أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق التميمي - ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والمستشفيات.. مقابلة مع الباحث الانثروبولوجي سعدون محسن ضمد















المزيد.....



ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والمستشفيات.. مقابلة مع الباحث الانثروبولوجي سعدون محسن ضمد


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 11:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تستهويني جرأته وتربطني معه علاقة مودة وتطلع مشترك لوطن خال من دوامات العنف وادواته وابطاله.
يخشى اصدقاؤه ومحبوه من الجرعة الزائدة من شجاعته التي تتضمنها كتاباته ومقابلاته التلفزيونية وأعمدته في الجرائد.
اوجدت في اتاحة فرصة للتعبير عن تلك الشجاعة والجسارة التي تقترب من غايات الرسالة المعرفية والمسؤولية الوطنية وتبتعد عن التهور او المناكدة جزءا من مسؤولية شخصية لايتحملها كاتب لوحده ولا يقوم بمهمتها مثقف دون سواه.
انه الباحث في الانثروبولوجيا والكاتب الاعلامي والمثقف الجسور ((سعدون محسن ضمد)).
كانت بدايتي معه نشري لمقالة نقدية جريئة عن المنظومة الفلسفية والاصول الثقافية لاحد رموزالدين والفكر الذي أقحمته التباس المرحلة وضبابيتها وهشاشتها التاريخية في مدارات من الاسطرة واليوتيبا التي جعلته في مناى عن المساس به او مراجعة ثوابته المقدسة.
استغرب من جرأتي في نشر المقال ولكني وجدت ذلك جزاء من التضامن والتآزر في مشروع ثقافي شجاع يتصدى لمهمة مقارعة ثقافة التجهيل وتسطيح الوعي الاجتماعي وهما اس البلاء في كل ما يعانيه مجتمعنا من ويلات العنف اليومي والخراب الماثل.
كان ذلك بداية مشجعة لان ادعوه مجددا لمقابلة صحفية محورها ((ثقافة الدجل والخرافة)) وتفكيكها وخلخلة عناصرها في مجتمع اوغلت فيه الخرافة وتمكنت سلوكياتها من التحكم باداراته سياسيا وتاريخيا واجتماعيا، لربما يلومني بعض الاصدقاء باستفزاز الجراءة والشجاعة لصديق لا يجد متعته ورسالته الا عبر مقارعة سلطة الخرافة الاجتماعية وتهشيم قواها المستترة والعلنية المتسرطنة في مستويات المجتمع ومختلف بيئاته.
اختصاصه في الانثربولوجيا الاجتماعية ومهنته في الاعلام وولعه الشديد بكتابة الاعمدة اللاذعة والجسورة ومعرفتي الجيدة بأفكاره كلها كانت عوامل تشجيع لان اختاره دون سواه طرفا في مقابلة صحفية محورها الخرافة وغايتها حلحلة منظوماتها الثقافية واليات اشتغالها كان بودي ان يكون للمقابلة طابع اخر اكثر سخونة وحيوية من القاء اسئلة عبر اثير البريد الالكتروني وتلقي الاجابات بنفس الطريقة والاسلوب.
كنت اتمنى ان يكون حوارنا متقاطعا ومولدا لاسئلته من رحم الاجابات ومستوحيا الشجاعة والحزم من جرأة الاجوبة وحزم الردود ووضوحها ولوكان الامر كذلك لاكتسبت المقابلة طابعا من الاثارة والتشويق هذا فضلا عن المنفعة الاعم والفائدة الاكبر ولكن ظهور المقابلة بهذا الشكل هو تعبير آخر مضاف على شكل الازمة التي يعيشها المثقف والصعوبة التي تكتنف المهمة الاعلامية في ايامنا هذه.
هذا هو سعدون محسن ضمد بكل جرأته ووضوح افكاره وتوقه العارم لان يرى واقعه نفض عن نفسه اردية التجهيل وغلالات التسطيح ودخل لبوابات العالم المدني والمتحضر وهي أقصى ما يتمناه المثقفون التنويريون في مجتمع مثل مجتمعنا.
