أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - الشاعر محمد أمين بنجويني لـ - الحوار المتمدن















المزيد.....

الشاعر محمد أمين بنجويني لـ - الحوار المتمدن


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 696 - 2003 / 12 / 28 - 04:48
المحور: مقابلات و حوارات
    


• حاوره: عدنان حسين أحمد/ ووبرتال – ألمانيا
• الشاعر محمد أمين بنجويني لـ ( الحوار المتمدن )
- الصورة هي الأساس في بنية النص الشعري
-  جددتُ الدماء في كثير من المفردات الكردية المنسية، وأعدتها إلى سوق التداول

بدأ الشاعر والقاص الكردي محمد أمين بنجويني مشروعه الأدبي في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، إذ نشر العديد من قصائده وقصصه القصيرة في الصحف والمجلات الكردية آنذاك، غير أن انغماسه السياسي في حركة اليسار العراقي منذ وقت مبكر كان السبب في انحسار نشاطه الأدبي في عقدي الخمسينات والستينات، ولكنه انتبه إلى غيابه من المشهد الإبداعي قبل فوات الأوان، فعاد إلى رهط الشعراء ليواصل مسيرته الإبداعية، فأصدر ديوانه الأول ( الجبال بساط للأطفال ) ثم توالت مجموعاته الشعرية الأخرى فأصدر ( رعشة النجوى والمنال ) وتلاه بديوان آخر اسمه ( عندما يغدو التراب هيموغلوبين ) وقد كتب كل قصائد هذا الديوان بعد حملة الأنفال، وتهجير الشعب الكردي، وتهديم قراه، ومحاولة تشويه الملامح القومية والثقافية له. ثم أصدر ديوانه الرابع ( المحور ) بعد سقوط جدار برلين مباشرة، وتشييع حلم المعسكر السوشيالستي. ولديه ديوان خامس بعنوان ( صحراوي ) الذي يعد نموذجاً من نماذج مأساة العصر الحديث، إذ تتناول إحدى قصائد هذا الديوان مأساة الطفل المؤنفل ( تيمور ) الذي نُفي إلى صحراء عرعر، وعاش مع عائلة بدوية، ثم عاد إلى أحضان قريته بعد فترة طويلة. كما صدر له كتاب نقدي بعنوان ( الأسود والأبيض ) وهو عبارة عن مجموعة من المقالات النقدية والسياسية والاجتماعية كان قد نشرها في صحف ومجلات كردية متفرقة. ويعكف منذ عشر سنوات تقريباً على تأليف كتاب مهم بعنوان ( تاريخ الانتفاضات الكردية ) التي بدأت منذ انتفاضة شيخ سعيد بيران في كردستان تركيا إلى تاريخ الحركة الكردية في أيلول عام 1961. كما عمل الشاعر محمد أمين بنجويني في الصحافة الكردية لمدة طويلة من الزمن. ومن بين الصحف والمجلات التي اشتغل فيها هي ( هاوكاري )، (كاروان )، ( بيان ) و ( الكاتب الكردي ). وبمناسبة حضوره لمهرجان المسرح الكردي الثالث الذي أقيم في مدينة ووبرتال الألمانية إلتقيناه على هامش المهرجان، ودار بيننا الحوار التالي:

• ألا تعتقد أنك موزّع بين كتابة الشعر والقصة القصيرة وكتابة المقال النقدي والسياسي والدراسة التاريخية. ألا يؤثر هذا التشتت على الجنسين الأدبيين وهما الشعر والقصة القصيرة اللذين يُفترض أن تنقطع لهما، وتكرّس لهما جزءاً كبيراً من وقتك؟

- لا شك أن هذا التوزّع يؤثر كثيراً على الاهتمام الأساسي لي وهو الشعر والقصة القصيرة. سأروي لك حادثة. في سنة 1959 نُظّم مهرجان ( أنصار السلام ) في بنجوين، فحضره نخبة من المثقفين والسياسيين، وبضمنهم الشاعر الكردي الكبير كوران. وعندما قرأت بعضاً من قصائدي أمام ذلك الجمهور الكبير، قال لي كوران بالحرف الواحد ( ينبغي ألا تنغمس في أي عمل آخر غير الشعر ) لكنني مع الأسف ( لم أسمع كلامه ) ولم آخذ بنصيحته، فتوزعت بين الشعر والقصة والنقد والسياسة ولا أخفيك فأنا أعتبر نفسي شاعراً سياسياً، وليس سياسياً شاعراً، ولكنني أضع الشعر في مقدمة اهتماماتي، وهو القضية الأولى والأخيرة في حياتي. حتى هذه اللحظة مازلت منغمساً بالشعر، ومنقطعاً إليه.

