أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في قصص نعيم شريف















المزيد.....



جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في قصص نعيم شريف


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 699 - 2003 / 12 / 31 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


يسعى الكثير من النقّاد والمُنظّرين إلى وصف ( عملية الخلق الفني ) بأنها عملية ( لا عقلية )، بل أن بعضهم يكاد يحصرها في لحظات الإنفعال، والغيبوبة، والنشوة الناجمة عن تأجج بعض الحواس اللاشعورية الراكسة في أعماق المبدع الذي يتألق في لحظات معينة بحيث يجد نفسه مُنقاداً إلى الكتابة الآلية التي تكشف عن مكنوناته السرّية، الدفينة التي تنطوي على قدر كبير من المعاني الجمالية. ويذهب أفلاطون أبعد من ذلك حينما يصف ( الفنان ) بأنه ( مُلهَمٌ ومجذوب ) وكأنه ليس سوى ( وسيط ) لا يتحكّم بالعملية الإبداعية ذاتها! وبحسب تعبيره المجازي فإن الشاعر ( لا يتحكم فيما يفعله عن وعي، مثلما أن المغناطيس لا يتحكم في جذب الحديد . . . ذلك لأن ( الشاعر ) يغَِيب عن حواسه، ولا يعود للعقل وجود فيه. ) (1) خلال عملية الخلق والإبداع. ويدعِّم هذا الرأي ما يقولة الفيلسوف فردريك نيتشه بأن الفنان ( ليس إلا تجسيداً لقوى عليا، وناطقاً بإسمها، ووسيطاً لها. . فالمرء يسمع، ولا يبحث، ويأخذ، ولا يسأل من الذي يعطي، والفكرة تُومض كالبرق، وتبدو كأنها شيء لا مفر منه. ) (2) وإذا أردنا أن نختبر هذه الآراء، ونفحصها بشكل علمي دقيق فسنكتشف بيسر أن ( الإلهام ) هو جزء من العملية الإبداعية، وليس الشيء الحاسم للقيمة الفنية. يقول ت. ريبو وهو متخصص في دراسة ( القدرة الإبداعية ) ( إن الإلهام لا يقدّم أبداً عملاً منتهياً ) (3) بمعنى أن الإلهام، أو الغيبوبة الإبداعية، ونشوة الخلق ليست كافية لكتابة عمل فني يمتلك كل مقومات شروطه الإبداعية، بل أن هناك شعراء، وقصاصين، وروائيين، يعانون ألماً ممضاً خلال كتابة نصوصهم الإبداعية، فبعضهم يشبّه اللحظات الإبداعية بلحظات الرعب، أو المخاض، وهذا الأمر ينسحب على الموسيقيين والتشكيليين وبقية الفنون غير القولية. فعندما يتحدث كوليردج عن قصيدة ( كريستابل ) يقول ( لقد أنتجت كل بيت فيها بآلام أشبه بآلام المخاض ) (4) بينما لا يجد الشاعر ستيفن سبندر حرجاً من الإعتراف بالقول ( أنني اشعر بالرعب من كتابة الشعر ) ويعلل سبب هذا الرعب بأن ( القصيدة رحلة مخيفة، وجهد مؤلم من أجل تركيز الخيال ) (5). وهناك من يجمع بين الإلهام والوعي، وما يلازم هذه العملية من مشاق، ولحظات عويصة. فالشاعر هوسمان يخبرنا كيف أن فقرتين من إحدى قصائده ( ظهرتا في " رأسه " تماماً كما هما مطبوعتان، في الوقت الذي " كان يعبّر " فيه عن ركن هامستيد هيث، ( Hampstead Heath )(6) غير أن فقرة أخرى في القصيدة نفسها إقتضت كتابتها أكثر من عام حتى رضي عنها هوسمان. وهناك من يفترض في الإلهام مسبقاً ( فيضاً من المواد المتوافرة، وتجربة متراكمة، ومعرفة ) (7)  إذاً، نستنتج من هذه الإقتباسات أن الإلهام لا يُدهم المبدع جزافاً، وإنما يكون ناجماً عن نشاطات ذهنية، واعية، وخاضعة لسيطرة الفنان نفسه. وهذا يؤكد مقولة سانتيانا ( بأن الفن على وعي بهدفه ) رغم ما تكتنفه من شطحات تخييلية مجنحة. فالفن ( نشاط، بارع، واعٍ ) أو أنه ( المعالجة البارعة، الواعية، لوسيط من أجل تحقيق هدف ما ) (8) بحسب جيروم ستولنيتز. إن ثنائية الإلهام والوعي، والشطح والعقلنة، والحلم والواقع تتجسد في كل الأجناس الأدبية والفنية، ولكن بدرجات مختلفة. ففي الشعر يتسيد الإلهام والشطح والحلم، بينما تهيمن اللغة العقلانية على النثر، ولكن هذا لا يمنع اللغة النثرية من أن تتأجج حينما تعالج ثيمة، قوية، مترابطة، تنفذ إلى أعماق المتلقي، وتثير فيه عواطف عميقة.
• آراء نقدية في تجربة القاص نعيم شريف. . تعدد القيم، وتنوّع التفسيرات

