أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق التميمي - من الضحية المقبلة بعد كامل شياع ؟















المزيد.....

من الضحية المقبلة بعد كامل شياع ؟


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 2394 - 2008 / 9 / 4 - 09:40
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


هل هدأت احزاننا بخسارة كامل شياع وهل نفدت كلمات الندب وعواء الروح؟ وهل اكتفى قاتله الماجور بجريمته ومضى دون ان يفكر بضحية اخرى سيقتنصها؟ أكمالا لمخطط اسياده من المجرمين والمتوحشين الذين يريدون ان تظل هذه البلاد مرتعا للوحوش ومرابطة بعجلة الرعب ومأسورة بزمن الدكتاتورية وظلامية عقائدها وعفونة رائحتها الكريهة التي ازكمت انفوفنا لاربعة عقودة متتالية؟
هل تركت لنا مساحات الصدمة والذهول الكبيرة فسحة للتفكر في امر الجريمة وظروف نجاحها واستنطاق اهدافها القريبة والبعيدة؟
هل ستسعفنا رؤانا الثقافية وبصيرتنا باستشفاف الغيب القادم بتصور ملامح الضحية المقبلة كي نترصد القاتل قبل وقوع جريمة اخرى ضحيتها تنوب عن كل المثقفين العراقيين وتختصر محنتهم وعزلتهم امام وحوش الغابة الجديدة؟
اسئلة كثيرة تدور في ذهني بعد ان نضبت مشاعر الفجيعة وبعد ان حضر الرعب كله منبها ومحذرا كل الذين يرومون الاصطفاف صفا وحدا لرفع رايات التنوير والحرية والسلام ضد فرق الظلامية والجهالة والوحشية.
اسئلة تشكل اجاباته وحلولها موقفا اخر وجديداً يستثير المثقف للانتقال من مواقع كسله ولامبالاته وضعفه الى مواقف اكثر حدة وصلابة تثبت حضوره المهيب وتنبه لدوره المؤثر في الحياة ولربما تكون هذه من فضائل المصائب والنوائب علينا ان احسسنا ادارة هذه المصيبة وخرجنا من دائرة احزانها وعواء نواحها بقدر من الصلابة والوضوح لما مطلوب منا من دور للحد من هذه الجريمة البشعة وتواصلها في هدم مياسم الحياة الجديدة؟
قبل الشروع بالاجابات عن هذه الاسئلة لابد من الاعتراف بامرين احلاهما مر:
اولهما: لاول مرة يشهد فصل النكبات والمصائب للمثقف العراقي هذه الحمى المسعورة من التبكيت والصراخ والرثاء للذات والذي عبرت عنه سيل الرثاءات وقصائد الندب التي اظهرتها الصحف ومواقع الانترنت التي يرتادها المثقف العراقي كاتبا وقارئا، هذه المواقع التي لا اتوقع ان تطأها اقدام البرابرة والتجهيل الذي امروا قاتل كامل شياع بالجريمة.
هذه الكتابات تكشف مدى الصدمة والضربة الموجعة التي تلقتها الاوساط الثقافية عموما وفريق التنوير والديمقراطية خصوصا جراء هذه الجريمة النوعية بالاداء والتنفيذ والغايات.
لان كامل شياع كضحية عزلاء امام كاتم صوتي جبان كان يمثل جميع الضحايا الذين سيتعاقبون بعده واحدا اثر واحد لانه كان نموذجا حقيقيا ومتكاملا للمثقف الوطني والمسؤول في زمن هيمنة منطق الغابة وتحكم وحوشها الضارية وسباعها المفترسة.
ثانيهما: لربما اتاحت هذه الكتابات والعزاءات التي لم تنقطع حتى اللحظة فرصة لتشفي القاتلين وشركاتهم المساهمة في داخل الحدود وخارجها بمجموعة المثقفين المشتتين بالافاق والمتبعثرين في المواقع الذين تجمعهم المصائب وتفرقهم وحدة الموقف وصلابة الرد لهشاشة في بنيوية المثقف ووعي دوره في الحياة كما ورد ت لنا صورة المثقف العراقي من اسلافنا المثقفين الذين كتبوا ادوارهم التاريخية عبر مدونات ثرثرات المقاهي ونواح البارات والمرابطة في زواياأعمدة المجلات الشحيحة القراء بينما وقت الشدائد العصيبة كان المثقف اول الضحايا الذي يلهو به الجلادون والانقلابيون في مكاتب استجواباتهم وبين آلات تعذيبهم الوحشية.
تاريخ كامل لتدجين المثقف العراقي وترويضه وشراء ذمته وسكوته والرضاء بقدره وما متاح له من مساحات في الجرائد والمقاهي والمجلات. والكتب المرخصة بمأذونية الحاكم نفسه ومزاجيته ومباركة شرطة رقبائه.