• لقد كتبت الشعر في بداية الخمسينات من القرن الماضي، هل تتذكر الشرارة الشعرية الأولى التي إنقدحت في أعماقك؟ ترى ما الذي انتابك خلال مخاض النص الشعري الأول الذي أشّر على حضورك كشاعر كردي يعد بالكثير؟
- أنا ولدتُ وترعرعتُ في قضاء بنجوين. وهذه المدينة، كما في أغلب المدن الشمالية الأخرى، فيها طبيعة جميلة خلاّبة من جبال ووديان وأنهار وأشجار وأعشاب. في هذه الطبيعة الساحرة لابد أن تجد نفسك مدفوعاً لحبها، ومشدوداً إلى جمالها وروعتها. فجأة اكتشفت بأنني أميل إلى الشعر أكثر من الأنواع الأدبية الأخرى، ربما لأنه يستطيع التعبير عن مشاعري الإنسانية الحقيقية تجاه الناس والحياة. ومنذ بداية حياتي الشعرية وحتى الآن، أي بعد أن أصدرت أربع مجموعات شعرية، وانغمست في العمل السياسي لسنوات طوال إلا أنني أتعامل مع الناس شعرياً، وهذا لا يفسد لتوجهي السياسي قضية. أنا إنسان بسيط ومتواضع منذ طفولتي وحتى الآن على الرغم من عملي في السياسة وتدرجي فيها إلى مناصب رفيعة. هكذا أنا أحب الطبيعة، وأعشق الناس، وأحب الحب، وأعجب بالصداقات الحقيقية بين البشر. أظن أن إنساناً بهذه المواصفات لابد أن يكون شاعراً أو فناناً كي يتناسب مع الرقة التي هو عليها. المشكلة أن كل ما يفعله الشعب الكردي فيه شيء أو أشياء من السياسة بحكم الظروف التاريخية المعقدة التي يعيشها منذ عشرات السنين. تخيّل أن عشرين مليون مواطن كردي في تركيا كانوا لا يستطيعون أن يتحدثوا بلغتهم الأم ( الكردية ) إلا قبل عشر سنوات عندما سمحت لهم الحكومة التركية ( بحق الكلام بلغتهم الأم ). إذاً أن القاص أو الشاعر الكردي الذي يكتب نصاً أدبياً بالكردية لابد وأن يكون فيه شيئاً من السياسة، لأن الكتابة بالكردية هي خرق للقوانين والأعراف التركية. إن الأديب الكردي في العراق حينما كان يتحدث عن كارثتي حلبجة والأنفال في نصوصه الأدبية هي سياسة أيضاً، لأن هذه المقتربات والمحاور محرمة ضمن توجه وسياسة الحكومة العراقية. من هنا أقول لك أن السياسة صارت تجري في عروقنا كما الدم، بل صرنا نتنفسها مع الهواء في كل لحظة. ولا أغالي إذا قلت لك أنها باتت مفروضة علينا، ولا مهرب منها على الإطلاق.

• ألا ترى أن هناك نوعاً من التناقض بين ما هو سياسي جاف ، وبين ما هو ثقافي شفاف، على اعتبار أن المشتغل في الأدب يفضّل أن يعيش في مناخات المخيلة والفنتازيا والأسطورة، في حين أن السياسي يجد نفسه مضطراً لأن يتعامل مع الأشياء العقلية المجردة التي لا تخرج عن إطار المباشرة. كيف تحل لنا هذا التداخل الإشكالي بين الثقافي والسياسي؟
- ماذا تفعل حينما تجد نفسك محكوماً بالإقامة الجبرية. هكذا وجدت نفسي منغمساً في عالم السياسة دون إرادتي، وأظن أن هذا الأمر مفروض على الشعب الكردي برمته. في كلمتي الافتتاحية لمهرجان المسرح الكردي الثالث في مدينة ووبرتال الألمانية قلت إن على المثقفين الكرد أن يبتعدوا عن الأدلجة والقولبة الفكرية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لكي يستثمروا مواهبهم إلى أقصاها، ويشيعوا تجاربهم الأدبية والفنية بين الآخرين بعيداً عن الضغوط والتوجهات السياسية الضيقة.
• هل هناك نوع من التقارب بين تجربتك الشعرية، وتجربة شعراء آخرين من جيلك؟ وهل تعتبر نفسك من جيل الخمسينات لأنك بدأت فيه مشروعك الشعري أم من جيل السبعينات الذي شهد ترسيخ اسمك، وذيوع نتاجاتك الشعرية الرصينة؟