 أردت من هذه المقدمة الطويلة نسبياً، والمعززة بإستشهادات كثيرة، أن ألفت عناية القارئ إلى موهبة القاص نعيم شريف الذي ( خطف الأنظار ) إليه من خلال مجموعته القصصية البكر التي أسماها ( عن العالم السفلي ) والتي إستحوذت على إهتمام العديد من الأدباء والنقاد العراقيين. ويكفي أن أشير إلى الأراء النقدية التي أنصفت هذا القاص المبدع الذي يَعِد بتجربة قصصية سيكون لها شأنها في السنوات القادمة إذا ما إستمر بهذا الزخم الإبداعي المميز. فقد زيّنت الغلاف الأخير للمجموعة آراء مهمة لإثنين من أبرز الفصاصين العراقيين وهما محمد خضير ومحمود جنداري، فضلاً عن تقييم الناقد الحصيف د. حسين سرمك حسن. فقد أشار محمد خضير إلى ( إلتماعات جديدة . . . تركت في " ذائقته " النقدية والكتابية أثراً طيباً )، فيما نوّه القاص محمود جنداري بأهمية قصة ( الحصان ) التي وصفها بأنها ( نابعة من مقدرة ممتازة على القص، وعلى التعبير. ) أما الناقد حسين حسن فقال عنه أنه يكتب ( بتخطيط فني راقٍ، وبفكر واعٍ. وهو يتحكم فيها ( أي قصته ) حتى النهاية، ممسكاً بخيوطها، ونقطة إرتكازها. ). تدلّل هذه الشهادات الثلاث، بما يقطع الشك باليقين، على أن نعيم شريف يمتلك موهبة القص. ومَنْ يطلع على قصص هذه المجموعة التي سبق له أن نشرها في صحف عراقية وعربية سيتأكد تماماً أنه أمام موهبة حقيقية تمسك بتلابيب تجربة فنية، موحية، قوية، عالية المستوى، بل أنها تبدو مكتفية بذاتها. لقد درس القاص نعيم شريف ( التربية وعلم النفس )، وتخصص فيهما، ولابد أن القارئ أو الناقد يجد نفسه أمام سؤال منطقي مفاده: طالما أن القاص نعيم شريف قد درس ( علم النفس ) فلابد أن تتميز قصصه بالتركيز على الجوانب النفسية للشخصيات التي يعالجها في متن نصه القصصي، أو أن الموضوعات التي يرصدها لابد أن تأخذ قسطاً من الفحوى النفسي، مثل التعبير عن الأحلام المقموعة، أو تصريف الرغبات المكبوتة وما إلى ذلك. وطالما أن الأعمال الفنية الرصينة متعددة القيم، وتنطوي على تفسيرات متنوعة، وليس هناك ما يسمى بالمعنى الواحد للعمل الفني، لذلك يمكن أن يقدّم الناقد على الدوام أكثر من قراءة للنص المنقود. كان أغلب الفرويديين يستخدمون العمل الفني كوثيقة نفسية ( يكشف تحليلها عن القوى اللاشعورية في شخصية الفنان ) أو ( كانوا يربطون بين العمل الفني وبين ما يُعرف أو يُستنتج عن التكوين النفسي للفنان ) ولا شك أن التحليل الأول لا يهمنا كثيراً لأنه يتعلق بعلم النفس ذاته، ويهم النفسانيين تحديداً، لكن التحليل الثاني الذي يكشف عن ( التكوين النفسي للفنان ) هو الذي يعنينا بالدرجة الأولى لأنه يسهم في ( النقد التفسيري ) الذي نحن بصدده الآن. وبالذات إذا كان النص مزداناً بالكثير من الرموز العصيّة، والإشارات الخفية، والمعاني الغامضة التي تعبّر عن دوافع كاتب النص ومبدعه. إن التصور الأول يشكّل خطراً كبيراً على الناقد، ويشوّش رؤيته النقدية، ويحرفها عن مسارها الصحيح لأنها تظل تبحث في الموضوع، والرمز، والفكرة، وبقية الحوادث النفسية التي تقع خارج المفهوم الفني، بينما نركّز نحن على أهمية النظرية الجمالية التي تعالج الشكل، والوسيط اللغوي، والتكنيك، وكل العناصر الأخرى التي ينفرد بها الجانب الفني، أو الجمالي بمفهومه الإستيطيقي الأوسع الذي يبحث في الطبيعة الكامنة للعمل الفني، وقيمته الجمالية بوصفه موضوعاً مُدركاً. وينبغي أن نشير هنا إلى النقد السياقي، وتحديداً النقاد الماركسيين منهم، والنقد الإنطباعي، والنقد المعياري لا يقدم قراءة دقيقة للعمل الفني إذا ما ظل مصِّراً على غض الطرف عن المزايا، والسمات الجمالية للنص المنقود.