هذا سيناريو المقابلة دون رتوش
ولكني رغم كل ذلك وتلك الصعوبات اراهن على نجاح هذه المقابلة وتحقيق غاياتها المشروعة والنافعة :
حسب قراءتكم للواقع ورصدكم للمشهد الاجتماعي اليومي ...من يحكم واقعنا الاجتماعي ويتحكم بأرادته حاليا سلطة الخرافة والشعوذة ام سلطة العقل والتنوير؟
حتى لو لم أقل لك بأن الخرافة هي التي تحكم واقعنا الاجتماعي فإنني لا أستطيع أن أقول أن العقل والتنوير هما اللذان يحكمانه. خاصَّة وأن العقل العراقي يعاني الآن من تراجع مخيف على صعيد الرؤية التحليلية للواقع أو الوقائع الخارجية. وعندما أقول العقل العراقي فإنني أقصد العقل الغالب أو السائد. فهذا العقل لا يتعامل مع الوقائع بمنطق تفكيك الظواهر إلى أجزائها وإعادة كل جزء إلى سببه الحقيقي. بل هو يتعامل معها ككتلة واحدة ليردها إلى سبب وهمي خيالي لا علاقة له بالواقع.
وهنا اسمح لي أن افتح معك ملفا حساسا طال امتناعنا عن فتحه، وهو ملف السلوك الديني في العراق. ففي العراق لدينا أربعة مراقد مقدسة شيعية تصنف باعتبارها من ضمن أهم المواقع الدينية في العالم. وهناك مواسم كثيرة لزيارة هذه المراقد من قبل المؤمنين حيث تتجاوز أعدادهم المليون زائر، وهذا أمر بحد ذاته طبيعي ولا يحيل إلى غير الأداء الطقوسي الديني المعتاد في أغلب المجتمعات. لكن ومع شيء من التدقيق والتحليل ومراقبة الزائرين سرعان ما تنكشف الكثير من السلوكيات والنشاطات التي تحيل بالتأكيد إلى عقلية خرافية متجذرة ومسيطرة على السلوك الجمعي العراقي.
فمن خلال مراقباتي الخاصة بل واشتراكي في أداء بعض تلك الطقوس أثناء المواسم وجدت أن هناك نسبة قليلة من الزائرين يحجون بدافع التعبد. وغسلاً للأخطاء، تطبيقاً للأحاديث الدينية التي تؤكد أن ممارسة طقوس الزيارة تمحو الكثير من الذنوب. مثل هؤلاء الزائرين يمارسون عبادة طبيعية. وهناك نسبة أخرى لا تكاد تذكر بالقياس للأعداد المليونية، تحج بداعي احترام الشخصيات الدينية التاريخية المدفونة بتلك المراقد. وعرفاناً بالجميل الذي قدمته للإنسانية. أما البقية الباقية من الأعداد الغفيرة للزائرين فتذهب للمراقد المقدسة بداعي (قضاء الحاجات). بمعنى أن منهم من يذهب طلباً للشفاء من مرض، ومنهم من يسعى طلباً للانتقام من عدو أو للنجاح بمشروع أو لإطلاق سراح سجين أو حتى لإنجاح سحر، وهكذا. وهنا تتحول الزيارة من كونها عبادة (بشرية) طبيعية. إلى كونها سلوك ينضبط لمنظومة وعي لا تستند لأقل شروط العمل المنطقي. فمن المعقول أن يؤمن الناس بأن إماماً ما يكون مرضياً عند الله لدرجة تساعد على غفران الخطايا. لكن من غير المعقول أنهم يؤمنون بأن هذا الإمام المدفون في مرقده منذ مئات السنين مسؤول عن شفاء المرضى وإنجاح الأعمال التجارية وتسهيل المعاملات القضائية بل ومسؤول عن الانتصار للمؤمنين به من جميع أعدائهم ومهما كان هؤلاء الأعداء أبرياء ومسالمين وإنسانيين.
هذا ما أقصد بأنه تعبير عن تعامل غير عقلي مع الظواهر الطبيعية. فظاهرة المرض ظاهرة طبيعية يفترض بالعقل أنه يفككها إلى أجزائها ويرد كل جزء إلى سببه، وهذا ما يفعله الطبيب خلال عملية تشخيص المرض. لكن ومع أن الطب يسجل النجاحات تلو النجاحات على الأمراض وطوال آلاف السنين إلا أن بعضاً ممن يؤمنون بالخرافة لا يزالون مصرين على البحث عن شفاء داء السكري مثلاً في أروقة المراقد المقدسة وليس في أروقة المستشفيات.