- أنا بدأت الكتابة منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي، ونشرت العديد من القصائد في الصحف والمجلات التي شائعة آنذاك. واستمررت في كتابة الشعر، ونشر القصائد في مرحلة الستينات. لكن ظهوري الحقيقي، وذيوع اسمي، وترسّخ تجربتي الشعرية بدأت في السبعينات. وربما تسأل عن الأسباب التي وقفت خلف تأخر ظهوري الشعري فأقول لك بصراحة أن انغماسي في القضايا السياسية، ومسؤوليات العمل الحزبي، وما نجم عنه من مطاردات وملاحقات كثيرة كانت السبب وراء انحسار تجربتي الشعرية لمدة عشرين عاماً أو يزيد. في سنة 1970 واصلت مشروعي الأدبي، وبدأت بكتابة القصائد والقصص بهمة جديدة، وبإنتاج غزير أعاد لي شيئاً كبيراً من مكانتي الأدبية التي انحسرت في وقت من الأوقات، لذلك فأنا أعتبر نفسي من جيل السبعينات اعتماداً على الحضور القوي في المشهدين الشعري والقصصي الكرديين.
• ما هي الموضوعات الشعرية التي تجد نفسك منغمساً فيها، وتضطرك للكتابة عنها؟ وهل لديك طقوس محددة في كتابة الشعر والقصة القصيرة؟
- الحقيقة أنا لا استطع أن أحدد الثيمة التي أريد أن أكتب عنها سواء في القصيدة أو في القصة القصيرة. ربما أستطيع أن أحدد الموضوع في المقال النقدي أو السياسي بسهولة، لكن الموضوع الشعري أو القصصي يأتيني بغتة، ويفاجأني ولا أجد بداً من الانغماس فيه وتفريغه على الورق. الأفكار التي تفرض نفسها عليّ غالباً ما تكون وجدانية، لها علاقة بمشاعري وأحاسيسي الداخلية. القصيدة هي الأقدر على التعبير عن معاناتي أو مشاعري. وأنت تعرف جيداً حجم معاناة الشعب الكردي الموزع بين أربع دول كبيرة يتبارون في اضطهاده أمام مرأى العالم ومسمعه.
• في الشعر أو في القصة القصيرة هل تكتب ضمن الأشكال التقليدية أم أنك تميل إلى الكتابة وفق الأشكال الفنية الحديثة؟ وهل تعتقد أن المضمون هو الذي يحدد الشكل الفني للنص الأدبي؟

- أنا أكتب شعراً حراً، ولم أكتب الشعر الموزون والمقفى. أما في القصة القصيرة فأنا أحاول أن أكتب بطريقة سردية مركزة، ولذا تجدني في قصصي أستخدم صوراً شعرية كثيرة. وربما يأتي هذا التركيز لأنني أستخدم أو أعوّل كثيراً على الصورة الشعرية في قصائدي لأنني موقن تماماً بأن الصورة الشعرية هي الأساس في بنية النص الشعري، ثم تأتي الموسيقى الداخلية، ويليها الإيقاع الخارجي وما إلى ذلك من خصائص ومكونات القصيدة المعروفة. إن شكل قصيدة النثر هو شكل حديث من دون شك، وهذا يعني أنني لا أميل إلى الأشكال القديمة التي تجاوزها الزمن.
• في قصيدة ( صحراوي ) هل تقمصت شخصية الطفل الكردي تيمور أثناء كتابة النص الشعري؟ ولماذا كتبت هذا الموضوع قصيدة. ألا تعتقد أن القصة كشكل أدبي سردي أفضل لاحتواء هذا الموضوع أو التعبير عنه بشكل أفضل من القصيدة؟