• نماذج وأمثلة قصصية
 في قصة ( الحصان ) التي تحتمل قراءآت كثيرة، وتفسيرات متعددة لثرائها الرمزي كونها تنطوي على بنية داخلية عميقة، ونقاط شد وتوتر مختلفة تمهد الطريق لأكثر من تأويل، وإجتراح أكثر من رؤية فنية لهذا النص الإبداعي. وقبل الخوض في تفاصيل هذه النصوص القصصية لابد من الإشارة إلى أنني سأستعين بعدد من المناهج النقدية السائدة. وكما هو معروف للنقاد تحديداً فإن هناك مناهج نقدية متباينة بعضها يؤكد على عملية الخلق الفني، أصولها، وأسبابها، ونتائجها، فيما يتجه البعض الآخر إلى الظروف التي ظهر فيها العمل الفني، وتأثيراته في المجتمع. وهناك مناهج نقدية تبحث في موضوع إنفعالات الفنان ومقاصده الذاتية في العمل الفني. وبالرغم من قناعاتي ( النسبية ) بكل أنواع النقود، بدءاً من النقد ( المعياري ) أو النقد بواسطة ( القواعد ) كما يسمّيه الناقد جيروم ستولنتيز، والنقد السياقي، مروراً بالنقد الإنطباعي، والنقدي القصدي، وإنتهاءً بالنقد الباطني. غير أنني أجد ضالتي، في الكثير من الأحيان، في النقد الباطني الذي يؤكد على ( الطبيعة الباطنية للعمل الفني ) والتي تجسد ( الفردانية الجمالية له بعيداً عن الإنطباعات الشخصية للناقد، كما تتفادى في الوقت ذاته تركيز الإهتمام على حياة الفنان، وعلاقة منجزه الفني بالسياقات التأريخية والإجتماعية والإقتصادية والنفسية. ) وهذا لا ينفي بطبيعة الحال أهمية أنواع النقود الأخرى التي شغلت العالم على مر القرون الماضية. أنا، على الصعيد الشخصي، أميل أحياناً إلى النقد الإنطباعي، منطلقاً من أهمية مقولة أوسكار ويلد بأن ( الفن إنفعال ) ولكنني لا أحوِّل إنتباه القارئ من النص ( المنقود ) إلى ( ذاتي ) الناقدة كي لا أطمس ( القيمة الجمالية ) للعمل الفني. وأنا أتفق تماماً مع ما يذهب إليه ماثيو آرنولد بصدد ( رؤية الشيء في ذاته كما هو بالفعل ) فأنا أرى القصة كقصة، وليس شيئاً آخر خارج هذا السياق. وبالرغم من الفروقات الفردية فأنا أجد نفسي منسجماً تماماً مع طروحات النقاد الباطنيين أو ( النقاد الجدد ) حسب تعبير جيروم ستولنتيز أمثال إليوت، ورتشادرز، وبروكس، ورانسوم، وليفيس، وتيت، وغيرهم من النقاد الذين يحترمون ( فردانية العمل الفني ) ويبجلون عملية ( الإدراك الجمالي لذاتها ) لأنها تفرّق بين العمل الإبداعي الخاص، وبين الأعمال السائدة، المكرورة، التي يمكن أن تجد لها أكثر من شبيه، أو نسخة ضوئية. فالناقد الباطني يرفض المعيار، والسياق، والقصد، مثلما لا يجد أهمية كبرى في الإنطباعات الفردية. لابد من الإقرار بأن هناك أوجه شبه بين النقد الباطني وبين الحركة الشكلانية ( Formalism  ) التي ترفض أن تعالج ( الموضوع ) كما هو الحال في الرسم والنحت التجريديين اللذين يعوّلان على البنية الشكلية للعمل الفني، ولا يعيران كبير إهتمام للموضوع بحد ذاته. قد تكون في العمل الأدبي أو الفني عبرة أخلاقية، ولكن أهمية هذه العبرة الأخلاقية تأتي كلاحقة أو كرديف للموضوع الجمالي الخالص. فعندما نقرأ قصة ( الحصان ) لنعيم شريف، أكاد أجزم بأن الجزء الأعظم من القرّاء، يتعاطفون لا شعورياً مع هذا النص لأسباب كثيرة منها إجتماعية، ونفسية، وسياسية، وأسطورية وما إلى ذلك، لأن هذه القصة تحديداً ممكن أن تقرأ بمستويات متعددة، واقعية، ورمزية، وسايكولوجية، وجمالية، ولكن تظل القراءة الأخيرة هي الأقدر على إستنطاق النص، لأنها لا تخرج عن ذاتيته، وفردانيته، ومُدركه الجمالي بالرغم من توافر أغلب عناصر ومُعطيات الإستجابة العاطفية المزدوجة سواء للحصان الذي يتعرض للضرب المبرّح من قبل سائسه، أو لصاحب الحصان الذي يلاقي مصيراً مأساوياً وسط حشد كبير من الناس لم يفلحوا في إختراق الدائرة التي رسمها الحصان ( لتصفية الحساب ) مع سائسه، منفعل الأعصاب، الذي سقط في سورة غضب لا مُبرَرة أطفأت مصباح عقله، ورجاحته الذهنية، لكنه دفع الثمن غالياً وسط دهشة أناس مذهولين عُزّل! يمكن قراءة هذا النص القصصي القصير قراءة واقعية، بل أرسطية تغلق كل مسارب التفكير بالنسبة للمتلقي، ولا تترك له أية فرصة للمشاركة بالحدث وفقاً لمفهوم السبب والنتيجة والتلقي السلبي، خصوصاً وأنها تلتزم بالوحدات الثلاث الفرعية المتعارف عليها وهي ( الزمان والمكان والحدث ) والتي تعزز الوحدة العضوية للعمل برمته. هنا، لا تنفع آلية النقد الإنطباعي في التعاطي مع هذا النمط من القصص التي تستفز الناقد ( أو القارئ ) وجدانياً، لأنه لا يستطع أن يتخلص من الأخطبوط العاطفي الذي يهيمن على قدراته الفكرية، ومَلكته النقدية التي تختبر هذا النص الشائك. لذلك فإن النقد الباطني هو الأقدر على ملامسة القيم الجمالية في هذا العمل الأدبي الذي يمتلك إمكانية الترحيل والإنزياح من القراءة الواقعية إلى