أنا أقول بأن الملايين من زوار المراقد المقدسة في مجتمعنا العراقي يعاملون تلك المراقد معاملة المستشفيات والمحاكم. لا معاملة دور العبادة فقط. وهذا سلوك ينضبط لمنظومة وعي خرافية.

تطرف وأعتدال
هل ثمة علاقة يمكن تشخيصها بوضوح ومنطقية مابين التحول السياسي الذي حصل منذ خمس سنوات وما بين أنـحسار أو انتعاش ظاهرة التواكلية السحرية وتعميق ثقافة التويم الاجتماعي؟
التحول الذي تشير إليه لم يكن تحولاً سياسياً فقط، بل واقتصادي واجتماعي وحتى نفسي أيضاً. لقد تزلزلت خلال الخمس سنوات المنصرمة الكثير من القواعد والنظم الأخلاقية في العراق، وتحركت باتجاهات شتى ولاءات مجتمعنا ونواظمه السلوكية. والأهم من كل ذلك ظهرت على سطح الوعي الجمعي رواسب فكرية وعقائدية كانت قد اندثرت أو كادت أن تندثر منذ عقود طويلة. وعلى هامش هذا الظهور تصاعدت موجات القتل على الهوية والتصفيات الجماعية وموجات التفخيخ والتفجير.
وهذه الاضطرابات تتعلق وتحرك بلا شك كوامن العقل الخرافي لدى المجتمع، فمما لا شك فيه والذي يتأكد من خلال المرور على تاريخ التحولات الاجتماعية البشرية أن هناك علاقة واضحة بين الكوارث التي تحل بالمجتمعات وبين ميل تلك المجتمعات إلى الإيمان بالخرافة وتصديق كل ما يمكن أن يطمئن النفس البشرية.
على العموم يبدوعلى المجتمع العراقي منذ أحداث 2003 أنه يتنازعه تياران، تيار متطرف (ظلامي تكفيري)، وآخر معتدل (إصلاحي تنويري) ناقم على الأول ويحاول مواجهته بشتى الطرق. وهذا الانشقاق يبدوا أكثر وضوحاً في المشهد السياسي. إذ المشهد السياسي كثيراً ما يمثل السطح الخارجي لكوامن العقائد الاجتماعية. والواقع السياسي العراقي بلا شك منقسم بين تيارين: معتدل ومتطرف.
لقد وفر انهدام مؤسسات الدولة العراقية وخاصَّة الأمنية منها الظرف الموائم لشرائح المجتمع (غير المتعلمة) في أن تتنفس الصعداء وتحاول أن تعبر عن نفسها وذاتها المكبوت عليها أيام النظام الصدامي. وفعلاً تصدرت هذه الشرائح الأحداث واستطاعت أن تجد لها ميداناً تنفس فيه عن مكبوتاتها. وهذا ما أدى إلى أن يتولى الشأن السياسي من ليس له باع في السياسة، والشأن الديني من ليس له علاقة بالدين لا من قريب ولا من بعيد. وهكذا اختلطت الأوراق وضاعت على المجتمع العراقي الحسبة.
ما يهمنا في هذا الإطار هو الجواب على السؤال. إي الوقوف على مدى العلاقة بين أحداث 2003 وبين زيادة أو قلة وتيرة الإيمان بالخرافة والعمل وفق اشتراطاتها.
إن تصدي الشرائح (غير المتعلمة) للعمل السياسي ـ حتى في حال مقاطعتها العملية السياسية ـ ورفعها بمرحلة لاحقة للسلاح وفر بيئة صالحة لأن تطرح هذه الفئات منظومة عقائدها للتناول والتداول. ولأن هذه الشرائح لا تحتكم في تعاملها مع الآخر لمنطق جدلي متحرك بل سكوني ثابت. صار لزاماً على الآخر المتلقي أن يكون مؤمناً بطرحاً أو عدواً بالنسبة لها. ولأن مثل هذا السلوك الإقصائي أحادي الجانب لا يمكن أن يتوافق مع شروط بناء دولة مدنية حديثة. صار لزاماً على هذه الشرائح أن تتمرس بجبهة تواجه من خلالها بقية شرائح المجتمع التي تتمتع بقدر لا بأس به من التعليم. وهذا ما شجع على انقسام المجتمع العراقي لمجتمع مهيأ لقبول الطرح الخرافي وهو المجتمع الذي سيطرت عليه تلك الشرائح وعزلته وراحت تروج لأفكارها (الخرافية) داخله. وآخر ناقم على هذا الطرح ومتردد بين مواجهته، أو مراقبته من بعيد بخوف وترقب.