- فعلاً عندما كتبت هذه القصيدة اعتبرت نفسي ذلك الطفل الكردي المؤنفل الذي قادته المصادفات إلى تلك العائلة البدوية في ( عرعر ) ترى أية مصادفات غريبة تقود مصير هذا الطفل المسكين من كردستان الخضراء إلى الصحراء القاحلة بحيث يصبح راعياً للإبل، ويبقى معلقاً بين الأرض والسماء، ولا يعرف إلى أين تقوده المقادير؟ البعض من النقاد أنصفوا هذه القصيدة، وأعطوها حقها وقالوا أنها استنطقت معاناة هذا الطفل البريء الذي راح ضحية البرابرة الجدد. قبل سنتين أقام معهد الدراسات الكردية في برلين ندوة عن الأدب الكردي حضرها عدد كبير من الشعراء والقصاصين والنقاد الكرد. وعندما قرأت هذه القصيدة ( صحراوي ) أجهش الحاضرون بالبكاء. وقال عنها شعراء ونقاد كرد معروفون أمثال د. فرهاد شاكري ومحمد سعيد حسن أن هذه القصيدة عبرت بشكل فني دقيق عن معاناة الكرد قاطبة، وليس عن معاناة ( صحراوي ) لوحده. كما ذهبوا إلى القول بأنني قلّبت فيهم المواجع ، وأثرتها من جديد. أما لماذا كتبت هذا الموضوع على شكل قصيدة، وليس على شكل قصة فأقول لك ببساطة أن الموضوع جاءني هكذا، ولا أدري لماذا لم أكتبه على شكل قصة رغم توفر المعطيات السردية فيه.

• جيل الشعراء الشباب يؤكدون حضورهم في المشهد الشعري الكردي. ما هي الأسماء الشعرية أو القصصية الكردية التي لفتت انتباهك وتعتقد أنها ستكون ذات شأن في المستقبل القريب؟
- هناك أسماء أدبية شابة كثيرة في كردستان تلفت الانتباه مثل كزال أحمد، وقوباذ، وسعد الله بروش، ولطيف هلمت الذي أعتبره شاعراً متمرداً، ولعب دوراً مهماً في تجديد الشعر الكردي.
• هل تعتقد أن التجربة الأدبية الكردية قد أفادت من الأدب الأوربي. أعني هل استطاع الأدب الكردي أن يتمثل ويفيد من بعض التجارب الأدبية المهمة لجيمس جويس، وفوكنر، وهمنغواي، وفرجينيا وولف، وروبرت موسل، وغينسبرغ، وفرلنغيتي وعشرات الأسماء الأخرى؟ هل تعتقد أن هناك نوعاً من التلاقح بين الثقافتين الأوربية والكردية؟

- لدي رأي مختلف عن بقية الأصدقاء وهو أننا قد اطلعنا على الأدب الأوربي من خلال التراجم العربية أو الفارسية، غير أنني أرى أن تلك التراجم كانت مشوّهة بشكل عام. في كوردستان العراق لدينا الكثير من المثقفين الكرد معجبون بقصيدة ( الأرض الخراب ) للشاعر ت. أس . إليوت، غير أن هذه الترجمة كانت مشوّهة وناقصة، ولكنها مع ذلك أحدثت نوعاً من التأثير لدى القراء والمثقفين الذي اسميه تأثيراً ناقصاً ومشوّهاَ وغير أمين. ترى هل نسمي هذا التأثير سلبياً؟ البعض من الشباب كانوا يقلدون جيمس جويس وإليوت بشكل غير أصيل. ومع ذلك فإن هذا التقليد قد شكّل تياراً أدبياً في كردستان. الآن نرى ترجمات جديدة، مغايرة، تختلف عن الترجمات التي كنا نقرأها في السابق. نعم، تأثرنا بالأدب الأوربي كثيراً سواء في الشعر أو في القصة أو في الرواية، على الرغم من أن الرواية الكردية ما تزال طفلة تحبو، وتحتاج إلى المزيد من العناية والاهتمام.