القراءة الرمزية. فهذا الحصان، الضخم، الأدهم، الذي يلهث بقوة بعد أن أوشك الحوذي أن يمزق شدقيه لأنه حَرن بعد أن أعياه التعب وهو يجر عربة النفط الثقيلة، فضلاً عن الآلام الحادة التي تسببها ضربات السياط المتلاحقة التي ( أخرجت هذا الحصان عن طوره ) بحيث بات يتحين الفرصة الذهبية التي لاحت أمام ناظرية عندما شرع الحوذي بتحريره من من سلسلته الحديد، وغمامتيه، والعارضتين الخشبيتين اللتين تمسكان به، وتحدّان من غليانه، وثورته المؤجلة. فالحصان الحرون، الذي ثار بعد أن سنحت له الفرصة هو رمز للشعب المقموع، المصادر، المغلوب على أمره لأنه مكمّم، ومغمّم، ومقيد بنير ثقيل، والحوذي هو رمز للراعي الظالم أو للسلطة القامعة التي تمارس عنفها وجبروتها أمام الملأ، ولكنها تلقى مصيرها المحتوم في رابعة النهار وسط ذهول الرعية التي كانت تسمع طقطقة عظامه وهي تتحطم تحت سنابك الحصان الذي قرر أن ( يصفي حسابه ) مع هذا الحوذي الذي كان يحمل كفنه تحت إبطيه. إن جمال هذا الحدث يكمن في صورته التراجيدية التي إلتقطها القاص، وقدمّها لنا بشكل جليل، مهيب جعلنا نتعاطف مع فكرة الموت في أقسى أشكاله التراجيدية. لو توقفنا عند قصة ( أنشودة الريح ) لوجدناها لا تخرج عن إطار الفضاء التراجيدي الذي رسمه القاص نعيم شريف لتجربته الإبداعية في هذه المجموعة التي إنضوت تحت عنوان ( عن العالم السفلي ) وفكرة الموت، كما هو معروف، هي من أخطر الأفكار التي تهيمن على الذهن البشري بعامة، وتقلقه ليل نهار. ( أنشودة الريح ) يمكن قراءتها قراءة ( سريالية ) فضلاً عن القراءتين ( الواقعية والرمزية ) فشيخ القبيلة سليمان آل عبيد، يُدهمنا بحضوره من خلال الصورة المعلقة في واجهة السرداب بعينيه اللامعتين، وعصا الخيزران الغليظة التي كان يضرب بها الفلاحين الذين يحصدون له الشلب في مزارعة الواسعة. كما يحضر من خلال الرفات الذي تحوّل إلى ( مسحوق ترابي ناعم تتطاير ذراته ما أن تلامس نسمات الرياح التي تئن من حولهم ) إن هذا المشهد الغرائبي، المروّع، والباعث على الأسى هو مشهد كابوسي، وسريالي في آن معاً بحيث يتحول هذا الشيخ المستبد الذي تغشاه الرعية، وترتعب منه كلما برقت عيناه، أو لوّح بعصاه الغليظة. لقد تحوّل رفاته المخيف في لحظة سريالية إلى ( راية ترفرف، وكأنها تنفض عن نفسها غبار معركة دامية. ) وعندها فقط يتلاشى ذلك الإلتماع المخيف من عيني الشيخ المرعبتين عندما قرر ( ثلاثة أشخاص ) بينهم الراوي طبعاً أن ينقلوه لسبب غامض لم نجد له تفسيراً معقولاً إلى مقبرة جديدة، وكأنهم يحتفون بموته الأسطوري مرة أخرى. في قصة ( رؤية الغريق أو سورة يونس ) ثمة بنية سردية متداخلة تعتمد على فعلي( القص ) و( الروي ) غير أن المفارقة التراجيدية هنا قائمة على تصوير المصير الذي آل إليه يونس بن ضيّون، مع الأخذ بعين الإعتبار المعنى الديني أو الإشارة المثيولوجية لإسم يونس كما ورد في قصص الأنبياء. فسواء غرق يونس في النهر أو إختفى في بطن الحوت فإن ذلك لا يغير شيئاً من مصيره التراجيدي الذي لم تفلح قصة حب الأرملة هيفاء له في من تغيير مصيره المأساوي. كل الشخوص في هذه القصة مفجوعين، ولا مجال لإنتزاعهم من وطأة الحزن الذي يهيمن على الجميع. ترى هل يمكن القول أن النص التراجيدي العميق، الملفع بهالة من الوقار أن يحقق شيئاً من اللذة الجمالية بصرف النظر عن الألم الممض الذي يثير حزناً لا يوصف كما يقول جيلبرت مري؟ وألهذا السبب تستحوذ علينا تراجيديات أسخيلوس، وسفوكليس، ويوربيديس، وشكسبير وغيرها من الأعمال الدرامية الجليلة التي تثير فيناً قدراً كبيراً من الألم الممزوج بإحساس عميق باللذة الفنية؟ كما نوّهت سابقاً فإن القاص نعيم شريف مُولع برصد وتناول الشخصيات العاجزة، المشلولة، المريضة، التي تقف على حافة الحياة، أو على حافة الموت على الأصح، أو الميتة، لكنها ما تزال تعيش بيننا. ( وهذا ما سأفرد له بحثاً خاصاً في وقت لاحق ). السؤال المحدَد الذي يمكن طرحه هنا، ومن ثم تطبيق معطياته على الشخصيات الأخرى التي يتناولها نعيم شريف في قصصه اللاحقة هو: هل تشكّل سلوكية ( الحوذي ) أو حتى ( الحصان ) نفسه، أو سليمان آل عبيد، أو يونس بن ضيّون، أو فاطمة، أو لولي، أو سواها من الشخصيات ( وثائق نفسية ) تكشف عن القوى اللاشعورية الكامنة في أعماق الشخصيات؟ أظن أن القراءة المتمعنة لسلوكيات هذه الشخصيات تشي بالإيجاب، ولكن المعالجة الفنية، وطريقة التناول الذكية هي التي منعت هذه القصص من السقوط في هذا المطب الكبير، وركزت الإهتمام على الجوانب الجمالية الكامنة في أعماق الشخصيات، وقدمتها ضمن بنية فنية ( تهتم بالتكوين النفسي، وتداعياته السلوكية ) ولا تعير شأناً كبيراً للمعطيات التي تقع خارج الأطر الإستيطيقية الخالصة.