لكن من المهم في هذا الإطار الإشارة إلى أن سير الأحداث يشير إلى أن الشرائح التي أشرت لها قبل قليل في طريقها لأن تضعف. ليس فقط بسبب إحكام السيطرة عليها عن طريق مواجهتها بالسلاح. بل أيضاً بسبب انكشاف الفساد وفقدان الأمن والتردي الاقتصادي الذي يمكن أن يحدث في حال تمكنت هذه الشرائح من السيطرة على موارد الدولة وإحكام قبضتها على مصادر القرار.
سوق للشعوذة
الساحر بدلا من الطبيب والمشعوذ بدلا من رجل الدين المتنور والرقية السحرية هي وصفة الحلول السحرية للمحبة او الهجر او الخصوبة الجنسية كلها مسارات وسلوكيات لازالت عالقة على مشهدنا الاجتماعي تارة بشكل معلن فج واخرى مستتر كيف تكون وظيفة المهتم بالانثروبولجيا فعالة وسط هذا الهجين المتداخل؟
أهم وظيفة يمكن أن تمارسها الانثروبولوجيا في هذا الإطار أنها تساعد على إعطاء صورة أكثر وضوحاً لطبيعة هذه الظواهر الاجتماعية. الأمر الذي يوفر فرصة سانـحة يمكن استثمارها من قبل الجهات المسؤولة لوضع الحلول. فمن خلال استخدام المنهج البنائي الوظيفي تمكن علماء الانثروبولوجيا من أن يدرسوا الظواهر الاجتماعية غير المفهومة أو التي يبدو عليها أنها بلا معنى، داخل البنية العامة للثقافة، الأمر الذي يكشف عن الدور الوظيفي الذي تمارسه هذه الظواهر وطبيعة الحاجات الاجتماعية التي تشبعها. ومثل هذه الرؤية تساعد على معرفة العمق الحقيقي للظاهرة التي يراد إصلاحها. فمثلاً كان تعامل بعض الباحثن الانثروبولوجيين مع ظاهرة السحر مرتبكا في بداية الأمر، حيث ساد الاعتقاد بأنه مجرد سلوك بدائي يعبر عن عقلية خرافية لا تعمل وفق شروط المنطق الصحيح. لكن ومع تطور علم الإنسان وزيادة عدد الباحثين الميدانيين فيه، تمكن الكثير منهم من إرجاع السلوك (الخرافي) إلى النسق الثقافي الذي يعمل داخله، من أجل فهم الوظيفة الاجتماعية التي يؤديها وطبيعة الحاجات التي يساعد على إشباعها. وعندها أدركوا بأن الكثير من الفعاليات السحرية ما هي إلا ممارسات علاجية (مثلاً). الغرض منها فقط تخليص المجتمع من الأمراض التي تعصف بأفراده. وعلى هذا الأساس لا يمكن إقناع مجتمع ما، يستخدم السحر لأغراض العلاج بارتياد المستشفيات دون توفير المستشفيات الحقيقية من أجل توفير فرصة مناسبة للجماعة لتجرب الفارق الحقيقي بين الطب العلمي وذاك الخرافي. على هذا الأساس فعلى الباحثين الانثروبولوجيين العراقيين أن يفككوا ظاهرة استشراء الخرافة ويرصدوها بشكل جيد من أجل أن يقعوا على جذورها الحقيقية والملابسات التي تجعلها كظاهرة رائجة بشكل كبير. ومبدئياً نستطيع أن نـحدد الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تمارس ضغطاً شديداً على المواطنين الأمر الذي يدفع بهم لأحضان الخرافة والدجل والسحر والشعوذة.
