أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سمير اسطيفو شبلا - القوش بستان التاريخ















المزيد.....

القوش بستان التاريخ


سمير اسطيفو شبلا

الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 02:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


القوش معروفة اليوم على كل الاصعدة، كانوا اهل جنوب العراق خاصة عندما يسألونك : من أين أنت؟ تجاوب : من القوش؟ يستغرب أين تقع هذه المدينة او القرية! فكيف على الصعيد الاقليمي والدولي؟ اما اليوم فإن (امنا ومربيتنا - القوش) معروفة في معظم انحاء العالم قبل الداخل، كانت تُعرف خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر بـ "روما الثانية"! استناداً الى ما اجنبته هذه الارض المعطاة من عشرات البطاركة من عائلة أبونا (1318 - 1838) مروراً عندما أصبحت مقراً للبطريركية الشرقية (1504 - 1807) والبطريرك يوحنا سولاقا 1551 - 1555 والبطريرك يوحنان هرمز 1828 - 1838، والبطريرك يوسف اودو 1847 - 1878، والبطريرك الى البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني "تومكا"(رسم بطريركاً سنة 1900 - 1947 و البطريرك بولس شيخو الثاني (رسم بطريركاً 1958 - 1989! ومجموع البطاركة الذين انجبتهم القوش (14 بطريركأ!)، اما عدد الاساقفة (المطارين) خلال القرن الماضي فقط هو (15 مطراناً) وعدد الكهنة (40 كاهناً)، وحوالي 22 راهبة و 9 رهبان اما عدد الشمامسة فتجاوز الـ 85 شماساً رسمياً، (الارقام قريبة عن الواقع بنسبة 99 %) من هنا جاءت تسمية مدينة القوش (روما الثانية)، الا تستحق هذه القرية التي تقع في قلب الجبل وتعدادها تراوح بين 3000 نسمة - 6000 نسمة اليوم وانجبت هذا العدد الهائل من الاكليروس والرهبان والراهبات والشمامسة ان يقدم لها درع كنسي عالمي؟ نعم كونها الوحيدة ليس في منطقة الشرق الاوسط فقط بل في العالم التي انجبت هذا الكم من القادة الذين دافعوا عن ايمانهم وكنيستهم وابوا الى يومنا هذا ان يدخل بينهم جسم غريب