• بنية التقابل والتضاد في قصتي ( تقطيع قلب ) و ( سقوط العجين )

 في قصة ( تقطيع قلب ) تتجلى قدرة نعيم شريف في الرصد الدقيق للحظات المؤسية، والممزِقة لنياط القلب. هذه المفردة المعبرة التي لعب كثيراً على معادلها الموضوعي بفنية عالية بحيث لم نعد نعرف أي قلب يتمزق: هل هو قلب الأم المفجوع بولدها، أم قلب الإبن الذي إخترقته رصاصة غادرة في حرب مجانية بحيث تسربت من ثقبه الذي يشبه العين البشرية كل أحلامه العريضة، أم قلب الصديق الذي جاء ليشهد على مآسي القلوب الممزقة، أم القلب المحروق الذي شواه صاحب المطعم ولم يتناولة الراوي الذي فقد الرغبة في كل شيء؟ ربما تكون بنية التقابل في كتابة هذا النص على الصعيد ( الشكلي ) هي التي منحت القصة نوعاً كبيراً من الشد، والتوتر الدرامي الذي كان يتصاعد بطريقة فجائعية لم تألفها القصة العراقية من قبل. وهذا هو السبب وراء نجاح هذه القصة التي تميزت بفنيتها العالية التي كانت ترصد وتعالج أكثر من حالة درامية في وقت واحد. أما قصة ( سقوط العجين ) فهي تشبه على الصعيد التقني أسلوب قصة ( تقطيع قلب ) فبنية التضاد أو التقابل هو القالب الشكلي الذي إحتوى مضمون  القصتين معاً. فثمة رجل في المنزل يتابع بشوق فيلم ( فجر الإسلام ) لمخرجه المعروف صلاح أبو سيف، وهو من بطولة محمود مرسي وسميحة أيوب عندما كانت إمرأة حسناء تطفح بالأنوثة والشبق والإغراء. وربما كانت القبل الحرّى التي يطبعها محمود مرسي على شفتيها المكتنزتين هي التي دفعت هذا الرجل لأن ( يغتصب ) جارتهم فاطمة التي جاءت لتصنع أقراص الخبز لطفليها اللذين لم يأكلا منذ يومين. ولأن والدة هذا الرجل غير موجودة في المنزل فقد تهيأت أمامه سانحة الحظ التي لن تتكرر إلاّ لماما. لهذا أقدم على إغتصاب فاطمة بعد سقط في فخ الإغراء، وبالذات حينما حينما كشفت فاطمة عن ذراعيها البيضاوين، فهاجت في أعماقه كل الغرائز الشرهة، فطرحها على الأريكة، وجردها من ملابسها، وبدأ ( يلهث فوقها مثل كلب ظل يركض يوماً كاملاً ). هذا الحدث يتكرر كثيراً في حياتنا اليومية، وليس فيه ما يلفت الإنتباه، ولكن المقترب، وطريقة التناول، وزاوية النظر، وبنية النص ( المتقابلة ) هي التي منحت القصة قوتها، وفرادتها، وتميزها. فعندما تنحني فاطمة لكي تلصق أقراص العجين بباطن التنور المعدني تبرز إنحناءات جسدها الأنثوي المثير. في اللحظة ذاتها نشاهد لقطة للفنانة الحسناء سميحة أيوب وهي تصلي مُرتدية ملابس بيضاء مثيرة جنسياً. وهكذا تتكرر اللقطات المتقابلة التي تزيد من هيجان الرجل المستثار فلم يجد بداً من الإنقضاض على فاطمة التي كانت تحدق بذهول إلى حذاء محمود مرسي الذي سحق رأس سمحية أيوب وهي تصلي، ثم تختل الصورة، وتظل فاطمة تنظر بذهول إلى هذا الخف الذي يسحق الرأس الجميل لسميحة أيوب وهي تصلي بعد أن أسلمت من دون أن تأخذ أذناً من ( شيخ القبيلة ) محمود مرسي. ثم تظهر المذيعة الحسناء وكأنها تعتذر خصيصاً لفاطمة من الخلل الفني، وتتمنى للمشاهدين مواصلة الإستمتاع بفيلم ( فجر الإسلام !).
• مفهوم الإستجابة النفسية

