أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان حسين أحمد - ملامح الإستبداد الديني في العراق الجديد















المزيد.....

ملامح الإستبداد الديني في العراق الجديد


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 716 - 2004 / 1 / 17 - 05:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


منذ اللحظة التي سقط فيها النظام الديكتاتوري السابق في 09 أبريل ( نيسان ) 2003 برزت إلى السطح مباشرة مجموعة من المؤشرات السلبية، والظواهر الشاذة التي تنطوي على قدرٍ كبير من التخلّف، والرجعية،  والجمود الفكري الذي لا ينسجم مع روح العصر. كما تكْشف في الوقت ذاته، مع الأسف، عن كونها محاولاتٍ عقيمة لإعادة صياغة الديكتاتورية، وتقديمها كنموذج للإستبداد الديني بشكل جديد. وكنا نعلل بروز هذه الظواهر السلبية بأنها محاولات يائسة لملئ الفراغ السياسي والإداري بعد أن تقوضت كل أعمدة الدولة وأركانها، بوزاراتها، ومؤسساتها، ودوائرها الرسمية، ثم تبعتها أخطاء حلّ الجيش والشرطة، وما نجم عن هذا الحل والتفتيت من تسيّب وإنفلات أمني لم يعرف العراق مثله في العصر الحديث، بحيث إنبجس من ذلك الظلام الموحش، والفراغ المخيف شخص يُدعى ( محمد الزبيدي ) ليجد نفسه محافظاً للعاصمة بغداد من دون مقدمات، أو إرهاصات، أو مخاضات، كتلك التي تسبق مراسيم تسنّم هذا المنصب الحسّاس في زمن الإحتلال. وما إن إستفاق الناس من صدمتهم، وذهولهم حتى بدأوا يُدركون أن العمائم السود والخضر والبيض قد بدأت تزداد بشكل غير معهود لم يألف العراقيون كثرتها ورواجها من قبل. وهذا الأمر لم يقتصر على الظهور ( المروّع ) لرجال الدين، وتألق البعض منهم بوصفهم نجوماً جديدة شكلت ( ظاهرة ملفتة للإنتباه ) لها أتباع تجاوز عددهم ( المليون ) مثل ظاهرة ( مقتدى الصدر ) الذي أخذ يتخبط في تصريحاته الدينية والسياسية، وتأسيسه للجيوش الوهمية التي تقاتل أشباح المحتلين، أو تكتفي بالوعيد والتهديد! لم يقتصر الأمر على هذه الظواهر حسب، إنما إشرأبت العصبية القبلية من خلال تسيّد شيوخ القبائل، وهيمنتهم على الكثير من مناصب المجالس والإدارات المحلية. والمراقب السياسي الذي يريد أن يقرأ الأحداث، ويستخلص النتائج، ويطال بعض التوقعات المستقبلية لابد أن يلتفت إلى هذه الظواهر الإستثنائية، ولكن الجميع علّلوها بأن النظام الجديد الذي وعدنا به المحتلون هو نظام حر، علماني، ديمقراطي، فيدرالي، متعدد، يتمتع فيه الجميع بالحرية، والمساواة، والعدالة الإجتماعية، والتآخي بين العرب، والكرد، والتركمان، والكلدوآشوريين، ولا يغمط حق الأديان الأخرى الموجودة في العراق، وإعتبار جميع العراقيين شركاء في هذا الوطن الذي مزقه النظام الديكتاتوري البائد. لابد من القول إن الكثير من الأقلام المثقفة لم تتصدَ لبعض الأخطاء الصغيرة، والهنّات العابرة على إعتبار أن بعض أعضاء مجلس الحكم ليست لديهم دراية سياسية، وبالذات رجال الدين منهم، لأن الدول العلمانية المتحضرة تفصل بين الدين والدولة، ولا تدع رجال الدين يتدخلون في السياسة، مثلما لا تفسح المجال لرجال السياسة أن يتدخلوا في الشؤون الدينية. وكما هو معروف فإن واجب رجل الدين محدود، ولا يتعدى إلى حدود الوصاية، ولعب دور الوسيط بين البشر والخالق. فالخالق لا يحتاج إلى وساطة ومؤسسات دينية، غير أن رجال الدين في العراق قد تجاوزوا الحدود المرسومة لهم لكي يفرضوا الإستبداد الديني الذي لا يجد له محلاً بين صفوف العراقيين الذين عانوا مختلف أنواع القمع، والظلم، والتعسف، ومُصادرة الحريات. وجرياً على تطبيق مبدأ التعددية، وممارسة مختلف الشرائح الإجتماعية للحكم الذي كان مقتصراً على شخص واحد، أو أسرة، أو قبيلة واحدة، فقد تفاءلنا بأن يُلغى هذا الإحتكار، وتُوزع السلطة بشكل عادل لأصحاب المصلحة الحقيقية، لكن الجهل بالسياسة أدى بأحدهم إلى التصريح بالقول ( إن إيران تستحق أن تأخذ من العراق 100 مليار دولار كتعويض عن الخسائر التي لحقت بها خلال الحرب التي شنها صدام على الجمهورية الإسلامية ) هكذا تجلت الفكرة في رأسه، ولم يحتمل التكتم عليها فأشاعها على السواد الأعظم من البشرية، فتعالت التصريحات، والإنتقادات اللاذعة التي تطعن بوطنية هذا الرجل الذي يجزم الكثيرون بأنه يتطلع بعين الممالأة إلى إيران. وحينما زار إسبانيا، وكان في حينها رئيساً لمجلس الحكم الإنتقالي أدلى بتصريح غريب مفاده أن صدام يستحق عقوبة الإعدام. إنه فعلاً يستحق هذه العقوبة، ولكن على الرئيس ( حتى وإن كان مُعيَّناً من قبل سلطات الإحتلال ) أن يتمتع بقدر عالٍ من الشفافية الدبلوماسية لأن المعارضة العراقية كانت تنتقد مثل هذه العقوبة اللاإنسانية ( فكيف ننهي عن شيء ونأتي بمثله ) ألم يستطع هذا الرئيس المعيَّن، والمؤقت، وغير المنتخب بعد، أن يقول بأن عقوبة صدام أمر متروك للمحكمة المختصة، سواء أكانت عراقية أو أمريكية، أو مختلطة. ألم يكن الأجدر به أن يقول بأننا سنضمن له محاكمة عادلة، شفافة حُرم آلاف العراقيين من التمتع بها. ومع ذلك فقد علّلنا هذا الخطأ بأنه ( زلة لسان  أو إفتقار إلى الديبلوماسية التي لم يكتسبها رجل الدين الذي كان منقطعاً إلى العبادة والهداية ). ويبدو أن هذا الرئيس أراد أن يستثمر فرصة وجودة في كرسي الرئاسة المؤقتة فقرر في لحظة وجدٍ، وتجلٍ روحي أن يلغي قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 والصادر سنة 1959 بجرة قلم، ويخرج لنا من جعبته قراراً مُستحدثاً يحمل الرقم ( 137 ) الذي أثار حفيظة البلاد من أقصاها إلى أدناها، فخرجت قرابة ثمانين منظمة نسوية إحتجاجاً على القرار الذي إتفق الجميع على تسمية بالقرار القروسطي المتخلف الذي يغمط حق المرأة العراقية التي تشكل نسبتها قرابة %60 من التعداد السكاني للعراق. ولا حاجة بنا للخوض في تفاصيل المعاناة القاسية، والتضحيات الجسام التي قدمتها المرأة العراقية ( الأم ، والزوجة، والأخت، والبنت، والحبيبة ) بمؤازرة المثقفين، والمتفتحين، وعشاق الحياة الحرة الكريمة من أجل الحفاظ على القانون المدني الذي يضمن حرية المرأة، وكرامتها، ويعاملها كإنسان مساوٍ لندها الرجل. وحسناً فعل بريمر حينما مارس حق النقض، ونسف هذه الفكرة التي تلاشت وسط صرخات النسوة اللواتي إحتشدت بهن شوارع الغضب التي تنبئ بأن عقلية القرون الوسطى بدأت تلوّح لنا بأفكارها البالية، المقيتة، وتشرئب برؤوس أبطالها المهووسين بكرسي الحكم كلما إحلولك الظلام، وإزدادت الغمّامات إنطباقاً على الأعين المشوّشة التي لا ترَ أبعد من أرنبة أنفها. ربما يذكرّنا قرار ( إلغاء قانون الأحوال الشخصية ) المجحف الذي أسقطَ الكثير من العراقيين في سورة الذهول بقرار  مجلس الحكم الإنتقالي الأول الذي يعتبر يوم 9 أبريل ( نيسان ) هو مناسبة وطنية ( لسقوط بغداد ) ينبغي الإحتفال بها سنوياً، وتقديم مراسيم الشكر والعرفان للقوات الإنكلو- أمريكية المُحَرِرة.
* كاتب عراقي مقيم في أمستردام