في نفس الوقت لُقِبَت بـ "يما دمثواثا" و " موسكو الثانية"!
نعم (يما دمثواثا - ام المدن) منطلقين مما جاء اعلاه - يضاف العلماء وحاصلي على درجات عليا (البروفيسور2 ! الدكتواره 18 ! الماجستير 32 ! الاطباء 79 طبيب وطبيبة ! صيادلة 6 ! قضاة 2 ! محامون 21 ! مهندسون 229 ! محاسبون قانونيون 23 ! وعدد الاطفال الذين اقتبلوا العماذ 14336 طفل وطفلة (كانت هذه الارقام للفترة من 1900 لغاية 1999 -را/ الشماس يوسف شامايا في 11 - 7 - 05، وهناك كنيستين في القوش (مار كوركيس - مار قرداغ) وديرين (دير السيدة - الاسفل، ودير الران هرمزد - الاعلى في قلب الجبل) ومحاطة بعدة اكواخ صغيرة مبنية على اسم القديسين (مار شمعون - مار سهدونا - مار يوسف - مارت شموني - مار يوحنا - مار زديقا - ناحوم)!
وجاء اللقب (يما دمثواثا) أيضاً : لا نبالغ ان قلنا ان القوش تعتبر حامية (المسيحية) وملجأ لها، احتضنت القرية الحصينة بإيمان رجالها وحبهم للخير والحق والامان، السكان الهاربون من الاضطهاد العثماني والفارسي من 1843 - 1846 حملات بدر خان وهجومات عدة منها هجوم 1832، وفي عام 1915، وكان الموقف الرجولي التاريخي الذي لا ينسى ولا يمكن ان يتناسى بجرة قلم سنة 1933 سمي "فرمان الاثوريين" او مجزرة سميل، أصبحت القوش لهم درعاً بشرياً، وسوراً جغرافياً يحميهم من الابادة، عَرّضت القوش نفسها قيادة (البطريرك عمانوئيل الثاني وجهوده المتميزة في هذا الشأن) وشعباً الى الموت بالمدافع المنصوبة لهذا الغرض! (على ان ان تسلم اخوتها الاثوريين الهاربين من جحيم "سميل") ولكنها أبت ان تخون دينها وقِيَمها وشهامتها ورجولتها وشجاعتها وقالوا الالاقشة بصوت واحد وقلب واحد "نموت معاً أو نحيا معاً" وهكذا كان النصر للحياة والحق! ويؤكد المرحوم الأسد (توما توماس) في مذكراته بقوله : كان في دارنا حوالي 20 عائلة آثورية هاربة افترشت سطح الدار وتقاسمنا الخبز، ولا يوجد بيت في القوش لم يفتح بابه للأخوة الاثوريين- انتهى الاقتباس" كما دافعت القوش عن شرفها في هجوم اليزيدية عام 1969
وكان قبلها قد تعرضت الى الاباحة من قبل النظام 1963 (الحرس القومي) مرتين! لماذا؟ لانها كانت تدعى موسكو الثانية! بسبب دخول الحزب الشيوعي والافكار الماركسية منذ بداية القرن العشرين، كانت عرين الأسود أمثال (ابو جوزيف – ابو عامل ومئات الابطال الذين ضحوا بحياتهم ومالهم وعوائلهم من اجل قضيتهم وكانت القوش بحدقات عيونهم وخاصة الاسد توما توماس الذي انقذ عرينه القوش من السقوط بايدي المجرمين، وكانوا اعضاء قيادة الحزب الشيوعي يمرون بها كمحطة امان في ترحالهم من والى كردستان والخارج، من هنا جاءت التسمية، ولكن الالاقشة باقون على رجولتهم وشهامتهم وغيرتهم وتضحياتهم من اجل الاخرين، وهكذا كان مع مدير ناحية القوش المحاصر، وكيف تمكنوا الالاقشة من انقاذ حياته مع عائلته ورفاقه البعثيين من الموت المحقق! فقد البسوه اللباس الخاص بالمنطقة واوصلوه الى الموصل بأمان، الالاقشة لا ينتظرون رد الجميل سوى طلب واحد هو : التكاتف والتلاحم والتعاون بين الجميع بحب غامر وقلب كبير! لنكون قلب واحد وصوت واحد للحفاظ على تاريخ وحضارة وقيم واخلاق هذه المدينة الحرة

في الحرب الايرانية العراقية 1980 – 1988 اعطت هذه القرية عشرات الشهداء حالها حال المدن والقصبات والقرى المسيحية والعراقية، مما ادى الى نزوح عدد كبير من اهاليها الى خارج البلدة والهجرة الى خارج العراق و اشتدت موجات الهجرة المنظمة خاصة بعد سقوط النظام السابق بعد آذار 2003، اعطت القوش لوحدها 28 شهيداً خلال الخمس سنوات الاخيرة، وتم رفع اسمائهم الى المنظمات الدولية وحقوق الانسان! وكان عدد المهاجرين والمهجرين المسيحيين حوالي 350 ألف نسمة اكثر من نصفهم عالقون في سوريا والاردن، واكثر من مليوني عراقي! محرومين من ابسط حقوقهم كبشر، وهذه مرت خمس سنوات واكثر على وعود الامم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والاتحاد الاوربي لحل اوضاعهم السيئة وظروف معيشتهم الصعبة جداً، وخاصة انهم معرضين للإبتزاز النفسي والفكري والجسدي ايضاً، وخاصة من ليس لهم معيل اسري او معونة خارجية! نعم يحتاجون الى اعمال وافعال وليس الى وعود واقوال متكررة!

