقد بموت البطل المقدس، أو أنها تفضل لا شعورياً أن تبدّل مفردة الموت بالنوم مثلاً، أو إلى عريس نائم تحت الشمس كما يرد في المناحة التالية:
(  ويلا أبو علي ويلا
نايم بالشمس ويلا
روحه تحتبس ويلا
يا أهل الكوفة ويلا
حنوا إجفوفه ويلا
صيحوا عمته ويلا
تبني كلته ويلا . . )
إذاً، تحول هذا البطل الثائر المقدس إلى عريس نائم تحت الشمس لأنهم يحاولون أن يبتعدوا عن مشهد قتل الحسين. ومن الطريف أن الباحث قد توقف عند أساطير مدينته العمارة التي لا تميل إلى تصوير مشهد قتل الحسين، فتستعيض عنه بحصان أبيض، فوقه عمامة الحسين وسيفه، واستكمالاً للمشهد يمر الرجال والنساء والأطفال من تحت الحصان، وغالباً ما تتمنى النساء أن تتحقق نذورهنّ. وهذا يعني أن الممثل قد تحول إلى شيء، أي إلى عمامة وسيف وحتى حصان. ويعتقد الباحث أن الديكور في التعازي يسمح باستخدام مسائل شرطية، فالنخلة قد تختصر غابة، وحوض الماء قد يختصر نهر الفرات. ولم ينسَ د. السوداني أن يتطرق إلى ( جو التعازي  الذي يتمثل بالرايات الملونة، والأضوية، والخيول ، والهوادج، والسيوف، والموسيقى العنيفة، وما إلى ذلك من أجواء وطقوس غريبة لا تتكرر إلاّ في هذا الطقس بالذات. واستعان الباحث برأي المخرج المسرحي الإنكليزي المعروف بيتر بروك الذي شاهد التعازي في إيران وأكد بأن هذه الإيقاع وهذه الطقوس لن تتكرر إلاّ في هذه الواقعة المأساوية. ولكي يؤكد الباحث على اختلاف الإيقاع في عدد من المناحات تلا على الحضور بعضاً من المناحات التي تؤكد صحة مذهبة. وأكد في نهاية محاضرته أن التعازي ترتبط بالمواقف الثورية دائماً. كما شدد على القول بأن المسرح الحضاري لا ينهض إلاّ في مجتمع حضاري. وقال: كيف يتحقق ذلك إذا كان هناك أكثر من 65 مليون عربي أمي في الوطن العربي، وأن هناك أكثر من 900 مليون أمي في العالم. وتمنى في نهاية المحاضرة أن يمارس هذه الطقوس على سواحل دجلة المقدسة بعد رحيل البرابرة الجدد.

• الناقد ياسين النصير وملاحظات عن المسرح العراقي المعاصر

استهل الناقد ياسين النصير حديثه عن النماذج الجديدة في المسرح العراقي، وما أُنجز من أعمال مسرحية خلال السنوات الماضية. وقبل أن يخوض في محاضرته أثنى على المحاضرتين السابقتين للدكتورة لميس العماري التي تحدثت عن ( مفهوم التراجيديا لدى برخت ) والدكتور فاضل السوداني الذي تحدث عن ( المسرح والطقوس ) ووصف محاضرتيهما بأنهما تنطويان على أفكار وآراء عميقة ومشوقة، ولكنه أراد الرجوع إلى المسرح العراقي الذي يتميز بسعة تجاربه، وتنوعها، وعمقها، لكنه كان قد سجل العديد من الملاحظات ليس على المسرح حسب، وإنما على القصة والرواية والشعر. فالناقد ياسين النصير قد أنجز أربعة كتب نقدية عن المسرح العراقي وهي على التوالي: وجهاً لوجه عام 1976، والمسرح العراقي  عام 1988 ، وبقعة ضوء – بقعة ظل عام 1990 وفي المسرح العراقي المعاصر عام 1997، كما صدر  له أكثر من عشرة كتب في نقد القصة والرواية والشعر والحكاية الشعبية. وهذا يعني أن الناقد هو واحد من المتتبعين للحركة المسرحية في العراق. وقد توصل من خلال دأبه ومتابعته ودراساته النقدية التطبيقية إلى تسجيل عدد من الملاحظات السلبية التي ترصد البنية الفكرية العامة للمسرح العراقي. فالناقد ياسين النصير يقول : ( إننا