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة الرُهاب من الأجانب وتحفيز خلايا الأحقاد النائمة
- المخرج قتيبة الجنابي في فيلمه الجديد: خليل شوقي. . الرجل الذ ...
- الفنان الكاريكاتوري كفاح محمود لـ - الحوار المتمدن
- حوار مع الشاعرة الأفغانية زاهدة خاني
- القاص إبراهيم أحمد- الكلمات ينبغي ألاّ تفيض أو تشح عن المعنى
- بلجيكا تمنع إرتداء الحجاب والرموز الدينية في المؤسسات الرسمي ...
- مسرحية ( ليلة زواج ) محاولة لاستنطاق الغياب
- حوار مع النحّات والتشكيلي حسام الدين العقيقي
- حوار مع القاص فهد الأسدي
- حوار مع الفنان التشكيلي فاضل نعمة
- حوار مع الفنان والمخرج راجي عبد الله
- ندوة ثقافية في لاهاي عن حق الاختلاف والكتابة الجديدة
- الفنان التشكيلي منصور البكري لـ- الحوار المتمدن
- الفنان والمخرج الكردي بكر رشيد لـ- الحوار المتمدن
- المخرج د.عوني كرومي ل - الحوار المتمدن
- حوار مع المخرج د. فاضل السوداني
- الروائية السورية حسيبة عبد الرحمن ل - الحوار المتمدن
- جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في ...
- الروائي نجم والي يتحدث لـ(الحوار المتمدن) الكاتب ليس كائناً ...
- إحتجاجاً على الموقف المتخرّص، والمدلّس لإتحاد الأدباء والكتا ...


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عدنان حسين أحمد - ملامح الإستبداد الديني في العراق الجديد