القوش اليوم
هذا هو تاريخ القوش بشكل مركز، انه سفر مشرق من أسفار الحياة، من تاريخ كنيسة المشرق، انه بستان حقاً يحوي كل انواع الحنطة والرز والشعير والزوان حتماً، مع مجموعة من الورود والازهار ذو روائح متنوعة، تسقى بمياه جارية كما تجري الحياة، نعم هناك مياه راكدة مدودة وفيها طحالب، ولكن لا بأس بذلك، انها افرازات التاريح والحياة، المهم هو السير الى الامام وعدم المراوحة، او الرجوع الى الوراء لا سامح الله، نعم وجوب الحفاظ على هذا الارث الكبير والثري، بدون غرور نكرر انه لا توجد بلدة او قرية او قصبة في العالم وليس في العراق قد انجبت ارضها ورحمها عشرات ومئات البطاركة والاساقفة والكهنة والشمامسة والعلماء والمهندسين والاطباء والعمال والفلاحين،،،، نعم نكون ممنونين ان انبرى احدهم ونورنا بقرية في العالم تجمع كل هذا! منها الجمع بين (روما الثانية وموسكو الثانية ايضاً) اليس هذا غريباً على الاقل سياسياً وليس فكرياً وادبياً، والأغرب هو مساعدتها للغرباء الذين كانوا يتربصون لها، هذه كانت القوش الامس!

اما اليوم ها انها تحافظ على ارثها الثقيل بكل امانة، انها تخطو خطوات بثبات نحو الخير والحق والامان، من خلال سقيها لبستانها المتنوع والمتعدد بماء نقي! ليس غريباً عنكِ برنامج سوبر ستار1! ولا النشاطات الثقافية والادبية والفنية المتعددة والمتنوعة، وهذا هو المهم، نعم تحدث اختلافات في السياسة والفكر والموقف، ولكن يجمعنا حب الارض! والترابط بين النسيج الاجتماعي الثقافي التاريخي، تجمعنا القِيَم التي زرعت فينا منذ القديم، تجمعنا الغيرة الانسانية المسيحية التي أبت ان تططأ راسها امام المحن ومصائب الدهر، تجمعنا الامانة التي تحلينا بها، وها هي اليوم نظيفة وعامرة بألاقشتها الذي جاءوا الى امهم تحميهم من الغدر وتحضنهم في حضنها الدافئ، لا تعتبرهم انهم نازحون كما يتصور البعض! بل ان هذه الام التي انجبت هذا التاريخ الناصع لا تفرق بين اولادها وبناتها بالرغم من اختلافاتهم السياسية والفكرية والثقافية، ويكون هذا صحي وطبيعي جداً حين نعمل معاً كخلية نحل كل يعرف واجبه تجاه اخوته ومدينته وجيرانه وشعبه ووطنه والعالم

هذه كانت القوش الأمس واليوم، ومشكلة القوش انها مضطهدة من قبل الحكومات السابقة لمواقفها المبدئية والتزامها بروح أبائها وأجدادها العظام! وستبقى غداً رمزاً ومنارة وعلماً مع باق اخواتها وشقيقاتها ورفيقاتها وزميلاتها، ليشكلوا لوحة فنية حية تنطق بالحق والحياة، تضحي وتعمل من اجل الآخر والآخرين، مهما اختلفنا حزبياً وفكرياً وثقافياً! نبقى أخوة في الدم والدين والشرف والكرامة والقيم والاخلاق والمحبة
لنعمل جميعاً من اجل كرامة الشخص البشري أينما وجد



#سمير_اسطيفو_شبلا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطنية الأقليات سبب انتهاك حقوقهم
- الاشتراك الجرمي والفاعل الاصلي وحقوق شهدائنا
- لسنا مع اعدام قاتل الأسقف -رحو-
- صباح ياقو توماس / عَرفتُ نفسي بعد الخمسين
- حقوق الإنسان وتصاريح لدخول كنائسنا
- مؤتمر مدريد لحوار الاديان تحت المجهر
- القوش مع القدر رقم 17
- المساواة في العراق مجرد فكرة
- غرف المحادثة بين الثقافة وتعميق التنافر الديني
- السيد سركيس آغا جان / الحق لا يعلو عليه
- الكنيسة ليست ملك لأحد مع الحب
- العدالة والمساواة وحقوق الانسان / المسيحية نموذجاً
- الأخ حبيب تومي / الصراخ لا يكفي
- الفقر والدين وثقافة الموت / العراق نموذجاً
- المطران لويس ساكو ... تكريمكم وسام على صدورنا
- الأقليات والقانون ودستور الدولة
- قرار الإعدام لقتلة الشهيد - رحو - ناقص قانوناً
- زج الأطفال في النزاعات المسلحة
- الى / سعيد وآل سيبو مع التحية
- شكرا رئيس برلمان كردستان


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سمير اسطيفو شبلا - القوش بستان التاريخ