• لقد سبقتني في الحديث عن الرواية الكردية. إذ كنت أريد أن أسألك: متى بدأ الكتاب الكرد بكتابة الرواية الحديثة؟ هل هناك فعلاً روائيون كرد يشكلون حضوراً واضحاً في المشهد الثقافي الكردي؟ وهل نستطيع أن نقول إن هناك رواية كردية، آخذين بنظر الاعتبار أن خسرو الجاف قد قال عن هناك ( 16 ) رواية كردية نُشرت حتى عام 1994 علماً بأن خمس روايات منها تعود لخسرو الجاف نفسه؟
- نعم، هناك رواية كردية، ولكنها ما تزال في البداية. وأنا أعتقد أن الرواية الكردية التي بدأت بشكل فني هي رواية ( المدينة ) لحسين عارف. ثم جاء بعده عدد من الروائيين الكرد أمثال محمد مكري. أما في القصة القصيرة فنحن لنا جذور عميقة. وقد لعب حسين عارف دوراً كبيراً في شيوع هذا النوع الأدبي، وقد رسخه الأدباء القصاصون الذين جاءوا بعده.

• ماذا تقول بشأن الكتاب الكرد الذين بدأوا يكتبون بلغات أوربية؟ هل تعتقد أنهم سيعرفون بالأدب الكردي، أو بالهواجس التي تستوطن مخيلة الكائن الكردي، أم أنهم يكتبون عن أجواء وفضاءات مستوحاة من الأجواء الأوربية؟
- إن محاولاتي في معهد الدراسات الكردية في برلين تنصب في رغبتي في خلق أو بث فكرة مفادها أننا يجب أن نخلق أدباً كردياً في المنفى. غير أن هذا الموضوع ما يزال في بدايته. إن بعضاً من الأدباء الأصدقاء أمثال نامو عزيز قد كتب رواية باللغة الألمانية. وهناك أدباء ومثقفون كرد كتبوا قصصاً بالألمانية أيضاً، لكن هذه الكتابات لم تشكل تياراً أو ظاهرة ثقافية بعد. وأنا أعتقد أن هؤلاء الشباب يكتبون أشياءً يومية عابرة، وليست تحفاً أدبية تلفت الاهتمام. ومع ذلك فإنها بدايات جيدة، وأنا أشجعها. وعلينا في الوقت ذاته أن نفهم هذه الشعوب التي نعيش بينها، ونوصل لها معاناتنا شعب كردي مضطهد. شعب له تاريخ وحضارة وثقافة، ويستحق أن يعيش حاله حال الشعوب الأخرى التي تتمتع بحقوقها الطبيعية.
• كيف تعامل النقاد الكرد مع تجربتك الأدبية تحديداً. هل أنصفوا منجزك الأدبي على صعيدي الشعر والقصة القصيرة؟
- أنا لا أريد أن أكيل المدح لنفسي، ولتجربتي الأدبية، لكنني أقول إنني كنت محسوباً على ( أدب المقاومة )، ولا أكتمك سراً إن قلت إنني كنت انتظر الموت في أية لحظة بعد نشر أية قصيدة من قصائدي آنذاك. ولا أريد أن أقول بأنني كنت جريئاً، ولكنني أيقنت في لحظة معينة أن موت ( 5,000 ) إنسان كردي بريء خلال خمس دقائق في حلبجة هو أمر مرعب، فماذا يعني أن يموت إنسان آخر مثلي لكي ينضاف إلى هذا العدد الكبير؟ وفيما يخص رصد النقاد لتجربتي الأدبية في الشعر والقصة القصيرة أقول إنني كنت محظوظاً، وفي موضع اهتمام النقاد لأسباب كثيرة منها أنني كنت معنياً بإحياء المفردات الكردية المنسية، بحيث جددت الدماء في الكثير منها، وأرجعتها إلى سوق التداول الأدبي، وهذا ما أشار إليه النقاد الذين أحب أن أسميهم بأسمائهم مثل الأستاذ كمال غمبار، ومحمد ملا كريم، ود. كامل بصير الذي كان منشغلاً بكتابة دراسة طويلة عن تجربتي الشعرية، لكنه مع الأسف توفي قبل أن يكملها. البعض الآخر اعتبروني شاعراً مجوّداً لأنني كنت أهتم بالصورة الشعرية في القصائد التي أكتبها على اعتبار أن الصورة الشعرية هي الأساس في بنية النص الشعري. وهذا الاهتمام بتجربتي الشعرية لا يعني خلوها من النواقص أو الملاحظات السلبية فقد كتب البعض الآخر من النقاد عن عدم تناغم الموسيقى الخارجية مع الإيقاع الداخلي وغيرها من الملاحظات النقدية التي أضعها في محط اهتمامي دائماً.