يؤكد الناقد جيروم ستولينتز في حديثه عن مفهوم ( القدرة أو الإمكان ) في نظرية ( النسبية الموضوعية ) فيقول:  إن( القيمة الجمالية تُعرف بـأنها قدرة الشيء أو قوته على إحداث نوع معين من الإستجابة الجمالية في المشاهد القادر على هذه الإستجابة. ) (9). إن الذي يقرأ قصة ( الحقيبة ) سيستجيب إستجابة جمالية من دون شك. فالراوي الذي كان يجلس إلى جوار ( أخيه الأكبر ربما ) ويدغدغ باطن قدمه، ويشاكسه في أثناء قيلولته، ويفتش بمحتويات حقيبته التي تحتوي على ( الرائحة المحبوسة والمتخثرة لحياة مؤجلة ) في الحقيبة أشياء ولوازم عديدة، ولكن أهمها هو الدفتر البني الذي يسجّل فيه ذكرياته مع أصدقائه في جبهات القتال. وتشكل هذه الذكريات والإسترجاعات مادة قصته الأساسية. فمن خلاله نعرف أن صديقه محمد كشاش قد إستشهد في قاطع الطيب. وفي الدفتر ذاته تصف لنا هذه المذكرات كيف إحترق رئيس العرفاء السائق حميد كاظم في دبابته في قاطع الفاو بعد أن إخترقها صاروخ تاو، تاو، وحوّلها إلى تنّور محكم الإغلاق! وفي نهاية الدفتر نرى رسماً صغيراً لحمامة تبدو وكأنها نقطة، صغيرة، نائية جداً، توغل في فضاء بعيد. ثمة طائرة، ممدودة الجناحين تظهر مرسومة على سطح الحقيبة النيلي، تلعب دوراً مهماً في تحفيز مخيلة القارئ إلى الأحلام الكبيرة التي كانت تراود صاحبها، وتسهم إلى حد ما في تأثيث المشهد العام لهذه القصة.
في قصة ( ما قلته لـ " لولي " عن العالم السفلي ) يتداخل الواقع بالوهم، وتمتزج الحقيقة بالحلم، ويتماهى المرئي بالمتخيل. فعنوان القصة يوحي بالدليل الدامغ بأن الراوي الذي يتحدث بصيغة المتكلم هو أحد نزلاء العالم السلفي، أو أن جمرة الألم التي إشتعلت في أسفل ظهره بسبب إنغراز شظية حامية نجمت جراء الإنفجار المدوّي، وأفضت به إلى المستشفى العسكري الذي يُعد مقابلاً موضوعياً معقولاً للعالم السفلي، أو أن الحياة برمتها في العراق خلال حروب الخليج العبثية الأخيرة قد تحولت إلى مجرد عالم سفلي لا غير. ومع ذلك فإن القاص نعيم شريف إستطاع أن ينتشلنا من قساوة الحياة وخشونتها في هذا العالم السفلي حينما إستحضر لنا من خلال بنية قصصية مقنعة شخصية ( لولي ) التي تعمل ممرضة في قسم العلاج الطبيعي ليسرد لنا من خلال هذا اللقاء قصة حب مقموعة لم يفصح عنها الطرفان إلا بإشارات خفرة، صامتة، خرساء، يعتورها الخجل الإجتماعي، لكن هذه القصة الآن بدأت تنفّس عن مكنونها، إذ بدأ يحس برائحتها، ويمعن النظر في مفاتنها، ويحدق إلى قامتها شاهقة الطول، ولكن بعد فوات الأوان. فهو لم يستطع أن يكاشفها حينما كان شاباً يافعاً، ترى ما فائدة الإفصاح بحقيقة مشاعره الآن، وإبداء إعجابه بثرائها الجسدي ولو سراً، وليس علانية. هي الأخرى ظلت تتابع أخباره، وعرفت من خلال الآخرين أنه كان طالباً في الجامعة، ولهذا فإن سؤالها قد تمحور حول الجانب العاطفي تحديداً مُستفسرة منه إن كان قد أحب خلال سنوات الدراسة الجامعية أم لا؟ ربما تكون عبارة ( منزوعي السلاح ) التي إستخدمتها لولي هي الأكثر قسوة في متن النص حينما أسرّت له أنها إعتادت على رؤية الرجال المرضى، المجردين من ملابسهم، بحكم عملها في قسم العلاج الطبيعي، لكنها أردفت عن قصد أو غير قصد بأنهم منزوعو السلاح! ( يمكن هنا قراءة عبارة منزوعي السلاح قراءة نفسية فيها الشيء الكثير من الطرح السادي حتى وإن كانت غير مقصودة ) وهذا يعني أنهم معطوبون جنسياً بسبب إصابات قاتلة جراء الحروب المتلاحقة. إذا كانت قصة ( لولي ) تحكي عن الموت المجازي في الحياة الحقيقية فإن قصة ( الركض خارج الزمن ) ترصد قسوة الحياة في ظل الظروف الإستثنائية التي لم توفر للمرضى حقنة الهيبارين التي تعالج تخثر دمائهم. وبعد رحلة شاقة، مضنية، مليئة بالترقب يحصل الراوي على هذه الحقنة، ولكن بعد فوات الأوان أيضاً، فأبطال نعيم شريف يركضون فعلاً خارج الزمن الذي لا تنفع معه الإرادة الفردية، وكأنًّ مصائرنا جميعاً هناك تتحكم بها قوىً خفيّة،خارقة، لم نستطع مواجهتها فأجبرتنا على دفع الثمن غالياً. إن نعيم شريف متخصص في رصد اللحظات الحرجة لأبطاله الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة قبل أن تُنتزع أرواحهم من أبدانهم بطريقة مأساوية فيها الكثير من الأسى، والمرارة، والتعسف.
• تصريف الرغبات المكبوتة