لماذا هذه الجريمة؟
قبل تحليل او افتراض اسباب لوقوع الجريمة وهي افترضات تقع قطعا خارج اساليب التحقيقات الجنائية وسرديات الرويات البوليسية التي تسعى لكشف ملامح القاتل في نهاية الرواية.
وانما هي قراءة لا تحتاج لعناء وفراسة يمكن التقاطها بيسر وسهولة من بين ما تبقى من الرصاصات الفارغة وبقع الدماء للضحية ونظارته المكسورة حزنا النظارة التي تحكي قصص القراءات الممنوعة والمسموحة لمفكر ومعرفي من طراز كامل شياع.
من كل هذا الاكسسوارات ومفردات الجريمة نستدل على نجاحها بدرجات كبيرة من حيث مسرحها القريب من وزارة الداخلية العراقية وكاتم الصوت وبراعة التنفيذ الذي انهى حياة الضحية بيقين وهروبها من دون ملاحقة ليبقى القاتل وشركاته المؤسسة مجهولا وغائبا ومتفرجا لبكاءانا المر ورثاءاتنا الموجعة.
استغرب للذين يتساءلون عن السبب باختيار كامل شياع هدفا؟ وكانهم باستغرابهم هذا يرمون زيادة غموض المشهد والتدليس على ملامح القتلة الذين لاهم لهم الا تعويق بزوغ الحرية وزهراتها وتعطيل مشروع الديمقراطية وقبر الوعي الوطني وفي كل ذلك ستختنق هذه العصابات والمافيات الاجرامية بعطر المدنية وسيادة المثقف ونوال استحقاقاته من الدولة والمجتمع.
بتطبيق التعارض بين ما يريده القاتل وما يريده المقتول نجد آلاف المبررات ومسوغات لقتله نيابة عن اصدقائه وزملائه من احرار الفكر والمعرفة والموقف من الذين سيأتون بعده.
القاتل يدرك جيدا ان شياع كان الزهرة الشاذة اليتيمة في غابة تتقاتل وحوشها الضارية على مآرب سادتها والعبث بمقدراتها فهذا الصراع الوحشي لا يحتمل مسؤولا غريبا جاء محمولا بتاريخه النضالي وجدارته الثقافية وثقله المعرفي وشعبيته المترامية الاطراف بين كل اوساط الثقافة العراقية وحدودها المترامية على اطلس القارات كلها .
ثم كان كامل درسا شاذا اخر من دروس وعبر التجربة السياسية الجديدة وتجلياتها التحاصصية .
ولربما أزعجت هذه المؤهلات بعضا من الاطراف القابضة على وزارة الثقافة لان كامل شياع كان متوالية غريبة في طاقم حكم الدولة الجديدة بعراقيته ووطنيته وثقافته التي سبقت وتقدمت على شيوعيته وشيعيته وايدلوجيته. وكانه كان يريد ان يرسم أنموذجاً لمثقف عراقي جديد يمازج بين كل هذه الدوائر دون اضطراب او احتراب او توزيع المثقف على قطاعات تنهك دوره وتدمر مكانته لبلوغ تحقيق اهدافه المشروعة في الثقافة والسياسة.
عموما كان القاتل واعيا لحجم ضحيته النوعي لان القاتل يعرف مزايا كامل شياع التي تختصر طريقه وتوفر جهده باغتيال الثقافة العراقية كلها ورموزها التنويرية بجسد كامل وحده.
وكامل تمكن من جانب اخر من تحطيم المسافة الازلية التي تفصل بين المثقف العراقي والسياسي المستأثر بالسلطة والذي يتطلع من علياء هيبته وسطوة نفوذه الى المخلوق الثقافي كنكرة تسحق التدمير والانسحاق تحت (بساطيله) لانه المنافس الوحيد والخصم العنيد الذي يمتلك قدرة التنغيص على مباذخ حكمه والاستهتار بوعوده وتعويق طموحاته اللامشروعة.
ولذا كان المثفق سابقا اما مدجنا ومحكوما بالسيطرة الكاملة على احلامه وهواجسه ومايفكر فيه بخلواته واما صامت او هارب مذعورا من رعب سلطة السياسي الحاكم فاذا توافرت هذه الاسباب كلها عند كامل شياع فأننا نتلمس اشارات الانذار الاولى باعلان معركة طرفاها فريقان متناقضان فريق مع التنوير واليقين بالحريات المدنية واخر يريد الارتكاس بمدخرات الامة الى مهاوي الظلمات التاريخية وسيادة العقائد المتخلفة التي تريد ان تعزل هذه البلاد عن مستجدات الحداثة ونور التقدم الذي يعيشه العالم في كل اصقاع الدنيا.
فالرصاصات الغادرة التي اطاحت بالجسد القتيل هي اعلان الشروع بالماراثون الاجرامي لقتلة غادرين ممكن ان يطال كل افراد الفريق التنويري المسؤول وغاية ما اراده القتلة ايصال موعد البدء بهذه المعركة غير المتكافئة بين الطرفين.