نستطيع أن نتحدث عن نماذج في المسرح العراقي كأن نقول مسرحية ( النخلة والجيران ) لقاسم محمد و ( المفتاح ) ليوسف العاني و ( الخرابة ) لسامي عبد الحميد و ( الطوفان ) لإبراهيم جلال و ( نديمكم هذا المساء ) لمحسن العزاوي و ( دماغ في عجيزة ) لحازم كمال الدين، ولكننا لا نستطيع أن نرسم خطاً فكرياً في تاريخ المسرح العراقي ) وهذا يعني أننا نستطيع أن نتوقف عند نماذج مسرحية لهذا المخرج أو ذاك، أو نتوقف عند هذا الممثل أو ذاك. وأستشهد النصير بمحاضرة الدكتورة لميس العماري التي تحدثت عن الأسباب التي دعت برخت لأن يرفض المسرح الأرسطوطاليسي، وقال إن أعماله المسرحية ترتبط بخيوط فكرية، بحيث لا نجد عملاً مغايراً للعمل الثاني أو الثالث إلاّ في البنية الفكرية أو التنفيذ أو في رؤية النص. وهو يعني أننا نستطيع أن نجد برخت في هذا العمل المسرحي أو ذاك، بينما لا نجد مؤلفنا أو مخرجنا المسرحي في بنية متسلسلة. ثم ذهب إلى القول بأننا نجد المؤلف العراقي في هذا النص باتجاه، بينما نجده في نص آخر باتجاه آخر تماماً، وقد تكون هذه الاتجاهات متناقضة. ولكي يوضح أبعاد طروحاته يقول بأنك تجد المخرج الفلاني في هذا النص برختياً، وفي النص الثاني تجده يمثل ستانسلافسكي، وفي الثالث  بيتر بروك، وفي نص رابع يعتمد على تقنية الجسد. وهذا يعني أن المشاهد لا يستطيع أن يكوّن خيطاً أو سلسلة فكرية نستطيع أن نعتمدها في تكوين رؤية واضحة لهذا المؤلف أو ذاك المخرج.  على الرغم من أن المسرح العراقي قد تجاوز عمره الثمانين سنة. أن الناقد ياسين النصير يريد القول بعدم وجود مؤلف مسرحي أو مخرج مسرحي عراقي يمتلك مشروعاً أدبياً أو فكرياً أو اجتماعياً أو سياسياً تستند عليه موضوعاته أو مسرحياته، وهذا طرح خطير يحتاج إلى دراسات معمقة. فهو يرى أن برخت لديه مثل هذا المشروع الذي كان يبتغي من ورائه تغيير العالم، فهو لا يهمه أن يستعير من التراث، أو من نصوص سابقة، كما فعل مع كريولان، أو من حكايات أو أساطير قديمة يعيد صياغتها من جديد لأنه يستند إلى مشروع كبير. كما جاء على ذكر دستويفسكي الذي رأى أغلب النقاد في رواية ( بيت الأموات ) أساساً لكل أعماله اللاحقة، ولهذا عندما تُقرأ أعماله كان الناس يرون فيه المسيح الجديد الذي سينقذ روسيا. وأشار النصير إلى أن تولستوي وستندال وفوكو يمتلكون مثل هذه المشاريع التي تؤطر أعمالهم جميعاً. في حين ينكر النصير وجود مثل هذه المشاريع النظرية والفلسفية والفكرية والسياسية لدى مؤلفينا ومخرجينا المسرحيين، لكنه، أي النصير، يعترف بامتلاك المؤلف والمخرج العراقي للموضوعات. ولكنه من ناحية أخرى يشير إلى بعض المؤلفين والمخرجين العراقيين الذين يتوفرون على مشاريع بسيطة وخجولة مثل يوسف العاني وقاسم محمد. فهو يرى أن مشروع يوسف العاني يتمحور حول نقد المجتمع، ويمتلك بنية متسلسلة نلمسها من بداية أعماله حتى آخرها، أي أنه يرصد الظواهر الاجتماعية، ثم يعيد تركيبها في ضوء الظاهرة النقدية. أما قاسم محمد فقد انشغل في البحث في التراث عن أشكال درامية جديدة تعزز مشروعه المسرحي، غير أن الحرب أكلت مشروعه ولغته ووقته، وأكلته هو شخصياً عندما سقط في العادي والمألوف وغادر بقعته الجوهرية التي كنا نعوّل عليها سابقاً. إن ما يحتاج إليه مسرحنا كما يذهب