أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن مدن - محمود درويش














المزيد.....

محمود درويش


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 11:05
المحور: سيرة ذاتية
    



‮»‬أيها الموت انتظر حتى أعد حقيبتي،‮ ‬فرشاة أسناني‮ ‬وصابوني‮ ‬وماكنة الحلاقة والثياب‮. ‬هل المناخ هناك معتدل،‮ ‬وهل تتبدل الأحوال في‮ ‬الأبدية البيضاء،‮ ‬أم تبقى كما هي‮ ‬في‮ ‬الخريف وفي‮ ‬الشتاء،‮ ‬هل كتاب واحد‮ ‬يكفي‮ ‬لتسليتي‮ ‬مع اللاوقت أم أحتاج مكتبةً،‮ ‬وما لغة الحديث هناك دارجة لكل الناس أم عربية فصحي‮«.‬ كان محمود درويش في‮ ‬هذا النص المدهش المأخوذ من جداريته،‮ ‬قصيدته الشهيرة‮ ‬يهجس بالموت،‮ ‬هو الذي‮ ‬اختبره مرة،‮ ‬فرآه مثل النوم فوق‮ ‬غمامة بيضاء‮.‬ والى الموت ذهب درويش بجلال‮ ‬يليق بشاعر مثله،‮ ‬وبإنسان كبير مثله،‮ ‬لكن الموت في‮ ‬حالته هو حضور في‮ ‬الأبدية لمن كتب الملحمة الفلسطينية شعراً‮ ‬في‮ ‬المعراج الطويل الذي‮ ‬قطعه،‮ ‬إنسانا ومناضلاً‮ ‬وشاعراً،‮ ‬منذ رحيله الأول إلى لبنان،‮ ‬وهو طفل،‮ ‬عن قريته الربوة‮ ‬يوم جرى احتلالها،‮ ‬ثم عودته إلى الجليل‮. ‬منذ صباه ومطالع شبابه المبكر الواعد بنبوغ‮ ‬الشعر،‮ ‬مناضلاً‮ ‬في‮ ‬صفوف الحزب الشيوعي‮ ‬وكاتباً‮ ‬في‮ ‬صحافته،‮ ‬دفاعاً‮ ‬عن الهوية الوطنية للفلسطينيين الذين أبوا أن‮ ‬يُقتعلوا من ديارهم،‮ ‬وصمموا على البقاء بوجه الآلة الصهيونية العنصرية‮.‬ في‮ ‬رحيله الأول إلى موسكو،‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬يعد منها إلى الجليل،‮ ‬إنما إلى القاهرة،‮ ‬قال‮ »‬لم أعد قادراً‮ ‬على تحمل البقاء في‮ ‬وطني‮ ‬المحتل،‮ ‬ولكني‮ ‬أحيي‮ ‬كل الصامدين هناك‮«.‬ لم‮ ‬يكن ثمة مدعاة ليعتذر الشاعر لأنه‮ ‬غادر الوطن‮. ‬ما أكثر ما ضاقت الأوطان بأجمل وأروع أبنائها،‮ ‬وشردتهم في‮ ‬صقيع المنافي‮ ‬ووحشتها،‮ ‬فما بالنا إذا كان الوطن‮ ‬يدار من حكم عنصري‮ ‬أراد أن‮ ‬يمسخ هوية من تبقى من عرب على أراضيه‮. ‬ لم‮ ‬يكن ثمة مدعاة للاعتذار،‮ ‬لأن محمود درويش‮ ‬لم‮ ‬يبارح فلسطين أبداً‮ ‬في‮ ‬كل المنافي‮ ‬التي‮ ‬طوحت به الدنيا فيها،‮ ‬دون أن‮ ‬يتخلى عن شروط الشعر وصفائه،‮ ‬بالشكل الذي‮ ‬أدخله في‮ ‬ذاكرة الشعر العربي،‮ ‬لا الفلسطيني‮ ‬وحده،‮ ‬أحد أبرز صناع حداثة هذا الشعر وجماله‮.‬ كما كل مناضلٍ‮ ‬مبدع عانى محمود من التباس السياسة بالفن،‮ ‬لكنه لم‮ ‬يهرب من انحيازه لقضية شعبه بحثاً‮ ‬عن ملجأ آمن من تبعات السياسة وكُلفها الباهظة،‮ ‬كما‮ ‬يفعل الكثيرون الذين احترفوا التنظير للأدب المجرد من المعنى،‮ ‬أسعفته في‮ ‬ذلك موهبته النادرة التي‮ ‬جعلت من فلسطين شعراً‮ ‬يعيش بوصفه شعراً،‮ ‬لا بوصفه قضية سياسية عابرة تموت حين‮ ‬يكف الحدث اليومي‮ ‬عن توهجه‮.‬ بهذا المعنى ارتقى محمود بشعره وبفلسطين إلى المقام الكوني،‮ ‬إلى الحلم الإنساني‮ ‬في‮ ‬أبلغ‮ ‬تجلياته‮.‬ حين استوى إلى منصة الصالة الثقافية في‮ ‬البحرين منذ عامين بادر الجمهور الذي‮ ‬ضاقت به مقاعد القاعة،‮ ‬فافترش الحضور الأرض‮ ‬يصغون إليه،‮ ‬انه مدين بالاعتذار للبحرين وشعبها لأنه تأخر في‮ ‬المجيء إليها‮.‬ كانت تلك أكبر وأعمق تحية توجه من شاعر بوزنه‮. ‬لكن البحرين التي‮ ‬أتاها كانت قد ذهبت إليه منذ عقود،‮ ‬لأنه لو اختار أن‮ ‬يصمت في‮ ‬ذلك المساء،‮ ‬لاستمع إلى الجمهور‮ ‬يقرأ أشعاره التي‮ ‬حفظ الكثير منها عن ظهر قلب‮.‬