 إذا كانت ( بقعة دم ) تحكي قصة المطاردة السرية التي يكتنفها بعض الغموض، وما ينطوي عليه إسم الكتاب ( قصة تجاربي مع الحقيقة ) من معانٍ رمزية، وما يحمله إسم المهاتما من دلالة عميقة، وصراع المدرس مع المدير ( بسبب تغيير الحقيقة ) وإستقالة المدرس في النهاية، وإنهاء القصة بطريقة رمزية أيضاً يمكن أن نقرأها من ( الكف التي إنبثقت منها ثلاثة أصابع مفرودة، ومستقيمة، ومتجه نحو الأعلى والسبابة والإبهام تشكلان دائرة صغيرة، ومكتوب قربها فاس. ) غير أن قصة ( قطرات متصلة بيضاء ) تصور بفنية عالية كيف يتعثر التلميذ في الإجابة على سؤال محدد من قبل أستاذه هو: متى سقطت بغداد بيد المغول؟ وحينما يفشل في الإجابة يصفعه بقوة، فيسقط كتاب التاريخ على حذائه ، ويتبول عليه من دون إرادته، لكنه يسمع رنيناً غريباً للقطرات المتصلة وهي تتساقط على صفحاته السوداء المفتوحة! أما قصة ( أبعاد اللوحة ) فهي لا تخرج عن هاجس المطاردة الذي يهيمن على متن النصوص برمتها، غير أن المطاردين هنا أم وطفل صغير نجدهما نائمين في نهاية المطاف أو مقتولين ( قرب نخلة ينبثق منهما شعاع، أو ينزل عليهما شعاع، مثل بعد رابع للوحة لم تكتمل! ). تتميز القصص الثلاث الأخيرة ( خطى الملاك )، ( نداء بعيد )، و ( قلق الروح ) بأجوائها الغامضة نسبياً، ومرّد ذلك لأنها تعتمد على بنية ( البوح ) التي لا توفر إلاّ نزراً بسيطاً من النفس السردي غير المحبوك الذي لا يستطع أن يشد القارئ، أو يأخذ بتلابيبه. فقصة ( خطى الملاك ) تتعمد خلق الفضاء الضبابي لكي ينسجم مع عزلة ( رجل البلاط الملكي ) الذي يعيش حياته الخاصة، بصحبة السيّاف عاتي العبد متأملاً، ومنتظراً أخباراً محددة تفده من الشيخ ثويني الذي رفض إبلاغه بخبر وفاته إلا بعد إثنين وأربعين يوماً! كل الذي تقدمه القصة أن الراوي الذي دخل البلاط الملكي ونقل هذا الخبر، قال: ( قمت تاركاً إياه ينظر تلك النظرات الخرساء  الغائبة التي رأيتها قبلاً في عيني الشيخ ثويني وهو يحتضر وأنا أسمع وقع خطاي تطرق بلاط الرواق الخالي محاولة الخروج من أسوار القصر. ). بينما في ( نداء بعيد ) ثمة قصة حب، وإنشداد، وتوتر، لكن ( سليماً ) يقرر الهجرة إلى بلد بعيد بالرغم من إرتباطه الروحي بالفتاة التي أحبها ولم يعد بمقدوره أن ( ينسى ذلك الزغب الذهبي على خديها ) فالهجرة، بالنسبة إليه، قرار لا يمكن تغييره. القصة الأخيرة ( قلق الروح ) التي إختتم بها المجموعة لا تقدم لنا بنية محبوكة لكي تنسجم مع تهويمات أبطالها بدءاً من الراوي، ومروراً بشادمان، وإنتهاءً بالأخ محمد الصغير. ربما تتضح معالم النزول إلى العالم السفلي مجازياً في منتصف القصة تماماً عندما تشرع شادمان ومحمد الصغير بالنزول من قمة الجبل إلى سفوحه ووهاده للبحث عن أبيها ( الطائر الوحيد الضال ) بين الموتى، ولكنها تكتشف بالمصادفة وجه صديقتها ومعلمتها ( باكيزا ). . . ثم تتفوّه بجملة شعرية معبّرة ( وحدَّهم الألم، واللون الأزرق، وعطر التفاح ) وأحست بأن شيئاً ما يموت في داخلها، ( ولم تعد ترى شيئاً. صارت عمياء، وجزء من عالم أعمى. ).
• خلاصة