لدينا في العراق الكثير من المفقودين نتيجة لأعمال العنف، وعندما يكون هناك زوج مفقود تمضي على فقدانه ثلاث أو أربع سنوات فمن الطبيعي أن زوجة أو أبناء أو ذوي المفقود وبعد أن استنفاذ الطرق الطبيعية للبحث عن مفقودهم يلجأون للطرق غير المعقولة. مثل البحث عن الكشّاف أو العرّاف. نفس الأمر ينطبق على ظاهرة العنوسة. فالعراق من بين البلدان الأكثر عنفاً الآن وبالتأكيد فان العنف يذهب بأرواح الكثير من الذكور مما يعرض بالتالي الكثير من الإناث للعنوسة وفقدان الفرص المناسبة للزواج. وهذا الأمر هو الآخر يدفع باتجاه البحث عن الكشاف أو العراف أي يجعل سوق الخرافة رائجاً. هذا فضلاً عن أن فقدان الأمن والفقر ظاهرتان تجعلان الإنسان لا يشعر بالاستقرار ومن لا يشعر بالاستقرار لا يمكن أن يفكر بشكل منطقي ويتخذ قراراته بشكل معقول.
محراب الآلة والخرافة
الفضائيات وزمن المشاهدة التلفزيونية اصبح مزاحما رئيسيا لاوقاتنا هل نحن قادمون على عصر من الشعوذة سيهدد حصون العقل النقدي والرؤية العلميةومزاحمتها عبر وسائل التعبير المتاحة لحساب انتصارات سيسجلها فريق الدجل والشعوذة ؟
إذا كان المقصود من هذا السؤال هو البرامج التي تبثها بعض القنوات والتي يظهر فيها رجل ما، يعتقد بأنه الواقف الوحيد على حافَّة المعرفة، والمطل الأكثر حظاً على أسرار الوجود. فأعتقد بأن هذه البرامج ومن ثم الفضائيات لا يمكن الوقوف بوجهها أو منعها. لأن حرية الرأي تكفل لها الاستمرار وربما الرواج. لكن يمكن بالمقابل أن تكون هناك برامج تعمل على تثقيف الناس وتوعيتهم والانتقال بهم من العقل الخرافي إلى العلمي العملي. هذا بالإضافة لبرامج التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل الشريفة التي هي السبيل الأنجع لإنقاذ المجتمعات من فخاخ المد الخرافي التجهيلي.
لكنني لا أعتقد بأننا مقبلون على عصر تروج فيه الخرافة ويشيع السحر. خاصة وأن عصرنا الحالي هو عصر الثورة التكنولوجية، فأنت لا تمر عليك دقيقة واحدة دون أن تكون مستخدما للتكنولوجيا أو مستخدماً من قبلها. وفي مثل زحام الآلات هذا لا يمكن للخرافة أن تكون فعالة فوق المستوى الطبيعي. نعم هناك مجموعات بشرية ـ كما هو الحال في بعض المناطق الفقيرة من العراق ـ تعيش ظروفا خاصَّة تدفع بها اتجاه البحث عن متنفس لمشاكلها الاجتماعية ومن بعض هذه المتنفسات قد يتم اختيار الأساليب الخرافية. لكن هذه الشرائح من جهة أخرى تراها تتعبد بمحراب الآلة أكثر من تعبدها بمحراب العرّاف أو الكشّاف. الأمر منوط بنهاية الظروف الاستثنائية وعودة الاستقرار من جديد.
بيئة للخرافة
ما الذي يمكن ان تفعله الثقافة والمثقفون في ترميم السلوك والرؤيا الخرافية في سلوكياتنا وثقافتنا التواكلية السائدة؟
المسؤولية كبيرة جداً وهي لا تختصر بنقد السلوكيات الخرافية فقط. بل بضرورة التصدي لحماية مقومات الدولة المدنية من كل ما يقف عائقاً بوجهها. وقد تكون السلوكيات الخرافية أقل ضرراً من الكثير من العقائد التي لا يبدو عليها أنها ترتدي لباس الخرافة لكنها في حقيقة الأمر تقف حجر عثرة بوجه خطوات التطور والبناء المدني. وهكذا فالواجب على المثقف والمختص ورجل الدولة التصدي وبشجاعة ونكران للذات لجميع المظاهر المنحرفة، وليس للخرافية منها وحسب. إذ أن ظاهرة الخرافة ليست غير نبتة، والنبتة بحاجة لأرض والأرض بالتأكيد أكبر من نفس النبتة. وهذا ما يؤكد لنا بأن الأرض الصالحة لنمو الخرافة أكبر من نفس الخرافة وربما أكثر ضرراً منها. وهنا لا بد من التطرق لموضوع الدين والمؤسسة الدينية، إذ كثيراً ما تقف المؤسسة الدينية مكتوفة الأيدي أمام الخرافة التي تتستر بشرعيتها وتلبس لبوسها، وتتخذ منها مركبا تدخل من خلاله لعقول الناس وتعيث بها فساداً. وهنا تتحمل المؤسسات الدينية المسؤولية كاملة عن انتشار ظاهرة الخرافة وغيرها من الظواهر المنحرفة. خاصَّة وأن الكثير من تلك الظواهر تتخذ من عملية تأويل الآيات والأحاديث الدينية وسيلة تتوسل بها لبلوغ مآربها واصطياد فرائسها من الناس الغافلين.