#حسن_مدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجوهنا وحدها تُشبهنا
- من الجيل الجديد وعنه
- أطراف الحوار
- الأغلبية الصامتة
- ٢ ‬أغسطس ‮٠٩٩١R ...
- يوسف شاهين
- هيبة القضاء وتعميم ديوان الخدمة
- الروسيات بعد‮ ‬ البنغاليين والحبل على الجرار
- دراجة تشي‮ ‬غيفارا
- ترشيد الخطاب السياسي
- هكذا تكلمت المرأة
- كلمة الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن في افتتاح المؤتم ...
- مصير الاستراتيجية‮ ‬ الوطنية للشباب
- مَنْ‮ ‬كُلّما شعرنا‮ ‬ بالتعب إليهم ...
- عن إصلاح النظام الانتخابي
- عن الاستخدام السياسي‮ ‬لدور العبادة
- صناعة -‬التعصب-
- معراج الفكرة نحو النضج
- حياة أخرى في‮ ‬طهران
- مُدونات الشباب‮: ‬ عالم‮ ‬يضج بالحيا ...


المزيد.....




- ترامب يعاقب الهند برسوم جمركية جديدة بنسبة 25% بسبب النفط ال ...
- -قد أضطر لتغييره-.. شاهد رد فعل محلل CNN هاري إنتن بعد خطأ ت ...
- مصر.. الحكومة تطلق مبادرة لخفض أسعار 15 سلعة بنسب تصل إلى 18 ...
- حزب الله يتهم الحكومة اللبنانية بارتكاب -خطيئة كبرى- بقرار ت ...
- وجدته يستمني داخل غرفة نومها.. عميلة لـ-أمازون- تزعم أن أحد ...
- ماذا حدث في هيروشيما قبل 80 عاماً؟
- خلافات -غير مسبوقة- في قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تكثيف الغ ...
- سوريا تعلن عن 12 مشروعاً بقيمة 14 مليار دولار
- مبعوث ترامب يلتقي بوتين في موسكو والكرملين يصف المحادثات بال ...
- الهند: قتلى إثر فيضانات الهيمالايا والبحث متواصل عن عشرات ال ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حسن مدن - محمود درويش