أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - وجوهنا وحدها تُشبهنا














المزيد.....

وجوهنا وحدها تُشبهنا


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 2369 - 2008 / 8 / 10 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين نعود إلى ألبومات الصور القديمة التي‮ ‬جمعتنا‮ ‬يوماً‮ ‬مع آخرين،‮ ‬في‮ ‬أمكنة وأزمنة مختلفة،‮ ‬تنتابنا مشاعر فياضة‮. ‬كلما قدمت الصورة،‮ ‬نأت اللحظة التي‮ ‬صُورت فيها بعيداً،‮ ‬وازداد الفضول في‮ ‬أنفسنا لرؤية ما الذي‮ ‬خلفه الزمن على أجسادنا وأرواحنا من ندوب‮. ‬ الصورة التي‮ ‬تعود لعشر سنوات ماضية أو عشرين سنة‮ ‬يمكن أن تثير في‮ ‬النفس ذلك الشلال من الأسئلة والتداعيات عن أين كنا وأين أصبحنا‮. ‬أذكر صديقاً‮ ‬قديماً‮ ‬لفت نظري‮ ‬مرة إلى ملاحظة أظنها دقيقة تماماً،‮ ‬قال إن أي‮ ‬إنسان حين‮ ‬يُحدق في‮ ‬صورة جماعية تجمعه وآخرين فإن أول ما تقع عليه عينه هي‮ ‬صورته هو بالذات‮. ‬ لدى الناس فضول كبير لرؤية ذواتهم منعكسة على مرآة أو مطبوعة على ورق مقوى هو الذي‮ ‬نسميه الصورة‮. ‬وإذ نعود لصورنا القديمة فأول ما نفعله هو التحديق في‮ ‬أنفسنا التي‮ ‬كانت،‮ ‬في‮ ‬صورتنا‮. ‬ حينها تتداعى الصور والأفكار،‮ ‬ها نحن في‮ ‬وضعٍ‮ ‬يمكننا من ملاحظة ما الذي‮ ‬فعلته السنون فينا،‮ ‬ما الذي‮ ‬غيرته من الملامح وخلّفته في‮ ‬الروح‮. ‬ثم تأخذ العينان في‮ ‬التنقل بين من هم معنا في‮ ‬الصورة،‮ ‬وهنا أيضاً‮ ‬يشغلنا السؤال عن المصائر التي‮ ‬أحاقت بهؤلاء‮: ‬أين هم الآن،‮ ‬قبل أن‮ ‬ينثال شريط الذكريات عن الأزمنة التي‮ ‬مرت والأحلام التي‮ ‬كانت‮.‬ أكثر الصور مدعاة للفضول هي‮ ‬صور أطفالنا‮. ‬حين تفاجأ بأن قامة ابنك اليوم هي‮ ‬في‮ ‬مثل قامتك وربما أطول فإن صورته وهو في‮ ‬المهد،‮ ‬أو وهو‮ ‬يلهو بألعابه في‮ ‬سنوات طفولته الأولى،‮ ‬أو صورته مع زملائه وزميلاته في‮ ‬سنة أولى روضة هي‮ ‬ذلك الصاعق الذي‮ ‬يفجر مخزون الذاكرة،‮ ‬ويتركه‮ ‬ينثال عن حكايات وانطباعات‮.‬ يا الله‮! ‬أيعقل أن ذلك كان منذ زمن بعيد،‮ ‬وإن هذا الزمن مر بالجوار دون أن ننتبه،‮ ‬وإن هؤلاء الذين كانوا قبل ومضة عين أطفالاً‮ ‬في‮ ‬المهد،‮ ‬أو أطفالاً‮ ‬يلهون بألعابهم مع أقرانهم قد كبروا حتى باتوا‮ ‬يضاهونك في‮ ‬القامة ويحرجونك بالأسئلة الصعبة التي‮ ‬لا تستطيع أن تجيب عليها،‮ ‬ليس لأنك لا تريد وإنما لأنك ببساطة شديدة لا تعرف‮.‬ إذا كانت صورة الأطفال،‮ ‬أطفالنا تحديداً،‮ ‬هي‮ ‬مدعاة الفضول،‮ ‬فإن صورة من نحب هي‮ ‬الأكثر مدعاة للحيرة والتأمل‮. ‬إن صورته،‮ ‬أو صورتها،‮ ‬تستحثك على التحديق،‮ ‬في‮ ‬الملامح وفي‮ ‬تفاصيل التعابير،‮ ‬في‮ ‬ما‮ ‬يشبه الاستغراق التأملي‮ ‬الصوفي‮. ‬صورة الحبيب هي‮ ‬طيفه،‮ ‬هي‮ ‬توقيعه الذي‮ ‬لا‮ ‬يُمحى في‮ ‬النفس‮.‬ لا أعرف من القائل‮ »‬إن وجوهنا وحدها تشبهنا،‮ ‬وحدها تفضحنا‮«‬،‮ ‬الوجه هو المدخل الأثير للنفس،‮ ‬للروح،‮ ‬والصورة زمن،‮ ‬ولأن الزمن في‮ ‬سيرورة أبدية لا تعرف التوقف هكذا دونما نهاية،‮ ‬فإننا ابتكرنا الصورة خديعة ذكية كي‮ ‬نُوهم أنفسنا بأننا أخذنا من اللحظة الهاربة ملمحاً‮ ‬نبقيه زوادة للقادم‮.‬




#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الجيل الجديد وعنه
- أطراف الحوار
- الأغلبية الصامتة
- ٢ ‬أغسطس ‮٠٩٩١R ...
- يوسف شاهين
- هيبة القضاء وتعميم ديوان الخدمة
- الروسيات بعد‮ ‬ البنغاليين والحبل على الجرار
- دراجة تشي‮ ‬غيفارا
- ترشيد الخطاب السياسي
- هكذا تكلمت المرأة
- كلمة الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن في افتتاح المؤتم ...
- مصير الاستراتيجية‮ ‬ الوطنية للشباب
- مَنْ‮ ‬كُلّما شعرنا‮ ‬ بالتعب إليهم ...
- عن إصلاح النظام الانتخابي
- عن الاستخدام السياسي‮ ‬لدور العبادة
- صناعة -‬التعصب-
- معراج الفكرة نحو النضج
- حياة أخرى في‮ ‬طهران
- مُدونات الشباب‮: ‬ عالم‮ ‬يضج بالحيا ...
- شيء ما عن انتخابات الكويت


المزيد.....




- البرتغال تخطط لطرد نحو 18 ألف مهاجر غير شرعي من البلاد
- -التحالف الدولي- يجري تدريبات ومناورات في محيط أكبر قواعده ب ...
- استطلاع: ثلثا الألمان يعتبرون حزب -البديل من أجل ألمانيا- مت ...
- الاحتلال يعتدي على فلسطينيات بأريحا والمستوطنون يصعّدون عدوا ...
- قطر ترفض تصريحات -تحريضية- لمكتب نتنياهو حول دورها في الوساط ...
- موقع عبري يكذّب رواية مكتب نتنياهو بخصوص إلغاء الزيارة إلى أ ...
- فرقة -زيفربلات- الأوكرانية تغادر إلى سويسرا لتمثيل بلادها في ...
- -كيماوي وتشوه أجنة-.. اتهام فلسطيني لإسرائيل بتكرار ممارسات ...
- قطر ترد بقوة على نتنياهو بعد هجومه العنيف والمفاجىء على حكوم ...
- موسكو تؤكد.. زيلينسكي إرهابي دولي


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مدن - وجوهنا وحدها تُشبهنا