نخلص إلى القول إن كل عمل فني له حياته الخاصة، وكينونته المتفردة، وأهميته الباطنية المتأتية من وحدته العضوية الناجمة عن بنية حيوية، فعالة تنشد الموضوعة الجمالية لذاتها، وتؤثر في الآخرين. وفق هذا المقترب الجمالي الذي يركز على الشكل والمضمون معاً يمكننا قراءة المنجز القصصي لنعيم شريف بوصفه موضوعات ( إستيطيقية ) مكتفية بذاتها، وليست كوثائق نفسية يمكن معالجتها من خلال الرجوع إلى بعض معطيات النقد السياقي الذي يبحث في الأس السايكولوجي كما يذهب سيجموند فرويد وكارل غوستاف يونغ وغيرهما. هذه قراءة أولية في المنحى الجمالي لقصص ( عن العالم السفلي ) لنعيم شريف أتمنى أن تفتح شهية المتخصصين في النقد الإستيطيقي لدراسة هذا النمط الأدبي المثير، آخذين بنظر الإعتبار أن النقد وسيلة لتفسير العمل الفني، والكشف عن علاقاتة الداخلية المتشابكة، والبحث في أسرار نجاحه أو فشله، وليس هو غاية في حد ذاته، منوّهين على الدوام بأن الأحكام النقدية مهما كانت رصينة فأنها تظل عرضة للتبدل والتغيير بين آونة وأخرى.

 * مراجع وإحالات

1- أيون في محاورات إفلاطون: ترجمة جويت (N.Y.House,1937)1,289
2- Albert.R chandler.:Beauty and human nature (N.Y,Appleton-Century,1934(.p 194.
3- T.Ribot: Essay on the Creative Imagination.Trans.Baron( Chicago,Open Court,1905)p.58
4- Albert.R chandler.:Beauty and human nature (N.Y,Appleton-Century,1934(.p 338.
5-ستيفن سبندر: ( عمل قصيدة ) في كتاب نشره ستولمان بعنوان: ( أعمال ودراسات نقدية ) Critique and essays in Criticism N.Y.Ronald,1949) p.28
6-A.E.Housman: The Name and Nature of Poetry. ( N.Y.Macmillan, 1933 ) p.49.
7- T.Ribot: Essay on the Creative Imagination.Trans.Baron( Chicago,Open Court,1905)p.163.
8-Jerome Stolintz: Aesthetics And philosophy of Criticism. Houghton Mifflin Co,Boston.1960.p.131.
9-Ibim.p.650.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي نجم والي يتحدث لـ(الحوار المتمدن) الكاتب ليس كائناً ...
- إحتجاجاً على الموقف المتخرّص، والمدلّس لإتحاد الأدباء والكتا ...
- الشاعر السوري حسين حبش لـ - الحوار المتمدن
- الشاعر محمد أمين بنجويني لـ - الحوار المتمدن
- فحيح النزوات المنفلتة
- ذاكرة الأسلاف
- المخرج السينمائي سعد سلمان ﻟ - الحوار المتمدن
- هواجس عمياء
- مشروع ترجمة قصص عراقية إلى اللغة الهولندية
- الشاعر غيلان ل - الحوار المتمدن
- المغنية والملحنة العراقية إنعام والي ل ( بلاد الرافدين )- لا ...
- الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن
- المخرج فؤاد جلال في إطلالته الجديدة. . من البنفسجي إلى الأسو ...
- محمد الأمين في ديوانه الأول - فوانيس عاطلة أيامه -. . . صور ...
- قصائد باسم فرات. . . بين تقنية النص المفتوح وبنية التبئير
- تمظهرات الجانب الديونيسي في تجربة الفنان علي طالب: وجوه تتفا ...
- الفنان ستار كاووش في معرضة الشخصي الثالث عشر: بين التكعيبية ...
- علامات - في عددها الأول . . شجرة واحدة لا تصنع ربيعاً، ونجمة ...
- ما مصير النساء الكرديات اللواتي أُجْبِرنَ من قبل النظام البا ...
- ندوة ثقافية عن مجلة - أحداق - في إطلالتها الأولى


المزيد.....




- فتاة بيلاروسية تتعرض للضرب في وارسو لتحدثها باللغة الروسية ( ...
- الموسم الخامس من المؤسس عثمان الحلقة 158 قصة عشق  وقناة الفج ...
- يونيفرسال ميوزيك تعيد محتواها الموسيقي إلى منصة تيك توك
- مسلسل قيامة عثمان 158 فيديو لاروزا باللغة العربية ومترجمة عل ...
- مدينة الورود بالجزائر تحيي تقاليدها القديمة بتنظيم معرض الزه ...
- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - جاذبية المخيّلة الجمالية وبنية النص بوصفة ( وثيقة نفسية ) في قصص نعيم شريف