ما حصل في العراق في أحداث الزركة وما شابهها من الأحداث يعد مثالاً واضحاً عن مسؤولية المؤسسات الدينية عن أي انهيار قيمي ممكن أن يؤدي بتجربة بناء الدولة إلى الانهدام. إذ من الواضح أن الأساس الديني الذي قامت وتقوم عليه جميع الدعوات (الخرافية) ذات الجذور الدينية لا يمكن لأحد أن يتصدى لها غير رجل الدين. لكن رجال الدين من جهتهم يقفون بكل برود أزاء هذا الموضوع، وهناك من يتحدث عن أن مرد هذا البرود هو الحفاظ على المصالح الشخصية التي ترتبط بالضرورة باسترضاء الناس وعدم التصدي لما يثير سخطهم. خاصَّة في عملية نقد معتقداتهم. لكن لحسن الحظ فإن الدعوات التي اعتبرناها خرافية جاءت في العراق لتستهدف أول ما تستهدف رجال الدين وتعتبرهم هدفا الاستراتيجي. الأمر الذي حرك البعض منهم ليتصدى لتلك الحركات والعقائد التي يمكن أن تستثمر من قبلها.
إذن فالمسؤولية كبيرة، وهي ليست مسؤولية المثقف وحده، بل رجل الدين، كما انها من جهة أخرى لا تتوجه للخرافة بمعناها العام بل لكل العقائد التي يمكن لها أن تكون مادة دسمة للخرافة. الأمر الذي يشجع للدعوة إلى إجراء عملية نقد وتدقيق بكل الجسد العقائدي الخاص بالشعب العراقي ما دمنا نعمل على بناء دولة مدنية حديثة.
هناك كم هائل من العقائد التي يصح اعتبارها خرافات وتوهيمات وخيالات لا تتناسب وعصرنا الذي نعيشه.
مختبر لعلوم الاجتماع
هل يمكن الحديث بجراة عن تفكيك عناصر الخرافة وتحليل ملفاتها ومحاورها الثقافية بمختبر عراقي في هذه اللحظة المتداخلة من سلطة الدين على الدولة والمجتمع والثقافة احيانا؟
مع الأسف الشديد ليس لدينا مختبر عراقي خاص بالعلوم الإنسانية أو العلوم الاجتماعية بالأصح، بل ليس لدينا أكاديمية عراقية قادرة على تحليل البنية الاجتماعية أو العقائدية العراقية، نعم لدينا أكاديميون كبار، يحملون مؤهلات عالية بمختلف العلوم الإنسانية لكنهم عاطلون عن العمل وغاية ما يفكرون به هو تقديم بعض المحاضرات المهلهلة لطلبة لم يعودوا يكترثون بالعلم وخدمة المجتمع. تجول داخل أروقة الجامعات وسترى مقدار الانحدار الذي نعانيه. ومع أن الواقع العراقي يعد مادة دسمة للكثير من الأبحاث والدراسات التي يمكن أن تقدم خدمة للمجتمع البشري وليس العراقي فقط، إلا أنني لم أسمع بمشروع بحثي مؤسسي جاد يهدف لتحليل هذا الواقع ودراسته عن كثب. دراسة يمكن أن توصف بأنها علمية وشاملة.