النصير هو أن يتخلص من الموضوعات المتناثرة التي لا تشكل مشروعاً أدبياً أو فكرياً، وأن يقترب كثيراً من الأفكار الكبيرة  والمشاريع العظيمة المهيمنة بحيث يستطيع الكاتب أن يعيد إنتاج أفكاره ورؤيته وفق موضوعات متسلسلة. فعلى سبيل المثال عندما نقرأ ليوسف إدريس نجد أن شخصية ( الفرفور ) هي جوهر أعماله كلها، فهذا الفرفور هو ابن الشعب الذي يتطلع إلى أفكار كبيرة، وهو الحكواتي الشعبي الذي ينتمي إلى كل الأجناس. أي أن هناك شخصية أسطورية تجمع بين الأحاديث كلها. وعندما تقرأ لعبد الملك نوري، القاص العراقي المعروف، تجد أن فكرة  ( الرجل الصغير ) هي فكرة شاملة في كل إنتاجه القصصي، هذا الرجل الصغير البسيط الذي يشتغل عاملاً في بار، أو نادلاً في ملهى، أو فرّاشاً في مدرسة. هذه الثيمة هي القاسم المشترك لكل أعماله. وكذلك عندما نقرأ لفؤاد التكرلي يتجسد أمامنا ( الرجل الإشكالي والمثقف البسيط ) وغالباً ما يكون محملاً بإيديولوجية اللامنتمي. بينما يرى النصير أن المسرح ، كتاباً ومخرجين، يفتقرون إلى مثل هذه المشاريع لكي يقيموا عليها تجاربهم. ويعزو النصير السبب إلى أن ثقافتنا القصصية والروائية والشعرية والمسرحية هي ثقافة ريفية. فالمسرح ،حسب تصوره، هو ابن ثقافة القرية، والبلدة، والمناطق الحواف على الرغم من أنه يُنتج في المدينة. فحتى الآن لا يمكننا القول إن المدينة قد انعكست في النتاج المسرحي العراقي ولو دققنا النظر فإننا سنلاحظ أن مجمل العلاقات القائمة داخل النصوص المسرحية هي علاقات ريفية. لم تكن ثقافة المدينة حاضرة بمعناها العميق الذي يشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والفلسفية والدينية. وقد توصل الناقد النصير إلى أنه لم يجد حتى الآن نصاً مسرحياً مدينياً واحداً في المسرح العراقي على الرغم من أن أغلب هذه المسرحيات تُمثل في مسارح العاصمة كمسرح الرشيد أو المسرح الوطني، وأن الجمهور يركب في أحدث السيارات، ويسكن في عمارات عصرية تتوفر فيها مجمل الشروط الحضارية. وقد عمم النصير هذه الثقافة الريفية على الحداثة الشعرية، فهو لا يرى في حداثة السياب والبياتي والملائكة حداثة مدينة، على عكس كل الحداثات في العالم، بل يراها حداثة مبنية على علاقات ريفية لا غير. وهذا الأمر ينسحب على الرواية، فغائب طعمة فرمان في ( النخلة والجيران ) أقام بيته الفني في محلة بغدادية، ولكن العلاقات داخل هذا البيت ظلت ريفية، وأكثر من ذلك أن اللغة التي استخدمها هي لغة محكية ( شعبية )، وهذا التشخيص ينطبق أيضاً على فؤاد التكرلي في ( الرجع البعيد ) وبعض القصص التي كتبها باللهجة العامية. إن المحاور التي أثارها الناقد ياسين النصير تحتمل النقاش والجدل، ولو أخذنا نموذجين عراقيين أحدهما المؤلف  المسرحي عادل كاظم، والثاني المخرج المسرحي د. عوني كرومي لاكتشفنا أن كلاً منهما يمتلك مشروعه الخاص..