واول نتائج الرسالة أصبح مقعد كامل شياع في مسؤولية الثقافة العراقية شاغرا وبات من الممكن ان يحل محله احد الذين كلفوا القاتل بمهمته الخسيسة وهي اهم نتائج الجريمة الغادرة ومن ثم المضي بعيدا في مشروع المحاصصة البغيض وهو ابشع وجه لحالة العراق الجديد واقبح صورة في مشهد الزلزال الذي اطاح بالدكتاتورية السابقة.
والنتيجة المؤلمة التي لا تقل عن خسارة المقعد الوظيفي لكامل شياع بكل ما يمثله هذه المقعد من توازن بين القوى المتصارعة والمحمية بشبكة من العصابات والحمايات السرية والعلنية، ان كثيراً من مثقفي العراق الوطنيين الغيوريين على مستقبل الديمقراطية ومن الذين ارادوا التقدم خطوة في كسر عزلتهم والثورة على سلبيتهم وتواكلهم ممن انهرسوا تحت انياب ذل الغربة والحرقة من بعد على وطن تنهشه الذئاب المسعورة .
ارادوا حزم حقائبهم والعودة الى الوطن بعد ان تسربت اليهم اخبار امن واستقرار يمكن ان يوضعا حدا لفصل التغرب والبعاد عن الوطن وكان من الممكن فتح صفحة جديدة للمثقف العراقي ومشاركته بالسلطة وتداولها في غياب الدكتاتورية نظام الشمولية المزمن، ولكن عاد المثقفون وركنوا حقائبهم على رفوف غربتهم ريثما تصلهم رسالة اطمئنان اخرى تسبق قتل مروع اخر .
والنتيجة الثالثة عرف القاتل قدرة المثقف العراقي على صناعة احزانه وابتكار نواحاته من خلال تاريخ طويل من اضطهاده وتغييب دوره وقمع صوته وتحطيم مشاكساته. القاتل يتفرج وسيتفرج ونحن نطوي صفحة حزن جديدة بعد ان تهدأ فورات الغضب وتنطفئ جمرات الحزن وتتلاشى مرارة الوجع.
ونعود نتهيأ لرثاء ضحية اخرى محتملة في ظل بقاء الاوضاع على حالها وستطرب اناشيد العزاء وايقاعات الحزن مسامع قتلة الكواتم اذن ماذا نفعل وهل بيد المثقف العراقي من سبيل آخر؟
نعم امامه ان يكون له عشيرة تطالب بدم ابناءها وامامه ان يحول الكلمات المفجوعة الى صراخات احتجاج وسط الشوارع وفي ممرات الدوائر الحكومية وفي حدائق العاشقين ومساطر العمال وكراديس العزاءات المقامة لكامل ومن قبله في ارواحنا وذاكرتنا .
وامامه يعطل الحياة ويشل فعاليتها ليوم واحد فقط اكراما لدماء كامل الغالية والذين سيأتون من بعده والذين من قبله وامامه يوخز النائمين والغافلين عما يدور من حولهم من جريمة وامامه يدعو لحظر التجوال الذي يكون لمناسبات اقل قيمة من قتل مثقف تنويري واهدار دمه بدماء باردة وضغائن متوارثة.
امامنا كل ذلك لكي لاندع القاتل يتشفى بفجيعتنا ويسخر من بكاءانا المر وحسراتنا المتواصلة وحتى لا نسمح له بالمبادرة الجديدة وهو يتهيأ لقنص ضحية جديدة من فريق التنوير والمدنية والسلام .



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو الآخر في وطني وكيف أتعايش معه؟
- مؤتمرات عشائرية
- كامل شياع المطرود من الغابة الوحشية
- علاقتي مع يوسف شاهين
- أسمى التهاني والتعازي
- الفنانة والآثارية والروائية العراقية أمل بورتر: جاء أبي ليحت ...
- ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والم ...
- الجامعة في تلك الايام
- قراءة في كتاب (المرأة في عراق ما بعد التغيير) ترسيم لملامح ا ...
- عنف تتوارثه الاجيال
- عقوق الشعراء
- عرس مائي لكاظم غيلان يؤجل عرسه المنتظر
- بأنتظار بابا نوئيل عراقي
- الحمراني الهارب من اليابسة لتخوم اخرى
- حرائق الوطن الغائبة عن محاورة الشعراء
- السطر الاخير في رواية العائدين والذاهبين من العراق
- مذكرات هاشم جواد ..آعترافات بهزائم مؤجلة
- حوار طويل مع الناقد ياسين النصير
- الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة
- صلاحية نفاد الكتابة


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - توفيق التميمي - من الضحية المقبلة بعد كامل شياع ؟