طبعاً الأسباب غير خافية ومن أهمها الواقع الأمني المتردي الذي دفع بالكثير من الطاقات العلمية إما إلى مغادرة العراق أو للصمت تجنباً للمشاكل. لكن مع ذلك لا أجد في هذا الواقع المتردي العذر الكافي للباحثين العراقيين، إذ من المعروف أن الفضول العلمي إذا ركب إنسان ما فلن يستطيع أن يقف بوجه هذا الإنسان لا الخوف ولا غيره من العقبات. وخذ مثالا على ذلك الصحافيين والإعلاميين العراقيين والعرب والأجانب الذين يعملون في العراق. فمع أن الإعلاميين من أكثر الشرائح التي استهدفت بالعراق إلا أن ذلك لم يمنعهم من ممارسة دورهم حتى في أكثر المناطق العراقية خطراً.
على كل حال يمكن لعناصر الخرافة أن تتفكك لكن عندما يشعر علماء الاجتماع والانثروبولوجيا وعلماء النفس العراقيون بالشجاعة الكافية التي تدفعهم اتجاه تحمل مسؤولياتهم وأداء الأدوار المناطة بهم.
بازدياد اعداد الشباب وشريحة النساء على ابواب السحرة والمشعوذين ومتابعة برامجهم في الفضائيات نستطيع القول ان ثمة سرطانا يمتد الى نسيج الاسرة وسينال من فعاليتها كوحدة اجتماعية فاعلة لبناء المجتمع؟
جيل الحروب
هذا الكلام صحيح والشرائح التي اعتبرت أنها تتجه باضطراد نـحو السحر والشعوذة فعلاً تقوم بذلك والسؤال هو لماذا؟
أعتقد بأننا خسرنا أكثر من جيل عراقي من ذكور وإناث على أبواب السحرة والمشعوذين. فهناك جيل الحرب العراقية الإيرانية، الذي ولد ببيئة استولت عليها الحرب بالكامل ومشاهد التوابيت الموشحة بالأعلام والقطع السوداء المنتشرة على واجهات البيوت ومشاهد معوقي الحرب والى آخر المظاهر التي تشوه الوعي الفردي وتسقط بالذائقة إلى الحضيض. وجيل الحصار والانتفاضات والتردي الإقتصادي وهبوط المستوى المعيشي الذي انعكس سلباً على تردي الواقع التعليمي. وجيل التغيير الذي ينشأ الآن وسط أجواء أقل ما يقال عنها أنها دموية.
هذه الأجيال الثلاثة موجودة الآن في الأسرة، يوجد من جيل الحرب العراقية الإيرانية من أسسوا أسرهم الآن وهم أباء وأمهات. والأجيال التي تلتهم بعضهم أبناء لهؤلاء الآباء. وهذا يعني أن البنية المجتمعية العراقية تعاني من عوق كبير. وهذا لا يعني أن المشكلة محصورة في هذه الأعمار فقط. لكنها تتأكد عندها. فالجميع يتذكر انعكاسات الحرب العراقية الإيرانية على الشارع العراقي. وكيف شكلت انعطافة سلبية وأدت لتردي ثقافي على جميع الأصعدة. وليس هناك من لا يوافق على أن المجتمع العراقي في السبعينيات كان أكثر ثقافة ووعيا من سنين الثمانينات وما تلاها. جيل الحرب جيل مأزوم وغير واع ولا مثقف بالقدر الكافي، على الأقل لأنه نشأ وسط القتل والتدمير. كان التلفزيون العراقي لا يبث غير الأناشيد وصور المعركة التي تحتفل بمشاهد الجثث المحترقة والمنتفخة والمتفسخة. وهذا التلفزيون يعمل جاهدا ً على شرعنة عمليات قتل البشر التي تحدث داخل المعارك. الصحافة هي الأخرى كانت مكرسة بهذا الإتجاه بل حتى التعليم شارك مضطراً بهذه الحمى التشويهية. على هذا الأساس فالمجتمع العراقي ولعقدين متتاليين لم يأخذ حقه من التعليم والتثقيف، وحتى أنه كان مقطوعاً عن العالم الخارجي. ومثل هذا المجتمع لا يمكن له أن يمتلك الحصانة الكافية التي يستطيع أن يواجه بها مد الخرافة والشعوذة.