لقد كتب عادل كاظم مسرحيات كثيرة تستند على مشرع فكري نذكر منها مسرحية ( قضية )و ( عقدة حمار ) و ( مقامات أبي الورد ) و ( دائرة الطباشير القوقازية ) و ( المتنبي ) و ( حب وخبز وبصل ) و( الحصار ) و ( الطوفان ) و ( تموز يقرع الناقوس ) و ( الخيط ) وغيرها من النصوص المسرحية التي تتوفر على حس شعبي، مثلما تتوفر على نفس عالمي واضح. لقد استلهم عادل كاظم موضوعات كثيرة من التراث الأسطوري العربي والعالمي، كما أفاد الملاحم العراقية القديمة وأفاد من قيمتها الدرامية بعد أن أشبعها بأبعاد ميثيولوجية جديدة. ويمكن الإشارة هنا إلى مسرحيتي ( الطوفان ) و ( تموز يقرع الناقوس ) التي تناولت انهيار الأسطورة اليهودية في بابل. وهذه الملاحظة أثارها المخرج المبدع أسعد راشد في مداخلته المقتضبة بصدد طروحات الناقد ياسين النصير. أما د. المخرج عوني كرومي فيمكن أن نلمس مشروعه الفكري والاجتماعي في العديد من المسرحيات التي أخرجها نذكر منها ( بير وشناشيل) و ( ترنيمة الكرسي الهزاز ) و ( كشخة ونفخة ) و ( سترة توصاه ) وغيرها من الأعمال المسرحية التي بلغ رصيده الإخراجي فيها أكثر من خمسين عملاً مسرحياً. وبإمكاننا تتبع الثيمة الشعبية التي تشكل مشروعاً متصلاً لا خلل فيه. أما ثقافة الريف وعلاقاته داخل النصوص الإبداعية فينبغي الانتباه إليها وتجاوزها. فمن غير المعقول أن نعيش في أوربا وفي مفتتح الألفية الثالثة ونعيد إنتاج ثقافة الريف العراقي، ونقول بالنتيجة إن هذا مسرح عراقي. إن مؤلفينا ومخرجينا مدعون لتدارك هذه الهوّة الكبيرة، وتجاوزها من أجل اللحاق بالأمم المتحضرة التي تنتج أعمالاً تهدف في الأقل إلى المساهمة المتواضعة في تغيير العالم. إن المسرح العراقي الموزع في المنافي الأوربية قادر الآن على امتلاك زمام المبادرة، والبدء بإنتاج مسرحيات مدينية حضارية وخصوصاً أن هذه المنافي تغص بأسماء إخراجية كبيرة مثل د. عوني كرومي، و د. جواد الأسدي وحازم كمال الدين وأسعد راشد وصالح كاظم وإسماعيل خليل وراجي عبد الله وعبد الأمير شمخي وعلي منشد وكريم رشيد وهادي الخزاعي وكاميرا رؤوف ومناضل داوود وروناك شوقي، ومن الشباب بكر رشيد وقاسم مطرود ورسول الصغير وصالح حسن وأحمد الشرجي وغيرهم الكثير.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الفنان آشتي كرمياني
- الروائي والشاعر العراقي إبراهيم سلمان لـ- الحوار المتمدن
- شعراء شباب يقدحون شرارة الحوار بين الشعريتين العربية والهولن ...
- نصر حامد ابو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟- ...
- نصر حامد ابو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟ - ...
- نصر حامد أبو زيد يتساءل: هل هناك نظرية في التأويل القرآني؟ - ...
- د. نصر حامد أبو زيد يتساءل: هل هناك نظرية للتأويل القرآني؟ - ...
- حوار مع الروائي والشاعر السوري سليم بركات
- حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد
- ندوة إحتفائية بالإطلالة الثانية لمجلة ( أحداق ) الثقافية
- حوار مع الشاعر السوري فرج البيرقدار
- الفنان علاء السريح لـ - الحوار المتمدن
- النص الكولاجي. . صنع الله إبراهيم نموذجاً
- حوار مع المخرج المغربي عبد الواحد عوزري
- حوار مع نصر حامد أبو زيد
- أحداق - في عددها الثاني بحُلة جديدة • الخطوة الثانية من رحلة ...
- مخيلة الأدباء المنفيين . . إشكالية الكتابة عن الداخل والخارج
- حوار مع الفنان التشكيلي سعد علي
- ملامح الإستبداد الديني في العراق الجديد
- عقدة الرُهاب من الأجانب وتحفيز خلايا الأحقاد النائمة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - حلقة دراسية عن المسرح العراقي في المنفى الأوربي