• لديك كتاب تحت الطبع بعنوان ( تأريخ الانتفاضات الكردية ) ألا تعتقد أن هذا الموضوع كبير بمكان بحيث أنه يحتاج إلى جهود مؤسسة ثقافية كاملة لكي تفي هذا الموضوع الكبير حقه. ألا تعتقد أن الجهد الشخصي للفرد مهما عظُم وكبُر ليس كافياً لتناول موضوع كبير وواسع كتاريخ الانتفاضات الكردية؟

- أنا أتفق معك إن هذا الموضوع واسع وكبير جداً، ولكنني ينبغي أخبرك بأنني كنت منشغلاً بهذا الموضوع منذ عشر سنوات، وهي مدة طويلة كما ترى. وقد حاولت أن أدرج مذكراتي الشخصية، وأعني بها نشاطاتي السياسية ضمن هذا المشروع. لقد عشت أحداثاً كبيرة، والتقيت بأناس سياسيين من مختلف الأحزاب والشرائح الاجتماعية، كما جمعتني لقاءات كثيرة بمثقفين كرد عراقيين وغير عراقيين، استقيت منهم معلومات مهمة. وأنا أسعى الآن للحصول على مصادر ومراجع كثيرة أحتاجها لمتن البحث الذي أشتغل عليه بالرغم من أن الحصول على المراجع والوثائق عملية شاقة في أوربا. ومع ذلك فإن هذا الكتاب هو محاولة أو خطوة في طريق الألف ميل.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فحيح النزوات المنفلتة
- ذاكرة الأسلاف
- المخرج السينمائي سعد سلمان ﻟ - الحوار المتمدن
- هواجس عمياء
- مشروع ترجمة قصص عراقية إلى اللغة الهولندية
- الشاعر غيلان ل - الحوار المتمدن
- المغنية والملحنة العراقية إنعام والي ل ( بلاد الرافدين )- لا ...
- الشاعر سركون بولص ل - الحوار المتمدن
- المخرج فؤاد جلال في إطلالته الجديدة. . من البنفسجي إلى الأسو ...
- محمد الأمين في ديوانه الأول - فوانيس عاطلة أيامه -. . . صور ...
- قصائد باسم فرات. . . بين تقنية النص المفتوح وبنية التبئير
- تمظهرات الجانب الديونيسي في تجربة الفنان علي طالب: وجوه تتفا ...
- الفنان ستار كاووش في معرضة الشخصي الثالث عشر: بين التكعيبية ...
- علامات - في عددها الأول . . شجرة واحدة لا تصنع ربيعاً، ونجمة ...
- ما مصير النساء الكرديات اللواتي أُجْبِرنَ من قبل النظام البا ...
- ندوة ثقافية عن مجلة - أحداق - في إطلالتها الأولى
- أحداق - فضاء للمخيلة المجنّحة، ومنبر لصياغة الخطاب الجمالي م ...
- مهرجان روتردام للفيلم العربي
- اجتماع الناصرية وردود فعل الشارع العراقي
- تداعيات إشهار الورقة الصفراء بوجه اللاعب السوري


المزيد.....




- أين يمكنك تناول -أفضل نقانق- في العالم؟
- ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع ...
- بلينكن: إدارة بايدن رصدت أدلة على محاولة الصين -التأثير والت ...
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمارات ...
- أطفال غزة.. محاولة للهروب من بؤس الخيام
- الكرملين يكشف عن السبب الحقيقي وراء انسحاب كييف من مفاوضات إ ...
- مشاهد مرعبة من الولايات المتحدة.. أكثر من 70 عاصفة تضرب عدة ...
- روسيا والإمارات.. البحث عن علاج للتوحد
- -نيويورك تايمز-: واشنطن ضغطت على كييف لزيادة التجنيد والتعبئ ...
- الألعاب الأولمبية باريس 2024: الشعلة تبحر نحو فرنسا على متن ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عدنان حسين أحمد - الشاعر محمد أمين بنجويني لـ - الحوار المتمدن