الأسرة العراقية وخاصة الأسرة التي يمكن وصفها بأنها أسرة شابة أي تلك التي لا يزال الآباء فيها شباباً. هي أسرة غير مؤهلة لتنشئة جيل محصن ضد الأمراض العقائدية والإدراكية. وعندما نضيف للخلل في الأسرة الخلل في المؤسسة التعليمية وافتقارها للكوادر المؤهلة لقيادة العملية التعليمية والتربوية بشكل حضاري وعصري، يصبح المشهد مخيفا وخطيرا.
احداث الزركَة
لا عيب على السذج والحمقى والشرائح المستلية في وعيها وارادتها الانسانية على ان يكونوا جمهورا ومادة للتجهيل وزبائن دائميين في دكاكين الجهل والشعوذة ولكن كيف نفسر انخراط مثقفين وعلماء وجنرالات واطباء الى هذه المنزلقات ويخضعون لسطوة هؤلاء الجهلة ودهاقنة الخرافة الاجتماعية؟
لا أوافق على وصف الواقفين على أبواب الخرافة بأنهم مثقفون أو علماء. فالوثيقة الجامعية لا تكفي ليكون الإنسان عالماً، كما أن قراءة مجموعة من الكتب ونشر بعض المقالات لا تكفي لنصف إنسان ما، بأنه مثقف. هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا بد من الإلتفات إلى أن الإنسان أي إنسان معرض للأنهيار القيمي، ومعرض لأن تنهدم منظومته الإدراكية بالكامل. هناك من العلماء من أصيب بأمراض نفسية أوصلته لحافة الجنون، إذن فمن الممكن أن تنهدم البنية المعرفية لعالم ما حدَّ أن يصل به المطاف إلى أن يسلم عنانه لمشعوذ دجال لا يحسن من دنياه غير الضحك على ذقون الناس.
أعود لأستشهد بأحداث الزركة، التي كشفت عن أن الكثير من الأطباء والمحامين وحملت الشهادات العليا كانوا أتباعاً لمن وصف بأنه (المهدي). وهذا يعني بأن هؤلاء الناس ومهما كانت درجاتهم العلمية لم يكونوا مؤهلين للحكم الموضوعي على الوقائع الخارجية. ولا كانوا حتى على دراية كافية بتراث الدين الذي يؤمنون به (الدين الإسلامي). وهذا بحد ذاته مؤشر خطير يدفع بنا اتجاه فحص الأكاديمية العراقية. وإعادة تقييم لمخرجاتها بصورة عامة وشاملة. بالتأكيد هذا لا يعني بأن خريجي الجامعات غير العراقية محصنون مما وقع فيه بعض من حملة الشهادات العراقية من الانجرار خلف الخرافة. فكثيراً ما نسمع أو نقرأ بعض الآراء الغريبة بل المضحكة التي تصدر عن أسماء تنتمي لهذه الجامعة الغربية أو تلك. لكن في العراق يبدو على هذا أنه لم يعد يعبر عن ظاهرة شاذة فقط.








#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة في تلك الايام
- قراءة في كتاب (المرأة في عراق ما بعد التغيير) ترسيم لملامح ا ...
- عنف تتوارثه الاجيال
- عقوق الشعراء
- عرس مائي لكاظم غيلان يؤجل عرسه المنتظر
- بأنتظار بابا نوئيل عراقي
- الحمراني الهارب من اليابسة لتخوم اخرى
- حرائق الوطن الغائبة عن محاورة الشعراء
- السطر الاخير في رواية العائدين والذاهبين من العراق
- مذكرات هاشم جواد ..آعترافات بهزائم مؤجلة
- حوار طويل مع الناقد ياسين النصير
- الزعيم الاوحد نستذكره في زمن الديمقراطية المرة
- صلاحية نفاد الكتابة
- عيد وباي حال عدت يا عيد الصحافة
- مناكدات بين معلمين ومريد
- الناصرية الشجرة الطيبة
- هوامش عراقية على المدى
- مراث لااصدقائي الاحياء وأولهم نصيف فلك
- انهم الحمراصدقائي الشيوعيين...يستفزون الارهاب بكرنفالاتهم
- الصعاليك الشعراء يغادرون لعالمهم الاخر...واخرهم كزار


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق التميمي - ملايين الزائريين للمراقد المقدسة يعاملوها معامل المحاكم والمستشفيات.. مقابلة مع الباحث الانثروبولوجي سعدون محسن ضمد